السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال للدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
من فرنسا إلى السعودية !!
الحرب على الحجاب
من فرنسا إلى تونس إلى السعودية
أتواصوا به ؟!
ليس غريباً أن تشنّ فرنسا ـ ومن بعدها بريطانيا ـ حرباً على الحجاب، الذي هو رمز للفضيلة والعودة إلى الدين، دين الإسلام، فإنّ الحروب الصليبية لا تزال ماثلة في أذهانهم، على الرغم من تبجّحهم بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان!!!
كما أنّه ليس غريباً أن تشنّ الحربَ نفسها بعضُ الدول العربية العلمانية البائدة التي بدأت تترنّح، على الرغم من إنّ غالبية شعوبها من المسلمين، فإنّ ظهور الحجاب فيها يعني فشل هذه الأنظمة، ومشاريعها العلمانية البائسة..
لكنّ الغريب أن تنتقل هذه الحرب الخاسرة إلى مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين، التي هي المعقل الأخير للإسلام، بحجج واهية، وتبريرات في الخسّة والحقارة متناهية، تنمّ عن جهل فاضح، وانهزام واضح.. ومن الطبيعي أن تكون هذه الحرب ضمن إستراتيجية مدروسة، تبدأ بالمختلف فيه، إلى أن تنتهي بالمتفق عليه، وكان آخرها ما قامت به إحدى الكاتبات النكرات في صحيفة محلية(!) بالهجوم على العباءة الشرعية، والدعوة إلى نزعها، وحجّتها في ذلك أنّها أصبحت "أبرز علامة تلفت انتباه أي شخص من خارج المجتمع وبالذات الأجانب الغربيين؛ حتى إنها أصبحت علامة فارقة لمجتمعنا". ويا لها من حجّة ما أسخفها، فهل أصبح إرضاء الغربيين مقدّماً على تمسّكنا بديننا؟!..
ثمّ تواصل جهلها قائلة: "ورغم أن جداتنا مثلا وربما بعض الأمهات الكبيرات في السن لم يتعرفن على العباءة بشكلها الأسود إلا في وقت متأخر، فكانت المرأة ترتدي أي قطعة قماش مناسبة لتغطّي بها شعرها ثم تمضي للعمل في الحقل أو في المرعى دون أن يجلب ذلك أي مشكلة أخلاقية أو دينية أو اجتماعية".. ولا أدري عن أيّ مجتمع تتحدّث ولا عن أيّ جدّات، فنحن مذ نشأنا ونحن نرى جدّاتنا من أحرص الناس على الحجاب الكامل، بل إنّ بعضهنّ ـ وقد أدركتُ ذلك ـ تحتجب حتّى عن الرجل في التلفاز.. ثمّ من قال إنّ الدين يُتلقّى عن الأجداد والجدّات، لا سيما إذا كانوا على غير الصواب؟ ألم يقل الله تعالى عن المشركين(( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ )) [البقرة: 170 ]والذي صحّت به النصوص أنّ آيات الحجاب لمّا نزلت خرج نساء الأنصار وكأنّ على رؤوسهنّ الغربان من السواد، فهذا هو فهم الرعيل الأوّل للحجاب، وهم قدوتنا في ذلك. ولجهل الكاتبة بالنصوص الشرعية، أو تجاهلها، راحت تشكّك في أصل مشروعية الحجاب، وهل هو فرض أم عادة، حيث قالت بجرأة عجيبة: " لن أناقش مسألة الحجاب بوصفه ضرورة دينية أم عادة ثقافية ولكني سأناقش العباءة بصورها المختلفة من زاوية اجتماعية سيكولوجية" وواضح من كلامها التشكيك في فرضية الحجاب، فعجيب أن يصدر مثل هذا من امرأة مسلمة، في بلاد التوحيد والشريعة..
والمقال مليء بالكثير من الشبه والمغالطات والتلبيس. والردّ عليه لا تحتمله مثل هذه الأسطر القليلة، لكنّه مثال واضح، وصورة من صور الحرب الماكرة على الحجاب الإسلامي الذي هو رمز العفّة والطهارة، وإن كان الكثير من المسلمات ـ وللأسف الشديد ـ قد أسأن إلى الحجاب بممارساتهنّ الخاطئة، إما جهلاً منهنّ بالحكمة التي من أجلها شُرِع. وإما لهوى في نفوسهنّ، وعدم اقتناع كما هو حال صاحبتنا التي أكاد أجزم أنّها قد تربّت في مجتمع غير مجتمعنا، أو أنّها تلقّت تعليمها أو جزءاً منه في ديار الغرب..
وختاماً أقول: إنّ الحجاب عائد وبقوّة، ولو كره أعداء الفضيلة، ودهاقنة العلمنة، فلن يستطيعوا محاربة الفطرة، ومحو العفة، والقضاء على الحياء في نفوس النساء المؤمنات، مهما بذلوا من جهود، وحقّقوا من مكاسب، والله غالب على أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون
المصدر شبكة نور الاسلام.
الروابط المفضلة