عمر رضي الله عنه..عمر القمة الشامخة..عمر الذي لن يتكرر في الأمة..
عمر أمير المؤمنين ..هم الأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها على كاهله..
يجيش الجيوش ويتابع المعارك..يتابع أحوال المسلمين في المدينة وفي الأمصار..
تجده بالنهار يهتم بشؤون الدولة..وبالليل يدور في أسكة المدينة متابعا لرعيته
مهتما بشؤونهم..قد أهمه أمر الأمة يتابع صغيرها وكبيرها ..
لا يغمض له جفن إلا لواذا كمن يسترق النوم استراقا..عمر الذي يحمل هذه
الهموم كلها ..لم يمنعه ذلك كله من الدعوة في كل فرصة تسنح له.. وكما يهتم
رضي الله عنه بأمور الدولة العظام ونوازلها الجلال..ومع ذا يهتم بالأمور التي
يراها الكثير من المسلمين صغارا ..وليس في الدين أمور صغار أو قشريات..
ولننطلق إليه رضي الله عنه لنراه ينتظر أخبار الشام على أحر من الجمر يخرج
كل يوم من المدينة ينتظر الرسل ليأتوه بأخبار الجيوش ..وفي ذلك اليوم وبينما هو
ينتظر في حر الشمس وفي رمضاء المدينة.. وإذا هو بعقبة بن عامر رضي الله عنه
يبشره بفتح الشام .. و قد ركب إليه أسبوعا من الجمعة إلى الجمعة حتى وصل المدينة ..
و أخبره بالفتح .. فكبر لذلك ..و سر المسلمون من هذا النصر المؤزر .
ثم نظر عمر إلى خفي عقبة ..فقال له : منذ متى لبستهما ؟
قال : منذ أسبوع و أنا أمسح عليهما..
فقال له عمر رضي الله عنه: أصبت السنة ..فما شغله الفرح والاستبشار بالنصر
عن هذه المسألة الشرعية ..يسأل عنها ويرى تطبيق رعيته للسنة كما يرى رضي الله عنه..
ولننظر إليه أخرى حين كان في فراش الموت كان همّ الخلافة من بعده مما يقلق باله ..
و بال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و مسألة الخلافة مصلحة عامة خطيرة ..
لكنها على أهميتها لم تشغل عمر عن إنكار منكر رآه.. فحين دخل عليه غلام من الأنصار ..
فأثنى عليه خيرا فلما خرج رأى عمر في ثوبه طولاً.. فقال : ردوا علي الغلام !!
فردوه فقال له : يا ابن أخي ..ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك و أتقى لربك ..
الله أكبر.. حتى وهو في اللحظات الأخيرة لم يشغله هم الخلافة
من بعده..بل لم تشغله سكرات الموت عن إنكار هذا المنكر..
فماذا نقول لأنفسنا ونحن في حال الصحة والحياة ..ولم
نحمل على عواتقنا الخلافة ..ما هو عذرنا في ترك الكثير من
المنكرات دون إنكار..رضي الله عنك يا عمر..
الروابط المفضلة