بعد يوم حافل بالنشاط مفعم بالحيوية
هاهو قرص الشمس الذهبي يتدنى للمغيب،وكم أعشقه ذلك المنظر حين تعانق الشمس الأفق
في لحظات فيتحول لونها إلى الأحمر ومن ثم تبدأ بالرحيل..
لا علينا..فماهي الا مشاعر مرهفة تبعت لحظات الغروب فدونتها..
غربت شمس ذلك اليوم وأسدل الليل ستارة وكسا الكون هدوءاً لم أعهده من قبل
ذهبت إلى حجرت اخواتي فإذا بهنّ منكبات على دروسهن لايأبهن بمن حولهن!!
ذهبت إلى أخوتي فإذا هم كذلك!!
حثثت خطاي مسرعةً نحو أمي وأبي فإذا هما منهمكان في مشاهدة الأحداث الدامية
والتي صارت مشهداً مألوفاً لدى الجميع
ياإلهي الكل لاهٍ ومشغول مالذي حدث
مكثت وحيدة..رفعت سماعة الهاتف..وددت طلب إحدى صديقاتي فخشيت أن تكون هي الأخرى مشغوله فأغلقتها قبل الطلب
يالسعادتي هاهن أخواتي يخرجن من سباتهن لعل إحداهن تأتي لتمكث معي بضع دقائق لكن هيهات..
تركنني وذهبن لإنهاء واجباتهن الدينية والدنيوية ومن ثم اتجهوا إلى فُرشهن،وأمي كذلك
كرهت أن أمكث وحيدة,ذهبت أنا كذلك إلى مرقدي أُمنّي نفسي بغفوة لأني أعلم أن النوم لن يأتي فلم يحن موعده بعد
غالبني النعاس فنمت قليلاً "وكنت أظنها ساعات"..وماهي إلا لحظات حتى استيقظت ووجدت الحال كماهي لم تتغير فالهدوء يكسو المكان
تقلبت يمنة ويسره..أردت أن أنام
لا فائدة ..نهضت وتوضأت وصليت.. وراجعت مايتوجب علي تسميعه بالحلقة ونظرت إلى الساعة!!!!
ياإلهي مابها عقاربها تكاد أن تتوقف فهي تسير ببطء شيديد وكأنه أثقل عاتقها برودة الشتاء.
عُدت إلى فراشي الوثير لأنعم بدفئه..وما إن وضعت رأسي إلا ودموعي تبلل وسادتي لاأعلم لماذا؟؟!!
لربما كانت دموع الهزيمة!!!!
نعم الهزيمة فلقد هزمني النوم ولم أستطع جلبه
لا .... لا
لا أعتقد أن هذا هو سبب بكائي
بل السبب والله عظيم..
في تلك اللحظة اجتاحني شعور غريب فكرت مليّاً في حال المرضى وهم على سررهم مستلقين لاحراك فالألم يعتصرهم
والهم يختلجهم والوحدة تقتلهم..
"رحماك يا الله"
فكم من مريض يصدر أناته وآهاته ليالٍ طويلة فيتحرك السكون ويتبعثر الهدوء
وكم من عاجز لا يقوى على الحركة ينام ويستيقظ وهو على ذات الحال
وكم من وحيد لم يجد سوى الليل سميراً وأنيساً ومناجياً وخليلاً...
لله درهم ما أقوى عزائمهم وما أشد صبرهم
ها أنا ذي بتمام صحتي وعافيتي ولله الحمد والمنة ضقت ذرعاً فكيف لي بحالهم؟؟؟
ثبتهم الله وزاد عزائمهم قوة وصبرهم شدة"اللهم آمين"
وفي ذات اللحظة سافر بي التفكير ليحط بي هناك حيث المنازل هُدمت، والأعراض أُنتهكت، والنساء رُملت
وفلذات الأكباد يُتِّمت..
