أبرز سماته رحمه الله كما تصفها زوجته
فقد كان أبو شنب حسب وصف زوجته أم حسن شخصا هادئا مرنا في تعامله إلى أبعد الحدود ، كان يعمل دائما على لم الصف وإبعاد عوامل الخلاف ، وليس ذلك بعيدا عنه حيث تقول أم حسن
" يمكن جمع صفات أبو حسن في قولنا كان خلقه القرآن "
فلا بد إذا أن يسعى لتطبيق قوله تعالى
" أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "
فكان تعامله مع من حوله لينا سهلا وكثيرا ما ردد قول الرسول صلى الله عليه وسلم
" بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا ".
طبعاً والده متوفي وهو يبلغ من العمر 14 عام، وكانت لديه علاقة مميزة مع والدته وكان يحبها ويحترمها بدرجة كبيرة وكان يحاول أن يعمل على راحتها ويقوم بتنفيذ لها جميع ما تطلب منه بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
ونظرا للحياة الخطرة والصعبة التي يحياها المجاهد ربما يظن البعض أن حياة المجاهدين يملأها الخوف أو الحرص الزائد – وإن كان الحرص مطلوبا منهم – إلا أنهم ما تركوا للخوف مكانا في قلوبهم كيف وهم فرسان الميدان ، فكما تقول زوجة أبو شنب
" لم يشعر أبو الحسن أبدا بالخوف ولم يعرفه إطلاقا ودائما كان يقول الأعمار بيد الله
وكان يتخذ موقفا مثابرا في الحياة فلم يمنعه العمل الحركي والدعوة وعمله في الجامعة عن متابعة طموحه ودراسته فقد أنهى ثلاثة أرباع رسالة الدكتوراة
وكان حريصا على تأمين أفضل سبل الراحة لأسرته فكما تقول أم حسن
" عند بناء المنزل الجديد عمل على تأثيثه بأثاث جديد بشكل كامل "
أما عن اللحظات التي كان يقضيها أبو شنب مع أسرته فكانت رغم قلة ساعاتها إلا أنها كانت كافية ليغرس فيهم كل ما يريده أب من أبنائه ويأخذوا منه كل ما يحتاجه الأبناء من والدهم فقد كانت لحظات الطعام بمثابة فرصة ذهبية لتبادل الأفكار وإبداء التوجيه والإرشاد وتصحيح الأخطاء وربما لن يكون لتلك اللحظات نفس الطعم والمعنى بعد رحيل الوالد عن أولاده .
6- تحفيز الابناء على العلم
كان " اسماعيل أبو شنب "حريصا على العلم وتنمية ثقافته وكان دائم التشجيع لأبنائه على تنمية ثقافتهم ومواهبهم حيث تقول ابنته إسراء
" دائما يقول لنا اقرأوا كثيرا ويحضر لنا الكثير من الكتب ويطالبنا بالإطلاع ولو على مضمونها العام ، ويحثنا على التعليم ليس بهدف الحصول على الدرجات العالية فقط ولكن من أجل أنفسنا وثقافتنا " .
7- عباد بالليل فرسان بالنهار
تتجلى تلك المقولة مع اناس وهبوا انفسهم لله ولدينه فهم يعطوا كل ذى حق حقه فحق لهم الشهادة والفوز بالجنان
أما عن عبادته فهي تتسم بالإخلاص والإتقان وحينما كنت أستمع لتلاوته للقرآن الكريم كنت أشعر باستمتاعه الشديد بالقراءة، وكثيرًا ما كنت أحب أن أسمعه وهو يقرأ من سورتي " ق" و" الواقعة "
وقد أدَّى فريضة الحج عام 1979م
8- ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة
آمن أبو حسن بضرورة تحرير فلسطين بالبندقية والجهاد وعدم جدوى العمل السلمي والكلام مع اليهود حيث آمن بالمثل القائل عدو أبوك وجدك عمره ما بودك
يقول ابنه حمزة
كان ابي يتعامل مع الكبير والصغير بكل احترام، وقد هيأنا وأعدَّنا للصبر والثبات، ونحن نحب السلام ولكن ليس سلام أمريكا وإسرائيل.
9- حرصه على الاستقرار
أما عن الأيام الأخيرة فتسترجعها أم حسن وتقول " لم نشعر أبدا بأي شيء تغير فيه أو أنه قد شعر بقرب استشهاده إلا أنه أسرع كثيرا في تجهيز البيت ورغم أني أخبرته بأني لن أدخل البيت وفيه مسمار ناقص لكن رغبته السريعة بالانتقال إليه وفرحته الشديدة بذلك جعلتني أوافق على طلبه وأقول للبنات أشعر بالخوف على أبوكم لكثرة سعادته " .
