السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
غريبٌ هذا العنوان أموت كي يحبني الناس! كيف ذلك ؟
وما أستفيد من حبهم يا صديقي إن مت . قلت : هذا هو الواقع ؛
لقد كان لي صديق - وللأسف الشديد - لقد كنت انصحه كثيراً ، وأقول له :
لا تتكلم على فلان من الناس ، فقال لي بلسان طلق :"هو حقير" ، قلت :
ولِمَ هو كذلك ؟ فقال لي : لا يعجبني . فقلت له : لأنه لا يعجبك هو حقير ؟
قال لي : نعم . فقلت له : هذه غِيبةٌ لا يحق أن تأكل لحمه . فقال لي ضاحكا:
اترك هذه المثالية فهو حقير بكل معنى الكلمة . قلت له : ولمَ تكرهه . قال لي :
لأنني بكل بساطة لا أحبه . قلت له : في يوم من الأيام ستحبه . فقال لي
باستغرابِ : أنا أحبه . قلت له : نعم ستحبه ، إن فاضت روحه ستحبه ، إن وضع
على المغتسل ستحبه ، إذا رفع على رقاب الناس وهو في نعشه ستحبه ، إن
صلوا عليه صلاة لا ركوع لها ستحبه ، إن وضع في لحده . فقال وهو مبتسما :
أتظن أنك ستؤثر علي بكلامك هذا . قلت له كان علي أن أبلغك بهذا . فقال
أشكرك على نصيحتك ، ولكنني أكرهه . فقلت له : سامحك الله! ولكنك في يوم
من الأيام ستندم على كل كلمة سوء تلفظت بها عليه . فقال لي : أندم أنا أندم !!
ساخرا من قولي ، فسكت عنه فانطوت الأيام والليالي وإذا بي التقي به في
أحد المجالس . فقلت له : آما زلت تكره فلاناَ . قال : نعم . فقلت له : أعانك الله
وفجأة وبينما الحديث يدور بيننا ، وإذا بخبر حزين يطرق أسماعنا يا ترى ماذا
جرى لقد مات فلان ومن هذا فلان . قلت هو من تكرهه أنت !! فتغيرت ملامح
وجهه . قلت : ماذا دهاك يا صديقي فأصابته حالة لا شعورية أخذ يلطم على
رأسه و هو يضج بالبكاء والنحيب ولكنني كنت قاسيا معه فقلت له لما أنت
تبكي على شخص تكرهه . فقال لي : أنا لا أكرهه أنا أحبه! قلت له : الآن أنت
تحبه . قال : نعم أحبه . قلت له : وكيف ستعتذر منه عما بدر منك من سوءٍ تجاهَهُ
يوم لا ينفع مال ولا بنون! وهل سيسامحك في ذلك اليوم العصيب ؟!
فارتفع صوته بالبكاء، وهو يصرخ لا أدري . قلت له : آلم أقل لك مت كي
يحبك الناس! إن في هذه لعبرة لمن أراد أن يعتبر، ولكن ما أكثر العبر!
وما أقل المعتبرين!
منقول
الروابط المفضلة