بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
صوتٌ اعتدنا سماعه من وقتً لآخر.. يبدو مزعجًا في بعض الحالات.. ومرعبًا في حالاتٍ أخرى..وباعثًا للأمل بعد يأس في حالاتٍ غيرها، لكنني هذه المرة أعتبره –وللمرة الأولى- عذبًا شجيًا!!
كنا قليلاً ما نسمعه سابقًا.. بل إن الحال وصل إلى أننا كنا ننادي بعضنا البعض حين كنا صغارًا إذا ما وصل إلى أسماعنا.. فنجري مسرعين لنرى مصدره!
ويا لسعادتي!! ففي هذه الأيام أسمعه عدة مرات في اليوم الواحد.. عفوًا عفوًا .. بل في الساعة الواحدة!
وهذه الميزة –سماعه كثيرًا- لا تتوفر لأيٍ كان!! ولا في أي مكان!!
إنها ميزة أحمد الله عليها.. ليس فقط لإمكانية سماعه.. بل لأجل قربي من مقصد مصدره..
هل حيّرتكم؟ أووه.. لم أخبركم بكنهه بعد!
إنه يا أحبتي.. صوت الطائرات!
أظن بعضكم سيغادر الموضوع غضبًا! فأين العذوبة وأين أزيز الطائرات!!
صوت الطائرات يا أحبتي..مزعج! خصوصًا لمن يمرّ بجانب المطار أو يستقلها أو حتى يكون قريبًا من مدى صوتها،
وصوت الطائرات يا أحبتي..مرعب! للعديد..والعديد من إخوتي الذين تدور عليهم رحى الحرب الغادرة!
وصوتها يا أحبتي.. يبعث الأمل بعد انقطاع في نفس من تاه في الصحراء أو تقاذفته أمواج المحيط أو انقطعت به السبل في مكان سحيق!
وأنا أقول أن صوتها عذب..شجي..مستساغ.. في هذه الأيام! خصوصًا لمن يسكن مدينتي.. عروس البحر!
لأنها..تتوافد تباعًا..حاملةً على ظهرها أروع ضيوف، وأنقى قلوب، وأنصع وجوه!
قلوبٌ آمنت بإله واحد،
وأرواحٌ اتجهت بشوقٍ لقبلةٍ واحدة،
وأجسادٌ اتشحت بالبياض كمحجّة دينهم الواحد،
وألسنٌ لهجت بذكر الواحد الأحد:
لبيك اللهم..لبيك
لبيك..لا شريك لك لبيك
إن الحمد..والنعمة لك..والملك
لا شريك لك
لا شريك لك..
أحبتي الحجاج.. ما أروعكم وقد اتجهتم تاركين الدنيا خلفكم لربكم الكريم،
ما أروع التفافكم حول البيت العتيق..مهللين مكبرين، طائفين وملبّين،
ما أروع اجتماعكم في المشاعر المقدسة في منى والمزدلفة وعلى صعيد عرفات..
ياااااه.. ما أعذب ذلك الاجتماع.. وقد تنزّل ربكم ذو الجلال إلى السماء الدنيا ويباهي بكم ملائكة السماء..
ما أنقاكم..وقد تفجرت دموعكم أنهارًا..تغسل قلوبكم..ووجوهكم..وقلوبنا معكم،
ما أطيب قلوبكم..وقد لهجت ألسنتكم وتضرعت جوارحكم دعاءً لأمتكم..وأهليكم..وأنفسكم،
أحبتي..الله الله في أمتكم..ما أحوجها إلى دعاءٍ صادقٍ مُلحٍّ منكم..
فلن يردكم الله خائبين.. أليس وعدكم بأن تعودوا كيوم ولدتكم أمهاتكم؟!
أفيرد بعد ذلك دعاءكم لأمة حبيبكم؟
كلا..بل سيستجيب الله لكم وهو قادرٌ على ذلك.. وسيُقرّ أعينكم وأعيننا بنصرٍ مؤزّرٍ موعود..
لكأني بتلك الشمس تطل على أرضنا وقد اتشحت بالإسلام..من أقصاها لأقصاها، وأذعنت للواحد العلام، من مركزها حتى منتهى أطرافها، وشمخت فيها بيوت الله مطهرةً أبيةً سامقة، وتراصّت صفوف المصلين القانتين لربهم فيها آمنة مطمئنة واثقة، وشُدّت الرحال للبيت العتيق ومسجد الحبيب والأقصى المطهر الأبيّ مكبرة مهللة متسابقة.
أحجاج بيت الله.. ليس ذلك على الله ببعيد.. فاجتهدوا في الدعاء لأمتكم.. ألحّوا في الدعاء لإخوتكم في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير والفلبين والسودان،
وألحوا في الدعاء لإخوانكم ممن قدّر الله عليهم ذلك الطوفان.. في إندونيسيا وسيريلانكا والهند،
ادعوا الله أن يثبتهم على دينهم..ويعصمهم من فتنة المنصّرين المضلّين.
شاركوا في نصر أمتكم ونهضتها.. بدعائكم
[FONT=Simplified Arabic]
{ولَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللهَ لَقَويٌّ عَزِيْزٌ} (الحج40)
مرارة البحر@منتدى لكِ
الثلاثاء 30ذوالقعدة1425هـ
الروابط المفضلة