فإنه رسالة من رب العالمين تبارك وتعالى إليك لتعمل بما فيه وتتدبر ما فيه من الآيات والبينات ولتسعد به ، وتهتدي بهديه ونوره ، فقد ضمّنه الله أسبابَ السعادة في الدنيا والآخرة، بيَّن فيه سبل الهدى من الضلال ، فمن اتَّبع هذا القرآنَ وحكّمه وتحاكم إليه، فهو السعيد في الدنيا والآخرة، وهو على نور من ربه ، وبرهان من أمره ، قرير العين مطمئنّ النفس غيرُ ضالّ، بل هو في سعادة الدنيا والآخرة ( فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ )
اقرأ القرآن أيها المسلم، ،،،
فإنه ربح الدنيا والآخرة ، وهو عز الدنيا والآخرة ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا )
اقرأ القرآن أيها المسلم، ،،،
فإنه كتاب ( عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) وصاحبه كذلك عزيز بعزة هذا الكتاب
اقرأ القرآن أيها المسلم، ،،،
يكسك الله ثوب العزة والرفعة ، خرج ابن ماجة أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان وكان عمر استعمله على مكة فقال عمر من استخلفت على أهل الوادي قال استخلفت عليهم ابن أبزى قال ومن ابن أبزى قال رجل من موالينا قال عمر فاستخلفت عليهم مولى قال إنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض قاض قال عمر أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين .
أيها المسلم ،،، اقرأ القرآن
فإن صاحب القرآن في تجارة مع رب العالمين

( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور )
أيها المسلم ،،، نعم التجارة التجارة مع الله ، ونعم التجارة التجارة بالقرآن ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء )
أيها المسلم ،،، اقرأ القرآن
فإنه خير عملك وخير عدتك ، وإذا مت جاءك عملك في قبرك، رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: ابشر بالذي يسرك، ابشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير، من أنت فوجهك الوجه يجيئ بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح ، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعا في إطاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا، ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت، الله، أبد لك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهل ومالي، فيقال له: اسكن )
خرج ابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك ، وفي رواية ( سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر )
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإنه شفيعك يوم الحشر ، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته .
يأتي القرآن صاحبه يوم القيامة كالرجل الشاحب ، فيقول له أتعرفني أنا الذي كنت أسهرك الليالي وأظمئك الهواجر ، وإن كل تاجر اليوم من وراء تجارته ، وأنا لك اليوم من وراء كل تجارة ، فيعطى الملك بيمينه ، ويعطى الخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلة لا تقوم لها الدنيا ، فيقولان أنى لنا هذا يا رب ، فيقال بتعليم ولدكما القرآن ، ويقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )
وفي صحيح مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه
عن بريدة رضي الله عنه مرفوعا تعلموا البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ، خرجه مسلم
وخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان
وخرج الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال له اقرأ وارق ويزداد بكل آية حسنة
أيها المسلم ،،، اقرأ القرآن
فإنك تؤجر عليه ، قال صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف
وقال صلى الله عليه وسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإن قارئ القرآن تظله الملائكة وتغشاه الرحمة وتنزل عليه السكنية ، خرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن أسيد بن حضير قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت فقرأ فجالت الفرس فسكت فسكتت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما آخره رفع رأسه إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير " . قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا فرفعت رأسي فانصرفت إليه ورفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قال : " وتدري ما ذاك ؟ " قال لا قال : " تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم "
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإن قارئ القرآن محبوب عند الله محبوب عند الناس ، طيب الذكر عند الله طيب الذكر عند الناس ، نير الوجه ، استنار قلبه بنور القرآن ، فأشرق الوجه بطاعة الله ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلوومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر )
اقرأ القرآن أيها المسلم
تكن من أهل الله وخاصته ، ومن حزبه وأوليائه ، خرج النسائي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله أهلين من الناس ، قالوا من هم يا رسول الله ؟ قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإنه نعم الشافع ونعم المشفع وهو ماحل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإنه نور لكم في الأرض وذخر لكم في السماء
اقرأ القرآن أيها المسلم
ولا تنشغل عنه بمال أو ولد ، ولا تنشغل عنه بأهل أو دنيا ، فإن الدنيا لا انقضاء لها ، وابن آدم إلى انقضاء وزوال ، فخذ من وقت دنياك لصلاح قلبك وسعادة آخرتك ، وآية تتعلمها خير لك من دنياك كلها خرج مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم فقلنا يا رسول الله كلنا نحب ذلك ، قال أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو فيقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل .
اقرأ القرآن أيها المسلم
فإن الذي ليس في جوفه شيء من ذكر الله فهو كالبيت الخرب
اقرأه
في بيتك فإن الشياطين تنفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ، وإن أصغر البيوت وأوضعها لبيت ليس فيه شيء من كتاب الله
اقرأه
في بيتك وتعاهد به أبناءك وزوجتك ، ليكن لك أيها المسلم حلقة مع أبنائك وزوجك وأسرتك ، تجتمعون فيها على قراءة كتاب الله وتدبره ، كما تكون لكم حلقة تجتمعون فيها على أكل الطعام والشراب ، فإن كتاب الله أعظم لقلوبكم وأجسادكم من الطعام والشراب
علم بنيك أيها المسلم كتاب الله ، ألحقهم بمراكز تحفيظ القرآن ، واسأله غدوة وعشية عن ورده الذي حفظه ، وشجعه بالمال والهدايا على تفوقه وإتقانه ، واستمع لتلاوته وتعاهد تأثره بالقرآن وأخلاقه وآدابه

** كلمات من أخ محب لأخوانه هي بحاجة إلى تدبر وتأمل وخاصة في أيامنا هذه ...