طولكرم /وفا- يضطر الطفل عامر أسعد سرحان، ذو العشرة أعوام من طولكرم إلى الاستيقاظ مع ساعات الفجر الأولى، قبل بزوغ أشعة الشمس، يلملم حاجياته وأغراضه التي سترافقه في رحلة شاقة إلى سجن »جلبوع« حيث يقبع والده الأسير أسعد سرحان، الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات.
الطفل الصغير يضطر إلى السفر عبر رحلة شاقة مضنية، برفقة عائلات أخرى، أفلحت في الحصول على تصريح زيارة ودخول إلى إسرائيل لزيارة أبنائهم المحتجزين في السجن الإسرائيلي.
وعلى الرغم من حداثة سن هذا الطفل وأحلامه الوردية في حياة بريئة، إلا أن ظروف الاحتلال، فرضت عليه وعلى غيره واقعاً أليماً، يجبرهم على تحمل المشاق والمسؤوليات خلال الرحلة الطويلة إلى السجن.
أطفال الأسرى في طولكرم باتوا أكثر تحملاً للمسؤولية، التي باتت ملقاة على عاتقهم أثناء رحلة سفرهم لزيارة آبائهم وذويهم داخل السجون الإسرائيلية، بعد أن باتت سياسة ما يسمى »المنع الأمني« الإسرائيلية سيفاً مسلطاً على رقاب الكبار من أسرهم، والتي تحول بين هؤلاء الكبار وبين الزيارة، كما يرى العديد من المهتمين بشؤون الأسرى.
أطفال الأسرى ودعوا طفولتهم وألعابهم وحل مكانها الطرود الغذائية، وتذاكر السفر ومرارة الحواجز وساعات الانتظار الطويلة، التي تصل إلى عشرين ساعة لرؤية آبائهم وأشقائهم لدقائق قليلة عن بعد ودون عناق, فالألواح الزجاجية اللعينة تفصل هذه الطفولة المعذبة عن الأب والأخ، وتقف لها بالمرصاد.
وبات عامر بوجهه البريء على علم ودراية بالإجراءات المقيتة والعراقيل التي يخضع لها في كل زيارة للسجن، وأصبح يحفظ عن ظهر قلب أسماء الحواجز العسكرية التي تمر عنها الحافلة التي يستقلها، ونقاط العبور التي يمر عليها، تماماً كما يحفظ موعد كل زيارة قادمة للقاء الأحبة، الذين حرموا من لقائهم.
وأصل الحكاية، أن كثيراً من العائلات الكرمية، تعيش ظروفاً نفسية بالغة السوء، بسبب حرمانها منذ فترات طويلة من الزيارة، بسبب السياسة التي تنتهجها سلطات الاحتلال، والتي تجبر الكثير منها على إرسال أطفالها بصحبة عائلات أخرى للزيارة من أجل الاطمئنان على أبنائهم وذويهم وتخفيف لوعة الغياب.
وتشير إحدى المواطنات إلى أن هؤلاء الأطفال، باتوا يشكلون الحمام الزاجل الذي يقوم بنقل الأخبار بين الأسرى وذويهم، ويرسمون البسمة والفرحة على وجوه طال غيابها، وعائلات مشتاقة لرؤيتهم واحتضانهم، منوهة إلى أن الشوق يزداد مع زيادة مرارة البعد.
قلب الواقع
ويشير الطفل عامر إلى أن زيارات هؤلاء الأطفال للسجون، تحولت رغم المعاناة التي تواجههم إلى ما يشبه العيد لديهم، ينتظروها بفارغ الصبر، ويحسبون لها حسابات كثيرة، تبدأ من الحرص على لبس أجمل الثياب، وتحضير أجمل الهدايا التي قد يفلحون في إدخالها لآبائهم وإخوانهم، في واقعٍ قلبه الاحتلال وبات فيه الطفل يستعد لتقديم الهدايا للأب.
الحاجة أم معروف من سكان المدينة، والدة لأسير يحمل حكماً بالسجن لمدة عشرين عاماً، محرومة من زيارته منذ ثلاثة سنوات، تماماً كزوجته ووالده، تقول: نضطر إلى إرسال حفيدي بصحبة إحدى العائلات لسجن »الدامون« لرؤية والده الذي يشتاق إليه ولا يتوقف عن السؤال عنه، وحرصه على إدخال بعض الحاجيات إليه والتخفيف من درجة المعاناة، فالطفل يكبر مع مرور السنين، ودرجة تعلقه بوالده تزداد ولا يكف السؤال عنه؟.
ومع إزدياد حملة التصعيد العسكرية على طولكرم، ومضاعفة أعداد المعتقلين، تزداد في كل يوم أعداد الأطفال، الذين أصبحوا بلا آباء، ينتظرون ويعدون الأيام لتحررهم.
ولم تكن زيارة هؤلاء الأطفال إلى السجون هي الوسيلة الوحيدة للتواصل مع آبائهم وذويهم، فقد دأب العديد منهم على مرافقة الجدة والجد والأم إلى مقر هيئة الصليب الأحمر الدولي للمشاركة في الاعتصام الأسبوعي، الذي تنظمه لجنة أهالي الأسرى، يحملون بين أيديهم الصغيرة صورة الأب والأخ والشقيق، أمام مقر الصليب، يرفعون أصواتهم عالياً جنباً إلى جنب مع أهاليهم، مطالبين بعودة الفرسان المحتجزين في سجون الاحتلال.

حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالم

لاحول ولاقوة إلا بالله

نسأل الله أن يفرج هم إخواننا في فلسطين

ويفك قيد أسراهم وينصرهم على أعدائهم

لاحول ولاقوة إلا بالله

نسأل الله أن يفرج هم إخواننا في فلسطين

ويفك قيد أسراهم وينصرهم على أعدائهم

اللهم آمين - بارك الله فيكم وجزاكم كل خير على المرور والدعوات