انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 3 من 13 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرالأخير
عرض النتائج 21 الى 30 من 126

الموضوع: (الــــــــــــوشم) رواية بقلمى .. رشا محمود

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    (7)


    هل تتخيلون ذلك؟
    هذا البيت الكبير لم يعرف له أميرة سواى .. لم تخطو أى امرأة عتبة بابه من قبل .. فكيف الآن يأتون بأخرى لتعيش فيه ولو لبعض الوقت
    من أخبرهم أن أبى بحاجة لها
    من أقنعهم أن وجودها سيجعل حالته تتحسن
    من سمح لهم أن يأتوا بها دون استشارتى وكأن لا وجود لى
    يمكننى أنا أن أقوم بتلك المهمة
    لن أفارق أبى لحظة واحدة
    سأنفذ أوامر الطبيب كلها ولو اضطررت لدراسة الطب من أجل أن أكون طبيبته الوحيدة
    والآن لا بد لذاك الملاك أن يرحل من حيث جاء قبل أن يحل عليه غضبى

    كانت بعض الأفكار السوداء تعبث فى رأسى قبل أن أسمع طرقات هادئة على باب غرفتى .. تجاهلتها عمداً ورغم ذلك وجدت عاصم أمامى يبتسم ببرود
    فسألته دون أن أنظر نحوه
    - لم تركت نوبة حراستك؟
    - أى حراسة!
    - حراستك للملاك الذى يسكن غرفة أبى
    - ومن أخبركِ أننى أقوم بحراستها؟
    قمت من مكانى بغيظ
    - وهل تفارق أنت باب غرفة أبى للحظة وكأنك تخشى أن أفترسها مثلاً
    - أعلم أن باستطاعتكِ أن تفعلى ذلك
    - .........
    - ألن تتخلى عن هوسكِ هذا حتى فى تلك الظروف؟
    - أى هوس؟
    - غيرتكِ المجنونة من كل أنثى تقابلك
    صرخت فى وجهه
    - أنا أغار منها .. ماهذا الذى تقوله .. كيف تجرؤ...
    - هذه هى الحقيقة التى ترفضين الاعتراف بها منذ طفولتك .. قد أصدق كونكِ بحاجة لعلاج ما من تلك الحالة
    دفعته بغيظ نحو الباب وأنا أضغط على أسنانى
    - عاصم .. اخرج من حجرتى حالاً وعد لحراسة باب الجنة حيث تسكن الملائكة
    نظر إلىّ صامتاً لبعض الوقت قبل أن يقول
    - إذن لابد أن أقوم بحراسة بابكِ أنتِ
    هدأت ثورتى فجأة وتعلقت بحروف كلماته كطوق نجاة فى خضم بحر هائج وتهدجت الكلمات على شفتى
    - هل .. هل تقصد أننى الملاك؟
    اقترب منى بنعومة وهو يقول
    - بالطبع .. للجحيم ملائكة كذلك
    - !!!!!!!!!!!!!!
    خيراً فعل بالهرب من أمامى بعد كلماته تلك .. كنت لأريه الجحيم على الأرض كيف يكون
    حسناً يا عاصم أنت لا تعرف ما الذى جلبته على ملاكك هذا

    ***

    اقتحمت غرفة أبى دون أن أطرق بابها
    وقفت هى تنظر نحوى بدهشة .. نظرت للكتاب الذى يتأرجح فى يدها والذى كانت تطالعه منذ قليل .. أشرت نحوه وأنا أقول
    - هل يتضمن عملك هنا قراءة الكتب أيضا
    - أنا ...
    - نحن ندفع لكِ لكى تهتمى بأبى لا أن ترفهى عن نفسك
    - لو سمحتى ....
    - لا عمل لكِ هنا سوى رعاية أبى فقط والعمل على تحسن صحته وإلا من الأفضل لكِ أن تغادرى هذا البيت فوراً
    - لا أفهم .. أنا لم أخطىء فى شىء
    - لا تجادلينى
    - يا آنسة....
    قاطعتها فى ثورة
    - أنا لست آنسة .. أنا سيدة هذا البيت والمسؤولة عن كل ما يخص أبى
    أجابتنى ببرود
    - أعتقد أن أستاذ عاصم هو المسؤول و .....
    هتفت بها بثورة وأنا لا أصدق أن اسم عاصم يجرى على لسانها بتلك البساطة
    - عاصم .. عاصم .. ما شأنكِ أنتِ بعاصم .. وكيف تجرؤين على الرد علىّ بتلك الوقاحة .. كيف؟
    أجابتنى بارتباك
    - من فضلك اخفضى صوتكِ .. ستوقظين المريض
    صرخت بها بنبرة أعلى
    - لا تملى علىّ الأوامر .. وما تصفينه بالمريض هو أبى .. لا مرضى هنا سواكِ أنتِ ولن تبق فى هذا المكان لحظة واحدة هل تفهمين؟

