قبل بضعــة سنوات
مضت ليست بالقريبة ولا بالبعيدة.
كنا أطفالاً صغـاراً نخرج
للعب بكل براءة وعفوية
لكن بثياب محتشمة
حتى ولو لبسنا البنطال
فكان القميص يسترعوراتنا
والبعض منا كان يلبس البنطال ومن فوقه فستاناً.
كــان قليل من الرجال يأخذون عائلاتهم للمطاعم
ولكن في تحفظ شديد جدا جدا
ولا يضع اللقمة في فمه
قبل
أن يتلفت يمينا
أو يساراً
لعل صديقا له في العمل
يراه فيصبح
حديث العمل في الصباح التالي هو واهله.
فالكل يأكل بحذر دون اصدار اي صوت
حتى الملاعق
فلا يُسمع قرع لها فوق الصحون
بالامس كانت النساء يخرجن الى الاسواق
ويعدن دون خوف على انفسهن أو من انفسهن
ممن سيصادفهن
في الشوارع او في الازقة
كن لا يخرجن الا لحاجة ملحة ولقضاء
غرض بعينه ثم العودة
سريعا
قرأنا أو درسنا
في الصفوف الابتدائية
أو المتوسطة
حديثاً
عن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال فيه : ( يأتي زمان على أمتى القابض فيه على
دينه كالقابض على الجمر)...
وهذا ما نراه الان
في وقتنا الراهن
و لا نستغرب ما نراه
ولا نستنكره
انها الفتن .. انها الفتن
أنه زمن الإنفتاح والعولمة
زمن العباءات المزركشة
من فراشة تطير بصاحبتها الى الاعلى وما تكاد ترتفع
حتى تهوي بها الى
وحل المعاكسات والمضايقات
فهو زمن العولمة ولا عجب
نعم
فللعولمة حق
في أن ترش مبيدها
على ما شئنا وما لم نشأء
فهذا زمن الشعور المنفوشة
و المنكوشة
والنفوس المغشوشة
والمخدوعة
أنه زمن النظارة الشمسية
التى بتنا نراها تلبس حتى في الليل
فلا لالالا عجب
أنه زمن البنطال
العاري
الذي اصبح يرينا ما يلبس تحته
وقد لا يلبس تحته !!!
أنه زمن البلوتوث الفاحش
الفاضح
فما الذي نراه
وما الذي نسمعه
أهذا ما تتغذى به عقول شباب الأمة المحمدية
فيالا العار
سموم ثُنفس في وجوههم وتحيط بهم
من كل حدب وصوب
فلا عجب
فذلك عصر العولمة
فإذا حفظناهم داخل البيوت
فلا نستطيع ان نحفظهم من شياطين
الانس التي تتربص بهم
في الشوارع والمقاهي
والملاهي
والاسواق
فلا تعجب عزيزي
ولا تحزن
فانت في زمن العولمة
لا تدعهم يقولون عنك انك جاهل
متخلف
رجعى
غير متحضر
فالان كل فاحش
نراه
عادي
وكل ماجن نراه
عادي
فلا ضير
نحن في زمن
العولمة
هذه هي الحقيقة احبتي
وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم
لقد بتنا نرى الأم المربية الفاضلة
تفخر كل الفخر
اذا ما ارسلت ابنتها الصغيرة
مع الخادمة
تجوب بها في مدينة الملاهي
وتلك الزهرة مكتسية ملابس عارية
تتعدى الركبة بأكثر من كثير
ولون ملابسها الداخلية
أو( الاندر وير)
على الموضة
يشبه لونه لون الجوارب ولون القميص
ولون دبابيس الشعر
وتلك الخادمة تمسك بحقيبة الدلوعة بيد
وبمحفظة النقود وبالهاتف النقال باليد الاخرى
ولا يفوتها
أن ترمى بابتسامة لذلك العامل
الذي يخفي في داخله ما يخفي
من خبث وتلاعب
ويبادلها الابتسامات
ثم ارقام الجوالات
وتسعد الصغيرة بأنها ركبت اللعبة
مجانا من قبل ذلك العامل
وتقع الكارثة
إذن أين هي الام
أفي المنزل
أم انها في زيارة
لاحدى الصديقات
لا والله فالام تلك
في نفس مركز الملاهي
ولكن في القسم الاخر
للتسوق
هناك في الطابق العلوي
تصول وتجول حول الرجال
بكعب عالٍ وعباءة تكاد تنفجر من شدة الضيق
وكأنها فيل تدك الارض دكا
تسير بوجه سافر
وعطر فاضح
يسبق خطواتها الى حيث تسير
فيتبعها
من يتبع
وصوت جارح صاخب
يقهقه
مع الطرف الاخر على الهاتف المحمول
ذبح الحياء
فلا عجب
ففي أي عالم تعيش
أنك في زمن العولمة
اذن ... هسسسس
أنظر بعينيك فقط ولا تتكلم
ولا تتعجب
تعال معي نذهب ونفتش
عن والد تلك الطفلة المسكينة
التي لا تدرك من حياتها
الا اللعب واللهو
والى تلك الزوجة البائسة
التي ترك لها زوجها الحبل
على الغارب
انه هناك نعم
هناك
هناك
مسكين....
انه مشغول جدا لا نكاد نرى وجهه
فالمكان مليئ بالدخان الكثيف
وكأننا في مدينة الضباب
وهو هناك خلف ذلك الدخان
وسبب ذلك الدخان
انه يعانق الشيشة (الجراك)
ويتبادل معها القبل الحميمة
مرة تلو مرة
وفي يده الاخرى
يمسك بجهاز التحكم عن بعد
منتقلا من قناة
الى اخرى
ليرى ملا يجب
ان يرى
والكل سارح
ولا ندري من يراقب
من
ومن يوجه من
الا من رحم ربي
فلا عجب حين نرى كل ذلك
انه عالم الانفتاح على الدنيا
و الاعراض عن الاخرة
حتى يأتينا الموت بغتة
فلقد اصبحنا للاسف
في زمن
تُغتال فيه القيم
وتُذبح الاعراف
والاخلاق
والساكت عن الحق
اصبح يتوشح
بوشاح
دع الخلق للخالق
(وكل واحد عقله فى راسه يعرف خلاصه)
وأصبح الناصح أما متطفلا
أو متحيزا
أو إرهابياً
فهنيئــــاً للقابضون على الجمــر
وهذه ليست دعوة للانفتاح على العالم المجنون
بل هي دمعة محبوسة
تسأل كيف سيكون الحساب هناك؟!
حبي لكم
عاشـــــ البدرــقة
الروابط المفضلة