بناتنا وثقافة السندويش ( 1 )

كان لإبتكار فكرة الوجبة السريعة تعود الى رجل ينتهي اسمه ب (ساند ويتش )، حيث راجت وانتشرت بشكل سريع ومقبول ومحبوب ايضا !
ومازالت فكرة السندويتش تدخل في كل شيء ، فأصبح كل شيء كبير صغيرا ، وكل شيء طويل قصيرا ، وكل شيء ثقيل خفيفا ، وكل شيء كثير قليلا ،
وبسبب ذلك استغنى الناس عن كثير من معوقات تسهيل الحياة ، فأصبحت حياتهم اكثر عملية واكثر فاعلية واقل مشقة ، وكأن السندويتش قد ابرز
للحضور قانونا غير في كثير من مجريات الحياة يقول : كن خفيفا وعمليا وفاعلا .
ولا أريد ان اضخم من دور تلك الخبزة التي اطلق عليها العرب اسم ( شاطر ومشطور وبينهما فالق ) لأنها بالتأكيد لم تدخل في مجال الصناعات
التقنية ،ولا هندسة الفلك او علوم الأحياء ، كما اني لاأذكر ان السيدة ( كوري ) قد اشارت اليها في أحد كتب الفيزياء .
اردت بتلك المقدمة الغريبه نوعا ما ان الفت النظر الى موضوع مهم يهم كل شباب وشابات المسلمين وهو ما اشرت اليه بالعنوان (بناتنا وثقافة السندويتش )
بادي ذي بدء اقول إن المتأمل لأحوال الطلاب والطالبات هذه الأيام في النواحي الثقافية يجد ان ذلك العنوان ينطبق عليهم بتمامه ! وهذه حقيقة مرة
فعلا ، ولا أعلم لماذا لايتألم الوالدان لهذا الأمر فضلا عن ادارات المدارس بله الوزارة نفسها التي يقع عليها الواجب الأكبر في التقصير الذي يوازي
تقصير وزارة الإعلام في ايجاد المناخ الثقافي الإسلامي المؤصل على قواعد وعلوم المعرفة الإسلامية .
يقول العلامة (ابن خلدون ) في مقدمته في تعريفه لكلمة (التربية ) قال : التربية هي نقل الحضارة من جيل الى جيل ، وهذا لعمري من اجمل واشمل
التعاريف التي قرأتها عن ذلك الرجل الذي كان في زمانه يعتبر علما من أعلام علم الإجتماع ، ولازال !
ونحن هنا نقول كيف يستطيع جيلنا ان ينقل حضارتنا الى الجيل الذي بعده دون ان يكون لديه قواعد اساس في كل المعارف وفي شتى المجالات ولكن
من منظور اسلامي ؟؟ الجواب انه لن يستطيع ولن تستطيع بناتنا ذلك مادمن لا يستطعن ان يتجاوزن ثقافة السندويتش !
ف ثقافة السندويتش موجودة في كل مكان ! فالتلفاز مثلا وقنواته الفضائية والأرضية والمعارف التي تقدم فيه سرعان ما ترى سرعان ماتنسى
والصحف والمجلات إلا من رحم الله سرعان ما تقرأ سرعان ما تهمل !وبعض الكتب الحديثة ايضا قدتأثرت بتلك الموجة العارمة من التسطيح
للمعلومة ، حتى اعتاد القارئ ( هذا إذا وجدناه ) على المعلومة الخفيفه السريعة الي لاتستقر في الذهن ولا يضر المرء نسيانها ! بل حتى بعض المناهج
التعليمية قد اصابتها لوثة ذلك الوباء ، الأمر الذي جعل جل الطالبات يقتنعن قناعة لاتقبل المساومة ان المرحلة الدراسية وعلومها هي كل على الأكتاف
وجب ازاحتها ! ولم يقتصر الأمر على الطالبات حتى استشرى في المعلمين والمعلمات ، فصارت رهقا اكيدا وهما جاثما على الصدور الى ان تنفضي
سنة لتتبعها أختها !.
وبسبب ذلك انظروا الى بلاد المسلمين من شرقها الى غربها ، تفتقر الى مراكز الإختراع والأبحاث ، وتهرب منها العقول المتميزة ، بل وتهرب منها الأموال
للإستثمار في الخارج ، ويكثر الجهل مع اننا فضلنا بوحي السماء ، ويكثر الفقر مع اننا نملك اغنى بلاد الثروات الأرضية ، بل ونتفاخر بأن لدينا اسوأ
الإدارات الا وهي الإدارة المركزية ، حتى فشت في مجتمعاتنا الطائفية والعصبيات القبلية ، وكثر بيننا التحاسد والتباغض والإقتتال على الدنيا!!
ولكن ماذا نفعل وقد وجدنا هاهنا ؟
أقول لايجب ان نتمثل الآية ( إنا وجدنا آبآانا على امة وإنا على آثارهم مقتدون )! بل إن هناك اكثر من حل ، ولكني لن اتفرد بالحل هنا ، لأن
الموضوع مهم جدا .....!جدا .....!جدا .....!ويهم كل شخصة وشخص من القراء وحتى غير القراء !
فهلا ساهمتم معي في ابداء الرأي في هذا الموضوع الجلل ؟؟
ولكي اسهل عليكن وعليكم الأمر ، لااريد سردا لكلام طويل ، بل نقاطا ورؤوس أقلام ، وجزاكم الله خيرا أجمعين آمين .

أوراق الزيتون00

حتى المناهج الدراسية أيضاً يردن الطالبات من المعلمات التخطيط فقط على المطلوب وتحديد المهم !!!

وهذا كلامي من خلال تجربتي 00

وهل اكثر من هذا علة ؟؟؟

هذاصحيح ،
ولكن نحن المربون يجب ان نسأل انفسنا هذا السؤال :
لماذا يفعلن ذلك ؟
من وجهة نظري اراهن محقات فيما يفعلن ! وقد تعجبين من ذلك الجواب ! وهنا اقول اسألي كل طالبة : مذا تعني لك الدراسة ؟ سترين ان كثيرا منهن لن يعجبك جوابها ! لماذا ؟ لأنها تعبر عن واقع الحال التي هي فيه ، وبمعنى أوضح إنها تقول لك بمعنى كلامها : انا اقضي عمري كله في الراسة وبعدين ساتزوج واقعد في البيت ! وش فايدة هالسنين اللي قضيناها في الظغط النفسي في هالمدرسة ويمكن بعدها الكلية ؟ ستقولين لها لا العلم مهم ووووووووووووووووو...........
ستقول لك نحن لسنا مثل الرجال ، نحن محصورون ومقيدون في امور ووظائف معينة ( هذا اذا حصلت على وظيفة ، ياحسرة ) ، فالحقيقة التي تفرض نفسها هنا هي ( ماهم الهدف المراد من التعليم ؟ للبنات او حتى الأولاد ) وهل وضعت استراتيجية فاعلة لتحقيق هذا الهدف ؟
فالأمة الإسلامية على وجه الخصوص تشتكي من السياسة التعليمية وشرذمتها منذ 300 سنة تقريبا ، وكما فهمت منك انك معلمة ، اي انك ترين تلك الصور والمآسي يوميا التي ترسم حطوطها على تعابير وجوه الطالبات وخاصة في ايام الإمتحانات ! حيث يكثر التبرم واقتراح الحذف ، مع وجود الغش ايضا !
وهنا استطيع ان اذكر لك اسم مجلة ( المعرفة ) الشهرية والتي يعرفها كل مدرس ، حيث تقرأين فيها آهات وزفرات المدرسين والمدرسات نحو سياسة التعليم عندنا ، وهذا يدل دلالة واضحة على ان المربي الأول ( المعلمة ) غير راض عن الوضع المزري .
واخيرا وليس آخرا فإن الدكتور طارق السويدان كانت له ندوة رائعة جائت في محطة الجزيرة استعرض فيها ازمة التعليم في العالم العربي وقارنها بمستوى التعليم في اليابان وامريكا ( وكأنه قارن بين الثرى والثريا ) ثم وضع اقتراحاته البناءه التي يعلم حينها انها لن تطبق ! لأنها تكلف فلوس وميزانية تؤثر على الإقتصاد ، لذا من الأفضل ان يعيش الناس على الأساليب القديمة في التعليم ( لأن فاقد الشيء لايعطيه )، لذلك ليس لنا نحن الوالدان الا ان نثقف اولادنا عنطريق البيت والمسجد ، وهنا تبرز اهمية تكوين المكتبة في كل بيت !
وفقنا الله وإياكم لكل خير وأعاننا على تربية اولادنا .

العلوم بين ايدينا أكثر من اي وقت مضى ، ومن اراد النبوغ يسعى له بارادته دون اجبار دراسي رسمي في قالب .. واعتقد ان الأوائل ممن نبغوا في العلوم التي ملأت الدنيا
خير دليل على ذلك ...المهم هو دور ولي الأمر من اب او ام او مدرس ونحوهم في صقل هذا الموضوع لدى الفرد وتحبيبه وترغيبه دون فرض .

فحكمة نغرسها في عقل الطفل مثل ( خص كل يوم ربع ساعة على موضوع معين تصبح عالما ) تربي فيه حب الأطلاع والقراءة التي تنمي ثافته بكامل ارادته .

نعم ،
لقد أصبت عين الحقيقة ، ولهذا فنحن نتجرع مرارة ذلك الجهل المطبق بعد ان هجرنا اول امر سماوي نزل وهو ( إقرأ ) .

بارك الله فيكِ أختي اوراق الزيتون

عندي سؤال اعتقد انه يتعلق نوعاً ما بالموضوع المطروح
و لو بشكل غير مباشر
اتمنى ان اجد الجواب عندكم
طالما اني لمست تعمقكم بهذه الامور......

السؤال هو:

هل كلمة مشكاة ، هل هي أصلها من اللغة العربية؟

و السلام

للأخت الثريا ...
لم أجد تلك الكلمة في بعض المراجع التي لدي ( القاموس المحيط ) ، فأرجو المعذرة .

أوراق الزيتون ، حديثك ذو شجون !!
الشكاية واضحة في لغة خطابك ، وانتقال العبارات والأفكار في مقالك يدل على ذلك ، فالعنوان عن الفتيات ، وهاهو ذا يأخذ جانب الشمولية في طرح الهم والتشكي ..
ومع هذا فإني أريد أن يكون حوارنا موضوعياً بعيداً عن التشكي والقفز ، لأقول :
1- الثقافة ليست هي القراءة ، وإنما القراءة وسيلة من وسائل نقل الثقافة .
الثقافة أختي الفاضلة تشمل كافة جوانب الحياة لأي مجتمع ، من معتقدات وعادات وأساليب العيش . وإن كنت أحب أن تُتداول الألفاظ الشرعية كتعبير الشرع أو الدين ، لأن الدين هو الحياة { أو من كان ميتاً فأحييناه } ، و{ وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } . ونحن المسلمين لنا خصويتنا الثقافية لكونها شريعة منزلة وملزمة لكل البشر . ومع هذا فإني سألتزم بالألفاظ الدارجة بين كتاب هذه الأيام ، ولعله لا ماشحة في الاصطلاح !!
نعم أختي الفاضلة ، أي وسيلة من وسائل نقل الثقافة قد تنحسر أو تضعف أو تلغى نهائياً ، ويبقى ضرورة إيجاد البديل بما لايتعارض وخصوصيتنا الثقافية ( الدين ) .
القراءة الآن ليست كما كانت من ذي قبل ،، نتفق على ذلك ،، إذن أين البديل ؟!!
2- بدل أن نهمش ثقافة التلفزيون ونهون من أمرها لنسميها ( ثقافة سندوتش ) ، لننظر ما الذي خلفته هذه الوسيلة ( الهينة ) في عقول ونفوس أجيالنا . لتمر على ذاكرتم أختي الفاضلة أفلام الستينات ومسلسات الحب والوله والغرام مروراً بإفرازات الشرق والغرب ، وقارني الحال ، سواء في أفكار الأجيال التي تشبغت من هذه الوسيلة أوفي لباسهم وطريقة عيشهم !!
ألا ترين كيف انتقلت ثقافة الآخر بعجرها وبجرها إلينا وفي فترة وجيزة عن طريق هذه الوسيلة ؟
3- أتفق معك بأن يجب أن يتضح الهدف من العملية التعليمية كوسيلة من وسائل الحفاظ على الهوية والثقافة ، فالهدف من العملية التربوية إيجاد أجيال صالحين ، ومن هنا كان لزاماً على صناع القرار ومن بيده زمام التعليم أن يسعوا إلى تحقيق هذا الهدف .
ليس الهدف من العملية التربوية النظامية- ( المدرسة )- تخريج طوبير تنتظر الوظائف ، بل إيجاد جيل صالح يفيد نفسه ومجتمعه أياً كان جنسه وفي أي مكان كان ، أباً أماً أخاً ، عاملاً في مصنع طبيباً أو معلماً .
4- البيت له دور مهم في الحفظ على الهوية والثقافة ، والمنظومة الأسرية تحتاج إلى إعادة تقويم بدءاً من الاختيار مروراً بتربية الولاد في المراحل الأولى وانتهاء بتهئية الشاب والفتاة لتحمل الأمانة .

أخوكم
صوت الأحساء

أخي صوت الأحساء ..

أؤيد كلامك 100% ، ولا اعارضك رأيك السديد ولكني لاأعول على كل أجهزة الثقافة والإعلام لأنها وانت تعلم ذلك هي تسير لتقديم المعلومة الإسلامية بسرعة 10 كم/ اليوم ، بينما تسير هي وغيرها تسير بسرعة 1000كم/الثانية في تقديم مايناقض ،انا لا اعول الا على البيت فقط بل حتى المسجد هذه الأيام يأتي بالدرجة الثانية من حيث التأثير !! ولك ان ترى كيف العلماء منقسمون على انفسهم في احلك الظروف التي نعيشها، والله المستعان .

أختي الفاضلة أوراق الزيتون ،،
الحمد لله أننا اتفقنا ، مع أننا لم نختلف !!
آمل منك أن تتأملي عبارتك التالية ( لكني لا أعول على كل أجهزة الثقافة والإعلام .. ) ، وقفي معي لحظة : أليس البيت من أجهزة الثقافة حسب ما اتفقنا عليه ؟
ثم لنفرق أختي بين الرأي الشخصي والشأن العام ، فقد أتخذ موقفاً من وسيلة ما ، ولكن لا يعني هذا أبداً أنها ليست ذات جدوى .
التلفاز مثلاً ، أنا لا أعطيه اهتماماً - بالنسبة لبيتي -، بل أنا لا أملك طبقاً فضائياً ، ولكني في الوقت ذاته أشدد على أهمية أسلمة القنوات الفضائية بغشيانها وبإيجاد البديل الناجح ؛ لكونها وسيلة من وسائل نقل الثقافة ،،
فكونك تعولين على البيت هذا رأيك الشخصي الذي لا يلغي أهمية غيره عند آخرين ، فقد يغدو المسجد عند آخرين هو الأساس للحفاظ على الهوية .
لا أريد أختي الفاضلة أن نمارس ( الرؤية الأحادية ) في النظر إلى الأمور ، ولذا فمقولتك بأن المسجد يأتي في المرتبة الثانية وتعميم الحكم بهذه الصورة قد جانبك الصواب فيه .
إذ لو تأملت أختي الفاضلة نشاط المسجد في الحفاظ على الهوية والثقافة - في أرجاء العالم الإسلامي -لرأيت كيف أدى دوراً مميزاً ، وما أمر الجمهوريات الإسلامية التي خرجت من عباءة الدب السوفييتي عنا ببعيد ، وإن كان القصور وارداً لكن الأثر ظاهر للعيان ،
ألا تتفقين معي على هذا ؟!!

نقطة أخرى وردت في آخر مداخلتك وهي دور العلماء ، نعم العلماء لهم دور بارز لا شك فيه ، ولكن لا صلة ما بين المسجد والعلماء ، فالمسجد رسالة والعالم رسالة أخرى ؛ إذ لا يعني أن من يتولى إمامة المسلمين في مسجد ما أن يكون عالماً بالمعنى الذي نعنيه بلفظة العالم .
ثم إن الخلاف بين الناس طبيعة بشرية ، وتبقى القضايا الكبار المتعلقة بمسائل الإيمان محل اتفاق لا يسعها الخلاف ،
أما مسائل النوازل فتلك لها شأن آخر ، نسأل الله لعلمائنا التوفيق والسداد .

ختاماً ،،
أشكرك أختي على طرحك واهتمامك وورقي عباراتك ،،
وحيث قد عولت على البيت كثيراً ، فهلا اتحفتنا بموضوع مستقل عن أهمية البيت في الحفاظ على الهوية ونقل الثقافة ؟
وفقك الله إلى كل خير ،،
أخوكم
صوت الأحساء