بسم الله الرحمن الرحيم
حياة مصغرة تلك التي نعيشها داخل المنتديات .
نجد فيها صوراً لأناس عاصرناهم على أرض الواقع ، ونتعرض لمواقف شبيهة للتي تحدث في حياتنا اليومية .
وهما على ذلك ليستا منفصلتين ، فرائد المنتدى يحمل الينا ما هو عليه في محيطه ، وفي الوقت ذاته يتحصل من خلالنا على خبرات يضيفها الى رصيد تجاربه في الحياة .
عليه فإن الحديث عن رائد المنتديات هو حديث عن الانسان ، عنكم و عني أيها الاعزاء .
فالارشادات التي تحصلنا عليها منذ نشأتنا عن كيفية التعامل مع الناس واصول مخاطبتهم ، و ما يجب ان يكون عليه سلوكنا تجاههم ، هو محور موضوعنا هذا .
خاطب الناس بلغة مؤدبة ولا تجرح في حديثك أحد – لا تلمح بسوء نحو آخر – تقصى الحقيقة والفائدة فيما تقول – والنقطة الأهم ..... احترم الآخرين وتعامل معهم بلطف..... .
وان اردتم الحقيقة فإن هذا المنهج يسير عليه أغلب روّاد المنتديات بل أغلب الأغلب ، إلى ان نصل الى نقطة يظهر فيها خلاف ، بغض النظر عن نوعه ( شخصي / سياسي / ديني ، مذهبي ) فإن كل تلك الشعارات تتلاشى ، ولا يبقى من تلك الأغلبية الا أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة .
احدثكم من واقع تجارب معاشة عن هذا الأمر ، أود مشارتكم في بعضها
*•~-.¸¸,.-~*ولنبدأ بالسياسة والدين والمذاهب*•~-.¸¸,.-~*
لن أخوض في لب المواضيع المطروحة غير اني سأشير الى ان الحديث كان يدور حول بعض الشخصيات السياسة ، بهدف نقدها من خلال تصريحاتها واعمالها .
غير إن الامر لايسير أبداً وفق هذه الخطة ، فالأعضاء يتركون الموضوع الرئيس ليبدأ بعدها الهجوم المكثف على الكاتب سيما اذا ذكر العيوب والمناقب للشخصية موضوع الحوار، والذي يبدأ عادة بجملة .....
( يا أخي العزيز الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، ونحن هنا نلتزم بأصول الحوار) وينتهي بـ ( يا..... يا عميل ...... ) .
فهم بهذا التصرف يذكروني بما تعرض له الانبياء والرسل والصالحين من هجوم في شخصهم واتهامهم بالجنون أو السحر، والسبب في ذلك فراغ جعبة خصومهم من الحجج .
ولا يفهم احد من هذا التشبيه على انه مساواة الانبياء بغيرهم من بني البشر ، بل انها العقول الضعيفة هي من تتشابه وتتجه دائماً للتقليل من شأن الذين لا يستطيعون التغلب عليهم بالحجة .
ولن نذهب بعيدا ، فما حدث ويحدث مؤخراً من هجوم على نبينا الكريم وديننا الحنيف لهو أفضل مثال على ذلك .
خط أحمر قانٍ بلون الدم يكون مرسوماً دائماً تحت أي حوار يكتب بين السنة والشيعة ، حيث تلغى الحدود كافة ويصير المتصفح ساحة للحروب الكلامية التي لاطائل من ورائها.
ففي أحد المنتديات وبعد طرح عدد من المواضيع النقاشية حول كل من : بشار الاسد - الزرقاوي - بن لادن ، والتي لمست نتائجها لمس اليد ، ورأيت ان لا فائدة ترجى منها غير زيادة في الفرقة العربية ، قررت ذات يوم حذف موضوع يتحدث عن تصريحات ( متعلقة بالدين ) صادرة عن الأمين العام لحزب الله ، وذلك بعد أن وصف كاتب الموضوع في أحد الردود بالصهيوني .
اثر ذلك استلمت رسالة تتهمني بالإنحياز ، فقلت حسنا..... لنرى مدى صدق الطرفين في ادعائهم الرغبة في حوارٍ للإقناع وكشف الحقيقة دون المساس بشخصيات بعضنا البعض ، فكان ان تقدمت بموضوع اوجز لكم الهدف منه في هذه الأسطر:
( لست هنا بصدد حث أحد على تغيير معتقداته بل اني أدعو الى القراءة بهدوء والاستماع لصوت العقل ، وإعمال الفكر .
