<center>
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في الله ...
سنبدا معا باذن الله رحلة في احتساب الاجر وسيكون
منطلقنا من هذه الحلقة مبتدئين بالاحتساب في العفو عن الناس ...
سائلين المولى العون والتوفيق والسداد وان تحوز رحلتنا على رضاكم وافادتكم ...
كما نعتذر عن طول الموضوع للفائدة ...
والان اليكم اخوتي واخواتي في الله حلقتنا الاولى في هذه الرحلة ...
الاحتساب في العفو عن الناس ...
قال الشافعي رحمه الله ...
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم ... ان الجواب لباب الشر مفتاح
فالعفو عن الجاهل او احمق ادب ... نعم وفيه لصون العرض اصلاح
ان الاسود لتخشى وهي صامتة ... والكلب يحثى ويرمى وهو نباح
في رحلة الحياة ربما تعرضت لاساءات متكررة من بعضهم
رميت بسهم الكلمة ... احرقت بشرارة تلك النظرة ... أوذيت في اهلك ...
في عرضك ... بل في دينك !!
فبعض الناس مبتلى بتصنيف عقائد الناس حسب الاهواء وباكبر قدر من الجهل المركب !!!
ممن اتاك الاذى ؟؟ امن يهودية ؟ ام من نصرانية ؟
وا حسرتاه ... انه من ( ... ) !!
فيكون الجرح عميقا بعمق البحار اذا كانت تلك الرمية ...
ممن تتوسمين فيها الخير !!
ان جرحك غائر وينزف بغزارة ...
فلا بد ان تفعلي شيئا لتوقفي تلك الدماء ...
لتبدئي من جديد ... انظري من حولك لتبدئي ...
قد تفاجئين بجيوش من البشر تشجعك على الظلم والبطش ورد الصاع صاعين
ستشعرين عندها بالقوة والتمكن فالحق معك ...
... ولكن ...
تتذكرين قدرة الله عليك ... فيعظم العفو عندك رجاء عظم الثواب ...
... فترددين ...
" انا لله وانا اليه راجعون ...
اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها "
فترفعين يديك للدعاء للطيف الخبير ... للسميع القريب ...
ان يفرج همك وان يعفو عمن ظلمك وعمن تخلى عنك وهو يملك نصرتك
_ سامحهم الله _
وتشهدين الله على عفوك عن الجميع ابتغاء وجهه الكريم
يـا لطيفة الخصـال ...
انت لا تعيشين في هذه الدنيا وحدك بل هناك اشخاص كثيرون حولك
تشكلين معهم مجتمعك الذي تعيشين فيه ...
ولا شك ان احتكاكك بالناس سيتولد عنه بعض التصادمات في الاراء ... في الاخلاق ...
في الطباع والعادات ... او نتيجة سوء فهم منك او من الطرف الاخر ...
او ربما توضعين رغما عنك في موقف تكرهينه !! وهذه كلها امور عادية ... اكرر عادية !!
تفرضها علينا طبيعة التجمع البشري فانت تعلمين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ان الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق "
فلا بد ان توطني نفسك على مواجهة مثل هذه المواقف وتحملها ...
وكيفي نفسك على التحكم والسيطرة على انفعلاتك حسب مايمليه عليك دينك ...
ثم توجي ذلك كله بالعفو ... العفو ... العفو ...
ستفعلين ذلك ياطيبة لان بروق الايمان تسطع في قلبك بقوة ...
تأكدي انك لن تقدري على العفو الحقيقي الا اذا احتسبتي ...
اولا ...
المغفرة من الغفور الرحيم ...
عمرك كله تدعين الله ان يغفر لك ... لقد اتتك المغفرة فلا ترديها ...
قال تعالى : " وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم "
فاصفحي رجاء ان يغفر لك الغفور الرحيم ....
ثانيـا ...
افعلي ذلك لوجه الله ... واقهري اول اعدائك الشيطان ....
فان عفوك عمن اساء اليك يؤلمه اشد الايلام لما يترتب على فعلك هذا من الاجر العظيم جدا ... جدا ...
قال تعالى : " فمن عفا واصلح فاجره على الله انه لا يحب الظالمين "
يالهي !! هل تدركين معنى ( فاجره على الله ) !!!
ان اجرك لن ياتيك من وزير ... ولا من امير ... ولا حتى من ملك مطاع !!
بل سياتيك من ملك الملوك سبحانه ... فماذا تريدين افضل من ذلك ؟؟ !!
وقد تكفل الله باجرك وضمنه لك !!...
ثالثـا ...
العفو هو طريقك الى ... ( الحظ العظيم ) ...
قال تعالى : " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا
الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * ومايلقاها الا الذين صبروا ومايلقاها الا ذو حظ عظيم "
اي ادفع السيئة اذا جاءتك من المسيء باحسن مايمكن دفعها به
من الحسنات ومنها مقابلة الاساءة بالاحسان .. والذم بالعفو ... والغضب بالصبر
والاغضاء عن الهفوات ... والاحتمال للمكروهات .
وقال مجاهد وعطاء :
بالتي هي احسن : يعني بالسلام اذا لقي من يعادية ...
وقيل بالمصافحة عند التلاقي ...
( فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم ) ...
هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي احسن ...
والمعنى : انك اذا فعلت ذلك الدفع صار العدو كالصديق ...
( ومايلقاها الا الذين صبروا ) ...
فقال الزجاج : مايلقى هذه الفعلة وهذه الحالة وهي دفع السيئة بالحسنة ..
الا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه ...
( وما يلقاها الا ذو حظ عظيم ) الثواب والخير وقال قتادة : الحظ العظيم ( الجنة )
رابعـا ...
احتسبي ثواب الاقتداء بالله سبحانه وتعالى ...
فالعفو صفة من صفات الله وهو الذي يتجاوز عن المعاصي ... وحظ العبد من ذلك لا يخفى وهو ان يعفو عن كل من ظلمه بل يحسن اليه كما يرى الله محسنا في الدنيا الى العصاة غير معاجل لهم بالعقوبة ...
قال تعالى " ان تبدوا خيرا او تخفوه او تعفو عن سوء فان الله كان عفوا قديرا "
( ان الله كان عفوا ) ... عن عباده ...
( قديرا ) ... على الانتقام منهم بما كسبت ايديهم ...
فاقتدوا به سبحانه فانه يعفو مع القدرة ...
خامسـا ...
اجر الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والانبياء جميعا ...
في عفوهم عن من ظلموهم واساءوا اليهم مع قدرتهم عليهم ...
فهؤلاء خير البشر يتركون العقوبة لوجه الله !! ...
فمن نحن حتى نتعالى عن العفو ونعتبره ذلة ومهانة في حقنا ؟ !! ....
طبعا هذا ان كان العفو في مكانه المناسب ...
سادسـا ...
لتنالي جنات عدن ...
فاحتسبي بعفوك عن المسلمين ان تكوني ممن يدرؤن بالحسنة السيئة
لتنالي جنات عدن ...
قال تعالى : " الذين يصلون ماامر الله به ان يوصل ويخشون ربهم
ويخافون سوء الحساب * والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم
سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها
ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم
بما صبرتم فنعم عقبلى الدار "
( أولئك ) الى الموصوفين بالصفات المتقدمة ...
( لهم عقبى الدار ) والمراد بالدار الدنيا وعقباها الجنة ...
( جنات عدن ) العدن اصله الاقامة ...
( ومن صلح من ءابائهم ) يشمل الاباء والامهات ...
( وأزواجهم وذرياتهم ) اي ويدخلها ازواجهم وذرياتهم ...
وذكر الصلاح دليل على انه لا يدخل الجنة الا من كان كذلك من قرابات اولئك ولا ينفع مجرد
كونه من الاباء او الازواج او الذرية بدون صلاح ...
( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ) اي من جميع ابواب المنازل التي يسكنونها ...
( سلام عليكم ) اي قائلين سلام عليكم اي سلمتم من الآفات او دامت لكم السلامة ...
( بما صبرتم ) اي لسبب صبركم ....
( فنعم عقبى الدار ) جاء سبحانه بهذه الجملة المتضمنة المدح مااعطاهم من عقبى الدار
المتقدم ذكرها للترغيب والتشويق ...
إيـه يـا عظيمة الحـظ ...
عندما عفوت عن الآخرين قمت بعبادات كثيرة ....
وصلت ماامر الله به ان يوصل ان كان من عفوت عنه ذا رحم ...
عفوك علامة على خشيتك لله وهذه عبادة عظيمة تدل على عبادة الخوف من الله ...
كذلك الصبر على الاساءة ... والصبر على العفو نفسه يرفعك المنازل العالية ....
وبهذا اصبحت ممن يدرؤن بالحسنة السيئة وهذه عبادة جليلة فابشري واملي ....
<center/>
الروابط المفضلة