    سمعت بعض الأنات الخافتة .. التفت نحو أبى الذى كان يتحرك ببطء ويمسك برأسه فى ألم .. ووجدتها هى تهرع نحوه وتتفحصه باهتمام ثم تعطيه قرص ما من أحد العلب التى تزدحم بها الطاولة المجاورة له وبعدها هدأ قليلا ثم عاد للنوم .. إنه لم ينتبه حتى لوجودى أمامه ..

    هل أبى مريض لهذه الدرجة!
    وهل يحتاج لها فعلا
    وهل وجودها بجواره أكثر فائدة من وجودى أنا

    وضعت يدى على فمى لأكتم صرخة قهر كادت تفلت منى .. ما الذى كنت أحاول فعله .. هل تماديت فى جنونى حتى كدت أؤذى أبى الحبيب .. خرجت من الحجرة مسرعة ودموعى تسبقنى

    عاصم محق فعلا .. أنا مريضة ومهووسة
    لكنه لم يعرف بعد أننى مريضه به وحده
    فكيف لى بترياق يشفينى منه

    ***

    التزمت غرفتى ووجهت كل تركيزى نحو دراستى التى كدت أهملها .. لا أريد لأبى أن يغضب منى لهذا السبب
    لم أعد أزوره فى غرفته .. اطمئن على أخباره من عادل
    توقعت توبيخا ما من عاصم بسبب ما فعلت .. لكن ذاك الملاك كان من النبل بحيث لم يخبر أحد بما بدر منى

    هذا يزيد حالتى سوءاً ويجعلنى أشعر بتأنيب الضمير أكثر
    فكرت فى الاعتذار منها لكنى لم أجرؤ على ذلك .. لم أجرب الاعتذار لأحد ما من قبل .. أظننى بحاجة لتعلم بعض السلوكيات الجيدة لأتمكن من التعامل مع الآخرين بصورة أفضل حتى لا أترك ذلك الأثر السىء فى نفوسهم

    لمست بأصابعى تلك الصورة التى تزين مكتبى .. نظرت لملامح صاحبها التى هى كل عالمى ومصدر سعادتى ورمز حمايتى .. لا أصدق كونى لم أره منذ أيام .. لقد تغير كل شىء بغيابه .. لم أعرف كونى أحتاجه إلى تلك الدرجة .. أشعر بالخوف كطفلة تائهة فى الظلام .. تزورنى الكوابيس كل ليلة .. وتحاصرنى الظنون كل يوم .. لا أتخيل حياتى من دونه .. أظن الموت وقتها سيكون أكثر راحة .. انقبض قلبى بشدة لتلك الأفكار .. قمت من مكانى وتوجهت نحو الباب وقبل أن أخرج منه شعرت بالخجل من نفسى وكدت أعود لمكتبى لكن شىء ما دفعنى دفعاً للخروج والتوجه مباشرة نحو غرفة أبى

    ***

    هى لم تكن هناك لحسن حظى .. مازلت لا أعرف كيف يكون الاعتذار لأحد ما .. وكنت أفتقد أبى بشدة .. جلست بجواره أتأمله .. متى ينتهى كل هذا .. متى ستعود لتنير عالمى الذى أظلم بغيابك وغربت شمسه .. متى سأسمعك تنادينى صغيرتى وتوبخ الجميع من أجلى .. متى ستسألنى عن دراستى وتجلس بجوارى فى المساء نتحدث عن كل شىء .. كم أشتاقك .. وكم تبدو الأيام غريبة وموحشة من دونك .. متى ستعود يا أبى .. متى؟

    كانت دموعى تنهمر من عينى وأنا أمسك بكفه دون أن يشد على يدى بحنان .. أصابعه متراخيه وكأنها لا تشعر بى .. كنت دوما تشعر بى حتى فى نومك .. أين ذهبت عنى .. ليتنى أعرف مكانك لأذهب إليك .. سأجذبك من يدك الحانية وأعود بك لتعود لنا الحياة من جديد .. ولو لم ترد العودة سأبقى معك فلا رغبة لى فى حياة لست فيها

