قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(النُّجُـوم أَمَنَةٌ للسَّماء ؛ فإذا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أتَـى السَّماءَ ما تُوعَدُ، وأنا أمَنَةٌ لأصحابِي، فإذا ذَهَبْتُ أتَى أصحابِـي ما يُـوعَـدُون ،
وأصحابِـي أمَنَةٌ لأُمَّتِـي ، فإذا ذَهَبَ أصحابِـــــي أتَى أُمَّتِـي ما يُـوْعَــدُون)

أعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ
قال تعالى :

{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
التوبة :100 :101

والسابقون الأولون هم أمنة الأمة ومصابيح الدجى بهم ظهر الإسلام وانتشر
بذلوا الغالى والنفيس فداء لدين الله وحبا فى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
فكانوا السابقون الاولون كما وصفهم رب العالمين فى قرآنه العظيم
فهم لنا أسوة وقدوة وعلى خطاهم نسير ونعلم الاجيال كيف صبروا وصابروا ورابطوا ومنهم من لقى ربه شهيدا
ومنهم من انتظر ليرفع راية الاسلام عالية
وهم رضوان الله زكاهم الله جل وعلا فى كتابه الكريم وقال فيهم

قال تعالى :
{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }
الحشر:8

وقال الله تعالى :
{ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
التوبة 89:88


واليوم نتحدث عن واحد من هؤلاء السابقون الأولون المقربون :

ألا وهو

نسبه :
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
أمه من سيدات بني زهرة وهي هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة
وهالة هي عمة الصحابى الجليل سعدبن أبى وقاص
وكان حمزه يكنى بأبو عمارة وله من الأبناء
يعلى وعمارة وعامر وفاطمة وقيل اسمها أمة الله وقيل اسمها أمامة


مولده وحياته في الجاهلية :

ولد عام 55 قبل الهجرة ومات عام 3 هجرية
ولد حمزة في مكة المكرمة قبل عام الفيل بسنتين فهو أكبر من النبى بسنتين
ونشأ وتربي بين قومه بني هاشم سادة قريش فى مكة وكان شجاعا يعشق الصيد فى البرية
شهد حمزة حرب الفجار وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة
وكان عمره آنذاك اثنتين وعشرين سنة
وبعد موت أبيه عبد المطلب باثنتي عشرة سنة
ولم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم





إسلامه وهجرته:

كان في إسلام حمزة مما رواه ابن اسحاق قال:
«حدثني رجل من أسلم وكان واعيه أن أبا جهل اعترض رسول الله عند الصفا
فآذاه وشتمهوقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه رسول الله
ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمى في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك
ثم انصرف عنه فعمد إلي نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم
ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له
وكان إذا فعل ذلك لم يمر علي ناد من نوادى قريش
إلا وقف عليه وكان يومئذ مشركا علي دين قومه
فاستقبلته مولاة عبد الله بن جدعان
فقالت له:
"يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبى عبد الحكم
آنفا وجده ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه"

فاحتمل حمزة الغضب فخرج سريعا لا يقف علي أحد كما كان يصنع
وإنما دخل المسجد الحرام متعمدا لأبى جهل أن يقع به فلما
دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتي إذا قام علي رأسه رفع القوس
فضربه علي رأسه ضربة شديدة شجت رأسه
وقامت رجال من قريش من بنى مخزوم إلي حمزة لينصروا أبا جهل
فقالوا: "ما نراك يا حمزة إلا صبأت"

فقال حمزة:
"وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه أنا أشهد أنه رسول الله
وأن الذي يقول حق فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين"

فقال أبا جهل:
"دعوا أبا عمارة لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا"»

وقد كان إسلام حمزة بعد دخول النبى دارالأرقم في السنة السادسة من البعثة
وأسلم بعده عمربن الخطاب بثلاثة ايام
وفي السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بنى هاشم وبني المطلب
الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شعب أبى طالب
وعانوا منه المشقة والعذاب حتى خرجوا منه في السنة العاشرة من البعثة
ولما أمرالنبى المسلمين بالهجرة ألى المدينة المنورة هاجر حمزة
مع من هاجر إليها حمزة قبيل هجرة النبى بوقت قصير
ونزل فيها علي أسعد بن زرارة من بنى النجار
وآخي الرسول بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول الله

يتبع

جهاده فى سبيل الله:

كان لحمزة أول لواء يعقد في الإسلام حينما بعثه الرسول
في ثلاثين رجلا من المهاجرين يعترض عيرا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة
وفيها أبو جهل (عمرو بن هشام) في ثلاثمائة رجل
فبلغوا ساحل البحر وإلتقي الجانبان ولم يقتتلوا
ولكن المسلمين كانوا قد أثروا في معنويات قريش إذ أنهم تخلوا عن القتال
بالرغم من تفوق المشركين عليهم تفوقا عدديا وبهذه السرية
بدأ فرض الحصار الاقتصادي على قريش بتهديد طريق مكةالشام الحيوي لتجارة قريش

كما وشهد مع النبى غزوة ودان وهو مكان بين مكة والمدينة
وكان حاملا للواء الغزوة وشهد أيضا غزوة بدر الكبرى
التي وقعت في رمضان سنة 2 هجرية حيث اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم
مع عبيدة بن الحارث وعلى بن أبى طالب لمبارزة كفارقريش وهم
عتبة بن ربيعة و أخيه شيبة والوليد بن عتبة
فبارز حمزة شيبة وقتله وشارك الآخرين في قتل عتبة
كما قتل عددا آخر من كفار قريش وأبلي بلاء حسنا وقاتل بسيفين
وكان يعلم نفسه بريشة نعامة في صدره
وقال أمية بن خلف رأس الكفر وأحد سادة قريش قبل أن يقتله المسلمون عن حمزة :
"ذلك فعل بنا الأفاعيل"


لما عاد الرسول من غزوة بدر وأظهريهود المدينة له الحسد بما فتح الله عليه
فبغواعليه ونقضوا عهدهم معه وبينما هم كذلك إذ جاءت امرأة مسلمة إلى سوقهم
فجلست عند صائغ لأجل حلي له فجاء رجل منهم فأظهر عورته
فقام إليه رجل من المسلمين فقتله فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتحصنوا بحصونهم فحاصرهم خمسة عشر ليلة فنزلوا على حكمه فأجلاهم إلى أذرعات
وكان حمزة هو حامل لواء النبي في غزوة بنى قينقاع


لقب بـ أسد الله وأسد رسوله بعد إسلامه





واستشهاده فى غزوة أُحد:

وعدت هتد بنت عتبة زوج أبو سفيان بن حرب العبد الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) حيث قالت له:

(اخرج مع الناس وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق)

لتظفر برأس حمزة مهما كان الثمن الحرية والمال والذهب الوفير
فسال لعاب الوحشي وأصبحت المعركة كلها حمزة رضي الله عنه
والتقى الجيشان فى أحد وراح حمزة لايريد رأسا الا قطعه بسيفه
وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه يقول وحشي :

(وهززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته
( ما بين أسفل البطن الى العانة )
حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوي فغلب فوقع فأمهلته حتى اذا مات
جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت الى العسكر ولم تكن لي بشيء حاجة غيره وانما قتلته لأعتق )

فلما رأته هند بنت عتبة بقرت بطنه ومثلت به لأنه كان قد قتل أباها في غزوة بدر
وسميت بآكلة الأكباد
وفى يوم أحد جعلت هند النساء معها يجدعن أنوف المسلمين ويبقرن بطونهم
ويقطعن الآذان إلا حنظلة فان أباه كان من المشركين
فلما أخرجت هند كبد حمزة وجعلت تلوك كبده ثم لفظته فقال النبى :
(لو دخل بطنها لم تدخل النار)
ذلك لأنه الكبد جزء من جسد سيدنا حمزة سيد الشهداء

و بعد انتهاء المعركة وهزيمة المسلمين خرج الرسول يلتمس حمزة
فوجده ببطن الوادي ن قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فحزن عليه
حزنا شديدا فلما وقال:



قتل حمزة وهو أبن تسع وخمسين سنة ودفن هو وأبن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد
بمقبرة الشهداء بأُحد ودفن فى ذلك اليوم أثنين وسبعون شهيدا من المسلمين السابقون الاولون أولئك المقربون

قال تعالى:
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ , أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ , فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ , ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ , وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ , عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ , مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ,
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ , بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ , لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ , وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ,
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ , وَحُورٌ عِينٌ , كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ , جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا , إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا )

الواقعة 26:10


يتبع

وهذا أُحد شاهدا عليهم




قال جل وعلا:

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ , فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ , يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )
آل عمران 171:169





يتبع

يتبع

وهذا موجز قصة سيد الشهداء حمزة رضى الله عنه وأرضاه







يتبع

رائع جدا ما شاء الله تبارك الله استمتعت بالقراءة حقا انهم السابقون الاولون اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله فيك بنت النيل
على هذا الطرح الرائع والشيق وجزاك الله كل خير