نعم هنــــــــاك
في بلاد القدس وأرض الرافدين
أنا هنا أنعم بأمن وأمان ولله الحمد
وهم هناك في يتجرعون كأس المنون على أيدي اليهود الغاشمين
أنا هنا نائمة دافئةً هانئة وهم هناك لايجدون مايسد رمقهم ويدفئ بردهم ويكسو أجسادهم
أنا هنا أجبر نفسي على النوم وهم هناك خائفين فزعين
يمرّ ليلي طويل ولكن ليلهم أطول
فكم من شيخ كبير أضناه التعب فلم يجد مايستريح به سوى عربة على قارعة الطريق
وكم من فتاة باتت مذعورة نومها غفوة خشية الهجوم من أعداء الله
وكم من إمرأة باتت حزينة على رحيل فلذة كبدها أو رفيق دربها فلم تذق طعماً لتطابق جفنيها
وكم من طفل مصاب بات يصرخ ويبكي لم يذق طعماً للراحة والنوم
وكم من شاب جريح مزقت الشضايا أحشاءة وهاهو يناضل من أجل البقاء
وكم من شخص قُتل ظلماً وبهتاناً حتى وإن كان في بيت من بيوت الله
كم....وكم ....وكم !!!!!
هم لاينامون ولا يتكبدون عناء البحث عنه
بل حياتهم كلها دم ونار وكفاح ونضال وجهاد
وانا هنا أبحث عن ذلك الشيء؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
آآآآآآآآآآآآآآآآهٍ ما أحقرني
آآآآآآآآآآآآآآآهٍ ما أقسى قلبي
آآآآآآآآآآهٍ وألف آآآآآآآآآآآهٍ بالفؤاد لهيبها يتأجج
لكن ماذا أفعل
أأصرخ ؟؟؟ أأبكي
أم أئن وأحزن
والله إن بالصدر للحزن آهات وأصداء
وإن بالقلب لحرقة وإن في الروح جرح لن يندمل إلاّ بنصر العزيز المقتدر
مر الوقت سريعاً وأنا في غضون هذه اللحظات ولم أستعيد فكري الشارد إلاّ بعد أن صدح الأذان
لينفلق الفجر الجديد بين ظهراني الظلام
طأطأت برأسي إلى أن فرغ المؤذن
ورفعت رأسي في شموخ وإباء
لأبعث رسالة إلى كل مريض ووحيد وعاجز
"لاتنس أن الله إذا أحب قوماً إبتلاهم فلعلك منهم فإني والله لأغبطك وأهنئك فقد فزت بالكرامةوهي محبة الله..
فاصبر واحتسب فلابد لليل من انبثاق صبح يبدد ظلمته..
وتذكر قوله تعالى :"وبشر الصابرين الذين إذاأصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".
وبعثت بالأخرى إلى عرين الأسود والأمل المنشود
إلى اخواني المسلمين المستضعفين في كافة الأقطار..
"لا تيأسوا من رحمة الله ولا تتوانوا جدوا المسير فالركب الخير يُخشى والمؤمن القوي أحب إلى الله..
لا تضيقوا بطول الليل فماهي إلاّ ليلة شتاءماتلبث إلا أن تنتهي وأبشروا بفجر صادق يقضي على الظلام الحالك
أبشروا بشعاع أمل في النصر والتأييد من رب العزة والجلال
أبشروا بشمس قوة وعزة تحرق رؤوس الكفر والطغيان
أبشري أمتي بنهار صيف طويــــــــــل يعوضك عن ليل الشتاء..
رفعت كفي ودعوت الله من عمق الفؤاد
اللهم إن لي أخوة أحببتهم فيك ولم أرهم
اللهم فأحببهم فإنه لايُذل ولا يُقهر ولا يُهان من أحببته
اللهم إنهم عراةٌ فأكسهم
اللهم إنهم جياع فأطعمهم
اللهم إنهم مرضى فأشفهم
اللهم مستضعفين فأعزهم
اللهم إنهم مقهورين فأنصرهم
اللهم إنهم محتاجين فأرزقهم
اللهم إنهم مضطرين فلا تحرمهم
اللهم أنصرهم..اللهم أنصرهم..اللهم أنصرهم
اللهم أذل عدوك وعدوهم
اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين
اللهم إنهم عاثوا في البلاد وطغوا وتجبروا ولم يراعوا حرمة بيوتك فأذلهم وصب عليهم العذاب صبّاً صبّاً
اللهم أرهم في أنفسهم مايكرهون
اللهم لاتجعل على الأرض منهم ديّارا ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام
اللهم آمـــــــــيــــــــــــن
أعذروني على الإطالة
ماحداني للتدوين قول الشاعر:
ولا بُدّ من شكوى لذي مروءةٍ .. : .. يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
الروابط المفضلة