كتب: فياتشيسلاف لاشكوف، معلق وكالة نوفوستي

سوريا: ما ستكون ردة فعل الروس إذا أزفت ساعة الصفر

تراجعت الحملة التي تجريها الولايات المتحدة ضد سوريا، لبعض الوقت، أمام الضجة السياسية المتعلقة بـ"الملف النووي" الإيراني. إلا أن الأميركيين لا يزالون يهددون سوريا بفرض عزلة اقتصادية ودبلوماسية مطلقين اتهامات تزعم ان دمشق تدعم الإرهاب وتسعى إلى الحصول على أسلحة دمار شامل وتعمل على إحباط الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة ودول أخرى لإعادة الوضع في العراق إلى طبيعته.

يقول الجنرال الروسي المتقاعد نيقولاي ليونوف، عضو لجنة الأمن بمجلس النواب الروسي، الذي زار سوريا مؤخرا ضمن وفد مجلس النواب الروسي، في هذا الصدد:

- لا يمكنني إلا ان أستاء من إطلاق اتهامات ظالمة بحق دولة سلمية مثل سوريا. ويزعم بعض الساسة الأمريكيين ان سوريا تكاد تصبح بؤرة جميع الظواهر الشريرة التي تتربص بالشرق الأوسط ومرتعا للإرهاب.

وكمثال على ذلك محاولات استخدام جريمة اغتيال الشخصية السياسية اللبنانية رفيق الحريري لتصعيد الحملة الإعلامية المفبركة التي تهدف إلى مقاطعة سوريا اقتصاديا وسياسيا. وهناك أثر خيط مخابراتي أمريكي في هذه الحملة. وبما أنني اشتغلت بتحليل المعلومات خلال 13 عاما من الأعوام الـ35 التي عملت فيها في جهاز الاستخبارات فإنني أرى لزاما علي أن أقول إن هناك في الولايات المتحدة من يتساهلون مع الإرهاب وحتى يشجعونه، فليس سرا ان الأجهزة الخاصة الأمريكية هي التي خلقت "القاعدة" وبن لادن وطالبان. ثم خرج هؤلاء عن نطاق سيطرة الاستخبارات الأمريكية. وأضيف ان الولايات المتحدة تدعم شبكة ضخمة من تنظيمات الإرهاب التي أنشأها أعداء الثورة الكوبية على أرض الولايات المتحدة.

الجدير بالذكر انه بعدما حدثت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة اقترحت روسيا إنشاء مركز دولي موحد لمكافحة الإرهاب يمكن جميع الأجهزة الخاصة في العالم من تبادل المعلومات وإعداد التوصيات بشأن كيفية محاربة الإرهاب ومن التصدي لظاهرة الإرهاب. ورفض الأمريكيون هذا الاقتراح.

وأستطيع أن أقول كخبير طالما تتبع تصرفات الزعماء الأمريكيين وسلوك الأجهزة الخاصة الأمريكية إن سيرة حياة الولايات المتحدة ملطخة بالإرهاب والدم. ومن هنا فإن الأمريكيين لا يستطيعون الحكم على ما يجري في منطقة الشرق الأوسط بشكل غير متحيز. وإذا بهؤلاء يبادرون إلى شن حملة إعلامية يراد لها أن تسيء إلى سوريا.

وفي ما يخص لبنان أستطيع أن أقول إنه بلد يفتقر إلى الاستقرار. لقد اغتيلت شخصية سياسية أخرى هناك عندما كان وفدنا موجودا في سوريا، فهل يستطيع ان يضمن أحد ما ألا يحدث مزيد من الحوادث المماثلة هناك في وقت قريب. وبطبيعة الحال فإن تعليق كل ما يحدث من حوادث مأسوية على مشجب سوريا هو استفزاز سياسي.

ما من شك في ان الولايات المتحدة هي الكاسب الأول من الوضع الراهن في لبنان وتصعيد الإرهاب هناك. فقد غرق بوش بسياسته المغامرة في هذه المنطقة وخاصة في العراق. ويوجه المزيد من الانتقادات إليه داخل الولايات المتحدة. وتواصل شعبيته انخفاضها. لذلك فإن الرئيس الأمريكي يحتاج إلى ما يلهي ويحول الأنظار عن فشله في العراق.

وثمة أمر هام آخر، فسوريا تمثل ممرا سهلا لنقل النفط من الشرق الأوسط إلى الموانئ على البحر المتوسط. ولهذا فإن الصراع على سوريا ومن أجل تغيير وجهها السياسي والتأثير على مشاعرها الودية تجاه روسيا يبقى هدف الأمريكيين وحلفائهم الاستراتيجيين.

روسيا تبقى يقظة بشأن سوريا لأن لها مصالح كبيرة مع هذا البلد. وقد وقعت سوريا عقدين كبيرين مع شركات مقاولات روسية لإنشاء خطوط أنابيب في الأراضي السورية. ولا يصعب تخيل ردة فعل أعداء سوريا بعدما اتخذت الحكومة السورية هذا القرار.

ذات يوم سألونا: ماذا لو حاول أحد ما تحويل التهديدات الكلامية ضد دمشق إلى أفعال. يقيني ان الروس سيقفون في هذه الحالة مع سوريا.

المصدر: http://ar.rian.ru/articles/20060214/43520452.html