انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرالأخير
عرض النتائج 21 الى 30 من 40

الموضوع: ¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥

  1. #21
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    صار جمال في الخامسة عشر من عمره,لا يعرف إلا أربعة أماكن البيت، المدرسة، المسجد الذي في الحي، ومسجد الشيخ عبد السلام في البلدة، يذهب كل خميس فيستمع إلى درسه، ينتظر بفارغ الصبر لقائه مع شيخه، يطلب من محمود أن يرافقه للمسجد، لكن محمود يرفض متعللاً بضيق الوقت. أما في المدرسة فصداقة حميمة نشأت بين جمال، ضياء، عبادة، اللذان يشعران بأن ألما دفيناً في قلب جمال، يروه ينشد في حصة الفراغ بعيداً عنهم، ويذرف الدموع، حينما يرى ضياء دموع جمال، يرجع حزينا إلى المنزل وحين يسأله أبوه عن السبب، يجيب ضياء، هي دموع جمال التي لا نفهمها.




    اقترب جمال من الشيخ عبد السلام وقال:يا شيخي(طأطأ رأسه)إن شبح المستقبل يرعبني، كلما خطوت خطوة، خوفني بأني مقتول لا محالة، فيأمرني بالركون وانتظار القضاء دون عمل،فماذا أفعل؟
    الشيخ عبد السلام: ارفع أكف الضراعة، وأخلص في الدعاء، أن يبعد وساوس الشيطان عنك.
    جمال: ليست وساوس يا شيخي إنها سهام الغدر، تنتظر اللحظة المناسبة لتنهش جسدي.الشيخ عبد السلام: تردها سهام الليل التي لا تخطئ، فالدعاء يرد القضاء.
    ابتسم جمال بألم: تذكرني بدعاء أمي، التي لا تفتأ تدعو الله بأن يرد كيد من أراد بي سوءً إلى نحره..لكني.. مازلت خائفاً مما سيكون.
    الشيخ عبد السلام: يا ولدي..إن رباً قد كفاك بالأمس ما كان، سيكفيك بالغد ما سيكون.





    كان جمال يغير قميصه في الغرفة،فدخل معتز دون أن يستأذن، فأمسك جمال غطاءه بحركة سريعة ولفه حول جسده وصرخ غاضباً:ألا توجد خصوصية في هذا المنزل.
    دخل محمود وسأل بحزم وتسلط:ما الحكاية؟
    معتز:يسأل عن الخصوصية، استيقظ يا فتى، إن هذه الغرفة غرفتي وأنت من انتهكت الخصوصية، فالدار داري والغرفة غرفتي.
    قام محمود بتأنيب معتز، لكن جمال قال وهو يحاول التخفيف من حدة التوتر:أرجوك يا عم لا تصرخ فيه،ما قال إلا الحق،داري هي الأندلس وسأعود إليها بإذن الله(والتفت إلى معتز)أنا أعتذر، ولكني يا معتز مازلت احمل أسراراً لا أقوى على ذكرها فلا تلح في معرفتها.
    وخرج ثم انفجر معتز ضاحكا من منظر جمال عندما لف الغطاء فقال محمود مغتاظا: لو كشف عن صدره، لاكتشفت بأنك قزم.
    أحس معتز بالخزي وحقد على جمال..




    كان جمال يجلس كعادته قرب الباب يقرأ كتابه، ثم دخل الدكتور رائد إلى الفصل ليتابع دراسة ابنه ضياء مع معلميه، مشى الدكتور إلى المعلم، وكان جمال خلفه، فتوتر جمال وغطى وجهه بالكتاب، وعندما انشغل الدكتور رائد تسلل ليخرج من الفصل، فقال الدكتور لجمال: لا بد أنك الطالب المتميز جمال لمتونه.
    توتر الفتى ..استدار ثم استدار الدكتور رائد، بدأ يعدّل نظارته بتوتر وينظر إلى الأرض، مشى الدكتور رائد نحوه و اقترب منه أكثر فأكثر وبدأ يتأمله .. رفع جمال رأسه ونظر إلى الدكتور رائد الذي قال برفق:هل أنت جمال لمتونه الذي يحبه ابني ويذكره بالخير دائماً.
    ضياء: أجل يا أبي.. بل كلنا نحبه ونقدره ونحترمه ..ولكنه شخصية حساسة وخجولة.
    الدكتور رائد وهو يتأمل جمال:أريد أن أشكر الفتى النبيل الذي قد بدل حال المدرسة إلى كل خير.
    جمال يهمس: أمثلك يشكر مثلي!؟
    تأمل الدكتور رائد وجه جمال وبدأت الذكريات تطوف حولهما، ابتسم الدكتور رائد وقال له: هل تعرف؟ أن مهنتي طبيب .
    ظل جمال متجمداً انحنى الدكتور رائد وضع رأسه على صدر جمال لثواني معدودة ثم رفع رأسه و ابتسم ثم قال مداعباً: سبحان الله! قلبك في صدرك؟!
    ضحك كل الطلبة وابتسم فأردف: تحمل قلباً ينبض بالحكمة .
    جمال يبتسم بلطف ويهمس:ويشكرك في كل نبضة، ويرجوك بأن لا تكشف سره.
    نزلت دمعه من عين جمال..فقال الدكتور رائد برقة: أتسمح بأن أحتضن الفتى الذي يحبه ابني.
    هز جمال رأسه بالموافقة..فعانقه الدكتور رائد وهمس:اسمع يا بني إن السر الذي تحمله شرف لك، فلا تخجل منه أو تحزن .

  2. #22
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    قبل أن يرجع جمال إلى المنزل، في أحد الأيام، ناداه ضياء وسأله: لدي مسالة في الفيزياء لا أعرف حلها، هل تساعدني قبل أن ترحل.
    رحب جمال بشدة ومشى نحو أقرب عامود خارج المدرسة واتكأ على العامود، فتح الكتاب...
    لكن فجأة قام عبادة بدفعهما وإيقاعهما على الأرض! لأن عربة تمضي بسرعة جنونية تتجه نحوهما،كانت ستدهسهما،أما صاحب العربة لم ينتبه للعامود، فصدم عربته، وأصيب إصابة بليغة، أسرع عبادة وجمال لإنقاذ الرجل، وإذا بجمال ينظر إلى الرجل ويمتقع وجهه..صمت لحظات، ثم نظر إلى ضياء متكدراً وقال عبادة: لنتصل في المستشفى فيحضروا عربة إسعاف.
    ضياء: التأخير ليس من صالح الرجل ..
    هرول المدير إلى الفتية فزعاً، ليكتشف الموقف، وأحضر عربته، فحمل مع الفتية الثلاثة السائق المصاب إلى داخلها، ومضت تبتلع الطريق لتصل إلى المستشفى، في أثناء الطريق كانت حالة السائق حرجه، فقام جمال بتدليك قلبه " بالإنعاش القلبي" حتى يتدفق الدم، فتح الرجل عينيه فذهل، وقال بصوت منهك: أأنت من ينقذني؟(لم يرد جمال فقال الرجل بألم)سامحني يا ولدي.
    جمال يدلك قلب الرجل ويبكي ويقول:أسامحك؟كيف لي أن أسامحك وقد دمرت حياتي؟ ثم جئت لتقتلي مرة أخرى،مع صديقي أيها الفاجر، كنت تلاحقني سنين لتقتلني بدون سبب..كيف لي أن أسامحك؟
    الرجل بصوت منهك:لست أنا.. كان كونزالس....وكانت ليديا.
    صمت جمال وبدأ يدلك القلب مذهولا، أما صديقاه والمدير... فلم يفهم أحد القصة؟




    عندما وصل الرجل إلى المستشفى أسرع الممرضون وضعوه على سرير وجروه في الممرات لينقلونه إلى غرفه العمليات، وجمال يجلس على السرير ويقوم بانعاش قلبه! فتعلق الرجل بقميص جمال الذي ملأ الرعب قلبه وتجمد الدم في عروقه، فلفظ عبارته الأخيرة:كنت الدليل الوحيد على مكانك، لن يصلوا إليك مرة أخرى.
    ثم مات..وصل الدكتور رائد متأخرا هو والدكتور راشد سوياً، قال ضياء: يا أبت, لقد أردنا إنقاذ الرجل أنا ورفاقي، لكنه قد مات.
    نظر الدكتور رائد إلى جمال، كان يجلس على الأرض يمد قدميه ويسند رأسه على الحائط، فضحك جمال في بلاهة ومرارة قال ببطء:قد جعل الله تدميره في تدبيره.
    المدير وقد اقترب من جمال وقال: ما حكايتك يا جمال مع هذا الرجل؟(لم يرد فقال)يا بني تكلم ولا تخف.
    جمال وهو يهز رأسه مذهولا: هما يعرفان الحكاية (نظر إلى الطبيبان وسأل)ألم تعرفاه؟ألم تتذكراه؟ هذا من طعن سمية.
    أمسك الدكتور رائد كتفي جمال وأوقفه ثم هزه بقوة وقال: أهو ..هو؟
    هز جمال رأسه بالموافقة، تملكت الدهشة الدكتور رائد وقال بذهول:لله درّك يا فتى..لماذا أنقذته؟
    جمال وقد اختنقت العبرة: خفت من الله أن أترك جريحاً دون أن أنقذه..
    لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا * * * فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
    تنام عينك والمظلوم منتبه * * * يدعو عليك وعين الله لم تنم
    وغاب بعيدا عن نظرهم، يمشي ببطء، ودماء الرجل تلطخ قميصه،يردد(وعين الله لم تنم) وسط دهشة من حوله





    دلف محمود ومعتز إلى المنزل وجلسا حول مائدة الطعام، صار معتز ينادي: يا قوم أنا جائع، أمي سمية..فتى الأندلس.. اجتمعوا حول أبي فهو لا يأكل إلا وعائلته حوله..
    جلست سمية متوترة .. محمود نظر حوله فلم يجد جمال فقال مستغرباً: أين جمال؟
    كانت يدا سمية ترتجف، تخفي رعبها فقالت: لم يعد بعد..
    فزع الاثنان، قفز معتز وقال مستعجلاً: أبي أبقى مع الخالة.. أنا سأبحث عنه في كل مكان..أعرف منازل أصحابه، لن أترك مكاناً دون أن أبحث عنه فيه.
    بدأ محمود يخفف عن سمية أما معتز هرول خارج المنزل يبحث عن جمال،وما أن خرج حتى اتصل راشد.



    رجع معتز بعد بحث مضني،وقد مضى وقت طويل وهو يبحث. وفي آخر المطاف علم أنه كان مع ضياء ولم يعرف أكثر من هذا،فرجع إلى المنزل, أول ما دخل رأى محمود يساعد جمال على الجلوس فسأل معتز:أين كنت؟
    جمال وقد استنشق الهواء وملآ رئتيه:كنت أتمشى وأشم ريح الحرية ؟
    اشتط معتز غضباً وقال: يا سبحان الله ! تشم ريح الحرية، وأنا أدور كالمجنون أبحث عنك..(هز رأسه ) لا بأس.. فذنب جمال مغفور..هو جمال الدين..جمال العلم ..جمال الأخلاق، أما أنا (وقال بمرارة)أما أنا يا أبي..لا شيء عندك...أن قيمتي عندك كهذه.
    وبصق على الأرض، فضحك جمال! ووقف بصعوبة، وقف مقابل معتز بعد أن أمسك بكتفيه كأنه يستند عليهما وقال: ما كنتَ يا معتز يوما كما قلت،وما ستكون(ثم ضرب صدره بلطف)إنك أكبر من هذا بكثير ولكنك لا تعلم، وما كان جمال يوما، جمال الدين والخلق والعلم، لولا أن رزقه الله أبا وأخاً يضمدان جراحه،إن كنت ترى نفسك هكذا فأنا أراك شيئا آخر،أراك أصغر مني عمرا، لكنك أكبر مني قدراً.



    لاحظ معتز توتر الغرفة، وانتبه إلى الدماء الملطخة على قميص جمال، فأمسك أطراف القميص وسأل: دم من هذا؟
    جمال: دم رجلٍ قتلته سمية(فزع معتز) قتلته بدعاء الأسحار، دعت عليه بأن يرد الله كيده إلى نحره، فجعل الله تدميره في تدبيره، قالها الشيخ عبد السلام، سهام الليل لا تخطئ، لله دره، أتطلع على الغيب؟ أم أنها من سنن الحياة التي لا جدال فيها،(ثم سكت) كنت أنا من أنقذته(وانفجر ضاحكا)تدعوا عليه سمية وينفذه ابنها، أعطيته ما يسمى بتدليك القلب، أدلك قلبه حتى إذا ما شفي غرس السكين في صدري وصدر سمية مرة أخرى.
    أراد معتز أن يتكلم لكن سمية وقفت، ضربت على الطاولة، صرخت في وجهه:هل حاولت إنقاذه لتتشدق..
    جمال ينادي بهذيان وهو يدور حول الغرفة:بل لأني مسلم عربي أندلسي، أنا حفيد يوسف بن تاشفين وعبد الرحمن الداخل، قرشي لمتوني، وأصل لمتونه يمني، أنا أموي أمازيغي،مشرقي مغربي، أنا ابن المشرق والمغرب وأبي قد ولد بينهما، إن نسي أبي فلن أنسى، إن ضاع أبي فلن أضيع، إن شط أبي فلن أشطت، ولأني ابن سمية (وضع كفيه على كتفي معتز هزه وسأله)أتعلم يا معتز من تكون سمية؟
    هز معتز رأسه ومط شفتيه ثم قال: حفيدة ماري أنطوانيت ولويس السادس عشر؟
    جمال هز رأسه نافياً: إنها من رسمت سطور المجد في كتاب البداية والنهاية، ولكن صاحبي ابن كثير نسي أن يذكرها .
    معتز هز رأسه ساخرا:إذن فأنت الكتاب الذي طعن صدر غلافه وسالت قطرات الدم على صفحاته؟
    قدّ جمال قميصه وصرخ: ((أجل))
    فذهل معتز من المنظر، ثم تجمد مكانه وقد ارتعدت أوصاله من الخوف،كانت الندب في جسد جمال متناثرة تدل على آثار طعناتٍ قديمة فقال:بل.. إنها طعنات غرست في صدر ابنها وصدرها، فاختلطت دمها ودمه على صفحات الكتاب...ثم أمسك الفاجر بذراعيها ثم...
    محمود صارخا وقد قاطعه:ثم كنا أنا وراشد ووالد ضياء أقرب إليها منه يا جمال،نقلناكما إلى المستشفى، عالجناكما، أحببت أمك وتزوجتها(قال بحزم)انتهى.
    قالت سمية بحزم: نعم ..كفي(اقتربت من ابنها وقالت وكأن معركة لم تكن)لقد روّعت معتز فكان يبحث عنك وأنت تتمشي، يجب أن تنال عقابك.
    جمال وقد هز رأسه: أجل، لنعد إلى معتز،سأعطيك نقوداً حتى تذهب إلى المطعم مع أصحابك..هيا يا رجل..اذهب واستمتع بوقتك.
    معتز وقد حاول أن يتماسك: لا شكراً أبقي نقودك لنفسك..أذهب وحدي بنقودك..سأغصّ في كل لقمة..
    محمود:إذن اذهب معه يا جمال ...(واستأذن من سمية) قتل الله من كنتِ تخشينه ..فارفعي الحظر عن الفتى..دعيه يعيش حياة طبيعية.
    فكرت سمية وقالت:لا.. سنذهب كلنا، بما أن الدليل قد مات، فأنا الأولى بأن أشم ريح الحرية.
    دهش الجميع، وذهبت لتلبس، فقال محمود لجمال ومعتز بتوتر:هذه المرة الأولى التي تخرج فيها سمية ,أقصد ..هل تسمحا بأن أخرج معها هذه المرة ..أقصد..
    معتز بخبث:سبحان الله! كنت تشفق على الفتى قبل قليل، والآن تريد أن تخرج معها وحدكما إلى المطعم!
    أحمرت وجنتيه خجلا وتوتر أكثر، فعدل جمال نضارته وتأمل محمود، ثم قال ببراءة ولم يفهم:لا بأس، اذهب معها وحدك،لا أفهم لماذا كل هذا التوتر؟
    معتز بخبث: أفلا يتوتر وقد تزوج امرأة أنت ابنها؟( وضع ذراعه حول رقبة جمال قاده إلى الغرفة)أعذرك، لن تجد سبب توتر أبي ، عاشق سمية في كتاب صاحبك ابن الكثير،(نادى مازحاً)سامحك الله يا أبي، أتذهب مع سمية وتتركني مع ابن سمية؟




    كان جمال يقف أمام المرآة يتذكر الحادث ويتأمل مكان الطعنات التي في جسده، كانوا ستة طعنات، واحدة في كتفه واثنتان في خاصرته، وأخرى عند ذراعه، واثنتان في صدره، دخل معتز في الغرفة فجأة، أراد أن يعتذر ويخرج لكن جمال منعه اقترب منه وقال بصوت متقطع، وكان صدره يعلو ويهبط من شدة الاضطراب: لقد..كنت..ضعيفا..لم أقدر على حماية أمي،طعنني..لا أعرف أصف الألم الذي كان في جسدي ثم..طعنها،أمسك ذراعيها أغمضت عيني(أغمض عينيه)وفقدت الرغبة في الحياة..كنا بلا مأوى لأن..
    اقترب معتز من جمال وقال بحنان: هشش..إن ما حدث هو كما قال أبي... أنا قزم أمامك أيها الجبل الشامخ، فسامحني لأني تطاولت عليك.
    عانق جمال و بكى..فاحتضنه جمال وقال: لا يا معتز،إني لأعجز.. عن شكر الله سبحانه بأن رزقني أخا مثلك؟

  3. #23
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    ¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثامنة¸.•´♥عاصفة مجنونة.•´♥

    ::
    ::

    http://www.youtube.com/watch?v=y2JzFEAb7EE

    ::
    ::

  4. #24
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    جمال يهمس: وأسدل الليل ستارة، وأسدل الليل ستاره، وأسدل الليل ستاره
    نهض معتز من سريره وقال غاضباً:أجل، أسدل الليل ستاره، أترك ستار الليل، فقد أسدله حتى ننام ونرتاح، حتى إذا طلع الفجر، استيقظنا نشطين.
    جمال وهو يتأمل يديه اللتين سطع عليهما نور القمر وقال بإصرار:لا يا معتز..أريد أن أسحب الستار الذي أسدله الليل بيدي هاتين،حتى يطلع الفجر سريعاً.






    في اليوم التالي، عندما اجتمعت العائلة أثناء الإفطار حول محمود، قال جمال: لقد قررت يا أمي..قررت دراسة القانون، أريد أن أسلك الطريق الذي كنتِ قد مضيتِ فيه قبل سنين.
    سمية بهدوء: أدفعك لتأخذ العلم من الشيخ عبد السلام فتترك علمه وتحول طريقك.
    جمال: إن الأمة يا أمي تحتاج إلى الشيخ عبد السلام وبحاجة ماسة إلى قائد يحترم أمثال الشيخ عبد السلام، كانوا جنباً إلى جنب في بناء الأمة، ودفع المفاسد عنها، لقد كان العز بن عبد السلام مع قطز، وكان نور الدين زنكي بين العلماء، وكان يوسف بن تاشفين يقرب العلماء، إذا انفصل الحكم عن علماء الدين تفتت الأمة، ذاك هو مجد أجدادنا، علم ودين وخلق.
    سمية مستغربة: إذن تريد دراسة القانون لأجل المجد، هذا ليس طريق سمية، بل الطريق الذي سلكه أبوك فنسي وزاغ عن السبيل ؟
    تناول جمال لقمة: لن أكون مثل أبي، أريد أن أدرس القانون لأدافع أولا عن نفسي وعنك فمن يعجز عن الدفاع عن نفسه لا يستحق أن يكون قائداً.
    أراد معتز أن يمزح لكن محمود أمسك بركبته من تحت الطاولة فتوقف أما سمية قالت مستنكرة: تريد أن تدرس القانون لتدافع عن نفسك ! أي قانون؟ إن قانون الغاب هو من يحكم.
    جمال: بل قانون رباني هو قوله تعالى : (( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))
    سمية مستنكرة: هل تعتقد أن الوصول إلى الإمامة أمراً سهلا وممهدا بالورود، إنك ستمضي بطريق مغموس بالدم، حوله ذئاب بشرية، تنهش جسدك من كل حدب صوب، أنك إن صممت على المضي فعليك أن تكون بقدر المسؤولية .
    جمال: لن أخيب ظنك يا أماه بإذن الله، سأكون قاضيا وإماما عادلا.
    وقف أما هي فقال: لن أمنعك، قبل أن ترجع للمنزل مر على المكتبة سأعطيك قائمة بكتب القانون الذي خطه جدي لويس السادس عشر.
    نظرت إلى معتز وانفجرت ضاحكة.
    وما أن خرج الجميع حتى رن صوت مطرقة القضاء وصوت شيطان مخيف ينادي: محكمة .





    كان جمال يستعد للسباق في المدرسة، فقرر أن يشارك في حصة الرياضة لأول مرة، بدأ الطلبة يشجعونه:هيا يا جمال..امض جمال.
    وقف الكل في خط جنبا إلى جنب،وضع جمال عصى طبلٍ أمامه فتخيلها مطرقة القضاء، لتكون خط النهاية و فكر:
    أجل.. امضِ جمال.. واحد..أستعد للمعارك..اثنان..كن قويا..ثلاثة ..أثبت.
    هيا أركض جمال...
    ::
    ::

    سمع معتز صوت الطلبة يحمسون جمال ليركض، فأحس بالقلق..نظر إليه المعلم وقال: معتز..اجلس مكانك..و انتبه لورقة الامتحان.
    جلس وفكره مشغول: أهو جمال يريد أن يركض؟ هل جن الفتى؟وماذا عن قلبه المريض؟أنا لا أفهم تصرفه، يا رب ارحمه.
    و سمع الطلبة يشجعون، فما أطاق الصبر و نظر من النافذة فرأى جمال يركض،لكن المعلم انتهره:إن لم تجلس فسأحسبك غششت.
    جلس لحظة، ثم وقف وقال بخوف: يا أستاذي..فكري مشغول على جمال،أخاف بأن يصيبه سوء.
    المعلم بسخرية: أف! لماذا كل هذا؟ ليتك تكون مثل جمال.
    ::
    ::

    وركض جمال مع الطلبة وهو يفكر
    أمضِ جمال ..لا تنظر خلفك..امضِ جمال..أنت في سباق مع الزمن..امضِ جمال.. أحرق حزن ماضيك وضعه في مقبرة النسيان.. امض جمال..لقد عرفت طريقك ..امضِ جمال..هدفك ينتظرك ..امضِ جمال.. ها هي مطرقة القضاء أمامك..أمضٍ جمال.. ستحاكم من ظلمك..أمضٍ جمال..ستكون الخطوة الأولى لتصل إلى الأندلس..أمضٍ جمال..ستكون صقراً مثل جدك عبد الرحمن الداخل ،امضِ جمال.. ستكون أسداً مثل جدك يوسف بن تاشفين،أمضٍ جمال ... أرجع مجد أجدادك..أمض جمال ..أمض جمال..أ..م...ض...ج..م..ا..ل
    وثنى جمال ركبتيه..سقط جمال...ولم يصل جمال لمطرقة القضاء
    ::
    ::

    المشجعون صاروا يصرخون، صرخ معتز من النافذة(أصمد يا أخي)وقفز إلى الساحة، حمل جمال مع ضياء وعبادة إلى غرفة التمريض، كان جمال يتنفس بصعوبة، فقال معتز بغضب: لماذا ركضت؟ ألم تتذكر مرضك؟
    جمال يتنفس بصعوبة: نسيت يا معتز ...
    معتز: كيف تنسى أيها المتهور..أين دواؤك هل هو في الحقيبة؟
    جمال هز رأسه وصار يهذي: لم أصل إليها يا معتز، لن آخذ الدواء، لقد هُزمت يا معتز، إن الألم ليس في قلبي، بل في نفسي الذي رجع اضطرابها..
    ووضع يده على صدره متألماً.
    المدير بغضب:كنت أظنك عاقلاً.
    حمله المدير بسرعة داخل مركبته مع معتز وأسرعا إلى المستشفى.






    هرع محمود إلى المستشفى وكان صديقه معه، جلس على كرسي بالقرب من الباب، وغطى وجهه بيديه، وإذا بصديقه يربت على كتفه، قال محمود آسفا وبصوت حزين مضطرب: لا أقوى على الدخول ورؤيته مريضاً(قال وقد تحشرج صوته) لقد ظننته حسم الصراع مع نفسه!
    لم تظهر إلا يد الرجل الذي قال: ومنذ متى يا صاحِ نحسم صراعاتنا مع أنفسنا؟إنما هي سقطة وسيقف بعدها، اذهب لتراه... سيكون بخير.
    محمود: هل ستدخل معي ؟
    الرجل: لم آتِ إليه..بل جئت لأطمئن عليك وأواسيك أيها الأب الحنون..
    ثم مضى، أما راشد فخرج مع المدير ومعتز من الغرفة، قال محمود بلهفة وقلق: كيف حال جمال؟
    الدكتور راشد ضاحكاً: مثل الحصان... ما أن أعطيته الدواء حتى تحسن.
    ::
    ::

    دخل محمود مع معتز وقد تجلّد فصرخ في وجه جمال مؤنباً: لقد رأيتك بالأمس حفيد عبد الرحمن الداخل ويوسف بن تاشفين، وما أراك اليوم إلا دونكيشوت يقاتل طواحين الهواء.
    كان جمال قد تخدر من الدواء فقال بهدوء: لقد نسيت أمر...
    قاطعه محمود معنّفا: صمتاً..سأعيدك إلى المنزل مع معتز حتى لا تشعر أمك بحماقتك التي ارتكبتها، ولا تكلمني طوال هذا اليوم(نظر إلى معتز وقال) ولا أنت يا معتز،إياك أن تتحدث معه هل فهمت.
    ::

    ::

    مضى به محمود إلى المكتبة ليختار المراجع التي طلبتها أمه، يرجعه في الوقت المحدد إلى المنزل، لم يصعد محمود حتى يخفون الأمر عن سمية، لكنه لم يقدر، فحينما دخل المنزل كان يخفي وجهه حتى لا تراه أمه، دخل ساكتا لا يتكلم،وبهدوء وضع المراجع على مكتبه وبدأ يقرأ، أما معتز توجه إلى سمية ليساعدها فقالت:ما الأمر؟(هز معتز كتفيه كأنه لا يعلم فقالت بحزم)تكلم بصراحة أنا أشم رائحة المستشفى.
    معتز بعد أن نفخ: ألا يفوتك شيء؟



  5. #25
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    لم يتحدث مع جمال أي شخص في المنزل أي كلمة لا أثناء الغداء ولا بعده، حتى أمه ظلت صامتة وملامحها غاضبة، فلم يقدر أن يأكل، رجع إلى غرفته يفتح المراجع ويقرأها بصمت، دخل معتز الغرفة يحاول أن يخفف عنه لكن محاولاته باءت بالفشل، فجمال يطيع محمود ولا يجادله، ظل الأمر هكذا حتى حان وقت آذان المغرب، فانفجرت أسارير جمال، وجهز نفسه ليذهب لمسجد شيخه عبد السلام، أسرع خارج الغرفة، وصل عند الباب، وقبل أن يستأذن قال محمود بحزم وتسلط:أرجع إلى غرفتك، لن تقابل شيخك اليوم، وإن أردت أن تصلي في المسجد فليكن المسجد القريب.
    أغلق عينيه متألماً وقال بصوت مستكين حزين : حاضر يا عم.
    رجع إلى غرفته، فقال معتز وكانوا يجلسون في غرفة المعيشة: أبي..إنه ينتظر يوم الخميس بشغف.
    لم يحفل محمود بكلامه، وإذا بمحمود يتوجه إلى غرفة جمال، يغلق الباب يمسك سوطاً يبدأ في ضرب جمال بقسوة ودون سبب، كان يستغيث داخل الغرفة، وسمية كانت جالسة تنظر إلى كوب القهوة صامته، فقال معتز بغضب: عفوا يا سيدتي! ابنك يضرب في الداخل ألا تغيثيه؟!
    سمية: لقد أخطأ، هو يريد أن يصبح قائداً، وعليه أن يكون على قدر المسؤولية.
    معتز بحيرة: أتنتقمون منه لأنه أراد أن يكون قائدا؟
    أراد أن يقف ويذهب فقالت آمرة: ارجع ..لن تكون أرحم من محمود..اعتبر أن هذا امتحان لنرى إن كان جديرا بالطريق الذي كنت قد سلكته أنا.
    معتز يهز رأسه بحيرة: من أنت؟
    وقفت و أمسكت كتفيه بقوة وقالت والألم يعتصرها: أنا الشيشان أنا البوسنة والهرسك .
    ومشت إلى غرفتها أما محمود فخرج وجلس متعباً، فقال معتز مغتاظا:أهنئك! هل قضيت عليه ؟
    ثم وقف فقال محمود: جهز نفسك، سنخرج اليوم من المنزل؟
    توجه معتز إلى الغرفة ليرى جمال، لقد كان جمال يمسك الأوراق ويكتب في ورقة ...ثم يمزقها بغلٍ وحقد.. يخرج أخرى..يكتب فيها يمزقها..قال معتز: أنا متأسف لما فعله أبي...(تنهد بأسى) لا أعرف والله ما يجب أن أقوله.
    جمال يكتب و لم يرد فبسط معتز ذراعيه و قال أكمل: يا لها من عاصفة هوجاء مجنونة تمر في هذا المنزل....هل كان عليك أن تقول أريد أن أمضي بطريق سمية ؟
    نظر إليه جمال..ابتسم ابتسامة إصرار وصمود، لم يرد، وأكمل القراءة .
    ثم سمع صوت محمود ينادي عندما خرج هو وعائلته: يا من داخل الغرفة سنخرج الآن وسنعود متأخرين.
    خشخش محمود المفتاح ووضعه عند الباب فردد جمال
    صبرا جميلا ما أقرب الفرج******من راقب الله في الأمور نجا
    من صدق الله لم ينله أذى******ومن رجاه يكون حيث رجا



    الدكتور راشد بدهشة: لقد حبسته وحرمته من المسجد؟!
    محمود:لم أحبسه ولم أحرمه، خرجت من المنزل في وقت آذان المغرب وأخبرته بأني سأعود متأخراً، وله الخيار، سيبقى أم سيذهب.
    الدكتور راشد: أنا متأكد بأنه سيذهب..هل تظن أن المتمرد جمال سيبقى في المنزل؟
    معتز بذهول: متمرد! هذا متمرد! هذا هر! إنه هر أمام أبي! أتعلم لو أني كنت مكانه اليوم لخرجت من المنزل وما عدت إليه؟
    الدكتور راشد باسما:أنت عرفته حين ضعفه ولم تعرفه حين تمرده، لقد كان في مؤسسة الأيتام يتحدى من يعملون فيها، يرفضون أن يذهب إلى المسجد، فيهرب بطرقٍ مبتكرة، يعاقبونه ولا يكترث، ثم بحث عن حقوق الإنسان وحقوق الأديان، فصفعهم بقوه حجته.
    ثم أردف: وبعد أن أعطوه حقوقه في المؤسسة صار الداعية جمال فلم يكن وحده من يأتي يوم الجمعة إلى حلقة المسجد، صار يأتي هو بعض الطلبة الذي أسلموا على يديه، إنك لا تعلم من جمال وما هو ثبات جمال يا معتز،إنه ابن الأستاذة سمية.
    قال معتز محتاراً: الأستاذة سمية! أين كانت الأستاذة سمية حينما كان في مؤسسة رعاية الأيتام؟
    انطفأت ابتسامة راشد، وقال محمود بحزم: لم تخبره ولم يسأل، وإياك أن تسأل؟





    دق جرس المنزل، كان الشيخ عبد السلام، دهش جمال وفتح الباب وقال بفرح: شيخي؟ كيف عرفت مكاني ؟
    عانق الشيخ عبد السلام جمال وقال باسما: الذي يسأل لا يضيع، كل ما علي فعله أن أسأل أين دار محمود.
    تنهد جمال: آه لو يعرفك محمود، أو يرضي أن يقابلك، لقد أثلجت صدري بمرورك يا شيخي.
    ثم احمر وجه جمال وقال بخجل وتوتر:أنا...أنا.. أنا آسف..لا أستطيع أن أدخلك المنزل.
    الشيخ عبد السلام مندهشاً: ولم؟
    جمال خجلا: لأن سيد الدار ليس موجودا ولا ابن سيد الدار،ولا حتى سيدته، وأنا لم يخطر لي أن أستأذن منهما.
    الشيخ عبد السلام: لا بأس تعال نجلس عند السلم ...أخبرني يا بني، مالك لم تأتي إلى المسجد؟
    جلس على دراجات السلم هو وجمال الذي ضحك بألم وقال:ارتكبت حماقة فعاقبني عمي محمود أشد العقاب، منعني من المسجد ثم ضربني،(طأطأ رأسه)لقد ظلمني يا شيخي، ولم أحس بمرارة الظلم إلا على يديه، لقد ظلمني أبي قبله فلم أكترث، ثم كونزالس ثم من يعملون بمؤسسة الأيتام، ما أشد قسوة الظلم إن تلقيتها ممن تحب!
    عبد السلام بدهشة:وما تلك الحماقة التي فعل عمك محمود كل هذا من أجلها؟
    جمال:ركضت وأنا ممنوع عن الركض، بسبب الطعنه التي غرست في قلبي... ولكنها ..(حلّق بعيدا في تخيله)إنها مطرقة القضاء، لقد تصورتها أمامي ونسيت ثم اندفعت بتهور، سأصل يا شيخي مهما كان الطريق شائكا بإذن الله.
    الشيخ عبد السلام قال باسما: ستصل إليها بإذن الله (وقف وأراد أن ينزل عن السلم ثم قال)اسمع يا بني إنك قد ذقت مرارة الظلم من محمود،عندما تصل إلى مطرقة القضاء ،لا تظلم .
    مشى خطوتين وسأل: لماذا لم تأتي إلى المسجد..أنت مقتنع بأنك قد ظلمت؟ وقد حدثتني عن تمردك ؟ لقد كان المفتاح موجود، وزوج أمك لم يكن في المنزل، فلن يعرف ولن يحاسبك؟
    جمال بابتسامة صافية: أنا طالبٌ لا أخدع أستاذي حتى لو ظلمني.
    ::
    ::

    رن جرس الهاتف فقال الدكتور راشد لأخيه شامتا: صديقك يتصل باكراً، لا بد أني قد فزت... ذهب جمال.
    تكدر محمود وهو يمسك الهاتف، استمع، ثم خرجت ابتسامة صافيه من بين شفتيه وقال للمتحدث:كما قدرت إن الفارس نبيل..(ثم قال ضاحكاً)وأنا أعتذر لأنك قد طردت من منزلنا.
    استغرب الدكتور راشد ومعتز آخر جمله.





    كان جمال يصلي في الغرفة، فدخل محمود وانتظر جمال حتى يفرغ من صلاته، ظل جمال متجمدا مكانه حينما فرغ ولم يلتفت، كانت ملامح جمال عاتبه، فنزل محمود على الأرض جلس مقابله فأشاح جمال وجهه حزينا،فقال محمود باسماً:نقطتان يحب أن تفهمهما..الأولى أنت اليوم تقود نفسك، وغدا ستقود الأمة بأكملها، فلا تورد نفسك وتوردها في المهالك، والثانية قالها لك عبد السلام، عندما تصبح قائداً لا تظلم.
    نظر جمال إلى محمود مندهشاً: أتعرف شيخي عبد السلام؟
    محمود وقد ابتسم: إنه صديقي الحميم.
    جمال مندهشا: كل تلك السنين وأنت تعرفه ؟
    محمود باسماً: نعم وشيخك اليوم هو من أراد أن يأتي إليك ويطمئن عليك، لهذا منعتك.



    رجع جمال إلى الغرفة وإذا به ينفجر ضاحكاً فقال معتز:أضحك الله سنك، أضحكنا بعد هذه العاصفة.
    جلس جمال عند معتز وقال:أحيانا في غمرة الأحداث أنسى ما قرأته في التاريخ،ثم تذكرت والدك حينما ضربني، فضحكت.
    معتز ساخرا: والله! أعجبتك العلقة! إذن فقد كانت العلقة التي ذقتها من زوج أمك علقة تاريخية؟
    جمال هز رأسه موافقاً وباسما:أجل.. لقد فعل معلم محمد الفاتح نفس الشيء،استدعاه حينما كان صغيرا وضربه ضرباً مبرحاً بلا سبب، وعندما كبر نادى معلمه وسأله عن السبب فقال المعلم: لكي تحس بالظلم وتعرف قسوته وأن المظلوم لا ينسى حقه ولهذا ضربتك، أنت الآن خليفة وما نسيت تلك الحادثة،فبكى محمد الفاتح بين يدي معلمه، ولنعم الأمير محمداً الفاتح، فاتح القسطنطينية.



  6. #26
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)


    ¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة التاسعة¸.•´♥يا أخي .•´♥

    ::
    ::

    http://www.youtube.com/watch?v=ebcCe6F0Pk4

    ::

    ::

  7. #27
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    لم يكن جمال وحده من عرف طريقة، لقد كانت سمية أيضاً، تجمع البنات الصغيرات ،لتعطيهن أنشطة ومهارات،ثم تجمع الأمهات في يوم الأحد لتعطيهم دروساً دينية، فجعلت بيت محمود منارة للعلم، أما جمال فلا يرحم نفسه، بين الكتب المدرسية، وكتب القانون،التي تفهمها سمية له فتجلس معه في غرفة الطعام، تعطيه دروساً في كتب القانون، بلغات عدة، وأحيانا يدخل معتز فيجلس بينهما يتأمل سمية وهي تعلم جمال وتقسو عليه لتعلمه. ولجمال قصة في المسجد في يومي الخميس والجمعة،يعلم الأطفال ويحببهم فيه، وتعلم دروس الصم و البكم،و لم يتغير نشاطه في المدرسة.أما معتز فقد رافق رفقة سوء أثرت على سلوكه وعلى دراسته!





    أثناء تناول العشاء، حينما كانت العائلة تجتمع حول محمود، كان جمال ينظر إلى طبقه ويلعب بحبات الأرز والبسلة" البازيلاء"ولم يأكل، نظر محمود إليه وسأل: مالك يا بني؟ تعبث بطبقك ولا تأكل؟
    قال معتز وقد أصيب بالغيرة: طبعاً، أنت تنظر إلى الطعام الذي في طبق جمال فقط إن أكل و إن لم يأكل، ليتك تنظر إلى الطعام الذي في طبقي!
    سمية ضاحكة: لا يقدر، إن الطعام ما أن يصل إلى طبقك حتى تلتهمه وتكاد تلتهم الطبق معه.
    ضحك محمود ثم رجع يتحدث مع جمال:ها..يا بني قل حكايتك،هل تمر بمشكلة فنتعاون في حلها معاً.
    جمال قال بتهور: أجل، أنا محتاج لمبلغ إضافي، نقودي أنفقها في دورة تعلم الصم و البكم التي أمرني شيخي أن آخذها.
    سمية مؤنبة: جمال!
    محمود يقاطع سمية، قال وهو يبتسم: اتركيه على راحته، كم تحتاج؟
    عدل جمال نظارته بتوتر و احمر وجهه ثم قال: خمسة دنانير!
    معتز ساخرا:أفقدت شهيتك من أجل خمسة دنانير؟!
    جمال هز كتفيه بتوتر: أجل و لكني لن آخذها بدون مقابل .
    محمود وهو يبتسم: وما المقابل؟
    فكر، ثم قال وهو ينظر إلى معتز بدهاء:أعطي معتز دروساً خصوصية.
    معتز بدهشة: والله! أنا سأعطيك الخمسة دنانير صدقة جارية عن روح أمواتنا، فرّوح عن نفسك واتركني في حالي.
    محمود مبتسماُ: لقد قبلت.
    معتز بنبرة غاضبة: ولكن! هذه مؤامرة.
    أبتسم جمال ودس لقمة في فمه بطريقة مضحكة وسأل بخبث ودهاء: وإن لم يطيعني وتمرد علي؟
    محمود بحزم باسم:أنت فقط...أخبرني.
    معتز وهو يدس لقمة في فمه ينظر لجمال نظرة تحدي:لا بأس، سترى يا عبد الرحمن الداخل.
    و دس جمال لقمة في فمه،وابتسم ابتسامة خبث وقال:بل أنت من سيرى يا أبا جعفر المنصور.
    أنفجر محمود وسمية ضاحكين،قال معتز لسمية:آه يا أمي سمية ابنك هذا ثعلب ماكر،وبئر لا قرار له.
    ذهب معتز وسمية إلى المطبخ، أما محمود تأمل جمال الذي لا يزال يأكل ببطء وسأله ليستنطقه: إنك لا تحتاج للنقود أليس كذالك؟
    أحس جمال بالحرج من تأمل محمود ليفهم فانكمش جمال في جلسته ولم يجب.





    في الغرفة تمدد جمال على سريره، أمسك كتابه ليقرأ ثم قال لمعتز: افتح درج مكتبي، فيه هدية .
    معتز: هدية! منك أيها البخيل، وماذا سيكون إلا كتاباً عسير الهضم مثلك.
    نظر إليه بحزم، ففتح درجه، وإذا فيه أوراقٌ مدرسية تخص دروس معتز فقال: هذا مكرٌ دبًّر بِلَيل.
    جمال مبتسما ابتسامة نصر:أقرأ دروسك، وحل الأوراق التي معك، ثم أعطني إياها لأصححها .
    أراد معتز أن يعاند فنادي جمال بصوت عالٍ:عمي محمود..
    وضع معتز يده الأولى على فم جمال ليسكته، وأما الثانية أمسك وسادة جمال وبدأ يضربه فيها، فانفجر جمال ضاحكاً ضحكة انتصار.

    مرت ثلاثة أسابيع وجمال يجهز الأوراق لمعتز ويقوم بتدريسه، ومعتز يستغل الفرصة فيقرأ بصوت عالٍ حتى يشوش على جمال، أو يسأله أسئلة تافهة فكان جمال يجيب بصدر رحب ولا يعترض، وقد أرهق نفسه وزاد سهره.




    أمسك معتز كيس الطحين وناوله لسمية وقال:هذا كيس الطحين الذي طلبته من جمال، أخبرني أنه سيمر عند المسجد
    سمية بقلق: شكراً يا معتز، ولكني لم أطلب الطحين من جمال!(ثم قالت)أشعر بالقلق.
    معتز مستنكرا:حقاً!إيه يا أمي سمية ابنك ثعلب ويلعب بذيله،لا تقلقي عليه هو يحسب حركاته بدقة،و يعرف كيف يهجم.
    و هجم على حبة بطاطس أمامه أكلها، ثم ذهب إلى غرفة المعيشة وفكر بما أن المعلم ليس هنا لأشغّل التلفاز قبل أن يأتي، لكن...مرّت ساعة فأحس معتز بالقلق،وزاد من قلقه توتر سمية التي كانت تسأل عن جمال بلهفة في كل دقيقة إن كان اتصل أو جاء منه خبر.
    وعندما رن جرس الهاتف،ركضت سمية إلى السماعة وركض معتز بجانبها فتناولتها بلهفة وسألت:من؟ أين أنت يا ولدي؟أين كنت؟
    جمال بصوتٍ ضعيف: أنا بخير، عند الأستاذ بهاء معلم الرياضيات، أريد فقط كتاب الرياضيات، عندك معتز؟
    أمسك معتز السماعة فقال جمال:خذ أي كتابٍ للرياضيات و تعال إلى منزل الأستاذ بهاء، إنه جار أصحابك.
    أغلق السماعة و هو مندهش من هذه المكالمة القصيرة أما سمية أمسكت بكتفيه و قالت بلهفة: معتز أنا خائفة، أرجوك لا تتركه،نبرة صوته متعبه، هل أصابه مكروه، أخبرني أنت من يرافق؟هـ..
    قاطعها معتز ضاحكا يخفي قلقه: حاجة سمية دعيني أذهب وأرى، ولا تخافي من رفقته،هو يرافق ضياء وعبادة وأنا.
    سمية تعلقت بقميصه خائفة،وكأنها صفعته بجملتها التي قالت فيها: وأنت يا ولدي...من ترافق؟





    كان جمال ينكمش على أريكة في منزل الأستاذ بهاء متألماً فقال يعاتبه: معتز مرة أخرى؟ ألم يكفيك ما فعله أصحابه بك؟رفقة معتز ضربوك ضربا مبرحاً؟ ألم تقدر أن تنادي شخصاً أخر؟
    جمال متألما يجاهد في الحديث:أجل،لأني لست جار معتز كما ظننت،أنا أعيش في منزل معتز، فوالد معتز زوج أمي وهو من يكفلني.
    جرس الباب قد رن، معتز وصل إلى الغرفة ، ففزع من المنظر وقال وهو يهرع ليجلس بجانب جمال: ما دهاك يا رجل؟ ماذا أصابك؟لقد طرت إلى هنا فزعا فنبرة صوتك أخافتني، أستاذ بهاء ماذا أصاب جمال؟
    جمال: لا تقلق، معدتي تؤلمني، أريد أن توصلني إلى المنزل بهدوء ودون أن تحس أمي بأني أتألم؟
    الأستاذ بهاء معنفاً: معدتك تؤلمك يا جمال! أخبره عن سبب ألم معدتك(معتز ينظر للأستاذ بهاء مستغربا) أنا أعطيت جمال ظرفاً قبل ثلاثة أسابيع ليوصله إلى يد أبيك،يخبره عن رفقة السوء التي تلازمها وعن علاماتك المتدنية، فرفض، وطلب مني مهلة لعله يعينك على تركهم،وتدريسك، واليوم رأيت جمال منكمشا على الأرض ورفقة السوء الذين ترافقهم يركلونه بأقدامهم قرب باب العمارة التي أسكن فيها.
    معتز بدهشة وذهول: ولماذا ضربوك يا جمال؟(ودون أن يسمع الرد توجه إلى الباب وقال)والله لأسومهم سوء العذاب.
    استجمع جمال قواه واحتضن ظهر معتز ليمنعه وقال بحزم:والله لا تذهب إليهم،ولا ترافقهم.
    قال معتز منفعلا بعد أن ساعد جمال ليجلس على الأريكة:لست أفهم، لم فعلوا هذا؟
    جمال: لقد ذهبت إليهم و أمرتهم أن يبتعدوا عن طريقك(وقال يرجوه)إنك يا معتز ابن محمود ولا يليق بابن محمود أن يرافقهم.
    صفق معتز ساخراً وقال: نقطة أخرى تتقرب فيها إلى قلب محمود،لقد سرقت قلب محمود وما عاد يتسع لي.
    الأستاذ بهاء قال: انك مخطئ يا معتز،أنت من صنعت فجوة بينك وبين أبيك.
    جمال بشفقة:قلب أبيك متسع للجميع يا معتز،ولكنك تبتعد عنه،إن قلب محمود مثل الوطن، يتسع للجميع يعطي ولا يأخذ.
    معتز ساخرا:صار محمود وطنك! ألم يكن وطنك الأندلس، لماذا نسيتها؟
    تجاهل سخريته وقال:اسمع ..ألم تسرق قلب أمي يا معتز، والله إنك أنت من جعلها يبتسم،أتراك ترافق السوء فتضيع، وتكسر قلبها إنها تحبك أكثر مما تحبني، تقسو علي وترحمك،تكون جدية حينما تنظر إلى وتَبُشّ في وجهك.
    معتز:لو رأيت لهفتها عليك اليوم لما قلت هذا الكلام.
    جمال بشفقة:وكذلك عمي محمود يا معتز، لكنك تعاند نفسك وتعانده، كم مرة ندعوك لتأتي معنا إلى المسجد فتصم آذانك،كم مرة ندعوك لتستفيد من وقتك فتذهب إليهم كم وكم، يا معتز، أترك نفخة الكير،ابحث عن الذين يبيعون المسك فما أضاع أبي إلا رفقة السوء التي قد أبعدته عن الدين فزاغ.




    أحس جمال بيدٍ حانية تمسح رأسه و يد أخرى تسحب المصحف من يده، كان ينام منكمشا فأراد الاعتدال لكن محمود أمره أن يبقى على هيئته قال جمال:يا عم أنا آسف لأني لم أشارككم الغد..
    محمود مقاطعا بحزم: شششش يبدوا عليك التعب، لقد أخبرني معتز أن بطنك يؤلمك، لقد ناديت راشد ليعالج معدتك.
    فزع جمال و لم يرد، و حينما دخل معتز والدكتور راشد الذي قال مازحا: لقد أتعبتني يا بطل من كثرة مرضك، هيا بطل أرفع قميصك.
    حاول راشد رفع القميص فمنعه وأراد أن يعاند لكن محمود قال بتحدي:مالك؟ألا تكشف عن قميصك
    لم يفهم الدكتور راشد لكن جمال أشاح برأسه خجلا:إنك تعرف القصة.
    قال محمود يعنف الشابين:أجل، لست بحاجة إلى ظرف مدرسي لأعلم أن ابني قد رافق رفقة سوء،إنما تركته لأرى هل يرتدع وحده أم يحتاج لمساعدة(خجل معتز وطأطأ رأسه أما محمود حول نظره إلى جمال وقال معنفا) ولست بحاجة لكي ترفع قميصك لأكتشف بأنك تشاجرت مع رفقة السوء التي لا يتركها معتز.
    وإذا بالدكتور راشد ينفجر ضاحكا ويقول:هذا أخي الأكبر محمود الذي كنت أنا وسائدة نخفي مشكلاتنا خوفا منه فيكتشفها ويحلها.
    محمود آسفا:وعندما وصل الأمر إلى ابنيّ تغير الأمر، فالأصغر،رافق رفقة سوء،وكنت سأتدخل، لولا أن المعلم بهاء طلب مني التريث،لأن جمال سيحاول إرجاع أخيه إلى الحق،ظننت أن الأخ الأكبر سيحل المشكلة بعقلانية فزاد الأمر سوء(قال لجمال مؤنباً) أنسيت إصاباتك السابقة، جسدك ضعيف و لو آذوك أكثر لهلكت.
    جمال بحزن وانكسار: ما كانوا ليؤذونني بأكثر من هذا(استغرب الجميع قوله فأكمل)وقد وعدتك يا عم أن لا أوقع نفسي في المهالك(هز رأسه مستفسرا) أتذكر؟ لقد حسبت خطواتي جيدا،فدرست وقت دخول الأستاذ بهاء وخروجه، وعلمت بأن هؤلاء الشبان جيرانه، استدرجتهم بالقرب من باب عمارته وجادلتهم بأن يبتعدوا عن معتز،حتى إذا ضربوني وصل الأستاذ بهاء في اللحظة المناسبة فأمسكهم متلبسين حينما يضربونني.
    هز محمود و الدكتور راشد رأسيهما مذهولين وقال راشد: لا عجب! نوادر صقر الأندلس.
    رن جرس الباب فذهب معتز أما جمال بحزن وألم: لا يهم،لقد خيبت ظن أحب الناس إلى قلبي.
    عانق محمود جمال وقال: لم تفعل يا ولدي الحبيب، لم تفعل.
    رجع معتز إلى الغرفة و قال: قبيلة مكونه من سبعة عشر رجل يقولون أنهم رفاق جمال،و معهم مدرسة أطفال وفوق كل هذا عرفني رئيسهم و قال لي لا بد انك معتز! أسرع يا أبي فالغرفة مكتظة بالسكان و قد لا تجد مكان تجلس.
    محمود: إنه صديقي يا معتز، الشيخ عبد السلام(قال لمعتز مؤنبا) أعذرك لأنك لم تعرفه فلم تذهب مع جمال في المسجد وقد طلب منك مرارا وتكرار، وقد كنت صغيرا حين فارقنا ورجع إلى بلده في مصر،ثم تزامنت عودته مع حضور جمال.

  8. #28
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    ساعد محمود جمال للوصول إلى غرفة الضيوف،وأجلسه على الأريكة جلس بجانبه هو والدكتور راشد،فعرفوه وسلموا عليه،وبدأ الدكتور حسان يقول لمحمود: لقد جعلنا جمال نحبك ونتمنى لقائك.
    احمرت وجنتي محمود خجلا فقال الدكتور فاضل: كلما واجهنا مشكلة يقول جمال، إن أبي يفعل كذا وكذا.
    أشاح جمال برأسه خجلا،فقال المهندس عدنان: لقد جعل جمال أطفالنا يحبون المسجد،يلاعبهم فيه يعلمهم ويعطف عليهم،ابنك يا سيدي شخصية فريدة.
    أحس من في العائلة بالحرج،ثم بدأ الصغار يضجون فقال الشيخ عبد السلام: جمال ابدأ في سلطاتك.
    نسي جمال وجع معدته وقال بحزم وبصوت عالٍ بطريقة عسكرية:انضباط.
    انضبط الأطفال وجلسوا بطريقة منتظمة، فقال: لنبدأ مع بنت رشد، أخبريني أيتها اللبيبة هل قمت بكتابة دروسك وتجهيز المسرحية التي أمرتك بكتابتها عن عدل عمر بن العزيز.
    الفتاة قالت نعم فسأل الأخرى:أسماء بنت عميس،هل أنهيت فروضك المدرسية ورسمت اللوحة...سأل أين رجاء بن حيوه، أين العز ين عبد السلام، ابن سينا،ابن النفيس، يسأل كل طفل باسم رجل أو امرأة عظيمة ويسأل عما كلفهم بفعله
    إلى أن وصل إلى طفل،اقترب من جمال وبدأ يتكلم معه بلغة الإشارة وسأله:كيف حالك يا سعد؟(ونظر إلى الجميع وقال وهو مازال يتكلم بلغة الإشارة)لقد تعلمت لغة الإشارة لأني أحب سعد(نظر إلى سعد وسأله) أخبرني عن يومك يا سعد؟
    بدأ سعد يتحدث عن يومه وإذا بجمال، يضع يده على ظهر سعد ويمسح عليها،إنها لمسة محمود وعبد السلام، فكان سعد يشير،وجمال يترجم،وعدل جمال نظراته و بدأ يتأمل سعد باهتمام، فقال أبو سعد:و الله لا أدري يا سيد يوسف؟ كيف أشكر ابنك، هو الوحيد الذي فهم سعدا وساعده، لديه مهارة عالية في احتواء الطفل.
    ابتسم جمال وقال: إنه محمود زوج أمي يا عم وليس يوسف، ولكنه بالفعل أبي، لأن الأب ليس من يهب المال، إن الأب من يغرس القيم، وإن هذه اللمسة الحانية تعلمتها من عمي محمود،ومن الشيخ عبد السلام رفيق عمي محمود
    .
    قال أبو عثمان:!بارك الله فيك يا أخ محمود، سبحان الله لقد استغربت عندما رأيت إنك لا تشبههم.
    جمال:أنا مغربي، فجدي من قبيلة لمتونه،الأمازيغية أو البربرية كما يقولون، وأصول تلك القبيلة يمنية وجدتي قرشية ولدت في الشام.
    الدكتور فاضل:ما شاء الله خليط بديع ، أتعلمون يا أطفال لمتونه هي قبيلة يوسف بن تاشفين أسد المرابطين.
    الطفل سامي بدهشة طفولية لذيذة:واه!سبحان الله!كل هذا! وأين ولدت يا جمال؟
    جمال:ولدت في الأندلس، يا أحبتي،إن الأندلس أرض كانت للمسلمين، ثم ضاعت وسميت اسبانيا،سأحدثكم يا أطفالي عن أعظم القادة في الأندلس،طارق بن زياد فاتح الأندلس وقد كلفه موسى بن نصير بفتحها، وعبد الرحمن الداخل الذي وحدها وكانت ستضيع، والحاجب المنصور القائد العظيم الذي لم تكسر له راية، وجدي يوسف بن تاشفين،وقد أنقذ الأندلس في معركة عظيمة ،تسمى معركة الزلّاقة كانت في عام479هـ لقد قاد المعركة وكان عمرة يناهز الثمانين من عمره.
    أسماء: وأين ولدت أمك؟
    ابتسم وقال: في بواتيه هكذا يسميها الغرب، إنها موقعة بلاط الشهداء كانت في عام114هـ، في جنوب فرنسا، استشهد فيها عبد الرحمن الغافقي، إننا نفخر بأجدادنا الذي أوصلوا الفتح إلى فرنسا، وجعلوا راية الإسلام ترفرف هناك.
    كان معتز واقف بجانب جمال فتفرس فيه السيد سلمان، أحس معتز بالحرج ثم قال سلمان بلهجة حزم: إذن أنت معتز،الذي يتحدث جمال عنه دائما، هل تعرف ماذا قال عنك؟
    معتز وقد ابتسم ليبتعد عن الحرج وقال: لا أظن أن جمال يقول إلا الخير.
    ضحك جمال وقال: هذه واحدة.
    السيد سلمان: أي واحدة و أي عشرة لقد كتبت في الفتى كتابا.
    استفهم معتز فأجاب جمال وهو يسرح: سأخبرك رأي فيك، لبيب أريب وبالخير دوما قريب،قيادي، صاحب نكته، وخفة ظل، قوي الشخصية، صلب الشكيمة، طيب القلب حنون،يمسح جرحك حين تتألم،و يخفف عنك فتتبسّم، يحاورك كأنه لا يعرف عم تتحدث، ولكنه يعرف جيدا ويفهم، أحيانا تحاصره، فيطلق مزحة بخفة دم تخلّصه، يبحث عن الحقيقة، ويتكلم عنها بموضوعيه، يفهم الشخصيات ويتعامل معها بالطريقة التي تناسبها.
    معتز مندهشاً:أف! كل هذا قلته عني.
    جمال باسما: إن في قلبي حبا أكثر مما قلت،أفلا يحق لي أن أفخر بأخي وأحبه.
    السيد سلمان لمعتز ويبتسم:نعم يا معتز، هذا ما قاله(ثم فكر) في الحقيقة أفكر في أمر يا معتز، أنا أعمل في مبني التلفاز، وأحتاج إلى شاب صغير فيه تلك الصفات،حتى يقدم برامج أطفال، هل تقبل بعد إذن والدك بأن تشارك معنا.
    معتز بفرحة غامرة: لقد كان هذا حلمي، أن أكون إعلاميا شهيرا..
    وعدل جمال نظارته وتأمل فرحة معتز،لقد كانت فرحته أيضا، وأما محمود فقال: طبعا أوافق(وبحزم) ولكن لا يهمل دروسه.
    معتز ينظر إلى جمال ويبتسم بغبطة:هذه لن تحدث فلدي أخ أكبر ومعلم حازم، ولا يمكنني أن أتفلت من قبضته.





    قال معتز مندهشا بعد أن فرغت الصالة من الضيوف: هل كنت تهذي أمامهم كعادتك!؟ أنك أمازيغي وأمك ولدت في فرنسا وأن جدتك قرشية وأن أصولكم يمنية وأن لمتونه هم قبيلة يوسف بن تاشفين ..ألخ
    هز جمال رأسه بنعم،وقد أخبره من اللقاء الأول، فقال معتز مذهولا: من أنت؟
    لم يمنعه انكماشه من الألم أن يمازح معتز ويقول:أنا الظاهر بيبرس فاحذرني يا قطز.
    معتز مازحا:أي والله علي بأن أحذرك!فأنت حفيد الخلفاء،سأصدقك لو قلت أن تحمل أصل شركسي.
    ضحك راشد ومحمود،ثم وضع معتز ذراع جمال حول رقبته و ساعد جمال حتى يرجع إلى غرفته ، فقال جمال: رحم الله القائد العظيم قطز أتعلم..قال الشيخ العز بن عبد السلام لقطز ليحثه على قتال التتار:

    ""إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء وأن تبيعوا مالكم من الممتلكات والآلات، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا. "

    قبل قطز كلام الشيخ العز بن عبد السلام، وبدأ بنفسه, فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك, فانصاع الجميع, وتم تجهيز الجيش فانصروا في معركة عين جالوت.


    .




    في الليل حاول جمال أن يغير قميصه فلم يقدر من الألم، ساعده معتز وعندما خلع جمال قميصه ظهرت آثار الكدمات والطعنات فقال معتز:آه، يا جمال ما أراك إلا جبلا شامخا، أتضرب من أجلي؟
    كان نفس جمال مضطرب من الألم فقال: فليضربوني ألف مرة،ولكن، كنت أنت بخير،ورافق رفقة خير.
    احتضن معتزا جمال وقال بتأثر: لن أجد رفقة أفضل من رفقة جمال الدين وجمال العلم و جمال الخلق.



  9. #29
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    ¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة العاشرة¸.•´♥جِراح سمية .•´♥




  10. #30
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    مازالت العائلة مترابطة متماسكة، سعيدة راضية، إلا أن سمية في الفترة الأخيرة ظهر عليها التعب ولكنها تكابر، حتى لا يشعر أحد.

    ::
    ::

    عندما أراد محمود كعادته أن يتفقد الشابين، في ساعة متأخرة من الليل، انتبه إلى جمال، الذي يجلس عند طاولة الطعام، يضع رأسه على الكتب بعد أن غلبه النعاس، ربت محمود على ظهر جمال وقال مشفقا: قم يا بني ونم على سريرك، إنك لا ترحم نفسك؟
    رفع جمال رأسه مسح وجهه بكفيه ثم نظر إلى عمه وابتسم ثم قال:لدي همة لا أقدر على مقاومتها(ثم قال بتردد )أريد أن أطلب منك أمراً(نظر محمود إلى جمال باهتمام فتشجع وقال) كل ما أريده أن أعمل و أساهم في مصروف المنزل.
    لكن محمود غضب،أمسك أطراف الكرسي، وأداره نحوه فجعل جسد جمال يستقبل محمود الذي قال معنفا:لماذا؟هل تظن أني محتاج لنقودك؟أم أنك تريد أن تقطع نفسك التي لا ترحمها بين الكتب والمراجع والمسجد والمدرسة وتدريس معتز،لماذا كل هذا؟
    جمال بانفعال:لأني أريد أن أصبح رجلا مثلك يا أبــ...(أراد أن يقول أبي فخجل)
    ابتسم محمود وقال آمرا برفق:قُلها، انطقها يا ابن سمية..
    جمال:يا أبتِ ناداك فؤادي ألف مرة، ناداك يا أبتِ،فانسابت عذبة رقراقة في أعماق فؤادي،فكنت تردد ..يا بني.
    ابتسم محمود بغبطة وقال برفق:نعم يا بني..(ثم أردف) اسمع يا ولدي،لا تتعجل لأجل العمل؟ فأنا لم أقطع نفسي عندما كنت بعمرك.
    عدّل جمال نظارته بتوتر وقال: بل كنت، كنت تعمل وتكد لأجل عائلتك طوال النهار، وتأخذ كتب عمي راشد المدرسية لتقرأها آخر الليل،قال لي هذا حينما كان يقابلني في أمريكا، لقد كان يخبرني عن تضحياتك ليخفف عني(ثم قال وهو يبتسم) يا أبي محمود لقد كنت أحبك قبل أن أراك،إذا كنتَ قد دعوت الله بأن تراني مرة،كنت أنا أيضا ..أدعوا الله بأن أراك ألف مرة.
    نزلت دمعة غبطة من عين محمود،عانق جمال وقال:أحمد الله بأن جمعني معك،افعل ما تشاء يا ولدي فلن أمنعك.





    كان جمال يشعر بالملل الشديد وهو يتمشى مع العائلة بين أكوام الملابس في المجمع التجاري،سمية منهمكة في اختيار الملابس للشابين، معتز يشارك ويفرض رأيه، ومحمود لاحظ وجود أريكة هزازة، فجلس عليها وأحس بالراحة، ارتخت عضلات وجهه، وارتاح جسده، الذي يكد ويشقى حتى ترتاح أسرته، عدل جمال نظارته وتأمل محمود، وإذا بذراع معتز القوية تقطع تأملات جمال فتلف حول رقبته، فظهر كأنه الأخ الأصغر لمعتز، سأل معتز:لماذا لا تشاركنا في اختيار ملابسك؟
    جمال بتذمر:سامح الله أباك! لماذا يصمم أن أشتري الملابس؟إن ملابسك التي صَغُرت عليك تناسبني.
    وإذا بمحمود يسمع تذمر جمال فيقول بحزم وهو يغمض عينيه مسترخيا ويهز الأريكة:كف يا ولد عن الشكاوى، ستلبس الملابس الجديدة مثل معتز، لن أفرّق بينكما(ثم أمر)هيا اذهب واختر ملابسك.
    جمال بخضوع:حاضر يا أبي محمود.
    مزح معتز وقال ضاحكا:إن المحب لمن يحب مطيع.
    تمشى جمال بين الملابس،وخلال ثوانٍ معدودة،قام باختيار أرخصها، أسقط الملابس في السلة ومضى إلى المكتبة،أمسك معتز الملابس قلّبها ولم تعجبه، فأرجعها واختار أفضل منها.

    ::

    في المكتبة، اقترب معتز من جمال الذي كان يشتري مجلة فرنسية، ارتبك ثم لفها ووضعها في جيبه، ضحك معتز وقال: مجلات ممنوعة أيها الخبيث، اعترف يا ثعلب.
    لم يرد، واكتئب وجهه، ثم ركب جمال في السيارة ولم يتكلم، وحينما اجتمعت العائلة حول محمود لتناول العشاء، لم يأكل في البداية، لكن نظرة محمود الحازمة جعلته يأكل بسرعة، وبطريقة أنكرتها العائلة، وقف بعد أن أنهى طبقه، ركض إلى الحمام،لم يتحمل الطعام الذي ألقاه في معدته غصبا، فتقيأ ما أكل، ذهب إلى غرفته، تمدد على سريره، غطى رأسه، وبكى بصمت.....بل مرت ثلاثة أيام على جمال وهو على ذي الحال، إذا اجتمع حول محمود، سرح والكآبة تظهر على ملامحه، ينام مبكرا، يأكل غصبا، فكأنه يتقيأ عمدا، ولكن...لم يكن وحده، فسمية ظهر عليها أعراضٌ تعب شديد، وزاد من تعبها تصرفات جمال التي لا تفهمها.




    هذه المرة حينما كانت العائلة تجتمع حول محمود كان جمال يجلس متربعا ويسند رأسه على ظهر الأريكة، قالت سمية غاضبة، وقد لمحت التغيرات التي يمر جمال فيها: الآن أريد أن أفهم حكايتك؟
    معتز غاضبا: لستِ وحدكِ المستاءة من تصرفاته، أنا أحكي القصة، هذا كله بسبب المجلة الفرنسي...
    اعتدل جمال فجأة وقد ارتجف من الوشاية ثم أغلق فم معتز،أما محمود سأل بذهول:ماذا؟
    جمال بارتباك:معتز! مجلة! هـ هو لا يفهم ..القصة ...إن ..لا توجد مجلة، أي مجلة.
    سمية بحزم: هات المجلة.
    عاند جمال، فوفقت لتبحث عنها لكن جمال هدأ من روعها، طلب منها الجلوس جلس على الأرض، أمسك بيدها وقال: يا أماه، لقد علمت بأنك صابرة محتسبة، صامدة مجاهدة، أنت كما قال الشاعر:

    يحاربني دهري ولم يدر أنني أعز وأحداث الزمان تهون
    فبات يريني الدهر كيف عتوه وبت أريه الصبر كيف يكون
    تأملت سمية ملامح جمال بقلق وقالت:اختصر(دققت في وجهه وقالت)كأنك تعزيني
    ::

    جمال بحزن وتلعثم:إن المجلة كانت تتحدث...تتحدث...تتحدث عن مقتل لويس.
    خبأت فمها بيدها وصرخت وبكت قائلة:قُتل لويس؟ متى؟ كيف؟
    أسرع محمود واحتضن سمية، وبدأ يخفف عنها:لا حول ولا قوة إلا بالله، لا تبكي يا حبيبة، لقد كان رجلا شجاعا...
    معتز قاطع أبيه وسأل: من لويس؟
    جمال بألم: لقد قًتل بعد أن أنقذنا،ثم...ثم..ثم إن المجلة(وبكى بحرقة)تسيء إلى جيني ألبرت.
    معتز:ومن جيني ألبرت؟
    محمود بحزن: أمه؟
    معتز بذهول: ومن هذه!

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 109
    اخر موضوع: 08-06-2015, 12:22 AM
  2. الردود: 92
    اخر موضوع: 11-09-2012, 06:44 PM
  3. الردود: 237
    اخر موضوع: 16-05-2011, 01:20 PM
  4. ♥♥♥♥فطيرة الدراق الفرنسية♥♥♥♥حلوان عودتي للمنتدى بعون الله تعالى بعد طول غياب ♥♥♥♥
    بواسطة عاشقة الحلويات في الحلويات والكب كيك والكيك وحلويات العيد
    الردود: 62
    اخر موضوع: 05-07-2010, 10:50 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