بسم الله الرحمن الرحيم
العامل الثالث..قراءة متدبرة..
إن هذا الكتاب العظيم هو العلاج من الله سبحانه وتعالى لكل ما يعاني الإنسان مما يحصل في نفسه
من هموم أو ضنك أو حزن أو غرور أو عجب ..أو أي مرض من أمراض القلوب..
ألم يقل الله ((إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.....))
والتي هي أقوم ..هي التي هي أحسن وأفضل..فيبتعد عن الرديء..
وهو من أهم الطرق التي يحصل بها الارتقاء الإيماني
((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين))
نعم..ما هو شفاء!..
فإن الإنسان عندما يعاني من قسوة القلب فهو مرض وإن الشفاء هو القرآن..
فشفاء الإنسان من ضعفه وخوره وضعف إيمانه..هو أن يرتبط بهذا القرآن ..
يرتبط به تدبرا وفهما وعملا..
نعم فالقراءة المتدبرة هي التي تؤثر في حياة الإنسان..
فيمتلك عليه القرآن قلبه وجوارحه..
ويصبح الإنسان يهتدي بهدي هذا الكتابفي حياته وفي جميع شؤونه وأعماله..
حتى يصل إلى درجة أن يكون قرآنا يمشي على الأرض ..
كما كان عليه الصلاة والسلام قرآنا يمشي على الأرض..
ليس المهم أن نقرأ أكبر عدد من الآيات ..والأجزاء..ثم نخرج من قراءتنا كما دخلنا..
وإنما المهم ما يتحرك به القلب فتنطق به الجوارح..
كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:لاتهذوه هذ الشعر ..ولا تنقروه نقر الدقل..
فنجد كثيرا من الصالحين يقرأ القرآن ولكنه يحرص على أن يختم أكبر عدد ممكن..
وهذا أمر طيب.. ولكن المشكلة أين التدبر..أين التفكر..
التدبر أهم من الختم..
فالذي يقرأ شيئا يسيرا ولكن بتدبر وتفكر..
خير ممن يقرأ عددا من الأجزاء بلا تدبر ولا وقوف عند آيات القرآن..
عائشة رضي الله عنها يمر بها ابن أخيها فيجدها تصلي في الضحي تقرأ آية وترددها وتبكي فيمضي إلى السوق ويعود وإذا بها لا زالت تقرأ نفس الآية وتكررها وتبكي..
نعم.. هذه هي ثمرة القراءة المتدبرة..تورث إيمانا ويقينا في القلب وعلاجا لأمراضه..
عثمان رضي الله عنه يقول: والله لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كتاب الله!..
كيف يصل الإنسان إلى هذه المرتبة ألا يشبع من كتاب الله..هل يصلها الذي يهد القرآن هدا..
كلا..بل يصلها من يقف عند معانيه..ويقف عند أحكامه..
ويعتبر بالقرآن..فلا يشبع أبدا من هذا الكتاب العظيم ..
لقد فرطنا في هذا الكتاب كثيرا..
بل لعله ينطبق علينا قول الله تعالى: ((وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا))
كيف نريد أن تصلح أحوالنا ونطالب أنفسنا بالسمو الإيماني وقوة الإيمان ونحن مبتعدين عن القرآن..ونحن لا نعطي القرآن حقه..ولا نقرأه إن قرأناه كما ينبغي..
بل إذا تدبر العبد في قراءة القرآن..
أصبح القرآن له روضة غناء..يفزع إليه الإنسان كلما أحاطت به الخطوب وادلهمت به الدروب..
كما دعى النبي صلى الله عليه وسلم"اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا....."
ماذا يعني الربيع..يعني الخضرة والجمال والأنس والراحة والطمأنينة والنسيم العليل ..
الله أكبر!..فإذا ما قرأه الإنسان أزهرت نفسه وأينعت!!..
نعم ..القرآن أهم علاج لقسوة القلب في هذا الزمن الذي انتشرت فيه المادية
والتكالب على الدنيا وحطامها ..
((أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين))
ما هو العلاج يا رب؟؟!!..
((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه قلوب الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد))
فذكر المرض وهو قسوة القلوب وذكر العلاج..وهو القرآن ..
وقال عنه تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم..
نعم يصلون إلى مرحلة من التأثر بكتاب الله فتقشعر منه جلودهم..
فيأخذه وكأنه يخاطب به هو شخصيا..
لا أن يأخذه على أنه خطاب لغيره..
فعندما يستشعر هذا فلابد أن يلين قلبه..
عندما يهدد الله العصاة ويتوعد يتذكر ذنوبه ومعاصيه..
فترتعد فرائصه وتفيض عينه ويقشعر جلده..
وعندما يسمع أوصاف الجنان والنعيم المعد لأهلها..
تطير روحه إلى الجنة وتشتاق نفسه لذلك العيش المقيم..
وهكذا كل كلمة يحس أنها موجهة له شخصيا..
عندها يحصل التأثر بالقرآن..
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا..ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا..
اللهم اجعلنا ممن يتلوه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا..
اللهم آمين..
رد مع الاستدلال
--
الروابط المفضلة