احترام الإنسان لذاته يقوده إلى حب الآخرين
للحب أشكال عديدة تتنوع وتأخذ اتجاهات وتتكيف مع كل واقع في حياة الانسان ولعل الحب هو المحرك الاول للحياة ومن دونه ربما تتوقف عجلة الحياة بكل انماطها. فالحب اذن هبة الله لعباده وسر الخالق في استمرار الحياة على وجه الارض. فكيف للمولود ان يحظى بنعمة الحياة دون حب والديه ورعايتهما له وكيف يكتسب الطفل العلم ثم المعرفة ثم اصول التواصل مع مجتمعه دون حب معلميه لرسالة التعليم.
وكيف يكتسب الخريج خبرة الحياة العملية دون حب ورعاية رؤسائه لإيجاد كوادر تتسلم مهمة قيادة دفة العمل والاستمرار فيه وكيف يفكر الانسان ببناء الاسرة والحفاظ على النوع البشري واستمرار الحياة دون حب.
ولكن حب الحياة وحب العمل لن يتحقق لهما النجاح ما لم يبدأ الانسان باحترام ذاته دون انانية او غائية وبعيدا عن النرجسية بكل اطيافها.
وحول هذا الموضوع اتفق الخبيران في حب واحترام الذات ان حب الإنسان واحترامه لذاته يقودان لحب الآخرين.
وقال الخبير والمدرب في علوم التنمية الذاتية المهندس معجل العبكل لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن الإنسان الذي لا يشعر بحب ذاته واحترامها لا يمكن أن يمنح حبه للآخرين.
واضاف العبكل إن أول السبل لحب الانسان لذاته أن يعرف هويته الداخلية المتمثلة في أن الله خلقه في أحسن تقويم له كيانه واعتباره بغض النظر عما حققه من إنجازات في الحياة أو ما يملك من قدرات مادية أو علمية.
وشدد على أهمية أن يحب الإنسان صورته سواء كان طويلا أو قصيرا نحيفا أو سمينا أسمر أو أبيض، مشيرا الى أن بعض الأشخاص الذين ليس لديهم حب واحترام لذواتهم تجدهم يلجأون لإجراء عمليات تجميلية بغرض التغيير في أشكالهم.
واوضح ان ثمة الكثير من الأشخاص الذين قاموا بإجراء عمليات تجميلية ظلت نظرتهم لأنفسهم كما هي لأن جوهر الإنسان لم يتغير مؤكدا ان التغيير الحقيقي يكون من داخل الإنسان وليس من خارجه.
وقال انه في حال كان الشخص محبا لذاته محترما لها يكون نتاج ذلك شعوره بالسعادة وهذا يؤدي إلى زيادة فعالية الانسان وإنتاجيته وإقباله على الحياة.
ونبه إلى الخلط الذي يقع به بعض الأشخاص بين حب الذات والأنانية قائلا إن “حب الذات يعني تقدير نفسك واحترامها باعتبارك مخلوقا كرمه الله وخلقه في أحسن صورة أما الأنانية فهي استئثار الشخص وأنانيته في الحصول والاستحواذ على الأشياء وحرمان الآخرين منها مبينا أن حب الذات يعني الإيثار أما الأنانية فتعني الاثرة.
واوضح انه عندما يبدأ الانسان في حب ذاته يصل الى الحب بمعناه السامي معرفا الحب بأنه موجات كهربائية تجري داخل جسم الإنسان وهي من ثم أشبه بطاقة كبيرة تربط بين البشر.
واشار الى إن للحب أشكالا عدة أبرزها حب الأم لأولادها وهذا الحب يصل إلى حد أن تشعر الأم بأحاسيس أولادها حتى عندما يكونون بعيدين عنها وهو مايعرف بالتلبسة.
وعن أساليب حب واحترام الذات قال العبكل “ثمة خطوات لذلك تبدأ بأن تحب صورتك كأن تنظر لنفسك في المرآة وتعبر عن حبك واستحسانك لصورتك وان تشعر بالفخر بكل الأشياء الإيجابية التي قمت فيها بحياتك”.
ومن طرق حب واحترام الذات اوضح انه يتعين على المرء ان يثق بوجهة نظره الخاصة وألا يعتمد على آراء الآخرين وأن يتيقن من أن سعادته بيده وليس هناك شخص يجعله سعيدا إلا هو بنفسه وأن يتعلم أن يتقبل الاطراء وأن يشعر بأنه يستحقه.
وعن دور العناق في لقاء الأهل او الاصدقاء باعتباره إحدى ممارسات الحب استشهد العبكل بدراسة طبية قامت بها الدكتورة فيرنون كولمان وتدعو نتائجها الى ممارسة العناق بين افراد الاسرة والاصدقاء كل يوم موضحا انه ليس وقاية وانما علاج غير مكلف متاح لغالبية الاشخاص.
وقال ان فرجينا ساتير وهي من اكبر المعالجات النفسيات في العالم دعت الى ان يمارس الشخص العناق اربع مرات في اليوم للبقاء وثماني مرات لوقاية الجسم من الامراض والوهن و12 مرة لنموه الصحي وبقائه.
وعن الموضوع نفسه تحدث استاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور كامل الفراج عن اهمية حب الشخص لذاته في المقام الاول موضحا انه عندما تحب ذاتك تكون قادرا على اعطاء الحب وان الشخص الذي لا يثق بقدراته لا يستطيع ان يمنح الحب.
وأضاف الفراج انه يجب على المرء قبل ان يحب الاخرين ان يحب نفسه في المقام الاول مشيرا الى القول ان “فاقد الشيء لا يعطيه”.
وشدد على ان الشخص الذي لا يستطيع ان يستقبل الحب لا يستطيع في المقابل ان يمنحه للآخرين فعندما تحب انسانا يجب ان تكون لديك قابلية لأن تسمح لهذا الانسان بأن يحبك اي ان تستقبل الحب منه.
وتطرق الفراج الى المدرسة الاقتصادية في علم النفس التي تقول ان الحب يقوم على علاقة تبادلية منفعية متساوية في الأخذ والعطاء فعندما يعتقد شخص انه يعطي اكثر من الاخر فيصبح احد الطرفين غير راض عن الطرف الاخر ويتزعزع الحب بينهما.
وتحدث عن حب الرجل للمرأة قائلا ان المرأة من الناحية العاطفية ليست قادرة على حب اكثر من رجل ولكن الرجل يستطيع ان يحب عشرات النساء مشبها قلب الرجل بالفندق الذي يستطيع ان يحب اكثر من واحدة.
واشار الى ان مسألة قدرة الرجل على حب أكثر من امرأه مسألة نادرا ما يطرحها المتخصصون حتى لا يقعوا في حرج.
وقال ان للحب اساسا بيولوجيا وأن أول هرمون ينظر له العلماء في هذا الشأن هو هرمون تفرزه الغدة النخامية ويسمى الاوكسي توسن ويطلق عليه ايضا هرمون الحب ويتسبب افرازه باحداث عاطفة الحب التي تعد ضرورية للامومة وللعلاقات بين المحبين.
منقول من صحيفة اماراتية
الروابط المفضلة