ذكر ابن سليمان في الموارد أنها خمس
المرتبة الأولى: أن يتمنى زوال النعمة عن الغير، و يسعى في الوسائل المحرمة لإزالتها بكل ما يستطيع، و هي الغاية في الخبث و النذالة، و هما الغالب في الحساد، خصوصاً المتزاحمين في صفة واحدة، كالتجار و العمال، و أهل الوظائف الحكومية، فمتى ربح أخوه ربحاً كثيراً أو حصل له لذة مما يتمناه، أو حصل على عمل أو منصب أرفع من غيره، فإن الحاسد يعمل في الإساءة إليه، و يسعى في حرمانه، و يلصق به العيوب، و يولد عليه الأكاذيب، ليزيحه عن ذلك العمل، و ينصب نفسه مكانه.
المرتبة الثانية: أن يتمنى زوال تلك النعمة، و يحب ذلك، و إن كان لا يريدها لنفسه، و لا يطمع فيها، لكن من باب الحقد على أخيه و البغض له.
المرتبة الثالثة: أن يجد من نفسه الرغبة في زوال النعمة عن المحسود، سواء انتقلت إليه أو إلى غيره، و لكنه لا يعمل شيئاً في إزالتها إلا أنه في جهاد مع نفسه، و كفها عما يؤذي أخاه، خوفاً من الله تعالى، و كراهة لظلم عباد الله، فهذا قد كفي شر غائلة الحسد، و دفع عن نفسه العقوبة الأخروية، و لكن ينبغي له أن يعالج نفسه عن هذا الوباء الذي هو بغض النعمة، و محبة زوالها عن أخيه المسلم.
المرتبة الرابعة: أن يتمنى زوال النعمة عن غيره بغضاً لذلك الشخص، لسبب شرعي، كأن يكون ظالماً يستعين على ظلمه بذلك المنصب، أو ذلك الجاه و المال، فيتمنى زوالها ليريح الناس من شره، و كالفاسق الذي يستعين بالمال أو المنصب على فسقه و فجوره، فتمني زوال ذلك و السعي فيه لا إثم فيه، بل قد يكون مثاباً إذا عمل على إراحة المسلمين من الشر و العسف، و الظلم و التجبر الذي يتسلط به ذلك الظالم بسبب منصبه أو جاهه.
المرتبة الخامسة: أن يتمنى لنفسه مثلها، و لا يحب زوالها عن أخيه، و لا يسعى في ذلك، سواء كانت تلك النعمة من مباح متاع الدنيا كالمال و الجاه، أو من النعم الدينية كالعلم الشرعي، و العبادة الدينية، و قد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه و سلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، و رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها"، و هذا لا يسمى حسداً إلا من حيث الظاهر، و إلا فهو غبطة و منافسة، و محبة للحصول على الخير الدنيوي، و الأجر الأخروي، فهو يحب أن يكون مثل أخيه، و يغبطه بذلك، و له مثل أجره على حسن نيته و قصده.
الشيخ/عبدالله ابن جبرين حفظه الله
منقول من احدى المنتديات
الروابط المفضلة