::

اختلست نظرة إلى ساعتي..
دقائق ويرفع أذان المغرب..

المكان مزدحم بالناس ..رجالاً ونساءً ..وفي الأجواء تشتم رائحة الورق تموج بالخبيث والطيب..

كأنما تناثرت الدول العربية في ذلك المكان..فصار الفرد منا يتنقل من دولة إلى دولة في أقل من دقيقة..

الناس يتهافتون من كل جانب ..وهناك من قطع آلاف الكيلومترات ليصل إلى هنا..

أهو الشغف بالقراءة ؟ أم أنه حدث موسمي لا بد أن يشهد؟ أم هو سعي لحيازة "الممنوع"؟

"الممنوع" ذاك الذي شغل بعضاً من أهل بلدي خاصة..فصاروا يتبرمون منه ويرونه آصاراً وأغلالاً لا بد أن توضع.. ويسعون لملاحقته حيثما وجد..

يتأملون في ماضيهم والحسرة تفت أكبادهم..فقد فاتهم ركب الثقافة وهم مكبلون في هذه الجزيرة.. يدرسون كتاب "التوحيد" ويطالعون المناهج الدينية..!

حتى إنهم ليرفعون بها أصواتهم "إلى متى؟!" .. الناس يتقدمون ونحن نرقبهم في من آخر السلم!

أكثروا من حديثهم هذا ..حتى بدأ يُسمع لهم ..

فُتح المجال لبعضهم ليظهر براعته وعبقريته .. فكانت النتيجة المتوقعة..

كان بارعاً فعلاً ..لكنه فقط في كثرة الكلام وأحاديث الزندقة وتصنيف المؤلفات في ذلك..ولو قرأها طفل طاهر الفطرة لأنكرها!

ثم أتوا به على أعين الناس ..وقالوا الكاتب الكبير "السعودي" فلان..
ألا لا مرحباً بك..وبتقدم يأتي من قبل أحرفك الغثة..
لا أدري هل ستصنع لنا دراجة فضلاً عن طائرة أم ستنتج لنا دواءً ناجعاً؟!

أهذا التقدم الذي ينشدون؟!

إنها "المخالفة"..الثورة على "لاشيء"..ليقول لمن حوله "انتبهوا أنا هنا" فيتبعه سذج الناس و دهماؤهم..!


::



ارتفع صوت المؤذن..ولا تزال أجنحة "معرض الكتاب" تبيع لمن أراد..!!

أقيمت الصلاة ولوحت في الأفق تباشير الأمل..

أبى الرجال إلا أن تقام الجماعة في داخل المعرض وبين ممراته وأجنحته..
اصطفت الجموع في الممرات..وسدت صفوف المصلين الطرق المؤدية للأجنحة فلا تكاد تحصيهم..

حتى إنك لتمر ببعض الأجنحة فتجدها خالية من بائع أو حارس..

كأسمى مظاهرة في الكون وأطهرها..حتى إذا رأيتهم سجوداً رفعت رأسك اعتزازاً بصنيعهم..

فلا مكان للإفساد بين ظهراني من تأسى بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فلترحل قوافل الفجور وقد علقت في ذاكرتها هذه الصورة الصامدة..
::