الكلام والصمتاعلم أن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ، ويخبر بمكنونات السرائر ، لا يمكن استرجاع بوادره ، ولا يقدر على رد شوارده ، فحق على العاقل أن يحترز من زلله ، بالإمساك عنه ، أو بالإقلال منه .
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( رحم الله من قال خيرا فغنم أو سكت فسلم )) .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : < اللسان معيار أطاشه الجهل ، وأرجحه العقل .
وقال بعض الحكماء : الزم الصمت تعد حكيما ، جاهلا كنت أو عالما .
وقال بعض البلغاء : الزم الصمت ، فإنه يكسبك صفو المحبة ، ويؤمنك سوء المغبة ويلبسك ثوب الوقار ، ويكفيك مؤنة الاعتذار .
وقال بعض الفصحاء : أعقل لسانك إلا عن حق توضحه ، أو باطل تدحضه ، أو حكمة تنشرها ، أو نعمة تذكرها .
وقال الشاعر :
رأيت العز في أدب وعقل وفي الجهل المذلة والهوان
وما حسن الرجال لهم بحسن إذا لم يسعد الحسن البيان
كفى بالمرء عيبا أن تراه له وجه وليس له لسان
واعلم أن للكلام شروطا لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها ولا يعرى من النقص إلا أن يستوفيها وهي أربعة :
أولا : أن يكون الكلام لداع يدعو إليه ، إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر.
ثانيا : أن يأتي به في موضوعه ويتوخى به إصابة فرصته .
ثالثا : أن يقتصر منه على قدر حاجته .
رابعا : أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به .
الروابط المفضلة