قصة أصحاب الرس وذكرهم فى القرآن
قال تعالى :
( وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا , وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا)
الفرقان: 39:38
وقال تعالى :
( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ , وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ,وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)
ق:14:12
(الرس معناه البئر)
أقوال فى أصحاب الرس
وروى ابن جرير قال ابن عبَّاس رضى الله عنهما:
أنهم قوم كانوا يعيشون فى قرية من قرى ثمود
كانوا يعبدون شجرة صنوبر التى كان يافث بن نوح قد غرسها على ضفاف عين ماء أو بئر
وقال الثوري عن أبي بكر عن عكرمة قال:
انهم أصحاب قرية من قرى ثمود أقيمت على الرس وهو البئر وأرسل اليهم رسول فكذبوه وقتلوه
ورموه فى ذلك البئر واغلقوه فوقه فرسا فيه (وقيل رموه فيه حيا) فأهلكهم الله بكفرهم.
وقال قتادة :
أنهم من أهل مدين بعث الله اليهم نبيه شعيب عليه السلام كما بعثه إلى أصحاب الأيكة
(شجرة يعبدونها) فكذبوه فعذبهما الله بعذابين مختلفين.
وقيل عنهم أنهم سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك بعد سليمان عليه السلام وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطيء نهر يقال له الرس من بلاد المشرق
وبهم سمي النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا أعمر منها
وقيل هم قوم عبدوا الأصنام وطغوا فى كفرهم وعصيانهم وكانوا يبنون منازلهم حول بئر
فبينما هم حول البئر في منازلهم انهارت بهم وبديارهم فخسف الله بهم فهلكوا جميعاً.
قال ابن عباس :
أنهم أصحاب يس من قتلوا حبيب النجار مؤمن آل يس
قتله قومه ورسوه في بئر لهم يقال لها الرس طرحوه فيها
وقال علي بن أبى طالب رضي الله عنه :
هم قوم كانوا يعبدون شجرة صنوبر فدعا عليهم نبيهم
وكان من ولد يهوذا فيبست الشجرة فقتلوه ورسوه في البئر فأظلتهم سحابة سوداء فأحرقتهم
وتعددت الروايات عنهم و لكن على الارجح هذه القصة
أنهم قوما كانوا يعبدون شجرة صنوبر يقال لها ( شاهدرخت )
كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها ( روشنا آب )
وكان أعظم مداينهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم
وكان بها العين الصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة وأجروا إليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة
فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار فلا يشربون منها ولا أنعامهم
ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتنا ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم
وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيداً يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع الصور
ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة
ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء
خرو سجداً يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم
فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي أن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساً وقروا عيناً
فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمرويضربون بالمعازف فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون
وسميت الفرس شهورها إشتقاقاً من تلك القرى
حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى إجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم فضربواعند الصنوبرة والعين سرادقاً من ديباج عليه من أنواع الصور
وجعلوا له اثنا عشر باباً كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم
فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكاً شديداً ويتكلم من جوفها كلاماً جهورياً ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين
كلها فيحركون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يعيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف
فيكونون على ذلك اثنا عشر يوماً لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون
فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله نبياً من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زماناً طويلا
يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ومعرفة ربوبيته فلا يتبعونه
فلما رأى شدة تماديهم في الغي وحضر عيد قريتهم العظمى
قال: يا رب ان عبادك أبوا إلا تكذيبي وغدوا يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع فأيبس الله شجرهم كله وأرهم قدرتك وسلطانك
فأصبح القوم وقد يبس شجرهم وجف كله فهالهم ذلك فصاروا فرقتين
الفرقة الأولى قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه
والاخرى قالت: لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجب حسنها وبهاؤها لكي تغضبوا لها
فتنصروا منه وأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئراً ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم
وألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء
وقالوا: نرجوا الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت إنا قد قتلنا من يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان
فبقوا يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام وهو يقول:
(سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات)
فقال الله جل جلاله لجبرئيل عليه السلام :
(أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف
وأنا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي وإني حلفت بعزتي لأجعلنهم نكالاً وعبرة للعالمين)
وكان هؤلاء القوم قد أنتشر فيهم الكثير من الموبيقات والشذوذ وكان عقاب الله لهم قد حان
وإذ هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديد الحمرة فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض
ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمراً يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص بالنار
فنعوذ بالله تعالى من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
العبرة من القصة
- ورد لنا فى أقرآن قصص الأنبياء والصاحين من الأمم السابقة حرصا على عقيدة المسلمين من التحريف كما حدث فى الإسرائيليات
- القصص فى القرآن يعطينا العظة والعبرة حتى لا ينساق الناس وراء شهواتهم
- كانت هذه القصص تنزل للتسرية عن رسول الله وتعريفه بأحوال الامم السابقة
- لابد أن تكون نهاية كل متجبر مخالف لشرع الله لنهاية هؤلاء
- كان الله يرسل الرسل والصالحين إلى الآمم إذا وجد أنهم بغوا وتجبروا وخرجوا عن منهج الله
قال تعالى :
(وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)
هود:120
تمت الاستعانة بقصص الأنبياء فى القرآن
الروابط المفضلة