"طفل يحلم بالشهادة " قصة قصيرة لي أتمنى أن أسمع رأيكم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أولى مشاركة لي في هذا المنتدى وهي عبر قصة كتبتها قبل عامين
أتمنى أن أسمع آراءكم بصراحة
طفل يحلم بالشهادة
قصة قصيرة
في كل زيارة لقبر والدك في العيد أو في أي يوم آخر ، تسأل وبعفويتك الطفولية وملامح وجهك البريئة أمك ماذا يفعل أبي في الجنة ، ترسم تخيلاتك البسيطة صورته وهو طائر في سماء الجنة ، أسئلة كل سنة ، هل ينامون ؟ أو يحلمون؟ وماذا يأكلون ويلبسون ؟كنت دائماً تصطدم بتلك الابتسامة الممزوجة بالدموع ودون اجابة لأنها لا تعرف الجواب الحقيقي لهذا السؤال ، دائماً تجلس على التراب الموجود قرب القبر تظنه حّياً فتصرخ بصوت عميق أبي....أبي.... دون أن يجيبك أحد ، تبكي بعدها وأنت لم تفهم بعد معنى الموت ، عندما استشهد توقف وجيب صدره وانطلقت روحه إلى الاعلى ، الى الجنة ، ولكن صعب عليك أن تفهم هذا الأمر . ماتفهمه أن جنودهم قتلوه ، بأن بنادقهم واسلحتهم حرمتك منه ومن اللعب التي كان يجلبها لك في العيد ، قلبك الصغير الذي يفترض أن لا يعرف سوى اللعب ومعاني الطفولة الاخرى يحمل أكبر أنواع الحقد عليهم ، فهم قتلوا والدك وهم سلبوك أرضك ، هذا ما تفهمه ، لا تهمك السياسة فأنت لا تفهمها ، ما تفهمه مقلاع وحجارة ، جيب عسكري يجوب الشوارع يطلق الصوت بالسماعة، تظن أن الجيب يتكلم كالبشر، لم تفكر أن رجلاً بقامة ممدودة وجسم ضخم هو الذي يصرخ ليمنعك وغيرك من اللعب في الشارع.
عندما غادرت المقبرة ، راودك شعور بالانتقام ، كم تحب أن تتلذذ بمنظر الجندي وهو يهرع منك خائفاً متستراً بسيارته المصفحة ، حينها تتذوق نشوة المنتصر ، لقد طردتهم ، وبعدها تنزل لتلعب بالكرة وبالبنادق الخشبية والمقاليع ، دوماً تتلثم بالكوفية تلعب و تفرح .
عندما عدت إلى المنزل وأكلت وجبة الغداء ، كان ذهنك يرسم يخطط للحظة الانتقام، لن تكون المرة ككل مرة، ستمطر عليهم من حجارتك، ولن تهرب ستبقى في الميدان تقاتل حتى يهربوا ، بجسمك الهزيل وبعمرك الصغير لن تخشاهم كما لم يخشهم أبوك من قبل ، لن يمنعوك اللعب ، ستلعب أين ما تشاء وحيث ما تريد ، لم تمض لحظات حتى اقترب الجيب ها هو يصرخ بكلماته النابرة الجملة المعهودة "ممنوع التجوّل حتى إشعار آخر" ، انطلقت مسرعاً نحو الباب دفعته بكل قوة ، امسكت عدداً من الحجارة في يديك وانطلقت خلفه وبدأت تلقي عليهم غضبك ، لكنهم لم يمهلوك غدروا بك أيها الصغير أصابوك في القلب ، في صدرك حيث تجمع الغضب صرخت بقوة ومع الألم أبي ...أبي .... وارتميت شهيداً على الارض مضرجا بالدماء ، لم يعرفوا عمرك أيها البطل وإنما عرفوا العزيمة الصلبة التحدي وبعضاً من حجارتك التي لم تصلهم ، كم يساوي جسدك بالنسبة لأجسادهم الثقيلة ، لكنهم قتلوك لأنك أكبر منهم وأقوى منهم ، هم جثث تحمل أسلحة ، أما انت فكتلة عزيمة حافية، عارية إلا من الحجارة ، وفوق كل ذلك تعلمت شيئاً نادراً في تاريخ هذه الأمة ، أن ترفض ما لا تريد وأن تقول" لا" فلا عيب أن تمتلك الكراسي التي يجلس عليها الزعماء ، فهم لم يتعلموا أن يرفضوا كما تعلمتها وقلتها أنت ، كلمة الرصاصة لم تتعلم لفظها بعد ولا تعرف كيف تكتبها ، ولكنها لفظت أنفاسك، كتبت بدمك أروع صورة ، فوداعاً أيها الصغير! الآن تستطيع أن ترى ما يرى الشهداء وأن تحلم كما يحلمون فســلام عليك يا بطلاً عاش ومات من أجل فلسطين!!!
---------------
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "
صدق الله العظيم
الروابط المفضلة