استغلال جنسي ضد القاصرات لدفعهن للعمل في الدعارة تحت التهديد
</B>في الأثنين 28 مايو 2007

الموضوع:كلام الناس

اهتمام عالمي متزايد بقضية الاتجار بالبشر توليها منظمات حقوق الإنسان، ومطالبات بتنسيق دولي لحماية النساء والأطفال من الاتجار بهم، الأمر الذي دفع المنظمات المهتمة بالمرأة والطفل في مصر إلى وضعها على أجندة أولوياتهم، في تساؤل يطرح نفسه؛ إلى متى تظل أولويات المنظمات الأهلية المصرية انعكاسا لاهتمامات دولية بالأساس؟


لكن هذا التساؤل لا يقلل من أهمية قضية الاتجار بالبشر التي تتخذ أنماطا متعددة؛ منها: التخزين، الزواج السياحي للقاصرات، بغاء الأطفال، الاستغلال الجنسي للنساء للعمل في الدعارة، وهي أنماط حاضرة في مجتمعاتنا العربية، بل وفي تزايد بسبب ضغوط الفقر، وسهولة المكاسب التي تتحقق من خلال استغلال الناس جنسيا.

الإحصائيات الدولية تقر بأن هناك نحو27 مليون إنسان حول العالم يتعرضون للاتجار، معظمهم من النساء والأطفال لتحقيق أرباح قدرها 32 مليار دولار سنويا! بحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية صدر في 2006.

هذه القضية طرحها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بالتعاون مع المؤسسة العربية لدراسات الهجرة تحت عنوان "مأساة الاتجار في البشر"الأربعاء23 مايو 2007 بالقاهرة.

التخزين تمهيدا للاغتصاب

طرحت "لمياء لطفي" خبرة مؤسسة المرأة الجديدة (وهي إحدى المؤسسات النسوية المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة) في التعامل مع النساء ضحايا الاستغلال الجنسي، مؤكدة أن هناك استغلالا يمارس من الأهل ضد القاصرات للعمل في الدعارة مما يضطرهن للهرب للحياة في الشارع، وعلى الرغم من أن هروب هؤلاء الفتيات يكون عادة هربا من الاستغلال والعنف الذي تعانين منه لسنوات على أيدي الأهل فإن ما ينتظرهن في الشارع ليس أقل عنفا أو استغلالا.

واستطردت: فهن يتعرضن لأشكال أخرى من الاستغلال في الشارع، منها الاحتجاز القسري "التخزين"، وهو طقس معروف يعنى حجز بنت أيا كان عمرها في أماكن مهجورة ومجهولة، مثل مقالب القمامة، ويستمر "التخزين" عدة أيام يتناوب عليها خلال الفترة أكثر من فتى لاغتصابها، ولكي تحمى نفسها من هذا القهر الجنسي فعليها أن تلجأ للمسئول عن أطفال الشوارع في المنطقة المقيمة بها، مما يعر ضها لاستغلاله هو الشخصي لها ولكن ذلك يكون أقل وطأة فتضطر لقبوله!!

أكدت "لمياء لطفي" أيضا على وجود أنواع أخرى من الاستغلال الجنسي الذي يمارس ضد القاصرات، وهو دفعهن للعمل في الدعارة تحت التهديد أو الابتزاز؛ حيث يبدأ الأمر باستغلالهن في أعمال مختلفة مثل بيع الجرائد أو العمل في تقديم الشاي للمارة في الشارع، ثم يتطور هذا الاستغلال إلى استغلال جنسي تحت تهديدات مختلفة.

وطالبت ممثلة جمعية المرأة الجديدة بمصر أن تكون هناك حماية من الحكومة المصرية لهؤلاء الفتيات، وألا يتم التعامل معهن بوصفهن مجرمات، مما يفقد المجتمع تعاطفه معهن ويعتبرهن أعداء له.. مما يجعل من عملية استتابتهن وعودتهن عن الطريق الخطأ أمرا غاية في الصعوبة.

