ابتسامات إيمانية ...
يحلو للبعض منا أن يصور في ذهنه وذهن من يعرفه بأن صورة المسلم لابد أن تكون حمرة في عين ، وتقطيب في جبين ، وانتفاخ في أوداج ، وقسوة في يد ، وحدة في نظر ، و رثاثة في ثياب، بخاصة إن كان المرء صائما ؛ فحدث ولا حرج ...
لكن منهج الإسلام الشمولي الوسط يتيح للمسلم بل ويحثه على التوازن ، وإبداء الابتسامة والحرص عليها ؛ حتى غدت ـ الابتسامة ـ ضرب من ضروب الصدقة غير المضنية لأحد ، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ) تلك الابتسامة كأمر بمعروف ونهي عن منكر في نسق واحد.
وما ثمة تعارض بين السمت الإيماني وبين الابتسامات التي يوزعها المسلم على إخوانه يجني بذلك الصدقات ، فقد روي عن الـُربيّع بن خيثم أن أمه كانت تشفق عليه من بكائه في تهجده وتقول له : كأنك قتلت قتيلاً ، فيقول : هو أكثر من ذلك أماه .. حتى إذا خرج إلى السوق اكتحل وتعطر ولاعب هذا وضحك مع هذا ، وكأنه ليس بالذي كان البارحة .
وبالرغم من جانب الاعتدال هذا والوسطية التي ندعوا إليها ليست في هذا الأمر فحسب ، وإنما شاملة لشمول الإسلام ، إلا أنني أحببت أن أتناول هذا الموضوع حتى أجني بعض صدقات أنا بحاجة إليها ، لو تعلمون .
وإليكم القصص .
أين كبار ذنوبي .. أريدها !
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه . رواه مسلم .
هربت النسوة ...
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: استأذن عمر - رضي الله عنه - على رسول الله- صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - وعنده نساء من قريش يُكلِّمْنَهُ ويستكثرونه عالية أواتهن؛ فلما استأذن عمر بن الخطاب قُمْنَ يبتدرْنَ الحجاب؛ فأذن له رسول الله - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فدخل ورسول الله - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - يضحك.
فقال عمر: أضحكَ اللهُ سِنَّكَ يا رسول الله، بأبي أنت وأمي.
فقال - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ -: "عجبتُ من هؤلاء اللاتي كُنَّ عندي؛ فلما سمعْنَ صوتك ابتدرْنَ الحجاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجِّكَ.
رواه البخاري ومسلم وابن حبان والنسائي ومسند الإمام أحمد
هل تدرون مِمَّ أضحك؟!
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا عند رسول الله - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - فضحك فقال- صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: هل تدرون مِمَّ أضحك؟!
قال: فقلْنَا: الله ورسوله أعلم!.
قال- صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: من مخاطبة العبد ربَّه يقول: يا ربِّ أَلَمْ تُجِرْني من الظلم؟ فيقول الله: بلى، بلى؛ فيقول العبد: فإني لا أُجيز على نفسي إلاَّ شاهدًا منِّي؛ فيقول الله: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا؛ قال: فيختم على فيه؛ فيُقَال لأركانه (لجوارحه): انطقي؛ فتنطق بأعماله ثم يخلي بينه وبين الكلام؛ فيقول العبد لأركانه: بُعْدًا لكُنَّ وسُحقًا؛ فعنْكُنَّ كنتُ أُناضل. رواه مسلم .
ضحك النبي ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ ـ منها حولاً
عن أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجراً إلى بصرى، ومعه نعيمان، وسويبط ابن حرملة، وكلاهما شهدا بدرًا، وكان سويبط على الزاد؛ فجاءه نعيمان فقال: أطعمني، فقال: لا؛ حتى يأتي أبو بكر. وكان نعيمان رجلاً مضحاكًا مزّاحًا؛ فقال: لأغيظنَّكَ.
فذهب نعيمان إلى ناس جلبا ظهرًا فقال: ابتاعوا مني غلامًا عربيًّا فارهًا، وهو ذو لسان، ولعله يقول: أنا حرٌّ؛ فإذا كنتم تاركيه لذلك فدعوني لا تفسدوا عليّ غلامي.
فقالوا: بل نبتاعه منك بعشرة من الإبل؛ فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال للقوم: دونَكم هو هذا؛ فجاء القوم فقالوا لسويبط: قد اشتريناك. قال سويبط: هو كاذب، أنا رجل حر!! فقالوا: قد أخبرنا خَبَرَكَ؛ وطرحوا الحبل في رقبته؛ فذهبوا به.
فجاء أبو بكر فأُخبِرَ؛ فذهب هو وأصحاب له فردوا الإبل وأخذوه؛ فضحك منها -النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه حولاً.
أحمد وابن ماجة والطبراني في الكبير
لن يَدَعَهُ الشيطانُ يُتِم قِيَامَهُ!
جاء رجل إلى أبي حنيفة-رحمه الله- وقال له: يا إمام، دفنتُ مالاً منذ فترة طويلة، ونسيتُ الموضع الذي دفنتُه فيه!
فقال الإمام: ليس في هذا فقه فأحتال لك، ولكن اذهب فَصَلِّ الليلة إلى الغداة فإنك ستذكره -إن شاء الله- ففعل، فلم يمضِ إلا أقل من ربع الليل حتى تذكر الموضع الذي دفن فيه المال؛ فجاء إلى أبي حنيفة فقال له أبو حنيفة: لقد علمتُ أن الشيطان لن يَدَعَكَ تُصلِّي الليل كله، فهلا أتممت ليلتك كلها شكرًا لله ـ تعالى!!
طفولةٌ مُمَيَّزَةٌ!!
سمعتُ أحمد بن النضر الهلالي سمعتُ أبي يقول: كنتُ في مجلس سفيان بن عيينة فنظر إلى صبيٍّ فكأنَّ أهل المسجد تهاونوا به لصغره فقال سفيان: قال الله ـ تعالى ـ: "كذلكَ كنتُمْ من قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عليكم".
ثم قال: يا نضر لو رأيتَني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفار، وأختلف إلى علماء الأمصار: كالزهري، وعمرو بن دينار؛ أجلس بينهم كالمسمار؛ محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة؛ فإذا أتيتُ قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير ثم ضَحِكَ.
الله اسأل أن يدخل السرور على قلوبكم وعلى بيوتكم ، وأن يدخله عليكم برؤية وجه الرب الكريم يوم القيامة ( وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) وأن يحشركم في زمرة خير الأنام حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
إن تبسمتم فأدعو الله لي ..
أخوكم أمير .
الروابط المفضلة