السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
معوقات الهداية[1]
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد :
فإن التوبة والالتزام والهداية أمنية لكل نفس بشرية ، والعودة إلى الحق مطلب لكل العقلاء .
ولكن هناك عوائق قد تقف بين المرء وبين الهداية ، ولكن يستطيع قوي الإرادة تجاوزها وتخطيها ومن هذه العوائق ما يلي :
الأول- الأصدقاء :
فنحن نلمس جميعاً ما للأصدقاء من أثر في توجيه السلوك ، والطبائع المتباينه ، وبالاختلاط يتأثر الأصدقاء بعضهم ببعض ، فالنفس جبلت على المحاكاة والتقليد ، فتجد للشباب دوراً مهماً ورئيساً في تغيير مسار زملائهم وأصحابهم ، وهناك من الشباب من يرغب في الهداية ولكن أصدقائه يقفون حائلاً دون تحقيق أمنيته بصور شتى ، وأساليب عديدة .
الثاني : الغفلة والتسويف :
والناس في غفلة عما يراد يراد بهم
كأنهم غنم في حوش جزار
جميع الفطناء يتمنون الهداية ، ويحرصون عليها لما يعرفون عن أثارها الطيبة في الدنيا والآخرة ، ولكن هناك من لا يسعى لها ويقوم بتأجيلها وتسويفها ويغفل عن آثار هذه الغفلة والإعراض قال تعالى : " اقترب للناس حسابهم وهو في غفلة معرضون " فكم من مسلم كانت التوبة والهداية من الأمور التي يبحث عنها ويخطط لها ويتمناها ولكنه سوفها وأجلها حتى غفل عنها ظناً منه أنها شيء كاسد في متناول يده متى ما أرادها .
الثالث : المخدرات :
كم تنخر المخدرات في جسد الأمة وفي مقدراتها ، أضاعت عليها شبابها ، ودمرت أخلاق رجالها ، ما انتشرت في مجتمع إلا ظهرت فيه الرذيلة ، وغادرته الفضيلة .
أصبح تعاطيها وإدمانها عائقاً عن التوبة ، وشاغلاً يشغل عن الله والدار الآخرة .
كم من شاب قضت هذه السموم على آماله وطموحاته ، وكم من ألم وحسرة أورثتها تلك الآفة المحرمة فكانت نتيجتها ضياع الدنيا والآخرة ، قال تعالى :" خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين " .
الرابع : المقاهي :
عندما يعتاد رجل دخول المقاهي أو يتربى شاب على اعتيادها وزيارتها فلا شك أنها ستعيقه عن طريق الهداية ، وستبقيه في طريق الغاوية .
الخامس : السفر :
من اعتاد السفر إلى أماكن اللهو والرذيلة من أجل ممارسة البغاء ونبذ الفضيلة وتعاطي الخمور يصعب عليه الالتزام لشدة تأثيرها وقوة جاذبيتها . إن السفر إلى أماكن الفساد ولو بغير قصد الإفساد يكون عائقاً أمام الالتزام ، كم من شاب فكر في الالتزام ولكن هواية السفر إلى بلاد الشرق والغرب أصبحت تعوقه عن الهداية كم عاقت غيره من الشباب .
السادس : الدش :
من أمسك بيده آلة التحكم " الريموت كنترول " وتعلق قلبه بها ، وشاهد الأفلام والمسلسلات وجعل هذا ديدنه وبرنامج حياته ، مثل هذا يصعب عليه الالتزام وتنهار قواه أمام المغريات ، لوجود هذا العائق الشائك .
السابع : الشهوة :
عند التأمل نجد أن هذا السبب من أكثر الأسباب التي تحول بين الشاب والتوبة إلى الله ، فنرى بعض الشباب لا يقدرون على كبح جماح شهواتهم ، فكلما اشتهت نفسه شيئاً أعطاها دونما محاسبةٍ لها أو قصرها على العفاف قصراً ، فيستسلم لرغباته وملذاته .
وانفس إن أعطيتها مناها
فاغرة نحو هواها فاها .
الثامن : الكرة :
حيث أصبحت هذه المجنونة سماً ينخر في أجساد الشباب وأصبح غالب الشباب مفتونين بها إذا فكر شاب في الالتزام أصبحت الكرة عائقاً يحول دون ما يصبوا إليه .
التاسع : الأفلام والمسلسلات :
حيث يعد هذا السبب من أعظم العوائق ، فنجد كثيراً من أبناء المسلمين قد افتتنوا بحب الأفلام والمسلسلات وشغفوا بها ، ولا يشعرون بالسعادة ولا باللذة إلا عند مشاهدتها فلذا طمست على فكره وأصبحت شهوته موطن إضاعة وقته وديته وماله وصحته ، فكلما فكر في الالتزام وجدها عائقاً أمامه ، وحائلاً دون ما يشتهيه وهذا العائق غالباً ما يكون عند الشباب والشابات ، وكم منع هذا المجون الكثير والكثيرات من العودة إلى الطريق الحق .
