الرجل الصالح واللص :
خرج أحد الصالحين ذات يوم. خرج متوكلا على الله في رحلته، متأملا خلقه وحكمته في كونه، داعيا ربه أن ييسر له طريقه. وبينما هو يمشي إذ خرج عليه لصٌّ في إحدى الطرق. وأخرج اللص سلاحه ليقتل هذا الرجل الصالح. فطلب الرجل مهلة ليصلي ركعتين. وهذا دأب من يحب الله. إنه لا ينسى الله لا في الرخاء ولا في الشدة. ويحب أن يلقاه بالعمل الصالح حتى في آخر لحظات حياته. فوافق اللص، فلن يضره أن يأخّر قلته عدة دقائق.
فقام الرجل وافتتح الصلاة، وتذكر قول الله تعالى: ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، فرددها ثلاثا: ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ))، ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)). إنه الله. إن الله أكرم من أن يرد المضطر إذا دعاه. إنه من يسر عندما يلجأ عبده إليه، في حين يضيق ابن آدم بذلك. إنه الله الأرحم بالعبد من الأم بوليدها. إنه الله القائل: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)). إنه المنزل في كتابه الكريم: ((وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ)). إنه الآمر عباده: ((وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)). إنه سبحانه القائل: ((ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)). إنه الله صاحب الأسماء الحسنى: ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)). إنه الله منزل هذا الدين: ((فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)). إنه الله ربنا وربكم ورب آبائنا الأولين: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)). إنه الله رب العالمين: ((هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)). وهل بعد هذه الوعود أي شك في الوفاء؟! بالطبع لا. وقد وفى الله بها. فنزل مَلَك من السماء بحربة فقتل المجرم، وقال: أنا رسول من يجيب المضطر إذا دعاه. فسبحان الله. سبحان من يفرّج عن عبده حين تضيق به السبل. سبحان الله الذي استجاب لعبد وحيد ضعيف مضطر في الطريق رفع يديه سائلا من الله النصر والعون. من موقع عالم النور
الروابط المفضلة