المال مقابل القاصرات

حكى المحامي "رجب التهامي" عن وقائع تحدث في بعض قرى مصر اعتبرها "استغلالا جنسيا للقاصرات بموافقة الأهل" مثل ما يحدث في مدينة الحوامدية والقرى التي حولها (مناطق ريفية في محافظة الجيزة جنوب القاهرة).. حيث يعتبر التهامي أن هذه المناطق مخصصة لجذب الراغبين في الزواج السياحي من الخليجيين الذين يحضرون للسياحة في مصر ويتزوجون من فتيات صغيرات في السن لمدة معينة تنتهي بانتهاء زيارتهم لمصر. ويحكي " تهامي" عن إحدى الفتيات (17 عاما) التي قابلها بنفسه في "الحوامدية" والتي أخبرته بأنها تزوجت 20 مرة خلال عامين بعقود عرفية تستمر ما بين 3 أيام إلى أسبوع، حيث بدأت هذه العلاقات منذ أن كان عمرها 15 عاما.
ويحكي عن أخرى تروي له كيف أنها اجتمعت وصديقتها في شقة مفروشة مؤجرة لخليجي، الشقة عبارة عن عدد من الغرف، كل غرفه يلتقي فيها واحد بزوجته ولا يهم فيما بعد إن كانت تتزوج من صديقه، المهم قضاء عدد الأيام المتفق عليها مع السمسار!!

وأشار "التهامي" إلى أن هذه الزيجات تتم عبر سماسرة يقومون بعقد صفقة الزواج، وهم الذين يقومون بالاتفاق على كافة الشروط، بل ويقومون بتذليل كافة العقبات ويتعاملون مع كافة السلطات المعنية من خلال الزوجة وذويها، على الرغم من الضوابط التي تضعها السلطات بخصوص توثيق هذا الزواج فإن السمسار يقوم بقبض المهر ويقوم بإعطاء ذوي القاصر النذر اليسير، وتتم الزيجة، وهنا يقوم السمسار بطرق احتيالية؛ إذ هو يتحصل على أكثر من 80&#37; من المهر المتفق عليه وتوافق هي أمام إغراءات الثروة التي سرعان ما تتبدد وتصبح زوجة الأمس زوجة لآخر في اليوم التالي بعد أن أغواها وأهلها السمسار بطرق احتيالية وأوهمهم بالثروة والثراء السريع، وتكتشف ذلك حينما يعرض عليها السمسار في ذات الأسبوع زوجا جديدا وإن كان حظك قد تعثر مع السابق فقد تجدينه مع اللاحق وهكذا.

بغاء الأطفال

أوضح د. حسن عيسى أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة ورئيس "الجمعية المصرية للشفافية" نوعا آخر من أنواع الاتجار بالبشر والذي يمارس ضد الأطفال، وهو ما يسمى بـ "بغاء الأطفال" والذي يمارس عادة -كما يؤكد عيسى- ضد أطفال الشوارع، سواء من العصابات أو الكبار المستغلين ضعف أطفال الشوارع لصغر سنهم، وعدم قدرتهم على مواجهة الإساءة الجنسية من قبل مرتكبيها.

كما أكد د. عيسى على أن "العنف الجنسي" يعتبر من القواعد الأساسية في حياة أطفال الشوارع، مثله مثل تعاطي المخدرات؛ حيث يعتبران طقسا يوميا.

وأضاف..كذلك ينتشر الضرب والإيذاء الجنسي أثناء الاحتجاز لدى الشرطة، وفي تقرير لمنظمة مراقبة حقوق الإنسانhuman rights watch ذكر فيه أن الحكومة المصرية تجري حملات قبض جماعية على أطفال كل جريمتهم أنهم بحاجة إلى الحماية، وأن الأطفال المحتجزين لدى الشرطة يتعرضون للضرب والإيذاء الجنسي والابتزاز على يد رجال الشرطة أنفسهم، كما أنه من المعتاد أن يتم ترحيلهم بسيارات خطرة، وكثيرا ما يكون ذلك مع محتجزين بالغين، ولا يتم حمايتهم من الاعتداءات (حتى الجنسية منها) من قبل المحتجزين البالغين.