    قبلت كفه وأسرعت بالهرب من غرفته .. كم أكره أن يرى أحد دموعى .. حبات اللؤلؤ كما كنت تسميها
    لكم أهدرت اللؤلؤ فى غيابك يا أبى


    #يُتبع
    إن شاء الله

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    (8)


    لقد نجحوا فى ذلك .. أنا مازلت هنا .. أشعر بالسخط على كل شىء .. ولا أكف عن الصراخ فى وجه كل ذات معطف أبيض .. أريد الهرب من هذا المكان .. كانوا يحاولون السيطرة على ثورتى دون فائدة .. لم أهدأ حتى طالعنى وجه محبب إلىّ .. تلك السيدة الحنون جارتى فى البناية .. رغم امتناعى عن التعرف على أى ممن يسكنون تلك البناية .. لكن هذه السيدة تختلف عن الجميع .. ليست فضولية أبداً حتى إنها لم تسألنى عن اسمى .. كانت لا تكف عن الابتسام فى وجهى والسؤال عن حالى حين تقابلنى .. بل ومنحى بعض الأطعمة من صنع يدها رغم كونى لم أعد أشتهى الطعام كما أننى لم أعد أشتهى الحياة كذلك .. لكنى كنت أشعر بالاطمئنان حين أراها وكانت تنادينى ابنتى .. كانت تعوضنى قليلا عما فقدته فى حياتى الأخرى .. أظنها السبب فى وجودى هنا .. جلست بجوارى وابتسمت فى وجهى وهى تقول
    - حمداً لله على سلامتكِ يا ابنتى
    أجبتها بوهن
    - سلمكِ الله
    - لقد شعرت بالقلق عليكِ حين لم أركِ ذاك اليوم وطرقت بابكِ كثيراً ولكنكِ لم تردى أبداً فخشيت أن يكون أصابكِ مكروه فطلبت من ابنى أن يفتح بابكِ ولو بالقوة لأطمئن عليكِ فوجدناكِ فى حالة سيئة جداً وقمنا بنقلكِ فوراً إلى هنا .. حمداً لله لقد أحضرناكِ فى الوقت المناسب قبل أن تسوء حالتكِ أكثر

    هززت رأسى وابتسمت لها ابتسامة شاحبة .. لو تعرف أن ما فعلته هو آخر ما قد يسعدنى .. تلك الحياة لم تعد تعنينى فى شىء .. أتمنى لو رحلت عنها فوراً فلن أفتقد فيها أحد ولن يفتقدنى أحد كذلك

    نظرت لى بحنان وهى تقول
    - أنتِ لا تحسنين العناية بنفسكِ يا ابنتى .. لكم أشعر بالقلق عليكِ وأنتِ تسكنين بمفردكِ فى سنكِ الصغيرة هذه
    أين عائلتكِ .. لم لا تعيشين معهم؟

    أطرقت برأسى صامتة وأنا أفكر أن الفضول لابد أن يفرض نفسه وأن وقت الأسئلة قد جاء

    قالت بحرج
    - حسناً يا ابنتى إن كنتى لا تريدين الحديث عن هذا .. فلا تتحدثى .. لكنى لن أدعك تهملين صحتكِ بعد الآن

    أخرجت من الحقيبة التى تحملها بعض العلب التى تحوى طعاما ما وهى تقول
    - لن أذهب حتى تنهين طعامك .. اتفقنا
    هززت رأسى بابتسامة تقدير لتلك الأم الحنون وأنا أقول
    - شكراً لكِ
    وضعت أول ملعقة داخل فمى ثم نظرت نحوى قائلة
    - هل تسمحين لى على الأقل أن أعرف اسمكِ
    نظرت نحوها للحظات صامتة قبل أن أجيبها بارتباك
    - و ... و ... ورد .. اسمى ورد
    ابتسمت بحنان وهى تلقمنى ملعقة أخرى وتقول
    - يا أجمل من الورد أنتِ

    ***

    الاختبارات تقترب

    لا أعرف كيف مرت علىّ تلك الأيام .. أقضى كل وقتى بين الكتب أدرس جيداً حتى يفخر بى أبى عند عودته .. أظنه فى سفر بعيد لكنى أعرف أنه سيعود من أجلى .. وسأسعده بتفوقى كالعادة .. سيباهى بصغيرته الجميع كعهده دوماً .. لن أخذلك أبى .. أعدك بذلك