وربما كان ذلك الشعور هو الوحيد الذي شعرت به أم حسن وفعلا فبعد انتقالهم للعيش في المنزل الجديد بأسبوع فقط كانت حادثة اغتيال إسماعيل أبو شنب .
وكأنه أراد أن تكون له مع أبنائه ذكرى في المنزل الجديد وأن يشعروا بوجوده معهم حيثما ذهبوا .
اختاره الله لينقله من بيت الدنيا الى بيت الآخرة ان شاء الله في الفردوس الأعلى
وقع نبأ الاستشهاد على اسرته الكريمة
قد يكون شعور الأبناء لحظة استماع خبر وفاة والدهم من أصعب المواقف عليهم إلا أن الإيمان الراسخ بالله تعالى وقدره والفرحة بالشهادة يعطي أبناء الشهيد ميزة عن غيرهم من البشر حيثتقول إسراء
" عندما تأكدنا من أن بابا تم اغتياله شعرت بالحزن لكن كل ما استطعت فعله هو التكبير" ، وفعل حمزة مثل ذلك .
وتتذكر أم حسن تلك اللحظة قائلة
" لما سمعنا القصف ورأينا مكانه شعرت أنه من الممكن أن يكون زوجي وعندما سمعنا مواصفات السيارة تأكد شعورنا لكن لم نرد أن نصدق ، وعندما رجع حمزة من الخارج تأكدنا من أن المستهدف كان زوجي".
هكذا هي حياة الشهداء ، دوما مليئة بالأحداث والأعمال المؤثرة التي تترك بصماتها فيمن حولهم وتبقي ذكراهم حية على مر الأجيال .
قال شهود عيان إن مروحيات إسرائيلية من طراز أباتشي أطلقت وابلا من الصواريخ على سيارة أبو شنب ما أدى إلى اشتعالها بالكامل وتفحم جثث اثنين على الأقل كانا بداخلها.
اغتالته طائرات الاحتلال الصهيوني في الحادي والعشرين من أغسطس عام 2003م، في مناسبة حرق المسجد الأقصى، وهي لها بلاغة أن يكون هو يوم استشهاد القائد المهندس أبو شنب، كأن الطريق يقول أن الأقصى لا يكون الا بالشهادة، واغتياله حقنة لدماء الفلسطينيين، وكان لدى السلطة قرار في نفس الليلة أن ينفذ، ولكن جاء اغتيال القائد المهندس أبو الحسن، واستشهاده حقن دماء المسلمين.
بإحساس طفلة بريئة لم ترتو بعد من حنان الأب وعطفه كانت هبة التي لا تزال في عامها الرابع غاضبة من مؤمن وهاني مرافقي والدها إسماعيل أبو شنب وقالت
" لو مؤمن وهاني طخوا على اليهود ما قصفوهم مع بابا "
ويبدوا أنها أدركت بفطرتها حقيقة الأمر فلو تواجه اليهود مع والدها ومرافقيه لما استطاعوا أن ينالوا منهم ولكنهم غدروا بهم ، كانوا يقاتلون في الماضي من وراء جدر واليوم يقاتلون من وراء الدبابات والطائرات .
وتختم زوجة الشهيد قولها ببعد الرحيل
لقد ترك رحمه الله فراغًا كبيرًا في حياتنا، وخاصةً في المواقف التي يحتاج فيها الأطفال لوجود أبيهم معهم مثل المناسبات والأعياد وحين يتسلمون نتائجهم الدراسية يودون لو يزفون نبأ تفوقهم لأبيهم، ولكنني أحس أنه بيننا يفرح لفرحنا ويحس بمتاعبنا رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في مستقر رحمته.
ومازالت الحياة مستمرة " كرامات الشهداء " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون
تقول أم حسن زوجة المهندس اسماعيل أبو شنب لموقع كتائب القسام: "عندما أردنا دفن ابني حسن والذي استشهد في بداية الحرب الصهيونية على غزة، لم يجدوا مكانًا لدفنه بمقبرة الشيخ رضوان وأرادوا أن يتوجهوا به للشمال لدفنه هناك، فرفضتُ وقلت لهم ادفنوه مع والده رحمه الله".
"لم يفتح الإخوة قبر المهندس أبا حسن بأكمله بل فتحوا نصفه، وعندما نزل أحد الشباب ليدفن حسن فوجئ بما رآه وأصابته رعشة؛ حيث إنه وجد جثمان الشهيد أبو حسن كما هو والكفن ما زال ناصع البياض ولم يطرأ عليه أي تغير من عوامل الزمن، فضلاً عن الدماء التي كانت على الكفن وكأنها خرجت في تلك اللحظة".
ولفتت أم حسن الانتباه إلى أن "الرايةَ التي لفَّت جسد المهندس إسماعيل يوم جنازته منذ 5 سنوات ما زالت حتى اليوم تُعطّرها رائحة المسك التي خرجت من الشهيد رحمه الله ".
الروابط المفضلة