(2)
فى طريق العودة للبيت وأنا محشورة فى مقعد الحافلة الضيق .. لم لا يحترمون أوزان بعض البشر ويصنعون مقاعد تناسبهم؟ .. مددت يدى تلقائياً نحو حقيبة يدى لأكتشف كونى التهمت مخزون اليوم من الطعام .. عجباً لماذا تنبح جراء معدتى كأنها لم تأكل منذ عام؟ .. لقد تمادى الأمر كثيراً أنا أجوع باستمرار ودون توقف .. لا أدرى كيف سينتهى بى الأمر .. لقد أصبحت حياتى مرهقة حقاً .. لا تنظروا لى هكذا .. لقد حاولت كثيراً صدقونى .. لقد اتبعت حمية غذائية كادت أن تقتلنى .. وحاولت ممارسة بعض الرياضة أيضاً .. كم كنت متحمسة وما أن بدأت كنت ألهث بعد خمس دقائق فقط كمن يعدو خلف قطار رحل من دونه .. وجربت كل الوصفات التى نصحنى بها نصف سكان الأرض والذين يروا أن ما بى سيزيد ثقب الأوزون اتساعاً وسيهلك الأخضر واليابس وكأنهم يحاولون حماية كوكبهم منى .. لم لا تدعونى وشأنى فقط .. لقد حاولت وفشلت واستسلمت .. هلا صمتم قليلاًُ فلن يغير حديثكم شىء .. فقط اصمتوا رجاءً
كانت الأفكار فى رأسى تزعجنى وتثير جوعى الدائم كنت أحاول السيطرة عليهما الجوع والأفكار أيضاً قبل أن يغوص المقعد الذى يجاورنى بجسد سيدة تحمل طفلاً وما أن استوت فى مقعدها حتى ألقت بطفلها فوقى ووضعت بضعة أكياس بدلاً منه فوق قدميها وهى تبتسم بلزوجة .. حدقت بها قليلاً ثم تقبلت الأمر لا مشكلة لى مع الأطفال تلك الكائنات الرقيقــ ...
- ماذا تفعل يا صغير .. لا تقفز فوقى .. ماذا بك؟
لا أدرى ما الذى يظنه ذلك الصغير هل وجد القفز على قدمى لعبة مسلية؟ صحيح أنها تشبه الوسائد الهوائية لكن الأمر مؤلم جداً .. لا أملك تلك القوة التى تظنها بى .. أنا أكثر وهناً مما تتصور
- كف عن ذلك
نظرت أمه لى بعدائية وهى تقول
- لا تصرخى به .. إنه مجرد طفل صغير
كان طفلها الصغير يشد حجابى ويخمش وجهى كالقط وهو يضحك فى سعادة جعلتنى أحمله وأُلقى به فوق الأكياس التى تضعها أمه على قدميها وفجأة سمعت ذلك الصوت لأشياء تتهشم مع شهقة قوية من الأم
كان أحد الأكياس ملىء بالبيض الذى ما أن رقد فوقه الطفل حتى تهشم بالكامل والسيدة لم تكف عن الولولة والنحيب على المخزون الاستراتيجى من البيض الذى دُمر تماما وقبل أن تفيق من صدمتها قمت بإيقاف السيارة وهربت منها فوراً وملابسى ملطخة ببقايا البيض وخصلات شعرى تخرج بفزع من حجابى المبعثر وآثار أظافر القط الصغير على وجهى باختصار أبدو كمن خرج لتوه من مباراة للمصارعة
ألا يمكن أن يمر يوم ما علىّ دون حدوث مأساة
هذا كثير .. كثير جداً
يُتبع
إن شاء الله
الروابط المفضلة