بسم الله الرحمن الرحيم

احترت كثيراً في الأسلوب الأمثل لاستهلال هذه الزاوية في مجلة أجيال ، فسألت نفسي تارة ماذا أكتب ؟ وتارة أخرى عن أي شيء أحدث القارئ الكريم ؟
وبعد إطالة الأمد في البحث في استعراض الأسئلة المختلفة والبحث عن إجابة مناسبة تساعدني في الاستهلال المطلوب ، وجدت أن السؤال الأمثل يجب أن يكون لماذا تكتب في هذه الزاوية وما الداعي لهذه الزاوية ؟!
حقاً !! قد نقوم بأعمال كثيرة ولكننا لا نتأمل في الأسباب الدافعة إليها ، ربما لأننا نراها بدهية ، وربما لأننا نرى أن الحديث عنها نوع من الفلسفة والكلام الزائد.
إذن لا بأس بقليل من الفلسفة وقليل من التأمل في تلك البدهيات : )
من الخطط المستقبلية لدي ، أن أزور اسطنبول وروما والبتراء ومسجد الحمراء .... أماكن كثيرة أود زيارتها ، وكل مكان منها يختلف عن الآخر في نمطه وطريقته وتأريخه وما يعبر عنه ، فثمة ما يعبر عن حضارة المسلمين وآخر عن الرومان وثالث عن الإغريق ورابع عن الفراعنة ، وأجد في زيارة تلك المناطق والتأمل في آثارها وما صنعته يد الإنسان في تلك الأمم المختلفة ، وقفة على أطلال التأريخ ، فما أراه لحظة زمنية حُفظت من حضارة انتهت.
وهكذا كان الإنسان دائماً يحاول أن يعبر عن ذاته وعن مشاعره وعن أمته بطريقة أو بأخرى ، ويختار من الطرق التي بين يديه أكثرها ديمومة واستمرارية ، فلا تنتهي بفناء ذاته ، فإما أن يكتب وإما أن يرسم وإما أن ينحت.
وتبعاً لتلك الطرق كان الاجتهاد لتطويرها للارتقاء بها ، فأصبح لكل طريقة فن لا يمكن أن يوصف بأنه محض تسلية أو مجرد ترف إنساني ، وإنما محاولة لخلق تعبيرات إنسانية تحفظ الموروث الأممي وتنقله إلى الآخرين بصورة مبسطة سهلة تعلق في الأذهان عبر الأبصار ، وكأنما هو شعار يدل على أمة وعلى مدى عظمتها.
ولأن الصورة كانت من أكثر التعبيرات وقعاً في النفوس ، زاد الاهتمام بها وتطورت فنون تمثيل
الصورة كالرسم والنحت ، وظهرت أسماء المدارس الفنية والفنانين والمبدعين الذين تفننوا في رسومهم وتعبيراتهم الإنسانية.
ولكن تلك الفنون لم تكن إلا في متناول يد من يتقنها وبهذا اقتصرت التعبيرات على أصحاب تلك الفنون ، فكان لا بد لعقل الإنسان من أن يبدع شيئاً آخر ميسّر في استخدامه ، فظهرت آلات التصوير وتطورت شيئاً فشيئاً لتؤمن السهولة إلى أن أصبحت تنتظر ضغطة زر لتنفذ عملها على أكمل وجه ، فكانت كالمرآة تعكس الصورة كما هي دون رمزية تصنعها ريشة الفنان.
لذلك أحببت التصوير وأحببت الكاميرا ، فلست أجيد الرسم ولا النحت ولا الخط ، ولكني بتلك الكاميرا أستطيع التعبير عن مشاعري وذاتي وأمتي بلقطة قريبة من الواقع دون تبديل ، وهي كذلك تتحدث بلغة عصري لا بلغة الماضي ، ولا تتطلب البراعة الكبيرة أو الموهبة الفذة حتى تحقق التعبيرات البسيطة لمن هو مثلي لا يجيد الإمساك بالريشة أو القلم.
فيمكن أن أعبر عن أحب البقاع إلى قلبي بلقطة كهذه

ويمكن أن أعبر عن أجمل الذكريات بلقطة كهذه


ويمكن أن أعبر عن مرارة الظلم بلقطة كهذه

إنها إجابة كافية ! أدركت الآن لماذا كانت هذه الزاوية Focus ولماذا سأكتب هنا عن التصوير : )
فكونوا دائماً معنا ...
[ محرر زاوية فوكَس -- مجلة أجيال ]