هذه اسئله لمتخصص .....كانت في حوار خاص ...واقدمه لكم عبر منتدانا العزيز ...

هل التغيير مستحيل أم ممكن؟..

من الذي يحدد ذلك؟
نحن!! أم الجميع؟

....نحن جزء من مجتمع لكن لدينا إرادة الفرد التي تلتقي مع هذا المجتمع واقعاً وإرادة.. وهذا هو الصراع الأزلي الذي يعيشه الفرد بين إرادته وواقع المجتمع؟ ومن ثم فليس عذراً كافياً بيننا وبين أنفسنا، إذ لو كان الواقع كذلك لما ظهر مبدعون، ولا نجح الناجحون، ولا تقدمت الدنيا وتغيرت، فالمشكلة والحل يكمنان - بعد إرادة الله - في الفرد ذاته، إذا أحس بالمشكلة أو وجد الطموح الذي هو طبيعة بشرية وبعد ذلك حول هذا كله إلى أفكار وبعد ذلك إلى أعمال حسب قدرته وطاقته وما يطيقه المجتمع فإنه ولا شك سيسير قدماً إلى الأمام، وينجح في القيام بالتغيير للحال التي يريد والتي يطمح لها، فإن لم يحصل عليها كلها نال نصيباً منها، ولم يمض حياته في التمني فقط والتحسر بل يتلذذ بما يحصل عليه وبما نجح في بلوغه، ويظل في سعي لاكمال مشواره ونيل مناه.
يظل السؤال قائماً، ويطرحه الجميع وهو كيف يمكننا التغيير؟ لأن التغيير ليس سهلاً وهذه حقيقة، وليس تحصيل حاصل وهناك معوقات تحول دونه، وهذه أيضاً حقيقة أخرى!!
التغيير إرادة:
وقبل ان نناقش خطة من خمسة خطوات أو أساسيات لابد من التأسيس بأنه ما لم تكن هناك إرادة فلن يكون هناك تغيير.. وكثير ممن يتعللون بأسباب مختلفة هم أصلاً لا يريدون التغيير ولم تصل قناعتهم إلى الحد الذي يدفعهم لإيجاد الإرادة التي تقود باتجاه التغيير، ولهذا على كل منا سواء كان مبتلى بضعف السلوك الديني، أو بعض السلوكيات التي لا يرضي عنها، أو بالسمنة، أو بالتدخين، أو بضعف النشاط الرياضي أو النشاط الثقافي أو عدم صلة الرحم أو أي سلوك آخر، عليه ان يناقش مع نفسه: هل أريد فعلاً ان أتغير؟، وكم هي نسبة الجدية في رغبتي وإرادتي؟ وما الذي يحول بيني وبين إرادتي إذا كانت فعلاً جادة؟.. المشكلة تكمن هنا في الإرادة، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله عن المنافقين الذين تهربوا من الجهاد (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة.. الآية). فمشكلتهم ليست عدم قدرتهم على الاعداد كما زعموا، بل المشكلة أنهم تنقصهم الإرادة ولهذا لم يستعدوا.. وهكذا في كل فعل إنسان لابد من الإرادة، وما لم توجد فكل الجهود تذهب هباء، وليس معنى هذا ان وجود الإرادة كاف، بل لابد من العمل وقبل ذلك كله قدر الله وتيسيره.
لكن لا يخفى ان من أراد فإنه سيفعل، وسيعقب فعله نجاح ان لم يكن كاملاً فجزئي، وان لم يكن فعلياً فعلى الأقل نجاح نفسي لأنه بذل السبب وسلك الطريق، ولنا في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم دليل حينما قال (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل).. إلخ الحديث، لكن من لم يخف من النار فإنه لن يدلج ولن يسير في الاتجاه الصحيح، وهكذا كل الأفعال الإنسانية والإنجازات البشرية.
خمس خطوات للتغيير:
أسوق هنا خمس متطلبات وخطوات للتغيير، تساعد كل منا في إيجاد آلية يستطيع معها تغيير بعض ما يريد تغييره من طباع أو سلوكيات، وهذا كله مسبوق بأن نصل لقناعات..
1) انك تحتاج إلى التغيير (محدد).
2) أن التغيير الذي تريده ستبدأ به الآن وليس فيما بعد.
3) أن التغيير الذي تريده محدد وليس عائماً، فلو كنت تريد انقاص وزنك فحدد الهدف الذي تسعى إليه، ولو كنت تريد إيقاف التدخين أيضاً حدد اليوم الذي ستتوقف فيه عن التدخين تماماً.
بعد ذلك يمكن لهذه الخمس خطوات ان تساعدك:
الأولى: ضع أهداف قصيرة الأمد، محدودة، وسهلة التنفيذ، وضع أيضاً أفكارك وخططك حول كيفية تنفيذها.
ما الذي تريده يجب ان يكون واضحاً من البداية، لكن المقصود هنا خطوات مرحلية محددة تسهل عليك المهمة، إذ من الثابت والمعلوم ان التغير المفاجئ مستحيل وقصير الأمد، والأهداف الكبرى لا تتحقق بسرعة بل تبنى بناء، ويصل إليها المرء بعد المراحل التي تؤدي إليها.
طبعاً هذا لا يعني عدم البدء بالتغيير لكن المقصود أنه يكون مخففاً إلى خطوات مرحلية خلال مدة زمانية محددة، وتكون هذه الأهداف مكتوبة مع مرحلتها الزمنية بقدر المستطاع.
شيء رائع تنتجه المرحلية هو شعور بالنجاح عندما تحقق الهدف الذي حددته لتلك المرحلة، لأننا لا نستطيع الاستمرار ما لم نحصل على التشجيع اللازم.
وهذا يصدق على الجميع، انظر إلى الطفل وهو يتعلم المشي لا بد له من مرحلية، وهو يكافأ من قبل الجميع بالتشجيع والتبريك عندما يقطع أي مرحلة، ولو لم ينل التشجيع لأنه وقف ولو قليلاً، أو لأنه خطا خطوة متعثرة، فإنه لن يكمل المشوار، نحن مع أنفسنا كذلك، نحتاج أن نضع أهدافاً نشعر بالنشوة عند تحقيقها وننام قريري العين، ممتلئة نفوسنا ثقة أننا قطعنا شوطاً وسنستطيع اكماله.
هنا نقطة اختم بها وهي أن البعض منا ليس لديه فكرة عن كيفية تحقيق هدفه، أو كيف يمكنه تقسيمه لأهداف مرحلية، عندها عليك اللجوء لمن جربوا ما تريد فعله أما عن طريق الكتب أو عن طريق التعرف والشبكة العنكبوتية، أو اللجوء للمختصين في الجانب الذي تريد تغييره.
ثانياً: البحث عن الدعم المناسب:
التغيير من الأمور الصعبة التي تحتاج إلى مساندة ودعم، فقد تستطيع دعم نفسك بنفسك لكن لو استطعت الحصول على الدعم ممن حواليك فإن هذا هو الأفضل سواء من الزوج أو الزوجة، أو القريب، أو الصديق أو غيرهم ممن يهتم بك، ويمكن الحصول عليه من الدعم الجماعي الذي يقدم أحياناً لمن يريدون التخلص من عادة سيئة موجودة لديهم جميعاً، الدعم الجماعي أو الفردي هو الذي يبقي الإرادة قوية ويخفف من آثار الفتور التي تطرأ على الإنسان، إذ كثيراً ما ننهزم في بداية الطريق أو وسطه لكن إن كان هناك دعم مستمر فإن الأمريكيين أيسر واهون.
وربما يكون الدعم من طبيب إذا كنت تريد التوقف عن التدخين مثلاً، أو من طبيب أو اخصائي تغذية إذا كنت تريد تخفيف الوزن، أو من مدرب اذا كنت تريد الحصول على لياقة لان شعورك أن أحداً سيسألك ويتابعك ويبارك نجاحك أو يعتب عليك عندما لا تقوم باللازم.. هذا الشعور يدفعك للصمود والاستمرار في عملية التغيير.
ثالثاً: الصمود لمدة شهر أو شهرين والتجريب خلال هذه المدة للحصول على ما يناسبك من نظام.
والسبب هنا انه لا بد لك من اعطاء نفسك الفرصة للتعود والتأقلم مع التغييرات المطلوبة، فالبداية الأهم وهي الأكثر صعوبة وأشد ألماً، وبعد أن تنسجم معها يصبح الأمر أبسط مما تتوقع، ويقول بعض الباحثين أن مدة 21يوماً هي مدة تأقلم الإنسان والجسم على السلوك الجديد، فلو أوقفت التدخين لمدة 21يوماً فإن جسمك سيتأقلم بعدها، ولعل في شرعنا ما يشهد لذلك فالقيام لمدة شهر له أثر في تغيير النفس، وبعض الأحاديث تورد لفظ 40يوماً لتغيير السلوك ونيل الأجر، وقد يكون في هذا دلالة على أن 40يوماً مدة يمكن خلالها نقل السلوك الجديد إلى نمط حياة للإنسان وجسمه.
أيضاً الصبر هنا يعني عدم الملل فلو لم توفق من أول محاولة فقد توفق في الأخرى وقد تستطيع العثور على طريقة أنسب أو الانتكاس لا يعني الاستحالة بل هو نمط متكرر عند كل من يريد التغيير، المهم هو الصبر والصمود والإلحاح وستحقق الهدف - بإذن الله - ولو بعد حين.
الرابع: كن مرناً مع نفسك، وأجعل هناك مساحة للخطأ، فكل برنامج للتغيير السلوكي يجب أن يخاطب النفس الإنسانية التي تحتاج للمرونة لأنها غير مثالية، وكلما كانت الشروط مثالية وقاسية كلما كان الانضباط أصعب.
وبعض الباحثين ينصح باتباع أسلوب المكافأة المرنة لكي تصمد النفس أكثر فأكثر، فمثلاً في برنامج الحمية يسمح أحياناً بشيء من المخالفة استجابة للنفس البشرية وحاجاتها، وفي برنامج اللياقة يسمح بيوم من الاسترخاء. لكن يحسن عدم اتباع هذا الأسلوب عند من يريد أن يتخلص من عادة سيئة دائماً، مثل التوقف عن التدخين فلا يكافئ نفسه بسيجارة مثلاً لأنها ستعيد الرغبة التي خفت.
خامساً: تخيل دائماً الصورة التي تريد أن تكون عليها، وأجعلها حافزاً مهماً لك، فتخيل الحياة بلا تدخين، كيف يكون قلبك ورئتاك صافيتين، وكيف يخف السعال المتكرر الذي تعاني منه، وكيف لا يشمئز الآخرون من رائحتك.
تخيل كيف أن نجاحك في تحصيل درجة عالية في دراستك سيجلب لك الشعور بالثقة في النفس، ونظرة الإعجاب من الآخرين، والقدرة على المنافسة مع من كنت لاتحلم بمنافستهم.
تخيل نفسك ووزنك معتدل وصحتك أفضل، وانك لا تخجل أمام الناس، وأن نشاطك عال وقدرتك ممتازة جسمياً، تخيل كيف ستأتيك الرياضة بالشعور بالارتياح والاسترخاء.
وتتخيل المرأة كيف يكون قوامها عندما تفقد الوزن الزائد..
كل هذه الصور الذهنية لها فعالية عالية في دفعك للتغيير والمحافظة على جهودك والاستمرار فيها، وهي تقنية تستخدم في العلاج النفسي السلوكي، مضورة الذهن عن التغيير وحديث النفس للنفس هي من الوسائل الفعالة في تغيير السلوك.


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بقلم ومشاركة الدكتور عمر المديفر .....
استشاري طب نفس الأطفال والمراهقين والعلاج الزوجي والعائلي والطب النفسي العام مستشفى الملك عبدالعزيز ....

منقوول

بارك الله فيك...