بسبب تأخرها في إعداد الفطور قطع مهندس مصري أصابع زوجته بسكين ، ولحسن حظها استطاع الجيران انتشالها من يد الزوج وهو يحاول قتلها ، وأمام المحكمة قال مدافعاً عن نفسه إن زوجته دأبت على عدم طاعة أوامره والكذب عليه .
هذا نموذج بسيط من أشكال عنف والعذاب الواقع على المرأة في عالمنا العربي ، فقط لأن نوعها في شهادة الميلاد " أنثى " من حق " الذكر" أن يهينها كيفما أشاء والخطأ عنه مرفوع العقاب ممنوع بأمر القوانين .
بداية دعونا أن نتعرف علي المعنى الدقيق للعنف ضد المرأة ، حسب تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه:
"كل فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أو من المحتمل أن يترتب عليه أذىً أو معاناة من الناحية الجسمانية أو النفسية أو الجنسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة"
في المنزل ومن أقرب المقربين
ضرب الزوجات في مصر أبز أشكال عنف الواقع عليهن ، وطبعاً لأن الزوجة " بنت ناس محترمين " لا تجرؤ على إبلاغ الشرطة ، وقضايا الشرف في الأماكن النائية عن المدن لا يشعر بها أحد رغم كثرتها ، كما أن القانون يحرمها من حقها في الطلاق مساواة بالرجل ، فحتى الخلع لا يوفر لها مأوى ويحرمها مؤخر الصداق ويطالبها بإعادة المهر والتنازل عن كافة حقوقها في مقابل الطلاق .
و حال الفلسطينيات ليس أفضل من المصريات ، ورغم انشغال الفلسطينيين بقضية تحرير بلادهم إلا أن هذا لم يمنعهم من ممارسة العنف تجاه النساء ، والدليل الدراسات والإحصائيات الكثيرة التي جمعها مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني والمجموعات النسائية الفلسطينية ، والتي تسجل نسبة عالية من العنف الذي يرتكبه أفراد العائلة والشركاء الحميمون. ويزداد هذا العنف شدةً في أوقات العنف السياسي.
منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقرير لها عن العنف تجاه المرأة الفلسطينية ، أن المعلومات المستقاة من العاملين الاجتماعيين والأكاديميين ورجال الشرطة حول انتشار العنف الأسري وسفاح القربى و"جرائم الشرف" الفعلية أو التي يجري التهديد بها تشير أيضاً إلى أن معدلات العنف المبلَّغ عنها لا تعكس المستوى الحقيقي لانتشار هذا العنف.
وأشار التقرير إلى عشرات النساء من ضحايا العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي أكدت رواياتهن خطورة المشكلة واتساع نطاقها وتناولها أموراً تمتد من الإساءة إلى الزوجة والأطفال وصولاً إلى الاغتصاب وسفاح القربى و"جرائم الشرف".
فضلاً عن ذلك كشفت المنظمة عن عقبتين رئيسيتين تعترضان سبيلها إلى تحسين سوية حماية النساء والفتيات الفلسطينيات من العنف الأسري، حيث تتمثل العقبة الأولى في القوانين التمييزية التي تتغاضى عن هذا العنف وتعمل على إدامته، في حين تتجلى العقبة الثانية في الغياب الفعلي للسياسات المؤسساتية الهادفة إلى منع العنف ومساعدة الضحايا ومحاسبة المرتكبين.أما الأردنيات فيعانين نفس العنف داخل الأسر والعائلات
عنف حتى في أماكن العمل
لا تعاني المرأة العنف الواقع عليها داخل أسرتها فقط ، وإنما في أماكن العمل أيضاً مصوراً في اضطهاد الذكور لها وغيرتهم من نجاحها ، ناهيك عن التحرش الجنسي من قبل بعض المديرين أو حتى زملائها .
لقد أكدت دراسة لمنظمة العمل الدولية أن العنف الجسدي والنفسي في أماكن العمل في العالم في ارتفاع مستمر حيث وصل إلى حد الوباء في العديد من الدول الصناعية.
وبينت الدراسة أن حالات العنف التي تشمل الاعتداءات الجسدية والجنسية يمكن أن تكلف الدول ما بين 5ر0 الى 5ر3 من مجمل الناتج المحلي لديها بسبب الغياب والأجازات المرضية وانخفاض نسبة الإنتاج.
وأشارت الدراسة إلى أن النساء والمهاجرين والأطفال في الدول النامية هم الفئات الأكثر عرضة للعنف في أماكن العمل الذي يعتبر مشكلة كبيرة في بعض الدول الأفريقية والأسيوية والعربية.
في الدول المتقدمة
ولكي نكون عادلين علينا أن نوضح أن لعنف الأسري ضد المرأة ليس محله الدول النامية أو العربية فقط ، وإنما تعانيه المرأة في دول أوربا وأمريكا أيضاً .
حيث أظهرت الدراسات أن الظاهرة موجودة في الولايات المتحدة في 90 % من حالات العنف يرتكبها الرجل ضدّ المرأة ، حيث يرى البعض أن هذا العنف قد يرجع إلى الشكّ.
وفي النهاية نعود إلى وضعنا في الوطن العربي لنردد " عفواً أيها القانون نحن لا نقبل بأقل من المساواة " ، فكيف نربي أجيالاً صالحة إذا كنا نعاني ضغوطاً كثيرة ، فالعلماء يؤكدون أن العنف يصيب المرأة بالاكتئاب ويحطم نفسيتها .
الروابط المفضلة