::

منذ بضع سنوات..وتحديداً بعد أحداث سبتمبر 2001 أصبح الحديث عن "تجديد الخطاب الديني" يشغل حيزاً في الأوساط السياسية والثقافية..في البلاد الإسلامية..

لم تكن قضية "التجديد" هذه لتأخذ هذا القدر من الاهتمام ..وتسليط الأضواء الإعلامية عليها لولا أنها أضحت مطالبة أمريكية صارمة..

فالغرب صار يتحدث بلهجة الأكابر.. ويزيد من ضغوطاته بعد أن كان بالأمس يخفي أنيابه ويظهر روح الصداقة والحميمية..

لم تمضِ على تلك المطالبة الصريحة مدة.. حتى استلم البوق نيابة عنهم المنخدعون من أبناء الشرق.. وصاروا ينفخون فيه بكل ما أوتوا من نفس خبيث ..يدفعهم إخلاصهم لأسيادهم وتفانيهم في الخضوع والمماثلة..

إلا أن من تبنى نظرة "التجديد" في البلاد الإسلامية..لا يزالون يعيشون في ذات الأعشاش البالية التي صنعتها لهم الأيدي الغربية ..فخطابهم لقومهم لا يكاد "يتطور" إذ غاية الإقناع لديهم أن يوصف المخالف بالانغلاق والجهل والظلامية..بينما هم أصحاب العقول المضيئة التي أبصرت نور الحضارة الغربية واتبعت هداها وفق تصورهم المشبع بالهوى.

إن التجديد الذي نرفض ليس ذاك الذي بشر به المعصوم صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
فذاك تجديد يكفل للأمة بقاءها ويعيد لها سيادتها كلما استبد بها عدوها..ويعيدها إلى أصولها الراسخة وينعشها من فتورها..

إنما نرفض ذلك "التجديد الأمريكي" الذي لا يرضى به أصحاب المبادئ الأصيلة فضلاً عن أصحاب المبادئ الربانية المستمسكين بالشرع ..

حتى وإن أُلبس مصطلحات شرعية فإنه لا يخرج عن معناه المعلن من السعي إلى تبديل الشريعة وتحريفها.. ليكون النتاج إسلاماً على الطريقة الأمريكية..فتُخضع النصوص لما يسمى بـ"تعدد قراءة النص" ويفسرها كل بحسب ما تميل إليه نفسه وترغب.. وليست ببعيدة عنا "الثورات " على السنة النبوية والتعدي عليها من قبل من يسمون أنفسهم بالمثقفين!

إن هؤلاء عندما يتحدثون عن التنوير والتحديث ..لا يتطلعون إلا إلى الجانب الديني ليعبثوا في ثوابته..

بينما يتغافلون عن التحديث الحضاري والتقني ..وإن تحدثوا عنه فإننا نجدهم يعتبرون "الثقافة الدينية" هي العائق الأساسي للنهضة الحضارية..

ولأن المرأة من أهم الفئات المستهدفة في مشروع التحديث و"الإسلام الجديد" ..نجد جل حديثهم ينصب في شأنها وفي "عطالتها" والخطاب "المجحف" في حقها.. بينما يتجاهلون ما آلت إليه حداثة المرأة الغربية والعربية المستغربة..!

الفاصلة التي تعنينا:
"المصلحون والتوقيت"

يتحدث أناس من أصحاب النوايا الطيبة بلسان القوم..ويستخدمون المصطلحات ذاتها في رغبة حقيقية للإصلاح الاجتماعي..
لكن حسن النوايا _في اعتقادي_لا يكفي.. بل نحتاج لوسائل علاجية مستقلة لا تتبع منهجية المفسدين..ولا تجعلنا أبواقاً لهم..

إن حديثاً كهذا في مثل هذا التوقيت المتوافق مع المطالبة الغربية لايخدم أي مسيرة إصلاحية بل ينخر في داخل الجسد..

::