دخل ابو احمد الي بيته الساعة الحادية عشر مساء ونادى بصوت حطم اشلاء الصمت التي كانت تخيم على اركان منزله الهادئ الجميل فقد الاولاد نياما فنادى قائلا
ياام احمد 00 ياام احمد00 اين انت ؟
فاجابته من غرفتها انتظرني في الصالة ساتيك الان عندي لك مفاجأة جلس ابو احمد على احد المقاعد في الصاله يرتاح قليلا من عناد صعود ذلك الدرج المتعب المرهق واخذ يفكر ويتساءل مع نفسه مفاجاة ترى ماذا تخبئين لي يا ام احمد 0
وبينما هو يسبح في افكاره اذا خرجت ام احمد من غرفتها ثم دخلت عليه وهي تتمايل في مشيتها فلم يصدق ابو احمد ما تراه عيناه اهذه هي زوجتي ام احمد ام انها غيرها لعلي اخطات في البيت انها ترتدي ملابس نسائيه مثيره وقد زينت وجهها ببعض مواد الزينه ووضعت عليه بعضا من مساحيق التجميل 00 حتى شعرها لم يسلم من التغير لقد سرحت شعرها بطريقة مميزه ونثرت خصلاته على كتفيها 0
وهنا انفجر ابو احمد ضاحكا بصوت مرتفع ساخرا وكانه قد رأى مهرجا امامه وظل ابو احمد يضحك ويضحك وام احمد تنظر اليه باستغراب 00 لقد صدمها تصرفه ذلك فلم تتوقع ان يقابلها هذه المقابلة الساخره وبعد ان فرغ ابو احمد مخزون الضحك الموجود لديه قال ساخرا الا تستحين يا امراه الاتستحين من هذا الهراء متى تكفين وتتوقفين عن هذا العبث قبل شهر تقريبا اطفات علينا الانوار فقضينا الليل تحت ضوء الشموع والليلة تخرجين الئ بهذه الملابس المثيرة وكاننا ذاهبان الى حفلة تنكرية 0
سكتت ام احمد فلم تنطق بكلمة فتابع ابو احمد كلامه قائلا انسيت ان عمرك الان قد تجاوز الخامسة والاربعين فانت قد اصبحت (جده) ومازلت تفعلين هذه التفاهات وتطاردين تلك الترهات احتبست الدموع في عيني ام احمد وتحجرت الكلمات في حلقها فتتابع ابو احمد كلامه قائلا هيا اذهبي واغسلي هذه الاصباغ عن وجهك ولملمي هذه الخصلات المتناثره التي شاطرها الشيب ومازلت تعرضينها 0
انك حقا ناقصات عقل ودين
نظرت اليه ام احمد نظرات تحمل كل انواع الاستغراب والصدمه وانحدرت من عينيها دموع الحسرة والندم والاسي ولم تملك نفسها فانفجرت فيه كالبركان الثائر قائلة
انت يا ابا احمد تقول هذه الكلام انت يامن كنت بالامس ما ان تراني ارتدي ثوبا جديدا او فستانا جميلا حتى تخرج من فمك كل كلمات الحب والاعجاب والثناء وكانك قد رايت امامك قمرا اطل في سماء صافيه فغابت حوله كل النجوم 0
لماذا الان فقط ما افعله عبثا وهراء وقد كان بالامس في عينيك سعادة وهناء اهذا هو ردك يا ابااحمد على من تحاول ان تعيد لك ايام الصبا والجمال وليالي العشق والغرام وتردك في عنفوان الشباب ولذة الانس بالاحباب اتلك هي مكافاتك لها اهكذا تقابل بذلها وتضحيتها واهتمامها بك ماذا عسى ان اقول وقد تبدلت القلوب والانفس والمفاهيم واصبح القبيح جميلا والجميل سفها وتفاهات سكتت ام احمد قليلا تكفكف دموعها الملتهبه فبادر ابو احمد يقول انا في الحقيقة لم اقصر وهنا قاطعته ام احمد قائلة ارجوك دعني اكمل حديثي فقد استمعت اليك بما فيه الكفايه لقد كنتن اعتقد يا ابا احمد انه لا ميزان