نؤسس منهجياتنا التربوية في البيوت والمدارس لـ( علاقة الصمت ) اذ اننا من باب احترام السن نعطي الحق للكبير ان يتكلم الى مالا نهاية فقط لانه كبير وعلى الصغير ان يصمت الى ما لا نهاية فقط لانه صغير
ومع الايام تحول الكلام الى مظهر من مظاهر الخضوع والاذعان ..وهكذا فالزوج يسكت الزوجة ..والصبي يسكت البنت والابن الكبير يسكت الابن الصغير ..وامتد هذا الى كل مؤسسات المجتمع كما امتد الى المدارس التي اخذت على عاتقها في الاصل ان تعلم الطلاب الكلام ,فالمعلم يتكلم طول الوقت وعلى الطالب السكوت ..واذا تفضل المعلم باتاحة خمس دقائق ليتكلم فيها ثلاثون طالبا فهذا امر جيد منه

هذه الوضعية اثمرت الكثير من الثمار الرديئة ..من اهمها ان الامة صارت عبارة عن (قوة صامتة )..ومع ان بعض الصمت كلام ..الا ان صمتنا ليس كذلك
فنحن نصمت لنتلقى العلم الغزير والاخبار الموثوقة والبراهين القاطعة والتنظيرات المحكمة..ممن وضعهم العرف الاجتماعي في مقام الكلام
وقد صار السؤال عن الدليل في بعض الاوساط العلمية شيئا مكروها ..لا يدل على حب التعلم بمقدار دلالته على الاستخفاف بمقام المعلم
اما الرد على المتكلم ومناقشته فيما يقول فهذا نوع من التشويه للواحة الجميلة التي يرسمها التدفق اللفظي الذي لا نهاية له
هذا مع ان الحوار وايراد البراهين ومناقشتها والرد عليها قد اخذ مساحة غير قليلة من القران الكريم
وذلك ليعلمنا ان الافكار لا تنضج الا اذا لاكتها السنة المناظرة
وليعلمان المتكلم مهما كان بارعا فان للسامع حق الكلام وحق التمحيص

ان من توفيق العالم والمفكر ان يجد في طلابه وفي مجتمعه من يرد عليه بعض كلامه
لان ذلك يساعده على انارة الزوايا المظلمة في طرحه وانضاج المقولات الفجة في رؤيته ..