شحــــــاذة غــير
انتهت صلاة الجمعة وبدأ المصلون يخرجون من المسجد. هممت بالخروج، وعند الباب الداخلي للمسجد رأيت شخصا باسطا ورقة أمامه فظننته متسولا. أنا من عادتي ان امنح بعض المتسولين ماقسمه الله ثم استدرجهم في الكلام لأعرف ان كانوا من مدينتنا فأساعدهم للوصول الى الجمعية الخيرية او ادلهم على اهل الخير في المدينة.
وصلت الى الرجل وسلمت عليه . هو في مقتبل العمر يعني سنه أقل من عشرين سنة. مددت له يدي بالنقود لكنه رفض ان يستلمها، ظننت أنه خائف ان أكون من مكافحة التسول.
قلت له :" أنا ممكن اساعدك. اخبرني وين ساكن وماهي مشكلتك فربما نستطيع في الجمعية مساعدتك".
نظر الي وأخذ النقود وردها الى جيبي قائلا:" أنا لا اتسول نقودا فالحالة مستورة ولله الحمد، أنا أتوسل اليكم لانقاذ مستقبلي وتحقيق حلمي وحلم عائلتي."
استغربت من كلامه، فهنا عند المساجد نرى كثيرا من المتسولين طالبي نقودا لدفع الايجار او دفع فواتير الكهرباء اوالهاتف واحيانا فواتير الجوال، لكن شخصا يتوسلنا لانقاذ مستقبله وتحقيق حلمه وحلم عائلته.. هذا شيء جديد وغريب. لما رآى علامات الحيرة على وجهي دفع الي بالورقة التى أمامه قائلا :" هذه قد توضح لك ماذكرته "
استلمت الورقة وبدأت اقرأ :
" قدر الله علي ان نجحت في امتحان الثانوية العامة بتقدير 7ر96% ففرحت وفرحت العائلة والاصدقاء والجيران. كنت انتظر التقديم للجامعات بفارغ الصبر وكنت أظن انه من الستحيل ان ترفض قبولي اية جامعة وطنية وأنا بهذه النسبة من النجاح والتى هي قريبة من نسبة الموهوبين. قدمت اوراقي الى الجامعتين ا لاتى في مدينتنا، فكانت العقبة الاولى ان امتحان القبول لهما يكون في نفس التاريخ والوقت أي أن علي ان اختار واحدة منهما يعني لو رفضت منها فلن اتمكن من التقديم للجامعة الاخرى. فضلت واحدة من الجامعتين التى تدرس التخصص المحبب لدي، فحصل ماكنت اخشاه. اجتزت امتحان القبول لكني ولسبب لا أعرفه رسبت في المقابلة الشخصية. وبهذا ضاعت فرصتي للتقدم لاية جامعةاخرى في بلادي.حاولت بشتى الطرق ان أجد القبول في اية جامعة لكن الكل رفض بحجة ان الوقت فات حاولت اجد واسطة لكن معرفتي لأهل النفوذ كانت ضئيلة، لذا فأنا أتوسل أهل المروءة والاحسان ان يتصلوا بأهل النفوذ لايجاد قبول لي في احدى جامعات بلادى.
بعض معارفي اقترح ان ادرس في مايسمى بالتعليم الموازي وهذا يعنى انه علي أن ادفع رسوما قد تصل الى 30 الف ريال في السنة الدراسية الواحدة. ان والدي بسيط الفحال اذانه يعمل معقب لدى احدى الشركات وبالكاد راتبه يكفي لاطعام الاسرة لذا فمن المستحيل ان اكلف والدي بدفع رسوما دراسية بينما الآخرين المقتدرين يتمتعون بالتعليم المجاني، بل ويتقاضون المكافآة . لابد ان هناك خطاءا في النظام التعليمي.
هل من أمل في واسطة صاحبة نفوذ وكلمة لا ترد."
أنا لم استغرب هذا الوضع فقد سمعت عن رفض قبول طلابا كانت نسبهم تتعدى 99%.
لكني لكي لااشعره بالاحباط قلت له اننى سأبلغ ادارة الجمعية وقد نجد فاعل خير يدفع الرسوم الدراسية للتعليم الموازي للسنة الاولى اما السنوات التالية فالله لن يتخلى عن عباده الصالحين. أخذت منه رقم جواله ووعدته بالاتصل به عندما تتيسر الأمور اولأطمئن عليه. غادرت المسجد.
شرحت الموضوع لادارة الجمعية فوعدوا بايصال الفكرة الى رجالات الخير ذوي الايادى البيضاء ومنهم الكثير في هذه الارض الطيبة.
بعد فترة اتصلت على رقم الشاب لابلغه اننا ساعون في حل مشكلته . رد على والبشر يكاد يتطاير من الهاتف.افهمنى ان والده شرح موضوعه لسائق الامير الوليد بن طلال حيث يعمل والدى في احدى شركاته فأوصل السائق الرسالة الى الامير، فماكان من الاميرالوليد الا ان طلب اوراقه وشهاداته ( اي الطالب) وبسرعة البرق وجد له القبول في احدى الجامعات الامريكية بأمريكا على نفقة الاميرالوليد بن طلال مع مرتب شهري كأحد موظفي الشركة.
وبهذا جاء الفرج من حيث لانحتسب وبدون شحاذة الواسطة.
وسلامتكم.
عذية الوصوف
الروابط المفضلة