تثبت الوقائع يوماً بعد يوم أن نكبة ألأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات ، وأن نكايتهم فيها وجنايتهم عليها تزيد على كل النكايات والجنايات ؛ فالكفر الظاهر _ على خطره وضرره _ يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام أن ينفرد بإحراز انتصار شامل عليها ، مالم يكن مسنوداً بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين ويتسمى بأسماء المسلمين ، يمد الأعداء بالعون ، ويخلص لهم في النصيحة ، ويزيل من امامهم العقبات ويفتح البوابات .
هذه مقدمة لموضوع رائع كتبه الدكتور عبدالعزيز مصطفى في مجلة البيان العدد الأخير ..
ولقد تكلم الدكتور في ثنايا الموضوع عن النفاق والمنافقين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا .. وقد أورد كلاماً أعجبني كثيرا ربما يكون مختصر جميل للموضوع برمته وهي ..
لا فارق كبيراً بين نفاق الأمس ونفاق اليوم من حيث الجوهر ، أما الظروف فقد اختلفت ؛ فالنفاق بالأمس البعيد أيام تمكين الدين كان ذُلاً يستخفي ، وضعفاً يتوارى ، وخضوعاً مقموعاً يمثله عمالقة أقزام، حيات وعقارب موطوءة تكاد ألا تنفث السم إلا وهي تلفظ الحياة ، كان تمكين الدين وقتها يمّّكن المؤمنين من جهاد أولئك الأسافل باليد واللسان والقلب وبإقامة الحدود ، فلا يرى أحدهم إلا وهو محاصر مكدود ، أو محدود مجلود ؛ أما اليوم في ظل غياب الشريعة عن الحكم ففي الغالب الأعم من أوطان الإسلام فالنفاق صرح ممرد ، وقواعد تتحرك وقلاع تشيد ، إنه اليوم دولة بل دول ذات هيئات وأركان ، إنه أحلاف وتكتلات وذات قوة وسلطان ..
فلقد قال الله تعالى : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) .
دلت الآية على إن النفاق سيظل موجوداً وسيظل محسوسا وملموسا من أشخاص ترى فيهم آيات النفاق .
الروابط المفضلة