{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169 } فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ{171} (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )(الأحزاب 23).
في حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم الأربعاء الثاني من جمادى الأولى 1351هـ، 16 سبتمبر 1931م طويت صفحة من صفحات الجهاد ضد المحتل الغاشم باعتلاء الشيخ "عمر المختار" بعد أن جاوز عقده السابع أعواد المشنقة بعد جهاد مرير يربو على الثلاثين من السنين، لم يكن له فيها وطن ولا حدود ولا إقليم ولم يكن قائداًً قومياً؛ بل كان زعيماً ومجاهداً عالمياً حيث دك معاقل الفرنسيين في مملكة كانم بنيجيريا وواداي في تشاد والسودان؛ ونشر الإسلام في ربوع الصحراء ثم دخل في حروب طاحنة مع الإنجليز في مصر، وبعدها ولج ميدان التاريخ بجهاده ضد الفاشست الإيطاليين فأبلى فيهم بلاء حسناً، فنكّل في جندهم، وشتت شملهم، ونال منهم شر نيلة، فما ذهب ميمنة إلا و فلّها، وإذا توجه إلى ميسرة كسرها وإذا اقتحم معركة فك عقدها.
في اليوم التالي لإعدام أسد الصحراء عنونت صحيفة التايمز في مقال عريض صدرته لصفحاتها تحت عنوان "نصر إيطالي": "حقق الإيطاليون انتصاراً خطيراً ونجاحاً حاسماً في حملتهم على المتمردين السنوسيين في برقة، فقد أسروا وأعدموا الرجل الرهيب عمر المختار شيخ القبيلة العنيف الضاري.. ومن المحتمل جداً أن مصيره سيشل مقاومة بقية الثوار، والمختار الذي لم يقبل أي منحة مالية من إيطاليا، وأنفق كل ما عنده في سبيل الجهاد وعاش على ما كان يقدمه له أتباعه، واعتبر الاتفاقيات مع الكفار مجرد قصاصات ورق، كان محل إعجاب لحماسته وإخلاصه الديني، كما كان مرموقاً لشجاعته وإقدامه".
وفي يوم الأربعاء (الثاني من جمادى الأولى 1351هـ، 16 سبتمبر 1931م) وفي مدينة سلوق جئ بالشيخ وبجمع غفير من الناس ليشهدوا الإعدام ووضع الجلاد الحبل حول عنقه، وصعدت روحة الطيبة تشكو إلى ربها عنت الطواغيت وظلم الظالمين. أسكنه الله فسيح جناته، وجزاه الله عن الإٍسلام خير الجزاء.
لقد كان جهاد الشيخ المختار ورفاقه ضد الإيطاليين درساً من الدروس العظيمة لرفض الظلم والاستعباد والمضي في ثبات على طريق الجهاد مهما كانت الظروف والإمكانيات.
ومن السمات الجلية التي عززت من مكانته في قلوب العالمين كان خياره الاستراتيجي الجهاد لا الاستسلام ولم يعرف هذا المصطلح، حتى آخر حياته، فقد حاول الإيطاليون معه بكل المحاولات بإغراقه بالمال تارة و منحه الجاه والأوسمة والألقاب، وبنشر الشائعات عنه حيناً؛ فقال قولته "إنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأيي واتجاهي فإن الله سيخيبه" وقال فيه آسره القائد جراتسياني: "كان عمر المختار حريصاً على عقيدته، يواجه كل من يتعرض لها بسوء متصلبا ومتعصبا لدينه، وأخيراً كان فقيراً لا يملك من حطام الدنيا إلا حبه لدينه .
هذه صور نادرة لإعدام هذا البطل تقبّله الله في الشهداء :
البطل رحمه الله يُقاد لحبل المشنقة
[RAM]http://www.enshad.net/audio/Al-Boraaq_2000/Al-Boraaq_-_02_-_Jomo3ona_Ta'ajjaji.ram[/RAM]
الروابط المفضلة