مع دخول شهر رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران فتقبل القلوب إلى ربها وتنيب الأفئدة إلى خالقها ومولاها فتبصر الكثير من الشباب والفتيات يطرقون باب التوبة ويطرحون على عتبته يسألون مولاهم القبول والغفران .
إنها مشاعر إيمانية عظيمة تجتاح القلوب لتذكر الناسي وتحث القلب القاسي لتجنب الذنوب والمعاصي .
في رمضان أصوات الأئمة الخاشعة ودعوا تهم الصادقة دفعة لاتجاه الكثير نحو التوبة وهذا شي جميل ومطلب نسعى إليه ولو لم نشرع في طرقه ووسائله .
لكن المؤلم حقاً هو تحير وتخبط أولئك المهتدين في شهر رمضان وبعده فنداء الخير يدعوهم والجاهلية السابقة بصحبتها وأعمالها ماثلة أمام العين وتغري الفؤاد والنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي .
لذا يبقى السؤال الذي نحن بحاجة إلى طرحه لاستخراج الحلول الناجعة للإجابة عليه هو ما مصير هؤلاء بعد الهداية ؟ وكيف نحافظ على التزامهم وثباتهم على طريق الحق والصلاح ؟.
لا يشك اثنان في أهمية المحيط والبيئة الصالحة لكل فرد ، فالدراسات النفسية تثبت أن الإنسان اجتماعي بطبعه وهو بحاجة إلى صحبة ورفقة والنفس بين زيادة ونقصان فلا وقوف البتة كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى واصدق مما سبق أمر البارئ سبحانه لنبيه عليه السلام بتصبير نفسه وتثبيتها مع صحبة صالحة حيث يقول سبحانه " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا .........." .
المصطفى عليه السلام مؤيد من ربه ، نزعت الجاهلية من قلبه ومع ذلك يؤمر بالصحبة فكيف بنفس ضعيفة تتنازعها الشهوات والشبهات من كل جانب والنفس أمارة بالسوء أيضا .
يا دعاة الإصلاح ويا قادة الصحوة ": لا أنسى ما نسيت ذلكم الشاب الثلاثيني من العمر كان يمارس المراهقة المتأخرة ، استهوته الشياطين فألهته بالدنيا عن الدين ، وما هي إلا أيام إلا وترى النور يلوح من وجهه ، لقد أعفى لحيته وطهر بيته وأضحى من السباقين لصلاة الفجر مع الجماعة فضلا عن غيرها .
استبشرنا برؤيته وقد سلك طريق النجاة والهداية ولكن يا لفرحة مادامت إذ خيب آمالنا فقد حار وانتكس بعد أشهر قليلة من هدايته ، استنبأت خبره من بعض أقاربه فقالوا كان وحيدا بلا زمالة بنفس التوجه الجديد فلم يصبر عن الماضي فعاد إلى ظلمات المعاصي رده المولى عاجلا غير اجل .
يا دعاة الإصلاح ويا قادة الصحوة : لا أنسى ما نسيت ذلك الشاب العشريني حينما دخل إلى إدارة إحدى حلقات تحفيظ القران الكريم ليسلم إجابته على المسابقة التي طرحتها حلقات تحفيظ القرآن الكريم ثم تساءل ببراءة قائلا : ألا يوجد لديكم مكتبة أو مجموعة ( ذاك مصطلح يعني وجود صحبة صالحة ) يمكنني التسجيل فيها ، فالتفت بدهشة وحزن إلى الشخص المسئول فلما رايته لم يحسن الإجابة ابتدرت السائل قائلا الإخوة هنا يعنون بالمسابقات والبرامج الثقافية وليس لديهم مجموعة أو مكتبة لمن تجاوز الثانوية وقريبا سيفتح ذلك ، علاه الحزن وتكدرت معالمه ثم قفل راجعا وقد مزق قلبي بسؤاله الذي أجد له جوابا إلى الآن .
يا دعاة الإصلاح ويا قادة الصحوة : لا ينكر عدو فضلا عن صديق الجهود المبذولة والمقدمة لفئات الشباب في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتي نرى ثمارها ونتائجها ماثلة لذوي البصائر والحجا ، ونتمنى المزيد منها وتطويرها كما ونوعا ، ولكن ماذا بقي لفئات الشباب ممن تجاوز مرحلة الثانوية والجامعة .
الكل يعلم وبخاصة ممن كان قريب الصلة بفئات الصحوة العاملة في المراحل السابقة شكواهم وتذمرهم من نتاجهم ( أي الشباب المستقيم ) حينما يتجاوزوا المرحلة الثانوية فضلا عن الجامعة .
لقد أضحت تلك الفئة تشكل ظاهرة مرضية وبطالة صحوية حلولها وأساليب التعامل معها لا تزال بدائية وفردية .
هذه ظاهرة أولى والثانية :
المستقيمين وسالكي درب الصلاح ممن تجاوز مرحلة الجامعة أو الثانوية ولم يسبق له الدخول مع المكتبات أو مجموعات الشباب في السابق ولم تلتفت له فئة مستقيمة من أقاربه وعائلته فمصيره احد أمرين على فرض ثباته :
إما الثبات مع الوحدة والانعزال وهذا قليل ونادر .
الانخراط في مجموعات التبليغ أو غيرها ممن تحتوي تلك الفئة وتجعل لها برامج أسبوعية وزيارات ورحلات يقوم عليها جنود أشاوس نذروا أنفسهم لفئة لم تلق جهدا مقدما .
وتلك المجموعات سواء المنتسبة للتبليغ أو غيرها لا تزال محدودة العدد وقليلة الاتساع مع ما يتضمن برامجها من الضعف وعدم التجديد لكن العدل يتطلب شكرها وتأييدها والنصح لها أيضا .
يا دعاة الإصلاح ويا قادة الصحوة : مثلكم يعلم أهمية العناية بجميع فئات المجتمع ودعوته وتأليف قلبه للدين وبخاصة الأجيال المتوسطة ممن بلغت الثلاثين وتجاوزتها حيث فتوة الشباب والنضج العقلي والفكري وبداية تكوين وتربية الأبناء على المكتسبات والخلفيات السابقة فماذا قدمتم لهم ؟.
_ هل تخصصت فئام من الدعاة في دعوة أولئك واحتوائهم وتأليف قلوبهم وحجبهم عن شبهات وتوجهات الزمان المنحرفة ؟.
_ لماذا لا تفتتح نوادي أو مراكز تركز على متطلباتهم واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية والرياضية ، أو تدلف فئة من الدعاة النوادي لتخفف الشر وتئز أولئك ممن التحقوا بالنوادي إلى الخير أزا ؟.
_ ما هي الصحف والمجلات بل والأشرطة التي تستهدفهم وتوجه خطابها إليهم ؟.
_ أين الخطط والأهداف والوسائل لمن يرغب أن يسير عليها في دعوته أقاربه وزملائه من أولئك الفئة ؟.
_ تساؤلات عديدة اجزم أن مثلي أحقر من أن يلقيها على أسماعكم فجهودكم وحرصكم واهتمامكم لا تنكره المهج ، ولكن حسبي أن ألقيت حجرا في تلك المياه الراكدة لتستنهض فئة هي أهل للإبداع والعمل لتدلي بدورها المأمول مع تلك الفئة المستضعفة المنسية .
والى اللقاء .
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة