بسم الله الرحمن الرحيم
كنا تكلمنا في السابق عن الديمقراطية ..وبينا كيف نشأت وما هو المقصود بها..وكيف فرح بها الغرب وأصبح يعدها من مفاخره الإنسانية..ونكمل الحديث اليوم عنها..
ما هي عيوب الديمقراطية؟
أولا:الديمقراطية حكم بغير ما أنزل الله تعالى..وإعطاء حق التشريع لغير الله..
طبعا بالنسبة للغربيين لا يهم الكلام عنهم هنا لأنهم أصلا كفار لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر..ولكن المهم هو العالم الإسلامي حيث أن معظم دول العالم الإسلامي اليوم بدأت تطبق هذا المذهب في معظم أصول الحكم..
وقد بدأ انتشارها في العالم الإسلامي بوجود كتاب ومفكرين حاولوا أن يعزلوا السياسة عن قضايا الدين –طبعا بالمناسبة أن الديمقراطية تندرج تحت العلمانية فالعلمانية مذهب كبير يندرج تحته عدة مذاهب ولعله يأتي الحديث عنها إن شاء الله- نعود لحديثنا فمن هؤلاء الكتاب على سبيل المثال مصري اسمه "علي عبدالرازق" ألف كتاب اسمه "الإسلام وأصول الحكم" صور فيه الإسلام على أنه ديانة روحانية تؤدى في أوقات معينة فقط..ولا علاقة للإسلام بالاقتصاد ولا علاقة للإسلام بالسياسة ..وقد رد عليه العلماء فقد ألف الشيخ محمد الخضر حسين(تونسي) كتاب "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم"..في الرد على ذلك الكتاب..ورد عليه غيره من العلماء..
فالذي يهمنا أنه انتقل إلى العالم الإسلامي هذا المذهب وكان بذرته وبداياته أمثال ذلك الكاتب..بالإضافة إلى أمور أخرى من الاستعمار الذي حصل في العالم الإسلامي والاستشراق والغزو الفكري والتغريب وإثارة الأحزاب والطوائف في العالم الإسلامي وكذلك عن طريق التنصير.فدخلت الديمقراطية إلى العالم الإسلامي..بل نجد كثير من المسلمين سواء كتاب أو سياسيين يرون أن الديمقراطية هي المذهب الصحيح الذي يجب أن يكون في حياة المسلمين..!!
فكما ذكرت أول عيب من عيوب الديمقراطية أنها حكم بغير ما أنزل الله..فإن الله تعالى عندما خلق البشر لم يتركهم عبثا..ولم يهملهم سدى ..ولم يسند للإنسان حق أن يأتي بتشريعات لنفسه وإنما أنزل على هؤلاء البشر كتبا وأرسل إليهم رسلا وكانت هذه الكتب حاكمة لشؤون الناس كلها..قال عزوجل ((ما فرطنا في الكتاب من شيء))..
ويقول تعالى ((ألا له الخلق والأمر))..وهنا لطيفة من اللطائف في هذه الآية..حيث أن الله تعالى قدم "له" مع أن حقها التأخير فالآية الخلق والأمر له..فقدمها سبحانه لفائدة بلاغية كما ذكر العلماء وهي الاختصاص والحصر والقصر والانفراد..فالخلق خاص بالله..والأمر خاص بالله..وهو منفرد بالخلق والأمر..فلا خالق إلا هو ولا آمر إلا هو..
والأمر يشمل نوعين:
1-الأمر الكوني وهو الأمر العام فليس هناك أمر نافذ إلا أمر الله عزوجل ((إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون))
2- الأمر الشرعي وهو سن التشريعات للناس يقول تعالى((وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)) فبأمرنا هنا يعني أمرنا الشرعي..
فالله عزوجل جعل شريعة للناس تنظم شؤونهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعبادية وجميع شؤونهم الخاصة والعامة الصغيرة والكبيرة فهو أعلم بما يصلحهم((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير))..
فالسياسة لها أحكام في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وحكم بها الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم..وإن كان عند البعض من الخلفاء بعد الخلفاء الراشدين أخطاء إلا أن تبني المذاهب الغربية والتشريع وسن القوانين بهذه الطريقة الواعية والمقصودة ما حدث إلا في هذا العصر..
فعندنا في الشرع يحرم الخمر الله عزوجل..والذي حرم الزنا هو الله والذي أمر بالجهاد هو الله.. من الذي أمر المرأة بالحجاب والقرار في البيت؟ هو الله عزوجل...وهكذا في جوانب الحياة المختلفة..
أما الديمقراطية فهي تتعامل على أنه ليست هناك شريعة ونبدأ من جديد..فكأنها تقول ليس هناك إله يشرع للناس فنحن نشرع لأنفسنا..
فنجد لو جاء في الديمقراطية موضوع مثل الجهاد في سبيل الله ..يعرض على المجلس النيابي فتبدأ معركة الأصوات..قال نائب أنا أرى أن نجاهد في سبيل الله..قال آخر لا يا أخي أنا لا أرى ذلك لأننا نسبب مشاكل مالها داعي..فإذا قال له كيف تعترض والله أمر بالجهاد..فنجده يقول يا أخي خلي الدين على جنب!!..
نحن الآن نتكلم عن المصلحة الوطنية..يعني أنت ممكن تصلي وتصوم.. لكن قضايا السياسة والحكم لا علاقة لها بالدين..فالحلال والحرام خارج قاموس الديمقراطيين ..لذا فإنه من حق أي نائب أن يعترض على حكم من أحكام الله عز جل ويرى أن هذا من حق منتخبيه.وأن الأصل أن تكون السيادة في التشريعات للشعب..
ويجب أن نفرق بين"التنظيمات الإدارية"وبين"التشريعات والقوانين" فالتنظيمات الإدارية أمرها مفتوح للناس مثلا أن يقسموا الوزارة أو الإدارة أو المؤسسة إلى شؤون كذا وشؤون كذا..وبين التشريعات والقوانين..والأحكام..
فالتشريعات والقوانين موجودة من الله عزوجل فالحلال ما أحله والحرام ما حرمه..وليس من حق أحد أن يعترض على حكم الله..فالاعتراض على حكم الله كفر ناقل عن الملة..يخرج عن الإسلام..-كما مر معنا شيء من هذا في رسالة تحكيم القوانين-..((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون))..((فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))..
ولهذا الديمقراطية تنازع الله في شرعه وفيما هو من خصائصه..وهذا من الكفر المبين المخرج عن دين المسلمين..
ونكمل في القادم من الأيام إن شاء الله تعالى..
عيوب الديمقراطية!..
الفرق بين الديمقراطية والشورى الإسلامية!..
الروابط المفضلة