المسحوق العربي



إن ما يشاهده الإنسان العربي في سنة واحدة من ظلم وقهر وقتل واضطهاد وموت وتدمير يساوي ما يشاهده أي كائن بشري آخر في مئة سنة، ولو قورن العمر بالأحداث لاستحق الانسان العربي أن يعيش 6000 سنة حتى يتحمل كل هذا العذاب ...وعليه فإن ملعقة واحدة من مسحوق: الهم العربي.. يمكنها أن تحل خزانا كاملا من الهموم .وأن مكعب: قهر.. واحد، سيضفي نكهة القهر المفلفل بالوجع على الكرة الأرضية بأكملها
أحيانا أسأل نفسي لماذا تركت أميركا وأروبا كل قارات ومناطق العالم و(استلمونا)؟
ألا يوجد غيرنا في هذه الدنيا يصلح ليكون ملطشة؟
ألا يوجد منطقة أخرى في العالم غير المنطقة العربية تصلح ساحة وغى، و«لوكيشن» مناسب لحروب الآكشن؟
فمنذ أن استفاقت الشعوب من غيبوبة الاستعمار، حتى دخلت في غيبوبة الاستهبال ثم الى غيبوبة الاستعمار من جديد..وهي تفطر نزوحا،وتتعشى احتلالا، وتنام على التدمير، وتتعرق تهجيرا، ثم تبيت على أروقة مجلس الأمن من غير غطاء شرعي أو حتى شرشف وعود
*********
صدقوني،لا ألوم أطفالنا إذا ما استيقظ أحدهم وهو يفتح كامل (جالوقه/فمه) مطلقا صفارات (الجعير) فقط لينبه والديه أنه استيقظ
ولا ألومه أيضا إن فتح كامل جالوقه قبيل النوم متلازما بالجعير كذلك.. كإشارة على انتهاء الإرسال اليومي..ما دام يشاهد صبح مساء أطفالا تستخرج من تحت الأنقاض، وآخرين في العراء، وآخرين في ملجأ للأيتام يدربون جيدا على الأكل بالشوكة والسكين وعلى الانضباط السلوكي عند غناء «بابا فين»، ما دام يشاهد نساء تبكي ودمى تغتال، ودماء تلون الجدار
لا ألوم الأطفال إذا ما طوى أحدهم على وجبة الإفطار كشرة بين حاجبيه بحجم قبضة يده ، لأنه تذكر مشهدا لطفل يتصارع فيه مع ذبابة على سندويشة زيت وسكر..لا ألوم الأطفال إذا ما لف أحدهم سيجارة: هيشي.. وأسند ظهره الى الحائط وبات يتكلم عن أيام النزوح.. فالطفولة عندنا كهولة مقنعة
*********
أشتهي أن أرى أيا من أطفالنا ينام وقربه دميته ككل أطفال الدنيا منغمسا بالبراءة والأمان. أبدا معظم أطفالنا ينامون وقربهم: فردة حفاية.. بعد مناوشات حدودية على اللحاف والفرشة مع الأخ الشقيق
بصراحة، الإنسان العربي يستحق تعويضا مجزيا في جنة الخلد
*********
- أحمد حسن الزعبي -