جورج رجل أمريكي بدين الجسم عريض المنكبين تجاوز الخمسين من عمره ويتمتع بصحة جيدة وحيوية ونشاط ، يعيش في بلدة ٍ صغيرة ٍ شمال مدينة واشنطن ورغم المغريات المادية في المناطق الأخرى إلا انه احب بلدته أصر على العيش فيها حيث يقضي نهاره في عمله التجاري منتقلا ً بين أطراف المدينة وإذا أمسى النهار عاد إلى دوحته الصغيرة مستمتعا ً بالهدوء والراحة مع زوجته وابنته وابن شاب تجاوز مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ يخطط للالتحاق بالجامعة .
لما اقبل شهر ذي الحجة بدأ جورج وأبنائه يتابعون الإذاعات الإسلامية لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة وتمنوا أن يكون لديهم رقم هاتف لسفارة إسلامية للاتصال بها لمعرفة يوم عرفة ويوم العيد فلقد أهمهم الأمر واصبح شاغلهم الشاغل فتوزعوا أمر المتابعة فالزوج يتبع المذياع والزوجة تتابع القنوات الفضائية والابن يجري وراء المواقع الإسلامية على الإنترنت
فرح جورج وهو يستمع إلى الإذاعة لمتابعة إعلان دخول شهر ذي الحجة وقال: الإذاعة مسموعة بوضوح خاصة بالليل ولما حدد يوم الوقف ويوم العيد وتردد في الكون تكبير المسلمين في أرجاء المعمورة شمر جورج عن ساعده واحضر مبلغا ً كان يدخره طوال عام ٍ كامل ، وبعد الظهيرة من اليوم التالي قال : عليّ آن اذهب الآن الخروف الحي الذي لا يتوفر سوى في السوق الكبير شرق المدينة .
ساوم جورج على كبش متوسط بمبلغ عالٍ جدا ً ولمى رأى آن المبلغ الذي في جيبه لا يكفي بحث عن اقرب صراف بنكي وسحب ما يكفي لشراء هذا الكبش فهو يريد آن يذبح بيده ويطبق الشعائر الإسلامية في الضحية ، مسح جورج على الكبش وحمله بمعاونة أبنائه إلى سيارته الخاصة وبدأ ثغاء الخروف يرتفع وأخذت البنت الصغيرة ذات الخمس سنوات تردد معه الثغاء بصوتها العذب الجميل قالت لوالدها : يا أبي ما اجمل عيد الأضحى حيث العب مع الفتيات دون الأولاد ونضرب الدف وننشد الأناشيد سوف اصلي العيد معكم والبس فستاني الجديد واضع عباءتي على رأسي يا أبى في هذا العيد سوف أغطي وجهي كاملا ً فلقد كبرت ... آه ما اجمل عيد الأضحى سوف نقطع لحم الخروف بأيدينا ونطعم جيراننا ونصل رحمنا ونزور عمتي وبناتها يا أبى ليت كل أيام السنة مثل يوم العيد ظهرت الابتسامة على الجميع وهم يستمعون إلى العصفورة كما يسمونها ...
انفجرت أسارير الأب وهو يلقي نضرة سريعة إلى الخلف ليرى أن مواصفات الكبش مطابقة لمواصفات الأضحية الشرعية فليست عوراء ولا عرجاء ولا عجفاء ...
ولما قرب من المنزل وتوقفت السيارة هتفت الزوجة يا زوجي ... يا جورج علمت آن من شعائر الأضحية آن يقسم الخروف ثلاث أثلاث : ثلث نتصدق به على الفقراء والمساكين ، وثلث نهديه إلى جيراننا ديفد ، واليزابيث ، ومونيكا والثلث الآخر نأكله لحما ً طريا ً ونجعله لطعامنا في أسابيع القادمة
ولما قرب الكبش إلى الذبح في يوم العيد احتار جورج وزوجته أين اتجاه القبلة وخمنوا آن القبلة في اتجاه السعودية وهذا يكفي أحد جورج شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه القبلة أراح ذبيحته ، بعدها بدأت الزوجة في تجهيز الأضحية ثلاث أثلاث حسب السنة ! وكانت تعمل بعجل وسرعة فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه : هيا لنذهب إلى الكنيسة فاليوم يوم الأحد وكان جورج لا يدع الذهاب إلى الكنيسة بل ويحرص على اصطحاب زوجته وأبناءه .
انتهى حديث المتحدث وهو يروي هذه القصة عن جورج وسأله أحد الحضور : لقد حيرتنا بهذه القصة هل جورج مسلم أم ماذا ؟ قال المتحدث : بل جورج وزوجته وابنه كلهم نصارى كفار لا يؤمنون بالله وحده ولا برسوله ويزعمون بأن الله ثالث ثلاثة ـ تعالى الله عن ذلك علوا ً كبيرا ـ ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحادون الله ورسوله !
كثر الهرج في المجلس وارتفعت الأصوات وأساء البعض الأدب وقال أحدهم : لا تكذب علينا يا احمد ، فمن يصدق آن جورج وعائلته يفعلون ذلك! كانت العيون مصوبة والألسنة حادة والضحكات متتابعة ! حتى قال أعقلهم : آن ما ذكرت يا احمد غير صحيح ولا نعتقد آن كافرا ً يقوم بشعائر الإسلام ويتابع الإذاعة ويحرص على معرفة يوم العيد ويدفع من ماله ويقسم الأضحية ..و ... و .... و ....الخ
بدأ المتحدث يدافع عن نفسه ويرد التهم الموجهة إليه وقال بتعجب وابتسامة : يا إخواني وأحبابي .. لماذا لا تصدقون قصتي ؟! لماذا لا تعتقدون بوجود مثل هذا الفعل من كافر أليس هنا عبد الله وعبد الرحمن و خديجة وعائشة يحتفلون بأعياد الكفار ! لم العجب ؟! الواقع يثبت آن ذلك ممكنا ً بل وواقعا ً نلمسه . أليس البعض يجمع الورود لعيد الحب ويحتفل الآخرون هنا برأس السنة وبعيد الميلاد .. وعيد ... وعيد ...وكلها أعياد كفار !
لماذا يستكثر على جورج هذا التصرف ولا يستكثر على أبنائنا وبناتنا مثل هذا ؟!
هز احمد يده ورفعها وقال : عشت في أمريكا اكثر من عشر سنوات والله ما رأيت أحدا من الكفار احتفل بأعيادنا ، ولا رأيت أحدا سأل عن مناسبتنا ولا أفراحنا حتى عيدي الصغير بعد رمضان أقمته في شقتي المتواضعة لم يجب أحد دعوتي عندما علموا آن ما احتفل به عيدا إسلاميا ! لقد أقمت في الغرب ورأيت بأم عيني كل ذلك ولما عدت فإذا بنا نحتفل بأعيادهم وهي رجس وفسق !
بقلم الأستاذ: عبد الملك القاسم
انتقاء أم عبد الرحمن
الروابط المفضلة