    لم أعد أكترث لذات الملابس البيضاء .. ولم أعد أفكر بعاصم .. ولم أعد أشاكس عادل .. كل ما أفكر به هو أبى والاختبارات التى اقتربت والتى ما أن أجتازها حتى يتحقق الحلم وأحصل على شهادة التخرج

    ثق بى يا أبى .. صغيرتك ستجعلك تفخر بها
    فقط عد إلينا من سفرك الطويل هذا فقد طال الغياب


    ***

    - ورد .. ورد
    التفت نحوها بعد لحظات
    - لم أنتِ شاردة يا ابنتى
    - ها .. لا شىء
    - يقول الطبيب أنكِ تحسنتى كثيرا ويمكنك أن تخرجى اليوم
    - حسنا .. أريد الخروج من هنا
    - وهل ستعودين لبيتك؟
    - نعم .. أشعر بتحسن الآن .. لا مشكلة
    - ولكن ....
    - لا تقلقى .. سأكون بخير .. صدقينى

    ارتسمت نظرة قلق فى عينيها فابتسمت لها مطمئنة إياها أن كل شىء سيكون على ما يرام
    - لكنى سأزوركِ لأطمئن عليكِ باستمرار
    هززت رأسى موافقة قبل أن يتناهى إلى سمعى صوتا رجوليا يقول
    - هيا يا أمى السيارة جاهزة
    التفت نحو مصدر الصوت كان يقف عند الباب شاب فى منتصف العشرينيات تقريبا متوسط القامة ذو ملامح مريحة وابتسامة تشبه بشدة ابتسامة السيدة الطيبة التى بادرته قائلة
    - تعال يا بنى
    اقترب بخطوات خجلى وهو يقول بأدب
    - حمداً لله على سلامتك
    أشارت نحوه السيدة وهى تقول
    - هذا هو ابنى (فضل) وهو من أوصلك للمشفى كما قلت لكِ

    هززت رأسى له محيية إياه بخجل وأنا أتخيل كونه كان يحملنى بذراعيه وينزل الدرج العالى بسرعة
    قاطع أفكارى صوت السيدة وهى تقول
    - هيا يا ابنتى سنقوم بتوصيلك إلى البيت

    #يُتبع
    إن شاء الله

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الموقع
    اعيش هناك
    الردود
    780
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    1
    يالله كم هي جميلة كلماتك
    قصتك تجذبني بشدة
    كلما اردت التوقف احس ان هناك ماهو اجمل واكمل للقصة

    عشت الجو معك^^
    والله اني كنت بأبكي يوم مرض ابوها
    جمييلة جددا
    ربي يسعدك ويبارك فيك وجمييع المسلمين
    بانتظارك رشوو

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الموقع
    بين مد وجزر وتلاطم أمواج أعيش
    الردود
    5,447
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    • (القاب)
      • نجمة إبداع في ركن الجوال
      • نجمة الإبداع
      • أنامل ذهبية
      • الذوق الراقي
      • متميزة الصوتيات
      • بصمة تعاون
      • بصمة مبدعة
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)
    :
    من المتابعات بصمت (:
    عن جد والله لا أعرف ماذا أرد أو أكتب ..!!
    روايه راائعة بكل مافيها من الأسلوب بالكاتبة
    والتشويق والأحاسيس والمشاعر الرائعة
    حقيقي حقيقي رواية مشوقة أحببتها رشا (=
    واااااصلي..



  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة ج ـسـوؤر الـفـن عرض الرد
    يالله كم هي جميلة كلماتك
    قصتك تجذبني بشدة
    كلما اردت التوقف احس ان هناك ماهو اجمل واكمل للقصة

    عشت الجو معك^^
    والله اني كنت بأبكي يوم مرض ابوها
    جمييلة جددا
    ربي يسعدك ويبارك فيك وجمييع المسلمين
    بانتظارك رشوو
    شكراً لكِ غاليتى
    أسعدتنى كلماتكِ كثيراً
    شكرا للمتابعة والتعليق
    دمتى بخير

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة خَفاياالرُوح عرض الرد
    :
    من المتابعات بصمت (:
    عن جد والله لا أعرف ماذا أرد أو أكتب ..!!
    روايه راائعة بكل مافيها من الأسلوب بالكاتبة
    والتشويق والأحاسيس والمشاعر الرائعة
    حقيقي حقيقي رواية مشوقة أحببتها رشا (=
    واااااصلي..

