انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 4 1234 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 40

الموضوع: ¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥

  1. #1
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    المواضيع المتميزة ¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥


    ::

    ::


    ¸.•´♥ رواية غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الأولى ¸.•´♥أدخلوها بسلام ¸.•´♥


    ::
    وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ
    إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
    إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ
    وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
    وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

    ::



    إنها فرحة محمود..هو رجل وسيم، أسمر، طويل، عيناه واسعتان، وفي الأربعينيات من عمره .. يجلس على الأريكة وبجانبه عروسه " سمية ", رائعة الجمال, شعرها أشقر, عيناها خضراء، ناعمة رقيقة، جميلة أنيقة, تجلس كأميرة، هي أصغر من محمود بثلاث سنين.
    لكنها لم تكن فرحة الطفلين جمال و معتز،فـ"جمال" ابن العروس سمية، في الثالثة عشر من عمره، له وجه مائلٌ للاستطالة أشقر وعيناه زرقاوان، ويرتدي نظارة دائرية، ضعيف البنية من يراه يحسبه في العاشرة لصغر حجمه، يجلس منكمشا حزيناً، ويختلس النظر ليرى أمه العروس الجميلة حيناً وينظر إلى الرجل الجالس بجوارها، الذي يمسك يدها اليمنى ويلف يده الأخرى حول كتفها، فيطأطئ جمال رأسه.. يشعر بالغيظ من هذا الرجل الغريب الذي قد أخذ أمه, كيف له أن يصبر على رؤيتها بين يديه؟ هو يغضب حيناً و يلومها حيناً أخرى، يحسب حساب متاهة المجهول التي قد دخل فيها مع هذا الرجل الذي سيكفله ويحتويه،بل ربما سيحتويه، وربما سيتخلى عنه، فإذا كان الأب قد تخلى فكيف بزوج أمه.
    بجانب جمال "معتز" ابن محمود. معتز قوي البنية واثق من نفسه معتد بشخصيته مرح و لكنه يلقى الكلمات كصاعقة ، لا يلقي لها بالاً,أتجرح أم تُفرح، من يراه يظنه أكبر من جمال لكنه أصغر بسنه يتهيأ للمعركة ويفكر: لا بد أن أربح المعركة التي بيني و بين هذه المرأة و ابنها..لن أسمح لهما بسرقة قلب أبي .. سيعرف أبي أن أمي رحمها الله هي الأفضل، وأن أختي رحمها الله لا تُنسى.
    فظل صامتاً يحيك المعارك في عقله ويفكر كيف سيربحها ... ثم بدأ المعركة وسأل: أتعلمين؟
    ابتسمت سمية وقالت: نعم؟
    معتز : إن هيأتك أنت وابنك مثل الذي خرج من مجاعة ؟
    محمود(حازماَ): معتز...
    سمية ابتسمت إبتسامه مغتصبة ولم تعلّق...أما جمال فاكتفى بأن يدير وجهه ولا ينظر إلى معتز..الذي آثر الصمت يتهيأ لمعركة جديدة.
    نظر محمود إلى جمال وقال في ابتسام: هل أعجبك منزلك الجديد؟ وهل أعجبتك غرفتك ؟
    أمسك طرف نظارته ليعدّل وضعيتها بتوتر وقال باستكانة وخضوع: نعم يا عم .
    معتز يفكر: يتمسكن...حتى يتمكن..
    محمود: قم ورتب ملابسك... هيا يا ولدي اذهب الآن .
    نظر إلى أمه نظرة وداع وانصرف ببطء، وبخطوات متثاقلة كأنها خطوات عجوز في التسعين
    محمود: ما رأيك يا معتز أن تساعد جمال ليكتشف غرفته الجديدة، تساعده في ترتيب أغراضه؟
    معتز بعناد: لا ..أنا لا أعرف كيف أرتب الملابس، كانت أمي رحمها الله من ترتب..
    محمود :رحمها الله ..ما رأيك أن تتعلم منه؟
    معتز على مضض:طيب.. هناك أمر أهم أريد أن أعلمه و أتأكد منه أولا.
    محمود : هو ؟
    معتز: هل هذه المرأة شقراء حقاً أم تصبغ شعرها ؟
    سمية(ابتسمت ابتسامة صفراء) : هو كذلك .
    معتز بسخرية: هممممممم تشبهين ماري أنطوانيت.
    محمود متجاهلا تعليق معتز: اذهب وأخبر جمال عن مكان الألعاب التي أحضرتها لكما.
    أراد أن يتكلم فقال الأب : ثرثار ...هيا إلى الغرفة .
    مشى خطوتين ورجع : ولكن أين الألعاب ؟
    محمود وقد ضاق صدره: أنت تعرف مكانهم، اذهب وألعب مع جمال.
    مشى قليلا ثم رجع يهز كتفيه و يقول: المكان هنا أوسع .
    نظر إليه بحزم فمشى إلى الغرفة، وتلصص من ثقب الباب،ليرى تلك المرأة التي تمشي بكبرياء بالقرب من أبيه, أما جمال فتجاهل تصرفه




    غرفة معتز وجمال بسيطة أنيقة، سريرين، مكتبين,خزانتين, وصندوقين صغيرين فيهما درجين، ومرآة وفي صدر الغرفة نافذة ذات ستائر جميلة، كان جمال يرتب ملابسه ببطء وإتقان وبصمت، لكن الصمت لم يدم مع دخول معتز الذي رمى جسده على سريره وسأل : من أين أنت ؟
    بهدوء ..ترك ترتيب الثياب، ونظر من خلال النافذة، ثم سرح وقال: أصولنا من الجزيرة العربية ..لكن جدة أبي شامية وجده من أبيه مغربيا، ولد أبي في مصر وولدت أمي في بلاط الشهداء ،وتربت قرب قصر الحمراء.. التقى أبي بأمي في الأندلس .. ولدت هناك،ثم ضاعوا و أضاعوني وأضاعوا الأندلس.
    معتز: أوف !كل هذا ...أوجز... لم أفهم من أنت؟
    جمال( تنهد): أنا عبد الرحمن الداخل... لكن هو دخل.... و أنا خرجت.
    ثم فكّر: هو طرد من الشرق إلى الأندلس،وأنا طردت من الأندلس إلى الشرق.
    قال معتزبعد أن مط شفتيه ساخرا: وأنا أبو جعفر المنصور، فاحذرني يا صقر قريش..(ثم انفجر ضاحكاً)
    تنهد ساخراً وفكر : يا وليلي ويا ويلي ويا ويللي.
    ثم أمسك جمال بقميص ونظر إلى رفيق غرفته بتمعن: هل تسمح في الخروج؟ أريد تبديل قميصي.
    معتز: قميصك! غيره يا فتى الأندلس وأنا هنا.. هذه غرفتي، وأنت الذي تطفل وسرقها.
    صمت جمال فلقد كان رد معتز قاسيا، ثم زاد في قسوته وسأل : ممم.. هل ستطول إقامتك هنا ؟
    لم يرد جمال فقال معتز: ولم لا تلحق بأبيك ؟
    أغمض عينيه متألماً ولم يرد، فأردف معتز : كنتم في أمريكا ؟
    هز جمال رأسه بنعم فقال معتز:عمي الدكتور راشد كان هناك,قال بأنها جميلة، أحب زيارتها,(ثم سأل)صحيح، أنت تعرف عمي الدكتور راشد أليس كذلك؟
    جمال: أجل
    معتز: ماذا كنتم تعملون هناك ؟
    جمال :كانت أمي تكمل بحث الدكتوراه .
    ضحك معتز وقال: أبي لم يكمل الثانوية، ويعمل في ورشه،هو يحتاج إلى عاملٍ لمساعدته، ربما سيأخذك .
    أحس برعشة من كلمات معتز ولم يرد أما معتز بدا غير مكترث وقال : منذ متى أنتم هنا؟
    قال: منذ سنه.
    أخرج جمال كتاب البداية والنهاية من حقيبته المتهرئة فأسقطت علبة دواء تحت قدميه..لم يحاول أن يرفعها ..نظر إليها ..ثم إلى معتز الذي يراقب الوضع..لا يجد تفسيرا للموقف..ترك العلبة على الأرض و مضى بهدوء خارج الغرفة..ومعه القميص والكتاب ،رفع معتز علبة الدواء عن الأرض وبدأ يتأملها يفكر:ما حكايته؟كنت أتأهب لمعركة ..لكن يبدو أنه شخص مريض..( ثم هز رأسه)لا ..يكذب أو يمثل.
    خرج من الغرفة إن هذه الغرفة غرفة معتز وهو دخيلٌ عليها..كان يمشي ويتأمل هذا البيت الجديد كيف سيعيش وقد اقتلعت جذوره، كيف الحال مع المدرسة والشارع والمسجد .



    آخر مرة عدل بواسطة قـمر الشـــــام : 19-05-2011 في 10:01 AM السبب: إضافة وسام التميز ~

  2. #2
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    مشى إلى غرفة المعيشة، ثم توجه نحو الطاولة التي ستجمعهم كل يوم معاً شاء أم أبى، وبدأ ينظر يمنه باتجاه غرفة أمه وزوجها، كان يرى بصيص نورٍ من تحت الباب، وتذكر أمه وهذا الرجل فأحس برعشة ثم مسح دمعه أبت إلا أن تنزل، جلس على الكرسي، فتح كتابه وبدأ يقرأ.
    أحس برغبةٍ جامحةٍ في البكاء..فعواصف ذكرياتٍ أليمة طافت بخواطره..
    صوت أذان الفجر انتشر في الآفاق فأحس الطفل بالسكينة، ونزلت دمعةً ساخنةً على خده فمسحها ويده ترتجف.
    ثم سمع صوت صرير الباب وهو يفتح، عندما فتح محمود الباب جعل الفتى يرتعش فوقف اقترب منه محمود وسأله بحزم: لماذا لم تنم ؟
    جمال وهو ينظر إلى الأرض : كـ ...كـ... كنت أقرأ كتاباً .
    محمود بعد أن هز رأسه: لا بد أنك قارئ متميز، ولكنك أيها القارئ المتميز تحتاج للنوم والراحة..ما رأيك بأن تأتي معي إلى المسجد؟ اذهب وتوضأ .
    جمال : أنا على وضوء فلقد صليت ركعتين قبل الفجر .
    ابتسم محمود وقال : إذن هيا لترافقني .
    ووضع محمود يده على كتف جمال وخرجا معاً .






    طلبت سميه من معتز أن يجلس على كرسي بالقرب من طاولة صغيرة داخل المطبخ ثم سأل: هل تريدينني أن أعمل بدلا منك في الطبخ ؟يا زوجة أبي ..إن سندريلا فتاة وليست صبي .
    سمية : أنا أريد أن تحادثني لا أن تساعدني .
    معتز : ولكنك مملة، لا أعرف كيف أتواصل معك، أمي لم تكن كذلك.
    سمية : لكل فرد شخصيته يا بني، عيوب ومزايا .....
    صمت معتز و حدق بالأرض حزيناً، قالت برفق: لا بد أنها كانت رقيقة .
    معتز : لم أجد فيها أي عيب..(عقد حاجبيه و فكر) أنا أرى فيكِ الكثير من العيوب .
    سمية تبتسم: وما هي؟ طوبى لمن أهدى إلي عيوبي.
    هز كتفيه فلم يعرف الرد ثم سأل: ماذا ستطبخين يا زوجة أبي؟ ..هل تحبين أن أقوم بتقشير البصل بدلاً منك؟
    قالت وهي تنظر إلى عينيه: اسمع أيها الفتى، أنا أحاول القيام برأب الصدع الذي بيننا .
    نظرت للفتى فإذا هو فاغراً فاه عاقدا حاجبيه لا يفهم فاقتربت منه وقالت :إنس الأمر، إنني أحاول أن أقرّب بيني وبينك, قد لا أكون أمك، ولكن أحب أن تحترمني وتحبني مثلما تحب أمك.
    معتز:زوجة أبي.. لا تظني أنك ستحلين مكان أمي،فلن أسمح بسرقة أبي.(ونزل ثم رجع إلى غرفته)



    اجتمعت العائلة حول المائدة،لقد كان الطعام غريباً بالنسبة لمعتز وأبيه، خضار.. معكرون .. دجاج، أكل الأب صامتاً لكن معتز بدأ يعلّق: أتأكلون رأب الصدع هذا كثيرا .

    ضحكت سمية فأندهش جمال.. هذه أول مرة يرى فيها أمه تضحك من أعماق قلبها! ضحكة رقيقة برقة سمية ولطف سمية، فعدّل نظارته وبدأ يتأمل ضحكتها.

    معتز بسخرية: فهمت سبب قوامك التي تشبه نخلة هزيلة...

    محمود غاضباُ : كفى ..

    معتز بسخرية: هذه المرأة لا تعرف كيف تطبخ .

    محمود وقد اشتد غضبه: قلت كفى ..

    أراد معتز أن يتكلم كلمة أخرى فأغلقت سمية فمه وأخذته إلى المطبخ وقالت له : إذا لم تحترمني سأطعمك رأب الصدع هذا على الغداء وعلى العشاء وعلى الإفطار .

    أشاح بوجهه أمسكت ذقنه وحوّلت وجهه نحوها وقالت : يا ولدي..لا تشعل المعارك بيننا فنخسر جميعنا، يا ولدي لن أسرق قلب والدك..فقلب والدك طيب ولا يستحق أن نتعارك ونؤذيه..يا ولدي ربما أنا لست أمك ولكني سأكون أماً لك ..يا ولدي.. أمك كانت إنسانه رقيقة ..فأحسن إلى الناس، وأجعلها تفخر بك يوم القيامة ..




    كان محمود يجلس بالقرب من جمال على الأريكة في غرفة المعيشة، كان جمال صامتاً كعادته..أراد محمود أن يمازحه فقال: لا تقلق أظن أن أمك ستحتويه .
    جلست سمية بالقرب من محمود أما معتز فدخل غرفته صامتاً فسأل: كيف تدبرت أمرك معه ؟
    سمية : هددته بأن طعامه الدائم سيكون رأب الصدع.
    انفجر محمود ضحكاً ...ثم أرخى جسده على الأريكة قال: هذا ما أسميه... العقاب الجماعي .

  3. #3
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    ¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثانية ¸.•´♥الصقر الجريح¸.•´♥

    ::
    ::

    http://www.youtube.com/watch?v=9-i7zn77Ibw

    ::

    ::

  4. #4
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    هل كان معتز يحلم؟ بل إن الحلم حقيقة! وإن هذه الحقيقة لا تصدّق!
    قُبله تُطبع على جبينه حتى يستيقظ، إنها القبلة الصباحية التي اعتاد عليها من شفتي أمه رحمها الله قُبله عطف وحنان، قُبله طاقة يهوى أن يبدأ بها يومه، لقد افتقدها على مدى ثلاث سنين، افتقد معها صراخ أخته وهي تحيه وتلاعبه، تصعد على ظهره وتشاكسه. يريد أن يفتح عينيه..لكنه يخشى الواقع،الذي لابد من مواجهته فهو يعيش تفاصيله، و لا يستطيع الهروب منه ،ثم قرر مواجهة الواقع وفتح عينيه، فكانت سمية تبتسم وتقول بصوت الأم الحنون: استيقظ يا كسول، الإفطار جاهز.
    وضع غطائه فوق رأسه بعد أن شعر بالإحباط فهي ليست أمه، وميسون الصغيرة ليست معها، وما أن رفع الغطاء حتى سقطت على الأرض صورة امرأة جميلة، سمراء ناعمة و بالقرب منها ملاك صغير في الثالثة من عمرها، فالتقطت سمية الصورة وقالت باسمة: إن أمك وميسون رائعتا الجمال.
    رفع غطائه فشاهد سمية تمسك بالصورة فأختطفها من يدها وقال غاضباً: إنها لي لا تسرقيها.
    تجاهلت رده القاسي وقالت بحنان: ولماذا لا تضعها داخل إطار؟ (ثم سكتت لحظة و أكملت)على فكرة ..لدي إطار جميل.
    ذهبت بخطواتها الرزينة الهادئة..وما لبثت أن رجعت...تحمل إطاراً جميلاً مذهباً، وضعت الصورة بداخل الإطار وقالت برضى:هكذا أجمل.
    معتز مستفسرا: لماذا لم تغضبي مني؟
    سمية وهي تضع الصورة على صندوق الأدراج بالقرب منه :لماذا؟
    معتز وهو يهز كتفيه: مممممم.. لأن النساء يغرن.
    ضحكت ضحكه صافية وقالت: والآن يكفي ثرثرة أيها الكسول... طعام الإفطار جاهز.



    مشى متكاسلاً ..أما هي فانتقلت لتجلس بالقرب من سرير جمال تداعب شعره وتقول:لم أعهدك كسولاً يا صاحب الهمم.
    قبلته على جبينه، وقد صار وجهه شاحباً، فأمسك يد أمه وقبّلها، ثم نظر من خلال النافذة، صامتا حزينا، بدأت تمسح وجهه برفق وتقول:ألن تكف عن الحزن يا بني؟
    جمال:دعيني أرثي كتابي الوحيد هنا فلقد أكملت قرآئته وودعته كان غريب مثلي، شكونا الوحدة معاً، شكونا الحزن معا،شكونا الألم معا،شكونا الجرح معا،بكيت فكأنه بكى، وكأننا بكينا معاً.
    قالت:سيتغير الحال يا ولدي
    ما بين طرفة عين وانتباهتها
    يغير الله من حالٍ إلى حالِ
    جمال بألم: الحمد لله، فلن يمر حال أسوأ مما مر، وهل يوجد أسوأ مما مر؟
    سمية بحزن: لن يأتي يا ولدي، سنكون بخير هنا إن شاء الله، قم يا ولدي وتناول طعامك..تمر الأيام ولا أراك تأكل إلا بضع لقيمات.



    نهض، ومشى بهدوء إلى غرفة الطعام،فأستقبله محمود، وكان يجلس حول المائدة فقال باسماً: كيف حال بطلنا جمال.
    عدّل نظارته بتوتر وقال باضطراب: الحمد لله أنا بخير يا عمً.
    قال محمود يداعب معتز وجمال: إذن هيا لنأكل فمعتز يموت جوعاً، وإن تأخرت أكثر فسيفترسك.
    لم تكن شهية جمال على ما يرام كعادتها فأكل لقيمات وبقي جالساً ينتظر الإذن له بالانصراف،أ ما معتز، فيأكل بنهم.
    لم يقدر محمود أن يسكت هذه المرة على ضعف شهية جمال فسأل عاتباً:أنا لا أراك تأكل؟
    جمال بتوتر: بــ...بــ.. بلى..ربما لم تنتبه
    محمود: يا بني،إنك الآن في طور النمو،وتحتاج إلى الغذاء.
    لم يرد فلم يلزمه محمود الذي وقف متوجها إلى الباب وقال لسمية: أنا ذاهب للعمل إن أردت شيء اتصلي بي.
    وقف جمال مقابل محمود، فمعتز أخبره بأن أبوه يحتاج إلى عامل وسيأخذه معه، فقال وهو يخفض رأسه:هل سأذهب للعمل معك؟
    عقد محمود حاجبيه مستغربا وفكّر، ابتسم ثم قال: ماذا؟! آخذك لتعمل معي إنك هزيل و لا تنفعني.
    نظر إلى سمية وضحك قائلا: أطعميه..
    ثم رحل



    قالت سمية: معتز، أبوك ينتظرك لتذهب إلى المكتبة، وأنت كذلك يا جمال.
    جمال متلهفاً: ماذا المكتبة؟
    هم بأن يركض فانتهرته سمية فتوقف، ورغم ذلك كان أول من وصل إلى العربة ،جلس في المقعد الخلفي،ينتظر معتز الذي نزل ببطء وقال لأبيه :والله لولا الدفاتر الجديدة و الحقيبة الجديدة التي وعدتني بها، ما جئت إلى هناك.
    نظر محمود إلى معتز وقال متحدياً :طيب ..... سأعقد معكما اتفاق، في هذه المرة يجلس معتز في المقعد الأمامي، وفي المرة القادمة... جمال.
    أحس جمال بالحرج الشديد وانكمش في جلسته، أراد أن يعاند لكنه لكن لسانه لم يطاوعه, وعندما وصل إلى المكتبة أصيب بخيبة أمل، لقد ظن أن زيارة المكتبة لاختيار الكتب، فاذا هي لدفاتر معتز وأقلامه.



    كان معتز مشغولاً بانتقاء الدفاتر أما هو فلا يملك ثمن قلمٍ صغير، كرامته لم تسمح له أن يطلب أي شيء، ثم طاف بخياله أنه لم يُدعى أو أنه لن يذهب للمدرسة أصلاً، كما أوهمه معتز فتشاغل بالنظر إلى كتابٍ في المكتبة باسم " الحاجب المنصور"، وإذا بعمه يسأله بعد أن وقف مقابله: لماذا لم تختر القرطاسية؟
    وضع الكتاب جانباً وأشار بكلتا يديه إلى صدره مندهشاً: أنا؟
    محمود وهو يضحك: نعم أنت، هل ستكتب دروسك على ورق النخيل؟
    جمال بخجل: لا شكراً.
    محمود بحزم:لا تقل لي ... لا، على كل حال أنا و معتز سنختار لك.
    واختار لجمال كما اختار لابنه وزاده بكتاب الحاجب المنصور.

  5. #5
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    جلس معتز حول المائدة ينادي:يا قوم إني أموت جوعاً، أدعوا الله أن يكون طعامنا بلا صدع ولا رأب.
    رمق محمود ابنه بنظرة غضب، لكن وصول سمية بالوقت المناسب، وهي تضع أصناف الطعام الشهي أنقذه فضحكت وقالت:لقد أحضرت لي عمّتك سائدة....كنز.
    اكتفى جمال في النظر إلى أمه وتعديل نظارته ليتأمل ضحكتها وبسمتها، أما معتز قال بلهفة: كنز... ما هو؟
    سمية وقد جعلت وجهها يستقبل وجه معتز وقالت:دفتر طبخٍ كتبته أمك رحمها الله ..من الآن... سأطبخ الأصناف التي تحبها، ( وهمست بحنان)قد لا يكون طعامي مثل الأصل.. لكني سأحاول.
    أحس معتز بالغبطة والسرور، أما محمود وجمال حدقا بسمية معجبين بأسلوبها ببسمتها الرقيقة.
    نظر محمود إلى صحن جمال الذي ظل على حاله وسأل مؤنباً:إلى متى يا جمال؟ أنظر إلى جسدك النحيل ووجهك الشاحب، إني أخشى عليك أن يزداد مرضك.
    جمال وقد عدّل نظارته: أرجوك ...لا أقدر على أكل المزيد
    ثم نظر إلى أمه وقال: أشكرك يا أمي.
    وقف ثم استدار لكن محمود قال بحزم وسطوة: لم أسمح لك بالانصراف.
    نظرت سمية إلى محمود بقلق وأظهرت التماسك، قالت لمعتز بابتسامة شاحبة:ما رأيك أن تساعدني في نقل الأطباق؟



    جلس جمال منقبض النفس، مضطرب الفؤاد، أما معتز كان يلمح الفتى شامتاً.
    قال محمود بسطوة وتسلط: كُل.
    اكتفى بهذين الحرفين حازماً، فأمسك جمال الملعقة بيد مرتعشة، فلم يقدر إلا على تناول لقمة وقال برجاء:لا..
    أخذ محمود الملعقة من يد جمال، التقط لقمة من الطبق ودسها في فم جمال المستسلم المستكين وقال بسطوة وتسلط:لا..تقل.. لي..لا.. من الآن فصاعداً، سأجبرك على نظامٍ غذائيٍ صارم،إن لم تأكل سأطعمك أنا وأجبرك على تناول الطعام، لقد زاد ضعف جسدك.
    لم يعرف جمال كيف يمضغ اللقمة.
    سأل محمود وهو ينظر إلى وجه جمال الشاحب ويبتسم:هل قرأت كتاب الحاجب المنصور؟
    هز جمال رأسه بتوتر لينفي، ثم استجمع قواه وقال بتلعثم:أ....أرجوك...أتركني..
    ثم لم يشعر بجسده فسقط رأسه على صدر محمود، وغاب عن الوعي، بدأ جسده يرتعش وبردت أطراف يده.
    شعر محمود بالجزع، أما أمه فهرعت إليه وقالت مرتبكة: هل عاودته النوبة؟
    معتز بدهشة: أي نوبة؟




    حمله محمود وقال: يال حماقتي لقد كنت قسوت عليه، سأحمله إلى أخي راشد، جهزي نفسك لتأتي معي.
    ارتدت ملابسها بسرعة، ولكنها عندما وصلت أمام الباب؟ ..تسمرت مكانها وقالت وهي تبكي:لا..لا.. أقدر أن أخرج..لا أستطيع.
    ثم بركت على الأرض..ساعدها معتز على الوقوف وقال: لا بأس يا خالة سأبقى معك..(ووجه كلامه إلى أبيه وقال) أبي خذه الآن إلى المستشفى، أنا سأعتني في الخالة سمية.

  6. #6
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    مازال جمال فاقد الوعي، ممد على السرير، وإبرة المغذي في يده، محمود جالساً على كرسي بالقرب من السرير، يمسك بيد جمال، يسند رأسه عند يديه ويد جمال، أما الدكتور راشد وقف بجانب أخيه ينظر إلى جمال ويقول والألم يعتصره: يؤسفني أنك قد شهدت النهاية، ولم تشهد البداية...شهدت نهاية الطفل الشجاع(وأغمض عينيه بألم فنزلت دمعة تحسر وقال)...لقد انتهى جمال يا محمود..لن ينهض مرة أخرى.
    محمود بحزم وثقة: إن الذي جمعني معه بمعجزة...قادر على أن يبعث الروح فيه من جديد ..بمعجزة أخرى...
    هز الدكتور راشد رأسه متحسراً وقال:لا يمكن إقناعك.. على كل حال .. لقد جهزت له بعض المهدئات.. ..لا تقلق إن زادت ساعات نومه.




    فتح جمال عينيه فوجد راشد ومحمود حوله فأحس بيد محمود الدافئة تمسك بيده بحنان.
    قال راشد لمحمود وهو يمسح شعر جمال: استيقظ فارسك يا محمود.
    محمود بتأسف: سامحني يا بني إن كنت قاسياً..
    فأطلق شبه ابتسامة ولم يرد ..فقال الدكتور راشد: مع الأسف أيها الصقر الأندلسي، سترى قسوة أكثر من أخي الأكبر..إنني قد صرت طبيباً (وهمس في أذنه)وما زلت أرتجف من هيبته وسطوته.
    ثم قال باسماً:سيكون نشيدك..كنشيدك في الماضي،أيها الصقر الأندلسي
    و لرب نازلة يضيق لها الفتى
    ذرعاً وعند الله منها المخرجا
    نزلت دموع جمال وأشاح بوجهه ولم يرد..أحس محمود بالألم على جمال..ثم قال الدكتور راشد بحزم:على كل حال إنك مصاب بسوء التغذية، أنا أدعوك يا محمود على أن تجبر جمال بتناول برنامج غذائي صارم.
    قال محمود لجمال برفق:أعلم أيها الفارس الصغير بأنك مررت بأيامٍ عصيبة..لكنها انتهت يا ولدي..أليس كذلك يا بطل؟
    لم يرد ولم يبتسم..
    راشد باسماً: بلى قد انتهت يا جمال وصارت من الماضي.
    ثم قال مازحاَ: والآن جهزت أدوية عندما ستناولها ستصبح شهيتك أقوى من شهية معتز.
    كان محمود مازال يمسك بيد جمال فمسحها مازحاً وقال: هذه لن يقدر عليها .
    ضحك محمود وضحك راشد ولكن، أما جمال لم يضحك ولم يبتسم.




    أحس معتز بيد حانية تمسح رأسه، إنه أبوه ينحني ويبتسم ثم يهمس: لقد أثبتّ رجولتك برباطة جأشك اليوم.
    فتح معتز عينيه وابتسم لأبيه فسأل محمود: كيف حال سمية؟
    قبل أن ينهي الجمله، دخلت سمية الغرفة، والإرهاق يظهر على وجهها، مشت ببطء إلى أن وصلت إلى سرير جمال، جلست على الأرض بجوار ابنها، أمسكت بيده،صارت تمسح دموعها بيده وتقول : آه يا ولدي ..آه أيها الصقر الجريح...متى ستحلق من جديد...


    أمسك محمود بيد معتز، ساعده على النهوض، لف ذراعه حول ظهر معتز وخرجا إلى الصالة ثم جلسا على الأريكة، أسند محمود رأسه على ظهر الأريكة ابتسم وقال لمعتز:أتعلم؟ أنا لم أكن أعرف جمال، إن الذي كان يعرفه، هو راشد، وكان يلتقي معه في مساجد أمريكا، كان جمال مرحا مثلك، ويحمل شخصية فريدة( صمت برهة ثم أكمل)عندما ماتت والدتك و ميسون كنت أحكي مع راشد ونبرة الحزن تملأ صوتي، فيحكي لي نوادر جمال ليخفف عني.. كان يتكلم عنه بفخر..عن صموده وعن ذكائه، عن صبره وعن إيمانه، وكنت أدعو الله بصدق أن يجمعني معه..لأراه وأحتضنه..لأخفف عنه آلامه وأحزانه، ثم ..و بالصدفة ،استجاب الله دعائي و التقيت معه ومع أمه قبل ستة أشهر.
    معتز: كيف؟
    انطفأت الابتسامة..وأغمض عينيه كأنه يتذكر مشهدا مروعاً
    وسكت.




    كان جمال ممدد على سريره ينظر من خلال النافذة, ومعتز ينظر إليه محتاراً و يسأل: من أنت أيها الغريب؟وما هي حكايتك؟
    حدق جمال في النجوم، تذكر ابتسامة أمه و ضحكتها،فابتسم ثم قال:أنا يا معتز... عبد الرحمن الغافقي...قتلت في المكان الذي ولدت فيه أمي.

  7. #7
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    ¸.•´♥ غريب الدار ¸.•´♥ الحلقة الثالثة ¸.•´♥صراعاتٌ نفسية¸.•´♥


    ::
    ::


    http://www.youtube.com/watch?v=jm5HMnqKzA8

    ::
    ::

  8. #8
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)
    مرت ثلاثة أسابيع و حياة الفتى متقلبة،فهو كثير النوم في حين، ويقتله الأرق في حين أخرى..يأكل باعتدال في حين..وفاقد الشهية في حين أخرى..هادئا في حين...هائجاً في حين أخرى..مبتسماً في حين..كئيبا في حين أخرى..
    لم يذهب إلى المدرسة،ولا حتى ذهب للعمل في ورشة محمود، لأن الأخير أمره أن يبقى متعذرا بمرضه..بل وأمره أن لا يغادر السرير وماطل عند السؤال,فامتعض الفتى و اشتعل الشك في قلبه.
    كان يستعير كتب معتز فيذاكرها فتطفئ النار المشتعلة في قلبه..تعطيه الأمل بأنه سيلتحق مع أقرانه في المدرسة، أجل كتب معتزالذي يذهب إلى المدرسة مكرهاً، ويحسد جمال لأن المدرسة مزعجة برأيه، لم أن يحسده على الحبس الذي فُرض عليه، في بعض الأحيان يحاول التخفيف عنه بأن يطلب منه أن يخرج معه ليتعرّف على أصحاب معتز ويتعرف عليهم، فترفض الخالة سمية وتأمر جمال بالبقاء والدراسة !




    كانت سمية ترسم لوحة فنية بديعة،صورة جبالٍ خضراء شامخة وقلعة حصينةً صامدة، جمال يجلس على الأريكة وقد رمى رأسه على ظهرها فاقداً الإحساس بمن حوله وكأن روحه قد رحلت من دون رجعة، اقترب معتز ونظر إلى اللوحة وقال:أنتِ فنانة! ما أجمل هذه الصورة!
    سمية:إنها الفردوس المفقودة..هذه الأندلس.
    وكأن روحاً بعثت في جسد الفتى فرفع رأسه ونهض وتأمل الصورة وتلمسها وهمس بفرحة غامرة:غرناطة!!
    ابتسمت سمية وعلقت: عندما أنتهي منها سأعلقها بالقرب من سريرك يا جمال..حتى تراها كل صباح.
    وضعت اللمسات الأخيرة وقالت:لقد انتهيت..وهذا التوقيع كما يفعل الرسامون.
    جمال:أرجوكِ لا تفعلي..
    سمية و هي تبتسم بشفقة:ولم؟ ألا يرضيك أن أكتب اسم سمية؟
    همس جمال:سمية...سمية...أجل سمية.
    نظرت إلى معتز وسألت بابتسام: وأنت؟ أي لوحة تحب أن أرسمها ؟
    جمال بتوسل: أرسمي له جامع قرطبة يا أمي..
    سمية تبتسم: سأرسم له جامع قرطبة يا بني ..
    جمال وهو يتلمس اللوحة ويسرح في خيالة بعيداً كأنه يداعب الماء في إحدى برك قصر الحمراء:أرسمي له نهر تاجة يشق طريقه في طليطلة..
    سمية تبتسم: سأرسم له نهر تاجة يشق طريقه في طليطلة ..
    جمال سارحاً بخياله: أرسمي له برج الذهب في اشبيلية ..
    سمية تبتسم: سأرسم له برج الذهب في اشبيلية ..
    جمال سارحاً: أرسمي له قصر الجعفرية في سرقسطة..
    سمية تبتسم: سأرسم له قصر الجعفرية في سرقسطة ..
    جمال سارحاً بخياله:أرسمي له شاطئ لشبونة..
    سمية تبتسم:سأرسم له شاطئ لشبونة..
    جمال: لا تنسي قشطالة ..لا تنسي قطالونية ..لا تنسي دانية ..لا تنسي جليقية ..لا تنسي أرغون..لا تنسي نافار .. لا تنسي بلنسية ... لا تنسي مرسية..لا تنسي ليون.. ( و همس سارحا) ستعودين عربية إسلامية يا أندلس..رغماً عن أنفك يا كونزالس.





    دلف محمود إلى المنزل فأمسك جمال بيد عمه مثل طفل صغير يمسك بيد أبيه فرحا بوصوله وجرّه إلى الصالة وهو يقول أنظر ما أجمل رسومات أمي..لقد رسمت مدينة الصمود غرناطة..لقد ولدت هنا..قرب قصر الحمراء .
    اقترب محمود من اللوحة وبدأ يتأملها ويقول بغبطة: مدهش!
    نظر إلى سمية وابتسم ثم قال:كل يوم أكتشف فيك أمرا مذهلاً.

    احمرت وجنتي سمية خجلاً ، أما معتر جعل وجهه مقابل وجه أبيه وابتسم بخبث: أبي ..خالة.. ما رأيكما أن تؤجلا اللحظات الرومانسية إلى ما بعد الغداء؟
    سمية مرتبكة: أخ نسيت الطعام ..ثواني..وتكون الأطايب جاهزة.
    جمال بلهفة أدهشت الجميع:أجل يا أمي .. أكاد أموت جوعاً.






    لأول مرة أثناء تناول الغداء أكل جمال بشهية ثم قال:أريد المزيد..هل يسمح لي بتناول المزيد؟
    محمود فرحاً: طبعاً يا ولدي أعطني طبقك وأنا سأسكب الطعام في طبقك.
    ولكن جمال حينما مد ذراعية ليوصل الطبق..امتد شريط ذكرياته..ووصل إلى نقطة سوداء قبل ثلاث سنين..حينما مد ذراعية ليوصل الطبق في مكان مظلم من لقطات حياته ويسأل: أريد المزيد..
    فترد عليه امرأة شقراء عجوز شمطاء بقسوة:لن تنال المزيد بسبب فعالك الشنيعة يا كونزالس.
    أرجع جمال الطبق مكانه قبل أن تصل المغرفة التي بيد زوج أمه إليه..وقف..أفل إلى غرفته.. وصم أذنيه فلا يريد أن يسمع صوت محمود وهو يناديه، حتى لا يختلط صوت الحاضر بصوت الماضي الذي يحاول جاهداً نسيانه فلا يقدر.
    أخذ حبة مهدئ ثم نام, وقد ظل صوت ٌواحدٌ يردد صداه داخل عقل وقلب جمال...
    ستعود عربية إسلامية رغم أنفك يا كونزالس..

  9. #9
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    اجتمعت العائلة في غرفة الجلوس حول محمود.. كان معتز يثرثر، وسمية تبتسم وهي تستمع إلى كلامه الظريف ..ولم يكن مزاج جمال على ما يرام فانتبه إليه محمود وقال: هل قرأت عن الحاجب المنصور، مر زمن على إحضاره ولم تقرأه.
    كانت نفس جمال تلتهب من الغيظ..فقال بألم وقد رمى رأسه يسنده عند ظهر الأريكة:أعرفها؟
    محمود: كان الحاجب المنصور يا معتز.. شخصية فريدة، كان فقيراً معدماً، فجد وكد وصار الرجل الأول في الأندلس
    جمال بحرقة: ما كان سيصل لولاها..
    محمود: من؟
    جمال:صبح البشكنسية
    سمية: بل بالهمة التي تحطم الجبال
    جمال: بل باستغلالها
    سمية: لقد جهز جيشا عرمرماً حتى ينقذ ثلاث نساء مسلمات أسيرات ضد مملكة نافار.
    جمال:وقبلها.. أوصلته امرأة إلى منصبه
    سمية وقفت وقالت بغضب: إياك أن تسيء لهذا المجاهد..
    جمال وقد فار صدره وغلى ثم وقف ونادى: لقد جاهد لأجل السلطة
    سمية بغضب : لقد جاهد لأجل راية الإسلام .. لأجل توحيد الأندلس...هل تعلم ؟ لقد كان ينفض ثيابه بعد كل غزوة، يجمع غبار في صرة، لتدفن معه وتكون شاهدة على جهاده.
    جمال صارخاً: بسبب صراعاته تم القضاء على الدولة الأموية.
    سمية: بسببه فتحت مدن لم يقدر أحد على فتحها مثل صخرة بلاي..
    فرح بخبر موته كل أوروبا وبلاد الفرنج حتى جاء القائد الفونسو الى قبره, ونصب على قبره خيمة كبيره وفيها سرير من الذهب,
    فوق قبر الحاجب المنصور ونام عليه ومعه زوجته متكئه يملاهم نشوه موت قائد الجيوش الاسلاميه في الأندلس وهو تحت التراب, وقال الفونسو : أما تروني اليوم قد ملكت بلاد المسلمين والعرب !! وجلست على قبر اكبر قادتهم !
    فقال احد الموجودين:والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحد على قيد الحياة ولا استقر بنا قرار.
    فغضب الفونسو وقام يسحب سيفه على المتحدث حتى مسكت زوجته ذراعه وقالت :صدق المتحدث ايفخر مثلنا بالنوم فوق قبره !!
    جمال: ثم أضاعوها بنوه ودارت الصراعات فيما بينهم
    سمية: لم تكن الصراعات في الأندلس وحدها بل ان الصراعات لا تنتهي..فيأتي قائد مجاهد يوحد الأمة ..فيفترقون بعده ..ويتصارعون .
    جمال: لكنها صراعات مناصب يا أمي (ثم صرخ )هل تعلمين!؟ لقد ضرب الحاجب المنصور(وأشار بعيداً) متآمراً من صبح ( وأشار إلى أمه) الحصار على هشام بن الحكم(وأشار على نفسه والألم يعتصره).
    أرادت سمية أن تتكلم لكن معتز صرخ فيه ممازحاً:أوقفوا هذه الصراعات التاريخية التي تدور في منزلنا( وضع ذراعه حول جمال وأكمل) هون عليك يا فتى الأندلس( وتنفس الصعداء ثم أكمل)غدا...غدا سأبحث معك البلاد داراً ..داراً.. عن منزل حامد منصور هذا...و ليقطع علاقته مع صبح..وإلا...وإلا أخبرت أبيها حتى يتدخل ويفسد علاقتهما.
    لم تحفل سمية بكلام معتز وقالت بهدوء حزين:لا تشبه الحاجب المنصور، بصاحبك المبتور، اذهب يا بني إلى الصالة.. وتمعن في الذي تفكر فيه.
    نظر جمال إلى الأرض وقال بخضوع وألم:أرجوكِ يا أماه ..لا تحاسبيني على ما أفكر فيه ..ففكري مشوش..وقلبي انطفأت بصيرته.





    ثم أطاع أمه واستدار ليتوجه إلى الصالة لكن أمه قالـت متألمة بعد أن جلست:على كل حال..لم يُضرب عليك الحصار، جواز سفرك بحوزتي..إن شئت خذه وعد من حيث أتيت.
    وقف لحظات..ثم استدار..ومشى بخطوات بطيئة مهزوزة..إلى أن وصل بالقرب من أمه..انحنى وأسند راحتيه بركبتيه .. وجعل وجهه يستقبل وجه أمه وقال:لا أقدر... أتعلمين لماذا؟
    سمية بألم: ولم؟
    جمال بحسرة والألم باديا على ملامح وجهه:لأجل كلمة المعتمد بن عباد، لأن رعي الجمال.. أحب إلي من رعي الخنازير.
    ثم وقف وتحول إلى الصالة.
    محمود يراقب بصمت..أما سمية الغاضبة قالت لمعتز: وأنت؟
    معتز مازحاً : أنا...أنا ليست بيني وبين الدولة الأموية أي عداوة...أنا فرد من الشعب.. أهتف للخليفة أياً كان أمويا أم عباسيا أو حتى فاطمياً كل ما أريده من الخليفة الخبز و الطماطم .
    ضحكت وأمسكت بإذنه وقالت : أيها المنافق، بل ربما تهتف لهرقل أيضا من أجل رغيفك!؟
    أكمل ضاحكاً: أنا عندي أولاداً صغاراً .. وعلي إطعامهم بعيداً عن مكر الحكّام.
    سمية كأنها نسيت شيئا:اوه..نسيت الحلوى.
    ذهبت ..بعد لحظات وقف معتز ليتوجه إلى المطبخ فأعترض طريقه محمود بقوله: إلى أين؟
    معتز: لأساعد الخالة في تجهيز الحلوى.
    محمود وقد رمى رأسه على ظهر الأريكة وقال: دعها..هي لم تذهب لتجهز الحلوى .. بل لتبقى وحدها.
    معتز بألم :ولكني لا أريدها أن تبكي وحدها.
    توجه معتز إلى المطبخ وقال مازحا بصوت عالٍ: يا ربي! ارحمني! أتبكين فوق طبق الحلوى؟ سيصبح مالحاً.
    ضحك محمود من مزحته، ثم وقف وتوجه إلى جمال.




    كان جمال يجلس على الأرض، وقد غطى رأسه بذراعيه ووضعهما على المقعد ...فتح محمود الباب، واقترب منه، برفق مد يده ليمسك بيد جمال ...ساعده على الوقوف، وأجلسه بجانبه على الأريكة وبحذر..وضع محمود يده اليمنى على ظهر جمال وبدأ يمسح ظهره برفق.. وقال:يا بني لا تأخذ من التاريخ ما يفت عضد عزيمتك... وخذ منه ما يقوي ثقتك بالله ..يا بني تاريخ الإسلام فيه الكثير من العظماء الذين رفعوا شأن الأمة..فالله الله بمعرفتهم والمضي على خطاهم، يا بني لا تقرأ لمن حرفوا التاريخ..بل لمن عرفوا شأن تاريخنا العظيم..
    ثم بيده الأخرى أمسك ذقن جمال..وحاول رفع وجهه ليقابل وجه جمال فأضرب قلب الفتى حين نظر إلى عيني محمود, فالتقتا عينا جمال الحائرتين بعيني محمود الواثقتين
    ثم قال هامساَ: يا بني..أنت لست هشام بن الحكم..أنت صقر الأندلس الذي سيحلّق من جديد.

  10. #10
    ام البنين1977's صورة
    ام البنين1977 غير متواجد كبار الشخصيات "قاصة مبدعة "- شعلة العطاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الموقع
    الأردن
    الردود
    11,044
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    3
    التكريم
    (أوسمة)

    لما انقطعت الكهرباء كان جمال يجلس القرفصاء على سريره يحتضن قدميه ويخبئ رأسه،كان ضوء الشمعة ينعكس على جسده وخيالا مضطرب ينعكس عند الحائط .. تأمله معتز وقد رق قلبه له فقال:ما بك يا هشام بن الحكم؟
    جمال وقد أشاح بوجهه: أنا لست هشام بن الحكم..أنا المعتمد بن عباد حبيس يوسف بن تاشفين.
    معتز:والله! طيب يا فتى الأندلس...
    جمال حزينا: دعني وشأني.
    اقترب معتز من جمال أكثر وجلس على سريره بعد أن حمل الشمعة وقال هامساً:ما رأيك أن تهرب غدا وترافقني إلى المدرسة،سأساعدك في اجراءات التسجيل لتلتحق في المدرسة مع أقرانك.
    جمال: أوراقي المدرسية معقدة وباللغة الانجليزية.
    معتز:سنعطيها للمدير لا أظن أنه يعرف الانجليزية.
    رفع جمال رأسه ونظر إلى معتز مندهشا ثم سأل:حقاً!هو لا يعرف الانجليزية؟
    معتز: أجل ولا يعرف كيف يقرأها.
    جمال:هل أنت متأكد؟
    معتز: نعم أنا متأكد.
    أمسك بذراع معتز وسأل ليتأكد أكثر:هل أنت متأكد أن المدير لايعرف الإنجليزية؟
    معتز وقد ضاق صدره: نعم يا أخي لا تكن لحوحا.
    جمال تنفس الصعداء ثم قال محتاراً: وماذا عن أمي..وأبوك؟


    معتز هامسا: ستأتي معي غدا... بدون علم صبح..وحاجبك ..وبن تاشفين.
    وعندما همس بحروف الجملة الأخيرة ..صار الخيال يتزلزل بعنف...كالمشهد المزلزل الذي سينتظرهم في المدرسة.






مواضيع مشابهه

  1. الردود: 109
    اخر موضوع: 08-06-2015, 12:22 AM
  2. الردود: 92
    اخر موضوع: 11-09-2012, 06:44 PM
  3. الردود: 237
    اخر موضوع: 16-05-2011, 01:20 PM
  4. ♥♥♥♥فطيرة الدراق الفرنسية♥♥♥♥حلوان عودتي للمنتدى بعون الله تعالى بعد طول غياب ♥♥♥♥
    بواسطة عاشقة الحلويات في الحلويات والكب كيك والكيك وحلويات العيد
    الردود: 62
    اخر موضوع: 05-07-2010, 10:50 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