بسم الله الرحمن الرحيم
وقفتنا الآن مع العامل الثاني من عوامل الارتقاء الإيماني..
صلاة خاشعة..
الصلاة نور..الصلاة هذه الشعيرة العظيمة التي فرضت من فوق سبع سماوات..
والتي أصبحنا نؤديها كحركات آلية..لا نكاد نحس فيها روحا..ولا نجد لها أثرا..
هذا المعين الذي لا ينضب..هذا الغذاء والزاد الروحي..
في الصلاة تتعلق القلوب بباريها وخالقاه ورازقها سبحانه وتعالى..
نعم.. نحن نصلي ولكن أين نحن من صلاة عبدالله بن الزبير..
حينما قال عبدالرحمن بن أبي مليكة وهو من أجلة التابعين الفضلاء..
سأله عمر بن عبدالعزيز ..كيف كان عبدالله بن الزبير يصلي؟!..
فقال: ياعمر لقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء..ولقد كان يركع ويسجد فينظر إليه الرائي..فيحسبه من طول ركوعه وسجوده ثوبا مطروحا..أو جدارا قائما..ولقد كانت تقف العصافير من فوق ظهره وكاهله..ووالله لقد مرت قذيفة منجنيق أيام قتاله مع الحجاج ما بين لحيته وصدره فوالله ما اهتز لها..
وما تحرك ..وما أحس بها..وما أسرع في قراءة..وما قطعها.. الله أكبر..الله أكبر!!!!..
كانت القلوب إذا دخلت إلى الصلاة فرغت من كل شيء..
أين نحن من صلاة حاتم الأصم..الذي قيل له كيف تصلي؟!..
فقال:أتوضأ فأسبغ الوضوء..ثم آتي إلى موضع الصلاة بسكينة ووقار..فأكبر تكبيرا بتحقيق..
وأقرأ قراءة بترتيل..وأركع ركوعا بتخشع..وأسجد سجودا بتذلل..وأتمثل الجنة عن يميني..والنار عن شمالي..والكعبة بين حاجبي..وملك الموت فوق رأسي..وعين الله ناظرة إلي..وذنوبي محيطة بي..وأتبعها الإخلاص ما استطعت..ثم أسلم..
ولا أدري أتقبل مني أم يردها الله علي..
مع كل هذا التعب..وكل هذا الإخلاص..ويقول: لا أدري أتقبل مني أم يردها الله علي..!!
لقد كان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام يقول لبلال:أرحنا بالصلاة يا بلال..
ويقول:جعلت قرة عيني في الصلاة..
إن الخشوع في الصلاة عمل ..ويحتاج إلى جهاد وتعب..
وقد وعد الله من جاهد أن يهديه ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا))
ولذلك قال بعض السلف وأظنه ثابت البناني:كابدت الصلاة عشرين سنة(يعني تعبت مع نفسي ومع إحضار قلبي في الصلاة والخشوع عشرين سنة..ومرة ينجح ومرة يفشل) يقول:ثم تنعمت بها عشرين سنة..
نعم صدق الله ((لنهدينهم سبلنا))..
الصلاة بهذا الشكل تكون ناهية عن الفحشاء والمنكر وبالتالي يرتقي مستوى الإيمان..
ومن لم تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليراجع صلاته..
إن الصلاة أنس للعبد..كان بعض السلف يقول:إني لآتي إلى الصلاة وأنا أحمل هم خروجي منها..
فقد كانوا يشتاقون إلى الصلاة..
وكما يقول سفيان الثوري:كنا إذا أقبل الليل فرحنا...لم؟؟
فرحا بالصلاة وقيام الليل!..
ويقول عدي بن حاتم: والله ما حضرت صلاة إلا وكنت متوضأ لها ومتهيأ لها بالأشواق..
إن الصلاة بهذه الكيفية وبهالشكل تخفيف للإنسان..
عندما يدخل ويناجي مولاه..خاشعا متضرعا إليه..متذلللا بين يديه..
يشعر براحة نفسية عجيبة..فتخف عنه ضغوط الحياة ومشاكلها..
يطمئن قلبه وترتاح نفسه..
كما أنها تخفيف من الخطايا وتكفير للذنوب..
فيالله كم للخشوع في الصلاة من فوائد..
أجزم أنا لو صلينا صلاة خاشعة..لكانت حلا لكثير من مشاكلنا الإيمانية ..
ولارتفع ميزان الإيمان في قلوبنا ووجدنا لذته وحلاوته..
بل ووجدنا من التوفيق والتسديد من رب العالمين ما تقر به أعيننا..
فنسأل الله تعالى صلاة خاشعة..
وإلى اللقاء مع عامل آخر من عوامل الارتقاء الإيماني..
أخوكم
أبو خالد
الروابط المفضلة