العاشر : الأغاني :
فقد أولع الكثير من الناس بها ، ولا مجال عندهم للمناقشة في حلها وحرمتها وكلما فكر شاب أو شابة في الالتزام وجد هذا العائق يحول بينه وبين ما يريد ، وكلما تقدم ليدخل في زمرة أهل الديانة والصلاح أرجعه هذا العائق إلى مكانه .
الحادي عشر : الدخان :
فقد أٌبتلي ملايين المسلمين بهذا الداء الخطير والمرض المخيف ، ولم أتعجب في حياتي أشد من تعجبي ممن يشترون الدخان حيث يعلمون ضرره ويحذرون الناس من شره ، ومع ذلك يتمادون في شربه .
فالكثير من الشباب يقف هذا السبب حائلاً يمنعه من الالتزام ، ويجعله لا يفكر في مصاحبة الأخيار استحياء من ارتكاب هذا المنكر , ويرى أن الطريق الذي سيحرمه من معشوقه ومشروبه لا يناسبه ، ويستمر في غيه وضلاله حتى يأتيه اليقين .
الثاني عشر: الزوجة :
حيث يرغب الكثير من الناس في الالتزام ، ولكن المشكلة التي يعاني منها تعارض هذا الالتزام مع مصالح زوجه المصون ؟"
إن كثيرً من الشباب يرغبون حقيقة في الالتزام ، ولكن المشكلة تكمن في الزوجة فالنساء جبلن على الغيرة من الصديقات ، وضعفها أمام المغريات وأحياناً بعدها عن التدين أصلاً ، فلذا كلما فكر الزوج في الالتزام بادرته بطلباتها التي تعارض الالتزام ، كالسفر إلى الخارج وما يصاحبه من زيارات لأماكن الاختلاط والدخول إلى أماكن مشبوهة إرضاءً لها أو محاكاة لزميلاتها .
الثالث عشر : الزوج :
حيث ابتليت بعض الفتيات بأزواج سيئي الأخلاق ، فكلما فكرت الزوجة في الالتزام وجدت زوجها يحول بينها وبين هذا الطريق ، فهو يجبرها على مشاهدة الأفلام والاستماع للأغاني ، ويسهرها عن الصلاة والذكر ، ويؤذيها برائحته السيئة من تناول الدخان والخمر ، وقد يرتكب معها كبيرة بأن يأتيها في دبرها ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الرابع عشر : النفس والهوى والشيطان :
وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن ما حظاك النصح فافتهم .
إن النفس والهوى والشيطان عقبات شديدة وحجر عثرةٍ أمام الالتزام ، فيصعب على بعض الشباب التغلب على شهوات نفسه ، وما علم أنها لا تريد الخير ولا ترغب فيه ." إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي إن ربي لغفور رحيم " [2]
الخامس عشر : الأقارب :
ولعل هذا من أهم العوائق التي تقف حائلاً دون الالتزام والهداية ، فنجد كثيراً من أبناء المسلمين يرغبون في التحول عن أوضاعهم والتخلص من واقعهم لكن تقف عقبة الأقارب دون ذلك ، فقد يكون الواحد معروفاً عند أقاربه وهو غير ملتزم ولهم حوله ملاحظات ولذا يصعب عليه التخلص منهم بل قد تجدهم يتضجرون ويتضايقون عندما يرون عليه آثار التوجه نحو التدين .
السادس عشر : البيئة :
لا شك أن البيئة السيئة لها أثر عظيم في عدم التوجه إلى الدين , والبيئة تختلف من مكان لآخر ،فالمدرسة والعمل ومكان السكن ، كل ما سبق بيئة تؤثر في الإنسان بالسلب والإيجاب .
السابع عشر : الحي :
يعيش بعض الشباب بالحي ويكون له دور في تنظيم مجالس الشباب وترتيب مبارياتهم ، بل وقد يعرف عنه ممارسة التفحيط والدعارة ولذا يحدث له تطويق كلي بحيث لا يستطيع أن يفلت من هذا المجتمع .
لذا نجده يتراجع عن فكرة الالتزام لحرج الموقف في نظره وصعوبة الإفلات من واقعه .
الثامن عشر: المال :
قال تعالى :" إنما أموالكم وأولدكم فتنة والله عنده أجر عظيم "
إن الآيات والأحاديث تتضافر جميعا ً ويأخذ بعضها ببعض في بيان فتنة المال وخطره فكم أضل المال من الناس ، وكم أهلك من أمم ، وكم صد عن سبيل .إن حب المال ووسائل زيادته وكسبه تقف حائلاً عند بعض الناس عن
التاسع عشر : المنصب :
يمتلك بعض الناس طموحاً غريباً وإصراراً عجيباً من أجل الوصول لأعلى المراكز ، ويضحي من أجل الرئاسة والشهرة بالكثير الكثير ، ومن ثم إذا دخل في هذا المضمار واستسلم لهذا المنصب وجد نفسه مجبراً على التنازل عن كثير من الأمور الشرعية ليحافظ على منصبه ويرضي رؤساءه فيكون المنصب بذلك عثرة حجر في طريقة إلى الالتزام .
الروابط المفضلة