وأشار د.حسن إلى أن ضيق مساحة المنزل وازدحامه يؤدي إلى اطلاع الصغار مبكرا على العلاقات الجنسية بين والديهم، وهذا ما يجعلهم معرضين للقيام بتجارب مشابهة كما يحدث كثيرا من الاضطراب في شخصيتهم، ومما يؤكد ذلك الدراسة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والتي أثبتت أن 79.8% من الأحداث الجانحين ليس لهم محل إقامة ثابت، كذلك فإن 46% من هؤلاء يعيشون في حجرة واحدة مع أسرهم، وأيضا فإن 46.2% من مساكن هؤلاء الأحداث غير صالحة للسكن والمعيشة.

لإشباع الشواذ

وأكد على نفس الفكرة الصحفي بجريدة المصري اليوم "سامي عبد الراضي" فيقول: يعتبر الاستغلال الجنسي أخطر ما يتعرض له أطفال الشوارع سواء من الإناث أو الذكور، ويكون المعتدي أو الجاني في هذه الحالة إما عصابات أو أفرادا.. مما أدى إلى أن ما يقرب من 95% من أطفال الشوارع يمارسون الشذوذ، وأشار إلى أن اعترافات بعض أطفال الشوارع من المتهمين في قضية "التوربيني" أكدت أنهم معرضون طوال الوقت لهتك العرض والاغتصاب، ومن بين أوراق التحقيقات في القضية تأتي رواية رمضان التوربيني عن طفل تم استدراجه وسرقته والاعتداء الجنسي عليه ثم قتله.

وعن واقعة الاعتداء الجنسي فقد أفادت دراسات كثيرة في مصر أن آلافا من الفتيات الصغيرات والأولاد من أطفال الشوارع يتعرضون إلى جرائم بشعة؛ فهم يجبرون على إشباع رغبات الرجال المصابين بشذوذ جنسي وهو الأمر الذي يصيب أطفال الشوارع بأمراض نفسية وصحية وتناسلية، وكذلك حالات حمل غير شرعي.

الخجل للمتورطين

أكد أسامة الغزولي -ممثل عن المؤسسة العربية لدراسات الهجرة- على أنهلو نظرنا إلى الاتجار في البشر باعتباره سوقا عالمية فسنجد الضحايا هم الذين يمثلون المعروض والمستخدمين المستغلين يمثلون عنصر الطلب، لكن المتورطين في تجارة الجنس هم الذين يدركون إدراكا قويا وواضحا لحقيقة تورطهم في استعباد النساء والأطفال، أما الذين يشغلون المهاجرين بأجور متدنية أو يسيئون معاملتهم فقد يكونون أقل إدراكا لحقيقة أنهم يستعبدون الناس.

وأضاف: لا بد من أن تتجه الجهود التربوية والإرشادية إلى من يطلبون الخدمات الجنسية في أسواق الدعارة لتبصيرهم بحقيقة العلاقة بين الدعارة والاستعباد، لكن أسواق الدعارة هي أوسع وأخطر أسواق الاتجار في البشر، ولا بد من تسليط أضواء قوية على هذا النشاط الإجرامي دون خجل، فالخجل يجب أن يكون من نصيب المجرمين الذين يتاجرون باللحم البشري وأن يكون من نصيب مستهلكي هذه الخدمات المحرمة ممن سيطرت رغباتهم على ضمائرهم فحيدتها، ومن الطبيعي أن يكون الخجل أيضا من نصيب الضحية الموعودة بهذا العذاب وإن كانت الضحية بحاجة إلى الإنقاذ وإعادة التأهيل.

وأشار الغزولي إلى أنه فيما يخص جانب الطلب في أسواق الدعارة فإن هناك وباءً يجتاح العالم ويتمثل في السياحة الجنسية التي اقترنت عالميا بعري الأطفال، وهذه الأمور تسهلها التقنيات الحديثة - خاصة الإنترنت - التي توسع الخيارات المتاحة للمستهلك والتي تسمح بعقد صفقات سريعة ومستترة.

المصدر : اسلام اون لاين