حبل الله وحبل الناس " للدكتور/وليد بن أحمد فتيحي

النافذة الأسبوعية : ( آفاق من الحياة ) للدكتور/ وليد بن أحمد فتيحي - حفظه الله - *

عنوان الحلقة السابعة : " حبل الله وحبل الناس "

اكتب مقالي هذا فجر السبت الموافق الثالث من نوفمبر لعام 2001 أي بعد حوالي ثمانية أسابيع من حادثة الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001, وقد كتبت لكم خلال الأسابيع السابقة عن مدى الانفتاح على الاسلام الذي تشهده امريكا عامة ومدينة بوسطن خاصة نتيجة خصائص ومميزات في مدينة بوسطن قد لاتتوفر في غيرها والتي شرحتها سابقا بالتفصيل, فالانفتاح على المستوى الاعلامي من تلفاز ومذياع وصحف ومجلات والقاء محاضرات مطولة عن الاسلام في المؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس وعشرات الكنائس والمرافق الحكومية مثل مقر عمدة المدينة ومقر وزارة العدل الامريكية في مدينة بوسطن, والمحاضرات تتراوح ما بين ساعة الى ثلاث ساعات يتم فيها عرض عام للدين الاسلامي POWER POINTعن أركانه وتعاليمه ومقاصده العليا والاجابة على أسئلة في مواضيع الساعة من مفهوم الجهاد في الاسلام ودور المرأة ورد الشبهات عن الاسلام, وتوزع فيه كتيبات عن الاسلام ومصاحف مترجمة .

وبالرغم من الحملات التشويهية القوية التي تنسق من قبل اللوبي الصهيوني ويسخر لها الكثير من وسائل الاعلام النافذة, الا أن بوادر الحملة التعليمية المكثفة عن الاسلام قد بدأت تجني ثمارها, ومن هذه الثمار ان نسبة الذين اعتنقوا الاسلام في أمريكا قد تضاعف أربع مرات عن المعدل العادي منذ الحادي عشر من سبتمبر, وهذا ما أكده رئيس مجلس العلاقات الامريكية الاسلامي نهاد عوض في مقابلة تلفزيونية, كما ابرزت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية موضوع اقبال الأمريكيين البيض على الدين الاسلامي في عددها الصادر في الثاني والعشرين من اكتوبر لعام 2001م.

وهناك تضامن مع المسلمين من عدد كبير من غير المسلمين داخل أمريكا في الجامعات, ومثال ذلك عشرات الأمريكيات غير المسلمات اللواتي ارتدين الحجاب في جامعة واين WAYNE STATE تضامنا مع الطالبات المسلمات في الجامعة وجامعات أخرى حول امريكا.

ولهذا بدأت المؤسسات اليهودية الاتصال بالمؤسسات الاسلامية تدعونا لفتح باب الحوار والتعاون, وهم متخوفون من نتائج الحوار الاسلامي المسيحي عبر الكنائس والمساجد والجامعات, وهذا ما وصفته جريدة البوسطن قلوب BOSTON GLOBE في عددها الصادر يوم الخميس الأول من شهر نوفمبر لعام 2001 تقول الجريدة (ان هناك تركيزا على الحوار المسيحي الاسلامي منذ الحادي عشر من سبتمبر وهذه ظاهرة جديدة, ومن الممكن لهذا الحوار المفتوح ان يؤدي الى الحاق الضرر بالعلاقة الايجابية بين المسيحيين واليهود التي صيغت على مدى سنوات طويلة منذ الحرب العالمية الثانية.

وهناك امثلة كثيرة لبوادر التحول في العلاقة المسيحية اليهودية نتيجةالانتفاح على الاسلام وفتح باب الحوار الاسلامي المسيحي.

أما المثال الأول فهو ان محطة الاذاعة القومية العامة في امريكا National Public Radio - قدمت برنامجا اذاعيا منصفا عن فلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني مما دعا ممولين يهود (صهاينة) في امريكا الى سحب دعمهم المادي مما أغضب المحطة فقامت كرد فعل بتغطية اكبر لقضايا المسلمين في امريكا وقضية فلسطين, واستعلن العداء بين اليهود وبين المحطة, وقد وجدت المحطة دعما معنويا وماديا من كثيرين وانتقادات حادة لاستخدام اللوبي الصهيوني لنفوذه المادي للتحكم في طريقة العرض الاعلامي الموضوعي, وكثفت المحطة اثر ذلك تغطيتها لاحوال الجالية الاسلامية في امريكا, ومن اهم هذه المواضيع المؤثرة هو مقابلة مع عدد من الفتيات الجامعيات الامريكيات اللواتي اعتنقت الاسلام مؤخرا في الجمعية الاسلامية في بوسطن وهن حاملات للشهادات العليا من جامعات مدينة بوسطن مثل هارفرد, فتحدثن عن عظمة الاسلام وسموه, وعن رفعة مكانة المرأة وسبب دخولهن الاسلام, واعيد بث البرنامج أكثر من مرة علما بأن هذه المحطة تبث على مستوى الولايات المتحدة كلها.

