علم الجميع بما حدث ظهيرة يوم 12 / 12 / 1426 هـ وتلقينا الخبر بمزيد من الحزن والأسى وما كنا نتوقع أن يكون من بين أولئك المتوفين أو المصابين أحد من محبوبتنا ثرمداء فكيف يخطر على بالنا ذلك خصوصا إذا ما علمنا أن الحجاج قد تجاوزوا المليونين والنصف بينما الحجاج من ثرمداء لا يتجاوز العشرات ولكنه القدر المسجل في الأزل منذ بدء الخليقة ( يخلق ابن آدم ويخلق معه رزقه وأجله وشقي أو سعيد ) بل إن المرء لا يعلم أين يدركه الموت وعلى أي حال وفي أي وقت ولعل ما حصل لأختنا ( أم محمد بن قاعد الدعجاني ) رحمها الله أبلغ صورة في محيطنا في هذا الوقت وإن كنا نذكر في هذا المجال عبدالله بن محمد المحيسن رحمه الله مع الفارق لوجود مظنة الموت في حالة الأخ عبد الله مع أن وفاته أبعد مكانا , فأقول هل كانت أو كان يتخيلان في صغرهما أن يكون هناك مصيرهما حتى نحن القريبين منهما لم نكن نفكر في ذلك ولو لمجرد التفكير فقط , إنها سنة الله في خلقه وإرادته في عباده ,
( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) لقمان (34)
نعود للأخت أم محمد رحمها الله فلقد كانت رحمها عابدة محبة للخير رغم صغر سنها وعدم علو مستواها التعليمي ولقد مرت عليها مصيبة وفاة زوجها قاعد رحمه الله ومن ثم الطلاق من زوجها الثاني بناءا على رغبتها فصبرت واحتسبت , كانت رحمها الله تتحدث مع قريبة لي فكانت رغبتها أن تحج مع إحدى حملات الحج من شقراء ولكن لم تجد مكانا لها ولمن معها فتوجهت لحملة الدعجاني من ثادق فرافقتهم علما أنه أصيب معها من نفس الحملة عدد من الحجاج بل يقال أن إمرأة أخرى من ثادق توفيت رحمها الله , الغريب في الأمر أنها من هناك وفي تلك البقاع الطاهرة وقبل يوم من وفاتها اتصلت بزوجها الثاني تطلبه تحليلها والمسامحة لها من أي تقصير بدر منها أثناء حياتها معه وقد تكون أحست بدنوا أجلها علما أن زوجها الثاني هو أبن أخ زوجها الأول وإبن عم أبنائها ( بمعنى أن زوجها الثاني تزوج زوجة عمه عندما توفي عنها ) كما أنها وأثناء سقوطها نطقت بالشهادة فلما سمعتها أختها تشهدت كذلك فنجت أختها ونجا زوج أختها ونجا إبنها أما هي فقد قضت في تلك الحادثة رحمها الله ومن غريب أمرها كما يذكر من معها أنها لم تتكشف بل كانت متغطية حتى أنهم ظنوا أنها لم تمت وأنها هي التي غطت نفسها طلبوا من إبنها التعرف عليها فلما كشف عن وجهها وجد أنها أغلى إنسان في حياته فهي أمه ومهجة فؤاده فلم يتمالك نفسه فخر مغما عليه فقد يكون لام نفسه حيث أنه من ذهب بها إلى تلك الديار المقدسة فأي بر قام به ؟ وأي خير دلها عليه ؟ وأي خاتمة حسنة ساقها لها ؟ فأحسن الله عزاءه ورحم والدته وهنئيا للأم هذه الخاتمة الحسنة في ذلك المكان المبارك وذلك الزمان الفاضل وأثناء تلك العبادة التي هي ركن من أركان الإسلام العظام بل سبب لتكفير الذنوب ( من حج ولم يرفث أو يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) وفي الحديث القدسي ( انصرفوا مغفورا لكم ) بل إن الحج هو جهاد المرأة كما ثبت أن من مات محرما بعث ملبيا وقد توفيت رحمها الله في يوم الخميس الذي تعرض فيه الأعمال إلى الله فهنيئا لها هذه الخاتمة الحسنة ومن المعلوم أن من علامات حسن الخاتمة الوفاة أثناء العبادة فأي فوز حققته ؟ وأي شرف حصلت عليه ؟
الروابط المفضلة