    شكراً لكِ غاليتى
    يسعدنى جداً قراءة تعليقاتكن
    التعليق يشجع الكاتب كثيراً
    لا حُرمت طلتكِ
    دمتى بكل الخير

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    (9)


    هناك صمت مطبق فى هذا البيت
    هناك أجواء متوترة وقاتمة
    أحاديث جانبية بين عاصم وعادل تنقطع بمجرد أن أمر بجوارهما
    الطبيب يكثر من زياراته لغرفة أبى
    وذات الملابس البيضاء لا تتركه لحظة واحدة

    وأنا لا أسأل أحد عما يحدث
    أتجاهل كل ما يدور حولى
    أركز فقط فى دراستى واختباراتى التى أجتازها الآن
    أخرس ذلك الهاتف المذعور بداخلى الذى ينبئنى أن أسوأ كوابيسى سوف يتحقق
    أتجاهل وجيب قلبى الذى يعلو بطريقة مرعبة حين أمر بجوار غرفته دون أن أجرؤ على دخولها
    لا أنظر فى عيونهم حتى لا أعرف ما يخفونه عنى
    كل شىء سيكون على ما يرام
    هذا ما أحدث به نفسى كل يوم
    أعيش تلك الأيام كآلة لا هم لها سوى أداء مهمتها بنجاح
    ولا مهمة لدى سوى النجاح بتفوق لأحقق حلم أبى


    كان اليوم هو الأخير فى الاختبارات

    زميلاتى يتجمعن معاً ليقضين أوقاتهن الأخيرة فى الجامعة .. وأنا أمضى بينهن كالمسحورة دون أن أنظر لأحد .. اسمع اسمى يتردد من حناجر مختلفة لكنى لا التفت خلفى .. شىء ما يعتصر قلبى بقوة .. شىء كريه يطبق على أنفاسى كحجر .. تتجمع دموع لا أعرف لها سبب فى عينى جعلت الموجودات من حولى تتماوج .. خطواتى ترتجف وساقاى لا تقويان على حملى .. ماذا حل بى؟

    عله إرهاق أصابنى من كثرة المذاكرة
    أو عله ذلك الهاجس المرعب الذى أرفض مجرد التفكير به .. ورغم ذلك لا يكف عن ملاحقة عقلى طوال الوقت .. هلا خرست الآن .. هلا خرست

    صرخت بشدة وانفجرت فى البكاء وسقطت أرضاً وأنا أشعر أن قلبى سينفجر .. تجمع الكثيرين من حولى .. لكنى لا أرى أحد .. أنا وحدى تماما .. أين أنت يا أبى .. أين أنت يا عالمى بأسره؟

    ***

    عدت للبيت الخاوى والجدران الباردة والصمت الثقيل وكل ما يدفع جرح الماضى لينزف بلا توقف .. أشعر بوهن شديد .. نظرت للطعام الذى أحضرته جارتى الطيبة بلا شهية .. لقد أصبح هناك من يهتم لأمرى ويقوم برعايتى رغماً عنى .. تمنيت لو أبقى وحدى للأبد .. لو أكون شبح لا تراه عيون الآخرين .. ألا تنمو علاقة ما بينى وبينهم .. لكن هناك أشياء تحدث بلا إرادة منى .. كحنان تلك الجارة الذى لا يمكننى صده وشهامة ذلك الشاب أيضا .. هناك من يصر على الدخول لحياتى الباردة وإضرام النار فيها وإذابة جليدها .. فكيف سأتمكن من الهرب تلك المرة .. كيف؟

    ***

    لا أعرف كيف وصلت للبيت .. لكنى وجدتنى أخطو نحوه بخطوات ثقيلة مازالت ترتجف .. جلست على الدرج الخارجى فى الحديقة أرمق البيت الحبيب الذى يحمل كل ذكرياتى وأسعد أيامى وأغلى من فى حياتى

