شيء غريب ومرعب ما زلنا نتعرض إليه من طرف الصحافة الجزائرية سواء الناطقة بالفرنسية أو بالعربية. حيث اتفق مديرو النشر بصفة تلقائية وبدون أن يلتقوا مع بعضهم البعض ليقرروا وضع حضر على كتاباتي الصحفية وتحليلاتي المستقبلية فلماذا ياترى ؟
للإجابة على هذا السؤال المحير قررت أن أنشر بعضا من كتاباتي التي رفض مدراء التحرير نشرها في صحفهم لكي تقرأ على شبكة الأنترنت ويبدي قراؤها ملاحظاتهم هذه الملاحظات المحتملة ربما قد تعطي الحق لمدراء النشر والتحرير بعدم نشر مقالاتي بسبب أنها ليست صالحة للنشر. فإلى قراء منتدى لكِِ أهدي المقال الأول.
إياك أن يعلموا أنك تعلم فإن علموا...
صحافي متميز لا يتعب ولا يكل من الكتابة وروائي جريء له تجربة واسعة في كواليس الصحافة والإدارة وبواتق البيروقراطية، ألح علي يوما إلحاحا شديدا أن أنزل من الجواد الذي أمتطيه منذ زمن بعيد وأترجل لأساير الركب الواقعي للمجتمع وأن أفعل شيئا كي أُخرج بعضا من إنتاجي الفكري والعلمي من ظلمات الأدراج إلى نور النقاش أمام الرأي العام الثقافي والإعلامي وحتى السياسي لعلي أجد مكانة في السوق الفكري وأعيش بين قوسين مناقشة بعض منه في هذه الحياة على عكس ما حدث لثلة من منتجي الأفكار الذين سبقونا في الجهاد الحضاري وماتوا ولم يروا شيئا من إنتاجهم يناقش أثناء وجودهم في الحياة الدنيا.
حددنا موعدا ومكانا لنلتقي فيهما بغية تبادل أطراف الحديث والاتفاق على برنامج محدد لعلنا نستطيع تنفيذه في أحسن الظروف بالإمكانات المتوفرة لدينا. أخرجت من غياهب الأدراج بعضا من أعمالي المتواضعة اعتقادا مني أن بعضا من الإدارات و الأشخاص الذين قررنا زيارتهم يمكن أن يستفيدوا من تلك الأعمال التي قمت بها خصوصا وأننا نعتقد أنها أعمال لصالح الأمة والوطن والحضارة.
توجهت إلى المكان المتفق عليه و الزمن المحدد حاملا معي جملة من الخربشات التي أدعي أنها أبحاث في الفلسفة والمعلوماتية والأدب والشعر ويا ليتني لم أفعل ولم أحمل تلك الأثقال وهنا بيت القصيد ومربط الفرس الذي طلب مني صدقي أن أنزل من فوقه.
عندما رآني صديقي الصحافي محملا بتلك الأثقال جن جنونه وبدأ يهتز وكأنه جان فأوجست في نفسي خيفة وامتلأت رعبا فالرجل تغيرت ملامحه كلية وتحول مثل "هيلك" العجيب الذي كنا نشاهد حلقاته على التلفزيون في السبعينات وصار وكأنه مصارع في شتى أنواع الصراع مجتمعة يريد أن يأخذ ثأره ممن هزمه غدرا في الجولة الأخيرة.
لكن لحسن الحظ ذهب الخوف ورجعت الطمأنينة لنفسي عندما سمعته يحوقل . وقفت أمامه فسمعت زفير بركانه الداخلي يغلي حرقة على ما حل بصديقه العزيز. تهيأ جيدا وتنفس حرقة ثم صفعني صفعة نفسية لن أنساها طوال حياتي كونها غيرت مسار حياتي كلية على الأقل في الجزائر. بدأ خطبته قائلا متحصرا وناصحا : يا أخي ألم تعلم بعد وتتعلم من أخطائك السابقة وما أكثرها بأن هذه الأثقال التي تحملها هي التي سببت وما زالت تسبب لك المشاكل تلو الأخرى، ألم تتذكر و تتعض بكلام الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله وهو يقاد إلى السجن حينما قال : علمي جنا علي،مزق هذه الخربشات قطعها أرميها في البحر كما يرمي الحراقة أنفسهم أتركها للرياح تذروها وتنقلها إلى أقطاب أخرى ربما يجدها من هو في أمس الحاجة إليها، إبحث عن عمل يؤكلك الخبز أنت وأسترتك و دع عنك ما تسمية بعالم الخيال والجمال فلم يسمناك ولم يغنياك من جوع، ها أنت نحيف الجسم سهل السقوط أمام أي مصارع منهم ، أنصحك يا جاهل الواقع عندما تريد أن تتعامل معهم فليكن ذلك باللغة التي يفهمونها وليس باللغة التي تفهمها أنت ، بها أهديك هذه السلة من النصائح خذها ولا تخف : كسر اللغة العربية عندما تتكلم معهم واستعمل الكلمات الثقال بالفرنسية ، عند دخولك إلى مكاتبهم الضخمة لا تلقي عليهم السلام قل نهاركم سعيد أو بانجور أوما شابه من الكلمات العامية المترامية في الشارع بين الدهماء يا أدهم حتى يعتقد أنك تافه ( العفو ) ، استعمل الأسلوب الانتهازي والمنحط ( العفو مرة ثانية) عند اللقاء الأول خصوصا وحاول أن تقضي حاجتك عندهم بسرعة فقد يكتشفون سرك وما تحمله بداخلك ويعلموا أنك تعلم وتلك هي الكارثة...فقاطعته قائلا لأن الوقت داهمنا :بنصيحتك هذه يا صديقي العزيز أحدثت في نفسي صدمة أدبية وشاعرية قلت مثيلاتها، فقد نشأت في عقلي الآن مشروع كتابة قصيدة تحت عنون" إياك أن يعلموا أنك تعلم فإن علموا فلك الويل منهمُ ". صرخ صديقي فرحا مسرورا بالنتائج الملموسة التي توصل إليها: أحسنت الآن فقط قد أحسست أنك فهمت واصل في مسيرتك هذه قد تصل إن شاء الله في حياتك قبل مماتك.
هذه جملة من النصائح الصادقة والتوجيهات المفعمة بمشاعر المحبة والأخوة الحضارية لمجرب عاش بين فكي رحى الإنحطاط الحضاري والحسد الفكري أبو الإرهاب الفكري نصحني بها صديق عزيز تألم لحالي جزاه الله عنا خيرا وفيرا .ها أنذا أنصح بها كل من يقرأ مقالي هذا ويعتقد في قرارة نفسه أنه منا ونحن منه فا للهم اشهد لقد بلغت.
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة