بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. ثم أما بعد :-
انهض فهاتيك الربى قد فوّحت **** بالعطر من عبق الجهاد الملهم
أمجاد تاريخ ووحي نبوة **** وجلال إسراء وعزة مسلم
فلو كتبت كتاباً بدمع العين .. ووجيف القلب .. وخفق الضلوع .. لما وفيت بيت المقدس حقه .. كيف لا وفلسطين أرض النبوات والبركات .. أرض الرباط والجهاد .. زهرة المدائن .. أرض الإسراء والمعراج ..
فإلى أمانة المسلمين ( المسجد القصى ) .. من تصحو المآذن لصوته .. وتتزلزل الأرض لندائه .. أفديك يا أقصاه بالدنيا وما ملكت يمين .. أفديك يا أنقى أسير لدى الطغاة الظالمين .. أفديك يا عبق التاريخ يا أرض الجدود الفاتحين .. أفديك يا أقصاه بمن خانوا ومن جبنوا على مر السنين ..
يا اقصاه .. يااااا جرح .. يا من عدّك العادون في عداد المقدسات !!! واليوم عن نداءاتك قد صمت الآذان .. ما هنْتَ ولن تهون .. فأنت نور عيوننا ونبض قلوبنا .. كل ذرة من ثراك .. كل شبر من رباك .. شهد مرور نبي عليه أو نزول ملك من الملائكة .. فأنت الأمانة العظيمة التي أودعت عندنا من عهد الطيبين الصالحين .. فمن فرّط فيك ، فهو خائن لله ورسوله .. تعرى من الحياء ولباس التقوى .. ولا بد من أن نعريه ونفضحه أمام أجيال الأمة ..
أما في هذه الدنيا أسود .. كما تحوي من البشر القرود ؟؟!!
قال تعالى { ولا تكن للخائنين خصيما }[النساء/105] .
وقال { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ، إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما }[النساء/107] .
ومن أصدق من الله قيلا .. ومن أصدق من الله حديثاً ..
وهذه صفحات سوداء .. سودتها أيادي وأعمال وأشكال وصور أقزام ضيعوا فلسطين والأقصى .. أقصّها عليكم يا من أعدكم من حملة الأمانة الشرفاء .. ليعتبر من يعتبر .. وحتى لا نسير على درب الخونة الدنس ، ولا نتبع خطاهم الملوثة .. وليتق الله صاحب كل قلم أن يخون عهد الله وأمانته .. قال تعالى { ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ، أم من يكون عليهم وكيلا }[النساء/109] ..
ألا هل أتى عبّاد الفلس والطين .. ما حل ببني دينهم في فلسطين ..
وقبل أن أبدأ الحكاية .. وأسرد الرواية .. وأزكم أنوفكم بفضائح الخونة .. وألوث أجواء مسامعكم بفضائع المجرمين السفلة .. أود أن أنبه إلى أن هذه الحلقات هي في الأصل كتاب قام بتأليفه شيخ جليل .. صاحب قلم سيّال .. وباع في الكتابة والتسطير .. وكتاباته تأخذ بالمسلم قلباً وقالباً إلى طريق الإيمان .. أنقل لكم منه بعضاً مما جاد به قلمه في أسلوب مختصر مفيد غير مخل إن شاء الله .. مع تعليق بسيط وترتيب لطيف .. وقبل أن أختم هذه المقدمة ، أذكر حكم الخيانة .. والله الموفق ..
عد الإمام الذهبي رحمه الله الخيانة من الكبائر بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : آية المنافق ثلاث ، وذكر : وإذا ائتمن خان . البخاري برقم ( 33 ) .
وقال : الخيانة قبيحة في كل شيء ، وبعضها شر من بعض ، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم . الكبائر ( ص 141 ، 150 ) .
وقبل أن يخون الأقزام القدس وفلسطين ، فقد خانوا الله ونقضوا عهدهم معه ومع رسوله صلى الله عليه وسلم .. خانوا أمانة الفطرة .. ولم يؤمنوا بربهم .. خانوا أمانة الشهادة لهذا الدين في أنفسهم ، فلم تكن أنفسهم ترجمة حية للإسلام في شعورهم وسلوكهم ، بل كانوا مستنقعاً آسناً وأنفساً أثيمة لئيمة .. خانوا أمانة المحافظة على حرمات الجماعة وأموالها ومقدساتها وثغراتها .. خانوا أنفسهم بتلويثها وتدنيسها بالمؤامرات والكذب والخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين .. فكادوا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، والله لا يهدي كيد الخائنين ..
فكانت عقوبتهم أكبر من كل عقوبة .. وهي كره الله لهم وبغضه إياهم .. قال تعالى { إن الله لا يحب كل خوان كفور }[الحج/38] . وقال { إن الله لا يحب الخائنين }[الأنفال/59] .
وهؤلاء الخونة الذين غدروا بأمتهم وخانوها وخانوا القدس .. ما أعظم خستهم ، وسيفضحون في الدينا ، ويوم القيامة على رؤوس الأشهاد يكشف سترهم ، وتتم فضيحتهم ، وتشيع على قبح فعلتهم وخيانتهم .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل غادر لواء يوم القيامة ، يرفع له بقدر غدره ، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة . البخاري مع الفتح ( 6 / 3188 ) .
لقد خان هؤلاء الأمة فمن يجادل عنهم .. خانوا وباعوا ملاعب الأمجاد .. خانوا وباعوا نفحة البراق .. خانوا باعوا تاريخ الأمة .. خانوا وباعوا الصخرة والقبة والمنابر والأقصى .. باعوا ابن زنكي وصلاح الدين وباعونا .. فمن يجادل عنهم بعد الدموع والآلام .. ومن يجال عنهم بعد اغتصاب الحرائر وذبح الشيوخ .. من يجادل عنهم بعد قتل الأطفال .. من يجادل عنهم بعد ضياع القدس والحرمات .. من يجادل وهذا تاريخ خيانتهم ونتائج عقولهم الآسنة المارقة .. وهذي صفحات من تاريخهم .. فمن ثمارهم تعرفهم ، فشجر الحنظل لا يثمر التفاح ..
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ..
أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..
الروابط المفضلة