بسم الله الرحمن الرحيم
بدأت الدراسة .. وبدأت المعاناة !! ..
لاحظت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن أكبر أبنائي الذي يدرس في السنة الرابعة من المرحلة الإبتدائية يُعاني من ألم في رقبته جعل من تحريكه لرأسه والإلتفات يمنة ويسرة أمراً مُراً ومؤلماً ..
وعند سؤالي له عن سبب ما حلَّ به وكنت أتوقع أنه بسبب نومه بطريقة خاطئة .. إجابني قائلاًُ :
بينا أنا جالس في الفصل .. إذ طلب مني المدرس أن ألتفت إلى زميلي الجالس بجانبي .. وعندما إلتفت إليه .. لم أدرِ إلا بمن يدفع برأسي بقوة لتزداد إلتفاتاً في تلك الجهة !!! .. ما سبَّب لي ألماً كبيراً .. يقول - الكلام ما زال لإبني - وعندما أعدت النظر إلى من فعل ذلك.. فإذا به المعلم !!! .. وعندما رأى المعلم ما أصابني من ألم .. ألقى باللوم عليََّ !!! .. وقال هل تعرف لماذا أصابك الألم ؟! .. لأن أعصابك كانت مشدودة !!! .. ثم طلب من أبني أن يُرخي أعصابه .. وفي حركة خُطافية (عصر) رأسه مرة أخرى إلى الجهة الجانبية .. الأمر الذي أدى إلى أن (تطقطق) رقبته .. ما أدى بالتالي إلى زيادة الألم والذي إستمر إلى اليوم .. مع ما بذلته أمه من رعاية له بتكميد و(تمريخ) ونحوه ..
شعرت في الحقيقة بمرارة وغضب شديدين جداً .. وتساءلت بمرارة وألم .. ألهذا نُرسل إبناءنا إلى المدرسة .. هل إلى مثل هؤلاء نزف فلذات أكبادنا ؟؟!! .. هل .. وهل .. وهل ..
أنتظرت على أحر من الجمر قدوم صبيحة يوم السبت .. فقد عزمت على أن لا أجعل الأمر يمر مرور الكرام .. بل لا بد من وقفة جادة في وجه من يعبث بسلامة أبنائنا تحت ستار التعليم ..
ذهبت إلى المدرسة التي لا تبعد سوى خطوات معدودة عن داري .. وكنت قد قرّرت أن تكون المواجهة بيني وبين المعلم مُباشرة .. دون أن يكون لمدير المدرسة أو وكيلها دور على الأقل الآن .. ذهبت إلى غرفة إستراحة المعلمين في الدور الثاني .. وسألت عن المعلم والذي أخذت إسمه من إبني .. فأخبروني أن في أحد الفصول يُلقي درساً ..
طرقت الباب .. صوت يأتي من الداخل : تفضل .. تفضل .. لم أُجب .. عندها خرج لي صاحب الصوت ..
ودار بيننا هذا الحوار ..
أنا : السلام عليكم ..
المعلم : وعليكم السلام ..
أنا : الأستاذ (.............) ؟! ..
المعلم : نعم .. آمر .. أي خدمة !!! ..
أنا : سلامتك .. لدى أمر مهم أريد أن أناقشك فيه ..
المعلم وقد لاحظ تمعري وحدة صوتي : تفضل .. أنا تحت أمرك ..
أنا : إبني (.....) .. الذي يدرس لديك .. يُعاني من ألم في رقبته حرمتنا وإياه لذة التمتع بعطلة نهاية الأسبوع ..
المعلم : يا ساتر .. خير إن شاء الله !!! ..
أنا : أبداً .. الفضل يعود لحضرتك !! ..
المعلم وقد بدا عليه الإرتباك : أنا ؟!! .. كيف ؟!
أنا : نعم .. أنت .. وسردت عليه القصة التي قصَّها لي أبني .. وقلت : أريد أن أسألك سؤالاً ..
المعلم : تفضل ..
أنا : (طقطقة الرقبة) للطلبة .. هل تندرج ضمن إطار النشاط المنهجي أم النشاط اللامنهجي ؟!..
أُسقط في يديه .. وتلعثم .. وارتبك .. ثم أجاب وليته لم يفعل ..
قال : حقيقة كان ذلك نوعاً من المُزاح الذي يُراد منه الترويح عن الطلبة ..
أنا : سبحان الله .. وهل (كسر الرقاب) نوع من المزاح .. ثم .. هل ترى من العقل والحكمة أن تمزح بمثل هذا المزح مع من هم بمثل هذا السن .. والذين تكون عظامهم ما زالت طرية وغير مكتملة النمو تماماً ؟؟!! .. ألا تعلم أنه لو أُصيب العصب الكائن في تلك المنطقة من الجسم إصابة مباشرة وقوية فقد يؤدي ذلك إلى الشلل الرُباعي ؟! هل ترضى هذا لإبنك ؟! .. وهل لو رضيته لإبنك .. هل يُشترط بالضرورة أن يرضاه بقية الناس لأبنائهم ؟!!..
أوضحت له الطرق الرسمية التي كان بإمكاني أن أسلكها لمعالجة هذا الأمر .. والتي ولا شك ستضره كثيراً .. ولكني آثرت أن أحل المشكل ودياً على أمل أن لا يتكرر مرة أخرى .. وإلا ستكون العاقبة وخيمة جداً ..
وأنصرفت من عنده على عبارات الإعتذار والأسف والوعد والعهد بعدم العودة لمثل ذلك .. والإمتنان كثيراً لتصرفي الذي أقدمت عليه .. والذي جنَّبه المساءلة والعقاب ..
ما تلاحظ لي أيضاً .. أن المدرس كان شاباً صغير السن .. وبغض النظر عن هيئته التي لا توحي إلى طبيعة مهنته .. وبصرف النظر إيضاً إلى منطقه الذي لا يتوازى البتة مع مكانته العلمية .. أقول : بغض النظر عن كل ذلك .. إلا أني أرى خطأ أن توكل مهمة تدريس المراحل السنية الأولى إلى صغار السن من حديثي التخرج .. ذاك أنهم ما زالوا يفتقرون إلى الخبرة والحنكة والحكمة الأبوية .. وكان من الأولى أن توكل تلك المهمة إلى من هم أكبر سناً ممن لديهم أطفال في نفس المرحلة السنية .. فهم الأقدر على فهم نفسياتهم .. وعلى تحملهم .. وعلى التعامل معهم من مبدأ الحنان الأبوي .. وهو ما يحتاجه الطفل في هذا السن الحساسة والمرحلة المهمة من حياته ..
تحياتي ،،،
الروابط المفضلة