بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

إذا ودعت شمس اليوم الأخير من أيام ذي الحجة وأصبحت في آخر ليالي هذا العام فارتقب وقوع حدث كوني هام
واحشد طاقاتك لاستقباله وانصت بإذن قلبك قليلاً فلعلها ساعات أو دقائق وتسمع صرير بوابة العالم الهجري الجديد وهي تفتح………

ياله من حدث، الق نضرةً متأملة إلى الخلف .. إلى هذا العام المنصرم الذي ستغادر بوابته بعد قليل ..
ماذا فعلت فيه ؟؟؟
كم من منعطف من منعطفاته استهواك وانزلقت قدماك فيه ؟؟!!
كم من محطة من محطات الوقود فيه فاتتك فلم تتزود منها ؟؟!!


لو استشعرناه حقاً وصدقاً .. حدث يحتاج منا إلى وقفة تأمل قبل وقوعه .. ووقفة أخرى بعد وقوعه ، لو نطق هذا العام أتراه سيكون شاهداً لك أم عليك ؟!!
الكون كله في مشهد وداع ورحيل …..
إنها قافلة السنين زادها الليالي والأيام ….
فنحن الآن نودع عام ، ونستقبل عام ، ونقف بينهما مودعين ومستقبلين ……
صدق الله ، ومن أصدق من الله قيلا، : "يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار" ،"وتلك الأيام نداولها بين الناس" .
وهذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا ويقرب إلى الآخرة ، يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ،ولا تكونوا من أصحاب الدنيا ،فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل " أخرجه البخاري.

نسير إلي الآجال في كل لحظة ……..وأعمارنا تطوى وهن مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى ……..فعمرك أيام وهن قلائل
وما هذه الأيام إلا مراحل ………يحث بها حاد إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لو تأملت أنها………منازل تطوى والمسافر قاعد

لقد أزف رحيل هذا العام فهاهو يطوي بساطه،ويشد رحاله …
عام كامل ،تصرمت أيامه وتفرقت أوصاله ، وقد حوى بين جنبيه حكما وعبرا ،وأحداثا وعظات ، فكم شقي فيه من الناس، وكم سعد فيه من آخرين ؟ ، أيام تمر على أصحابها كالأعوام ، وأعوام تمر على أصحابها كالأيام..
مرت سنون بالوئام وبالهنا …..فكأننا وكأنها أيام
ثم أعقبت أيام سوء بعدها…...فكأننا وكأنها أعوام

أخي/أختي في الله..
إن العاقل منا هو من اتعظ بأمسه،واجتهد في يومه، واستعد لغده…
فأحرص على تدارك الأوقات ، فإن الأيام التى تعيش فيها هي ظرف عابر لا يتجدد ولا يعود ،فأحرص على حفظ الوقت ،ولاتفرط في شيء من لحظات عمرك الا بما يعود عليك بالنفع في الدنيا والبرزخ والآخرة .
فالعمر قليل والأجل قريب ،ومهما طال الأمد فلكل أجل كتاب ، قيل لنوح عليه السلام ،وقد لبث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما : كيف رأيت هذه الدنيا ؟ فقال : كداخل من باب وخارج من آخر.

فيا من متعك الله بالصحة والعافية، فأنت تتقلب في رغد من العيش والملذات ، تفطن لسني عمرك ، فربما يفاجأك الأجل وأنت في غفلة عن نفسك فتعض أصابع الندم ، يوم لا ينفع فيها ندم .

أليس من الخسران أن لياليا ……. تمر بلا نفع وتحسب من عمري .

فاستقبل هذا العام ، بتوبة صادقة ، وعزم صادق بتدارك الأوقات بما يعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة..

اللهم اختم لنا عامنا بخير ،واجعل عواقبنا إلى خير ، انك سميع مجيب الدعاء.


أختكم : عالية^الهمة