استقامة الخميني على معتقدات الشيعة وإظهارها
والدعوة إليها جهاراً

للعلامة: أبي الحسن الندوي

ولما قام الخميني بالدعوة الإسلامية قبل أعوام عديدة، وأسس الحكومة الإسلامية كما يزعم بقلب نظام المملكة البهلوية، وبدأ بها عهداً جديداً، توقع الناس – وقد تحققت لذلك علامات ودلائل- أنه لكي يعمم دعوته ويكسب إعجاب الناس وقبولهم سوف لا يفتح صفحات تاريخ الخلافات المستمرة القديمة بين الشيعة والسنة، وإذا لم يتمكن من سحبها من كتابه فلن يفتحها من جديد على أقل تقدير، وكانوا يتوقعون أنه إذا كان لا يستطيع أن يعلن براءته عن معتقدان الفرقة نظراً إلى مصالح سياسية أو محلية، فعلى أقل تقدير لا يقوم بإعلانها وإظهارها، بل كان يتوقع من زعيم ديني جرئ مثله، أن لا يتأخر على أساس دراسته وفكره العميق توخياً لتوحيد صفوف المسلمين ومن أجل جرأته الخلقية في إعلان الحق، أنه لا مجال الآن لهذه المعتقدات ولا حاجة إليها، المعتقدات التي تزعزع أساس الإسلام، وتنال من سمعته وقيمته في العالم والتي هي عائق كبير(1) في سبيل توجيه دعوة الإسلام على غير المسلمين، تلك المعتقدات التي أنتجتها مؤامرة خطيرة مناوئة للإسلام منذ القرن الأول وعهد الصحابة، والتي تحققت نتيجةلدافع أخذ الثأر للإمبراطورية الفارسية القائمة من قرون طويلة، بادت على أيدي العرب المسلمين، وكان المعقول أن يقول بصراحة يجب علينا أن نتناسى الماضي لإعادة سلطة الإسلام وقوته، ولإصلاح الأقطار الإسلامية، للقضاء على فساد المجتمع المسلم، حتى تبدأ صفحة جديدة، تتمثل فيها صورة الإسلام الماضية، والحاضرة المشرقة، وتقبل شعوب العالم الأخرى على الإسلام .
ولكن بالعكس من جميع الآمال والآثار والدلائل، تمثلت أمام الناس رسائله وكتبه الصادرة من قلمه، تحدث فيها بكل قوة وصراحة عن نفس تلك المعتقدات الشيعية، إن كتابه ((الحكومة الإسلامية)) و ((ولاية الفقيه)) يتضمن أفكاراً عن الإمامة والأئمة ترفعهم إلى مكانة الألوهية، وتثبت أن الأئمة أفضل من كل نبي وملك، وأن هذا الكون خاضع لهم وتابع لسلطتهم بطريق تكويني (2) وكذلك كتابه الفارسي ((كشق الأسرار)) لا يتناول صحابة الرسول e -ولا سيما الخلفاء الثلاثة- بالجرح والنقد فحسب، بل ينطوي على كلمات السب والشتم الموجهة إليهم، التي يمكن أن تطلق على جماعة ضالة مضللة فاجرة فاسقة، زائغة مزيغة ذات مؤامرات (3) وكلا هذين الجانبين المضادين يسايران دعوته، وليس ذلك كتعليمات سرية أو في صورة رسائل خاصة، إنما هو مطبوع ومنشورة في الرسائل العامة .


===============
(1)لأن مفاد هذه المعتقدات أن جماعة الصحابة الكرام رضي الله عنهم التي بلغ عددها في حجة الوداع فقط إلى أكثر من ألف صحابي، ما بقي منهم على الإسلام، إلا أربعة فقط بعد ما لحق النبي e بالرفيق الأعلى، أما غير هؤلاء وكان أئمة أهل البيت (من وجهة التقية التي تعتبر واجباً دينياً وعزيمة) كاتمين للحق، ومغيبين للقرآن بعيداً عن كل خوف وخطر، ويلقنون أتباعهم ذلك (انظر الكتب الموثوق بها للفرقة الإثنا عشرية ((أصول الكافي)) و ((وفصل الخطاب)) ومؤلفات الخميني نفيه، مثل كشف الأسرار وما إليه ) .
(2) الحكومة الإسلامية / ص 52
(3) كشف الأسرار بالفارسية / ص 112 – 114 .