ولأكون اكثر دقة ، هل سندع الكلمات تخاطب عقولنا وقلوبنا ، أم اننا سنقرأها لهدف واحد فقط وهو دحر كاتبها ليكتب لنا النصر في المعارك الكلامية .)
لم أتلقى ردا على ما كتبت يتعلق بصميم الموضوع ،لا أحد من أصحاب المداخلات الساخنة كتب حرفاً فيه .
فالكل يتجه للطريق السهل الذي ينفسون به عن غضبهم تجاه الأحداث الدائرة ، متناسين ان الحوار يجب أن يكون بلغة هادئة قمة في الاحترام والا فإنهم سينفرُون الناس من حولهم ويتحصلون بذلك على نتائج عكسية لما كانو ينشدونه .
وأيقنت بعدها ان أغلب من يكتب في هذا الشأن يكون هدفه شخصي بحت ، فلا النهوض بالأمة يعنيه ، ولا التقليل من الخلاف العربي العربي يهمه .
وأمام هذه الفئة من المهم جداً أن تحافظ على رقي اسلوبك ، صفاء ذهنك وقوة حجتك مهما كان رد الطرف الآخر .
واذا ما أثارك موضوع ما وأحسست بأنك وصلت لمرحلة الغضب ، تراجع عن كتابة رد حتى تهدأ نفسك ، ومن ثم عد وأكتب ما يوضح وجهة نظرك بدون تجريح أو اساءة ، وإياك والانحدار الى مستواهم بل أجعلهم يرتقون معك وكن قدوة في الاسلوب والتعامل ، فاعلم انك بتصرفك هذا تعطي مثالاً حياً لما يجب أن يكون عليه النقاش ، وثق بأن العديد سيتعلم منك ، وإن لم تَعلَمْهُم .
وإن لم تستطع ذلك فأقصر ولا تكتب شيئاً ، فكما ان للكلمات الحسنة تأثراً فإن للسيئة ذات التأثير، فقد تجد ذات يوم ان اسلوبك الغاضب قد صار منهجاً يحتدى به ، لم يعلم المتبعين له ندمك عليه .
*•~-.¸¸,.-~*الخلافات الشخصية بين روّاد المنتديات*•~-.¸¸,.-~*
الخلاف بين الناس أمرٌ لا مفر منه ، غير اننا لم نتعلم حتى الآن كيفية الاحتفاظ بمشاعرنا السلبية تجاه الآخرين وعدم إظهارها للعيان ، سيما اذا كانت أسباب الخلاف واهية وغير ذات قيمة ، أو انها قائمة على غير أساس من الواقع تغذيها انطباعات شخصية مردها في معظم الأحيان الى الظن السئ .
والفضل في ابقاء تلك الخلافات حبيسة الصدور كبير جداً ، فهو من جهة يقلل من روح العداء داخل المنتدى ( والذي يفضي في بعض الأحيان إلى تكوين جماعات ضد أخرى ) ، ومن جهة أخرى فهو يسهل عليك في حال اكتشافك لخطأك التعامل مع خصوم الأمس دونما حرج .
وفي جميع الأحوال فإنه من المهم أن لا تجعل من خلافك مع أحد من الأعضاء مسألة تعيق عطاءك في المنتدى ، كأن تفكر في تركه أو أن تمتنع عن المشاركة في بعض المواضيع.
فإذا رأيت ان ما قدمه الغير من أطروحات يستحق الاعجاب ، فلا تتردد في الاشادة بما قاموا به أو ذكر تأيدك لوجهة نظرهم ، فبهذا تُعلم نفسك السمو على صغائر الأمور ، وفي الوقت ذاته تقلل من الحساسيات بينك وبين الآخرين .
فلا يقتصر تفاعلك على أعضاء دون غيرهم بل أجعل الموضوع المطروح هو الفيصل في التعامل .
وفي النهاية فإن أهم ما يجب أن يتمتع به رائد المنتدى هو قدرته الكبيرة على تفهم الآخرين وعلى حبهم كأخوة .
فإن أحببنا بعضنا فلن نجد في دعابة البعض مزحة سمجة ، أو في طرح أرائهم مجرد تباهي بما يعلمون .
وانظر جيدا فقد تكتشف ذات يوم إن خصمك المزعوم يكن لك مودة خالصة .
عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك ، فأكتب ولا تجرح ، ناقش ولا تسفه ، وامزح ولا تخدش .
ذلك كان أهم ما رأيت أن اشير إليه في موضوعي هذا واعذروني ان حمل في طياته نقصاً .
شكرا جزيلا لكم أحبتي
وفقكم الله لما يحب ويرضى
الروابط المفضلة