    لا يمكننى الدخول .. أشعر بالخوف الشديد .. هناك شىء ما يحدث .. شىء مقيت لا يمكننى تصوره .. أتمنى لو يُفتح الباب الآن وأرى أبى يخرج منه بهيبته وقوته وابتسامته .. يجلس بقربى ويمسد شعرى وينادينى صغيرتى ويسألنى عن حالى .. نظرت حولى .. كل بقعة هنا تحمل منى الكثير ..أرانى هناك طفلة ألعب بجوار أبى وهو يقرأ الجريدة .. أرى مشاكستى لعادل والمقالب التى نالها منى واحداً تلو الآخر .. أرى عاصم العنيد وهو يثير غيظى فأسرع نحو أبى لأشكوه .. تهطل الأمطار من عينى بلا توقف والذكريات تتدفق على عقلى .. أشعر بالبرد الشديد رغم حرارة الجو .. أشعر وكأن أحدهم وضع حجرا ثقيلا على صدرى .. وكأن هناك من ينتزع روحى من جسدى

    الباب يُفتح مصدراً صوتا جعلنى أجفل ثم التفت نحوه بلهفة .. طالعنى وجه عادل لكنه يبدو مختلفا .. كان واجما مصدوما .. لم يتوقع وجودى هنا .. أخبرتنى عيناه كل شىء .. وجهه كصفحة بيضاء لا يمكنه إخفاء ما بداخله فهو يرتسم عليه رغماً عنه .. ليتنى ما نظرت نحوه .. ليتنى لم أقرأ ما ارتسم على وجهه .. نظر نحوى بصمت مخيف ثقيل كثقل الحجر الذى يجثم على صدرى الآن

    تراجعت بخطوات مرتعشة حتى التصقت بالجدار .. يدى تكمم فمى كى لا أصرخ .. ووعيى يتداعى ويكاد يتخلى عنى .. هززت رأسى بقوة لأستفيق من هذا الكابوس الحى الذى يحاصرنى بشراسة

    هل الأرض تتشقق من تحتى
    هل السماء تُطبق علىّ
    هل أنسحقت أنا فيما بينهما
    هذا ما شعرت به وأنا أهوى فى تلك الهوة السحيقة المظلمة كجوف القبر

    #يُتبع
    إن شاء الله

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الموقع
    بين مد وجزر وتلاطم أمواج أعيش
    الردود
    5,447
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    • (القاب)
      • نجمة إبداع في ركن الجوال
      • نجمة الإبداع
      • أنامل ذهبية
      • الذوق الراقي
      • متميزة الصوتيات
      • بصمة تعاون
      • بصمة مبدعة
      • فراشة الحلم والأناة
    (أوسمة)
    :

    :
    من أصعب الأحاسيس فقدان السند فعلا وقتها
    بنحس بالعجز والهم والحزن
    أتقنتي الوصف وبدقة غاليتي
    رعاكِ الله وحماكِ
    متشوقة لرؤية البقية (:
    :




  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    غزة ..أرض الإباء والعزة
    الردود
    17,518
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    8
    التكريم
    • (القاب)
      • أميرة العيد
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • مبدعة صيف1429 هـ
      • قلم الإخاء الفوّاح
      • حوارية مثقفة
      • بصمة أمل
      • عاشقة الوطن
      • متألقة ركن الديكور
    (أوسمة)
    مشاعر وأحاسيس ترتسم أمامنا تمثل صورة حقيقية للقصة
    وكأننا نشاهدها على شريط بصور متحركة أمامنا تجسد واقع لا قصة
    جميلة تلك الحروف التي تنسجين منها كلماتك المعبرة

    ::
    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

    ::

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة خَفاياالرُوح عرض الرد
    :

    :
    من أصعب الأحاسيس فقدان السند فعلا وقتها
    بنحس بالعجز والهم والحزن
    أتقنتي الوصف وبدقة غاليتي
    رعاكِ الله وحماكِ
    متشوقة لرؤية البقية (:
    :


    شكراً لكِ غاليتى خفايا الروح
    تسعدنى متابعتكِ كثيراً
    دمتى بخير

مواضيع مشابهه

  1. قبح وجمال أول رواية لابنة الفيض رشا محمود
    بواسطة ≈ احـتِـوٍآءْ ≈ في فيض القلم
    الردود: 13
    اخر موضوع: 09-02-2013, 05:20 AM
  2. ×O ×[رواية الغــد المشرق] ×O × معاناة خمس صديقات.., بقلمي^_^
    بواسطة همه تنآطح السحآب~ في فيض القلم
    الردود: 120
    اخر موضوع: 25-07-2009, 02:14 PM
  3. ×O ×[رواية الغــد المشرق] ×O × معاناة خمس صديقات.., بقلمي^_^
    بواسطة همه تنآطح السحآب~ في مواضيع فيض القلم المتميزة
    الردود: 12
    اخر موضوع: 03-04-2009, 12:39 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