اما المثال الثاني فهو انه ولأول مرة في تاريخ أمريكا يتزعم ثلاثة اساقفة(اعلى المراتب الدينية في الكنيسة البروتستانتية) مظاهرة خارج مكتب القنصلية الاسرائيلية في بوسطن يوم الثلاثاء 30/10/2001م والأساقفة الثلاثة يتبعون الكنيسة التي تحدثت عنها في مقال سابق لي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر والتي زرناها بدعوة رسمية منهم, ولحقتها زيارتان رسميتان تم فيهما القاء محاضرتين عن الاسلام على اكثر من الفي مسيحي.

وبالطبع بدأ الهجوم على تصرف الأساقفة الثلاثة في اليوم التالي لمظاهرتهم, وتعرضوا لانتقادات شديدة اللهجة, وبدأ اللوبي الصهيوني شن الحرب عليهم, ولكن الذي حدث كان غير متوقع, وهذا ما نشرته البوسطن قلوب بقولها (ان الزعماء المسيحيين حول ولاية ماسيثيوستس ضموا أصواتهم الى أصوات الأساقفة الثلاثة وطالبوا باهتمام أكبر بحقوق الفلسطينيين, وعبر اليهود عن خوفهم من ان القضية الفلسطينية قد تهدد العلاقة المسيحية اليهودية, والتي يعملون على صياغتها منذ الحرب العالمية الثانية).

وبالطبع فان اهتمام الكنائس قد ازداد بعد الاحتلال الاسرائيلي لبيت لحم مسقط رأس عيسى عليه السلام, وقتل فلسطيني يعمل في الكنيسة وقد عجز اللوبي الصهيوني ان يجد رجل دين مسيحيا واحدا يشجب او ينتقد عمل الأساقفة الثلاثة, يقول الكاهن وليام سكنفورد WILIAM SINKFORD رئيس جمعية طائفة الموحدين الخلاصية: (انني اكثر قلقا واقتناعا ان التحرك الى عدالة حقيقية في تلك البقعة من العالم (فلسطين) ستحتاج من الولايات المتحدة الامريكية ان تدرك بأن هناك اكثر من صورة واحدة لمفهوم العدالة وان نعي اننا (الامريكيين) قد شاركنا في خلق عالم جعل عنف الحادي عشر من سبتمبر محتملا ومتخيلا نتيجة دعمنا لاسرائيل.

وتذكر مقالة البوسطن قلوب كذلك الدور الذي يقوم به رئيس الاساقفة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية Cardinal Bernard في مدينة بوسطن فتقول انه قاد الاساقفة الكاثوليكيين ليصبحوا اكثر صراحة وتعبيرا عن تأييدهم ودعمهم لقيام الدولة الفلسطينية, وان الكاردينال LAW اعان على فتح الحوار بين الطوائف الدينية المحلية, وبالفعل كان له دور ايجابي مع الجالية الاسلامية في بوسطن.

وفي اليوم التالي نشرت البوسطن قلوب في 2/11/2001 صورة لطالبات فلسطينيات في مدرسة فررن هلعا من رصاص الجيش الاسرائيلي اثناء مظاهرة قمن بها احتجاجا على اغلاق مدرستهن في الضفة الغربية, يقول المقال: اقام رؤساء اليهود في امريكا مؤتمرا صحفيا بعد الذعر الذي اصابهم من جراء الدعم العلني العام للفلسطينيين في مدينة بوسطن, وقد اجتمعوا لشجب انتقاد الاساقفة الذين تزعموا المظاهرة والتعليقات التي لحقتها من بعض رؤساء الطوائف المسيحية.

وقد هاجم اليهود لغة الخطاب الذي وزعه الاساقفة في المظاهرة خاصة قولهن (نحن نقف اليوم وكل يوم مع اخواننا واخواتنا الفلسطينيين الذين يعانون من العنف في مناطق الضفة الغربية المحتلة من قبل القوات الاسرائيلية, والشعب الفلسطيني هو ضحية الظلم الذي لن نسمح ان يستمر بعد اليوم).

وانتقاد اليهود يتمثل فيما عبر عنه الحبر (الحاخام) Samuel Chiel في قوله (ان الطريقة الصحيحة التي كان لابد ان يتبعها الاساقفة عوضا عن المظاهرة ان يحضروا للتحدث مع الجالية اليهودية من أجل تحقيق حوار حقيقي وبالطبع فان هدف اليهود هو احتواء الاساقفة, واللوبي الصهيوني واعوانه اساتذة في احتواء كل منتقد واخراس من لايستطيعون احتواءه.

ان الجالية المسلمة في امريكا عامة وفي بوسطن خاصة تشكل ازعاجا للعدو الصهيوني, فهم يضعفون حبالهم في امريكا التي ذكرها الله في كتابه الكريم: {ضربت عليهم الذلة اينما ثقفوا الا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.

اما حبل الله فقد باءوا بغضب الله لقتلهم الأنبياء وكذبهم على الله وظلمهم وفسادهم في الارض, اما حبل الناس فما زال حبلهم الذي يتمسكون به خشية السقوط, وحبلهم أقوى ما يكون في امريكا ولكنه اوهن مما يظنون واضعف ما يكون, ولابد يوما ان تنقطع بهم حبال الناس وينفض العالم يده من فسادهم.

وحتى ذلك اليوم فليعملوا فإنا عاملون وبحبل الله معتصمون.

سبحان الله وعسى ان تكرهو شيء وهو خير لكم ...

نسال الله ان يعز الاسلام ويزيده رفعه
في امريكا وغيره وان ينفي اليهود في كل مكان

أخواتي:أسيرة الغربه..لارا...
بارك الله فيكما...