للعمر بيننا ولا وجود للشيخوخه في حبنا فمنذ متى و(الحب الصادق) يعترف بمقايس الزمن او اللون او المال 00 ان عمرنا الحقيقي يازوجي العزيز هو لحظات السعادة والموده والالفه التي نستمتع بها سويا فكلما مر يوم على حياتنا الزوجيه زاد بقاؤنا بقاء وحبنا طهرا ونقاء واجتماعنا الفة وصفاء وودنا سموا وبهاء يااباحمد ثق انه مهما تقدم بي وبك العمر فسأظل اراك في عيني عشيقي الوحيد وحبيبي الفريد وطفلي الصغير المدلل الذي مهما تقدم به العمر فهو في عيني صغير وسارويه من حبي الكبير وعطفي الاثير فلماذا تجلعني يا ابا احمد ارى الجمال يحيط بي من كل صوب ولكنه في وجودك يتحول الى سراب خادع زائف 0
اه يا ابا احمد ماكنت اتوقع انه سوف ياتي يوم تصنّفني فيه بانني من صغيرات العقول والالباب
صدقني يا ابا احمد ان كانت تخالجني الظنون بان الحب يهرم ويشيخ وتشيخ معه كل المشاعر ويذوب جمال العشرة في ترهات الزمن لكن اذا كنت تعتقد ذلك فعلم انني سأظل وفيه لمبائي وافكاري ولن يشيخ حبي لك مهما تعاقبت الدهور وتتابعت الايام والعصور0
قامت ام احمد تحمل قلبها الجريح تحمل فؤادها الذبيح تحمل حبها القريح قامت وتوجهت الى المغسلة وسياط الالم تلهب قلبها وكلمات ابي احمد طعنات قاتله تدمي صدرها فقد جرح كرامتها وحط من كبريائها وما كانت تظن قط ان يصدر مثل هذا الكلام من ساكن قلبها ورفيق دربها وانيس عشها0
غسلت ام احمد وجهها وازالت عنه المساحيق والاصباغ ولملمت خصلات شعرها وارتدت خمارا فوق راسها ثم دخلت غرفتها واغلقت عليها بابها وجلست تحملق الى الوجود وتتامل فيما هو حولها موجود 0
لكان كلمات زوجها قد اضافت الى عمرها عشرين عاما فاخذت تسترجع كلماته المؤلمه فكم من كلمة اشد وقعا من السياط وكم من سهم اطلقه اللسان شق الصدر وقطع من القلب والنياط 0
وبينما هي كذلك تسبح في افكارها وتحاول استعادة توازنها اذ طرق الباب عليها زوجها ابواحمد فرفضت ان تفتح له الباب ولكنه استمر في الطرق واقسم عليها بالله العظيم ان تفتح له فلم تجد بدا من فتح الباب له 0
فدخل عليها وكانه يجرجر مع اذيالا من ندم ويحمل ارتالا من اسف واعتذار فقد راق له حديثها الجميل وعاد بذكرياته الى ايام جميله مضت وساعات دافئه حالمة تولت وانقضت ولحظات صافيه رائقة تمخضت0
لقد عاش ابو احمد في الماضي دقائق قليله جعلته يتمنى عودته ولكن هيهات للماضي ان يعود لقد ايقظ كلام ام احمد في نفسه مشاعر الفتوة واحاسيس المراهقه وعنفوان الشباب لقد عاد شريط الذكريات الجميله الى مخيلته 0
اقترب منها ابو احمد وهي جالسة على سريرها وقال لها
مابالك ياام احمد تجلسين هكذا هيا عودي كما كنت قبل قليل فلّة جميله وعروسا رائعة كحيله وزهرة فاتنة ظليلة وزوجة وفيه اصيله 0
نظرت اليه ام احمد باستغراب وقالت
لا يا ابا احمد لانك بيدك الرعناء حطمت في قلبي كل الزهور وبكلماتك القاسيه الهوجاء دمرت في فؤادي كل الجسور فلا عبور لك بعد اليوم الى القلب الذبيح الجريح لاعبور لا عبور
فقط تذكر يازوجي 0000 انك انت السبب 0000
تمت القصه ( منقوله )